رغم الدعایة الصهیونیة ..المفاوضات على ترسیم الحدود اللبنانیة تصل لطریق مسدود

بعد ثلاث جولات من المفاوضات غیر المثمرة حول ترسیم الحدود البحریة بین الوفود اللبنانیة والکیان الصهیونی، أظهرت الملاسنات اللفظیة بین القادة اللبنانیین والسلطات الصهیونیة أن عملیة التفاوض وصلت إلى طریق مسدود.

حیث بدأ هذه الملاسنات وزیر طاقة الکیان الصهیونی "یوفال شتاینتس"، الذی هدد لبنان بشکل غیر مباشر فی سلسلة من التغریدات على موقع تویتر بأنه سیفقد القدرة على استخراج الغاز من البحر الأبیض المتوسط فی حال تشبث بمواقفه هذه، کما انه ألقى باللوم على الجانب اللبنانی فی عدم وصول المفاوضات الى نتیجة مثمرة قائلا "لبنان غیر موقفه من أجل ترسیم الحدود سبع مرات. وموقفها الحالی لا یتعارض مع الموقف السابق فقط بل مع الموقف السوری فی هذا الصدد أیضاً". ثم حذر من أن تعنت لبنان سیؤدی إلى إنهاء المفاوضات.

ووصف عون فی وقت لاحق مزاعم شتاینتس بأنها "لا أساس لها من الصحة" وقال إن "موقف لبنان ثابت فی هذا الخصوص".

وجاء فی البیان الرئاسی أن عون أصدر تعلیمات للفریق اللبنانی بضرورة أن یبدأ الخط الحدودی من النقطة البریة فی رأس الناقورة، کما هو محدد فی اتفاقیة (Newcomb-Paula 1923). ومن المقرر أن تعقد الجولة الرابعة من المفاوضات بین الطرفین فی غضون أسبوعین تقریباً.

لیس للبنان والکیان الصهیونی حدود بریة متفق علیها، وفقط بعد انسحاب الجیش الصهیونی من جنوب لبنان فی عام 2000 تم وضع وقف لإطلاق النار بین الجانبین على طول ما یعرف بـ "الخط الأزرق" – أی الحدود التی تم ترسیمها من قبل الأمم المتحدة. کما ان هذا الغموض فی ترسیم الحدود موجود أیضاً بخصوص الحدود البحریة بل قد أثر علیه أیضاً. حیث إن ترسیم الحدود البریة فی الناقورة هو أهم عنصر فی الاختلاف فی تحدید الحدود، لأن هذا الاختلاف البسیط على الحدود البریة یعنی تشخیص وضع نحو 17 کم من حدود المیاه الإقلیمیة فی البحر (أی 820 کیلومترا مربعا).

یقوم الکیان الصهیونی حالیا باستخراج وضخ الغاز من حقول الغاز فی المنطقة التی یعتبرها لبنان ضمن میاهه الإقلیمیة، لکن لبنان الذی یواجه أسوأ أزمة اقتصادیة منذ الحرب الأهلیة التی امتدت من 1975-1990، وفشل فی الحصول على قروض خارجیة، لا یزال یحاول على أمل حل بعض مشاکله الاقتصادیة من خلال استکشاف الغاز فی هذه المنطقة.

یعتقد خبیر الطاقة اللبنانی لوری هایتایان أن تغریدة عون تعنی أن لبنان یرید الآن 1400 کیلومتر مربع من البحر (552 میلا مربعا) فی الجنوب، والذی یشمل جزءا من حقل غاز کاریش الإسرائیلی.

استراتیجیة إسرائیل: التفاوض من أجل التفاوض

بینما یصر لبنان على حل الخلافات الحدودیة فی أسرع وقت ممکن وإنهاء تعدی الکیان الصهیونی على میاهه الإقلیمیة، وضعت تل أبیب التفاوض على المفاوضات على جدول أعمالها وأهدرت الوقت حتى تتمکن من الاستفادة من الظروف الاقتصادیة الصعبة التی تمر بها لبنان لإجبار بیروت على تقدیم المزید من التنازل، اضافة الى استخدام هذا الأسلوب کإنجاز للخروج من العزلة التاریخیة وإضفاء الشرعیة لذاتها فی المنطقة.

وفی هذا الصدد یمکن الإشارة إلى تغریدة أخرى لوزیر الطاقة الإسرائیلی دعا فیها إلى زیادة مستوى المفاوضات من الخبراء إلى المسؤولین السیاسیین رفیعی المستوى. وقال فی خطاب لمیشال عون "یسعدنی أن أبلغکم أننی استمتعت بالمحادثة التی جرت بیننا على تویتر فی الأیام الأخیرة حول مفاوضات الحدود البحریة. لکن لسوء الحظ، یبدو أنک لا تعرف کل الحقائق حول موقع لبنان على الحدود البحریة فی السنوات الخمس عشرة الماضیة. وأنا واثق من أنه کان بامکاننا ان نلتقی وجهاً لوجه فی بلد أوروبی من أجل مفاوضات مفتوحة أو سریة".

جدیر بالذکر أن الوفد الصهیونی کان برئاسة اودی آدیری مدیر عام وزارة الطاقة لهذا الکیان ورئاسة الوفد اللبنانی کانت من نصیب العمید الرکن الطیار بسام یاسین مساعد رئیس أرکان الجیش اللبنانی. لذلک، فإن طلب کبار المسؤولین للتفاوض فی ظل إدانة عملیة تطبیع العلاقات من قبل عدد کبیر من الدول العربیة والإسلامیة هو محاولة لإخراج عملیة التطبیع من الرکود. کما یدرک الصهاینة جیداً أن مثل هذا العمل یمکن أن یخلق أزمة أخرى فی الحکومة اللبنانیة، بالنظر إلى معارضة جزء کبیر من الحکومة اللبنانیة (القریبة من المقاومة).

وأیضاً فان الموضوع الآخر الذی یظهر استراتیجیة شراء الوقت من خلال الإسراف فی أن مزاعم شتاینتس لا تتماشى مع أی منطق تفاوضی، لأنه رغم الدعایة الصهیونیة لم یطرأ أی تغییر على موقف لبنان على حدود المیاه الجنوبیة.

حیث أکدت المصادر التی تتابع عملیة التفاوض بالتفصیل أن لبنان سلم أیضا خطا حدودیا واحدا فقط إلى الأمم المتحدة ، والمعروف باسم الخط 23. فی الواقع أن ادعاء إسرائیل بأن لبنان غیر موقفه لیس له نتیجة إیجابیة، ویظهر أن هذا الکیان یحاول قطع طریق المفاوضات بعد إصرار لبنان على حقه.




محتوى ذات صلة

نتنیاهو عبث بالصاعق وخسر المعرکة

نتنیاهو عبث بالصاعق وخسر المعرکة

الحدیث عن مشهد الصورایخ التی تدک تل ابیب وتحول لیلها نهارا مهم، لاسیما وان هذا المشهد غیّر فی معادلة الصراع وغیّر قواعد الاشتباک بین المقاومة الفلسطینیة والمحتل الاسرائیلی

|

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

القائد العام لحرس الثورة فی إیران اللواء حسین سلامی یقول إن "الانفجار الکبیر فی مصنع محرکات المضادات الدفاعیة والصواریخ حاملة الأقمار الصناعیة مؤخرا فی "إسرائیل"، أثبت هشاشة النظام الأمنی الإسرائیلی".

|

ارسال التعلیق