أیام صعبة لحکومة الکاظمی فی العراق بعد المواقف الأخیرة ضد الیمن
على الرغم من إدانة وزارة الخارجیة العراقیة مؤخرًا للرد الصاروخی للجیش الیمنی ، إلا أنه من الواضح أن موقف الشعب العراقی والمواطنین تجاه الیمن یختلف کثیرًا عن موقف الحکومة.
فی خطوة غریبة ، أدانت الخارجیة العراقیة الرد الصاروخی للجیش الیمنی على السعودیة واستنکرت الاستهداف الصاروخی الأخیر للجیش والمقاومة الیمنیین على العدوان السعودی واستهداف منشأة أرامکو النفطیة.
وذکرت وزارة الخارجیة العراقیة فی بیان لها ، أن الوزارة تؤکد موقف العراق الرافض لأی اعتداء وعدم قبول أی تأزیم فی المنطقة ، وتدعو إلى حل سلمی للأزمة من خلال الحوار بین جمیع الأطراف المعنیة لإرساء الأمن والاستقرار فی المنطقة. لکن الموقف الأخیر من الخارجیة العراقیة تجاه الیمن یبدو غیر متوقع وغریب بعض الشیء.
الرد الصاروخی الیمنی مشروع
موقف وزارة الخارجیة العراقیة من الرد الصاروخی للجیش الیمنی على السعودیة ، جاء فی الوقت الذی أقر العدید من الخبراء بأن الرد الصاروخی الیمنی على السعودیة هو فی الواقع رد مشروع رداً على العدوان العسکری المستمر على حکومة الیمن وشعبها.
وتنص المادة 51 من میثاق الأمم المتحدة على ما یلی: "فی حالة وقوع هجوم مسلح على عضو من أعضاء الأمم المتحدة ، ما دام مجلس الأمن قد اتخذ التدابیر اللازمة لصون السلم والأمن الدولیین ، فلا یجوز لأی من أحکام هذا المیثاق المساس بحق الأفراد فی الدفاع عن النفس بشکل فردی أو جماعی ، ویجب على الأعضاء اتخاذ إجراءات لممارسة هذا الحق فی الدفاع عن النفس".
کما نصت المادة 51 على أن حدوث ضربة عسکریة شرط أساسی للدفاع المشروع عن أی دولة ، وبینما شنت السعودیة هجومها العسکری الأول على الیمن واستمرت فی القیام بذلک على مدى السنوات الخمس الماضیة ، فلا شک فی أن الضربة الصاروخیة الیمنیة على السعودیة تُعد ممارسة طبیعیة فی حق "الدفاع المشروع".
من ناحیة أخرى ، لم یستهدف الرد الصاروخی الیمنی الأخیر ، أی مناطق سکنیة ، بل استهدف منشآت شرکة النفط السعودیة فقط. لکن على عکس الرد الصاروخی الیمنی ، دأبت السعودیة على تنفیذ غارات جویة متواصلة ضد الأحیاء السکنیة وضد المواطنین الیمنیین على مدار السنوات الخمس الماضیة ، ولم تتخل عن اتباع أی أعمال غیر إنسانیة أو جرائم حرب فی الیمن من أجل إعادة حکومة منصور هادی المخلوعة إلى صنعاء.
مواقف مغایرة للشعب العراقی تجاه الرد الصاروخی الیمنی
على الرغم من إدانة وزارة الخارجیة العراقیة مؤخرًا للرد الصاروخی للجیش الیمنی ، إلا أنه من الواضح أن موقف الشعب العراقی والمواطنین تجاه الیمن یختلف کثیرًا عن موقف الحکومة.
وردًا على الموقف الأخیر لوزارة الخارجیة العراقیة ، کتب نصر الشمری المتحدث الرسمی باسم المقاومة الإسلامیة النجباء فی تغریدة على تویتر: یمکن أن نتفهم المبررات غیر المقنعة لصمت الحکومة العراقیة عما یدور من حرب ظالمة من التحالف السعودی ضد الشعب الیمنی المحتسب. لکن کیف نفسر بیان وزارة الخارجیة العراقیة الذی یدین الهجوم على شرکة ارامکو السعودیة وهی منشأ صناعی من الوارد جدا أن یستهدف فی ظروف الحرب.
وانتقد بشدة المعاییر المزدوجة للجهاز الدبلوماسی العراقی ، موضحا هذا الموقف یأتی بینما تصمت خارجیتنا عن استهداف الطیران السعودی للمدارس والاسواق والبیوت وحتى مجالس العزاء فی الیمن!
وفی الختام، تساءل المتحدث باسم النجباء، قائلا: هل هذا دلیل على طائفیة وزیر الخارجیة او تابعیته لجهات خارجیة فرضت علیه ذلک ، وکتب: فی کل الاحوال هذا الامر یعد دلیلا على نقص الانسانیة وشحة الحیاء فی النفوس القائمة بمثل هذا الامر المشین.
کما عبر خلف عبد الصمد ، ممثل ائتلاف دولة القانون فی مجلس النواب العراقی ، الیوم الاربعاء، عن استغرابه من موقف الخارجیة العراقیة بشأن استهداف منشأة نفط سعودیة ، داعیا الوزارة الى تصحیح موقفها والوقوف الى جانب الشعب الیمنی.
وقال عبد الصمد، فی بیان نشره موقع العهد الإخباری أن ”موقف وزارة الخارجیة العراقیة المستغرب ازاء استهداف منشأة نفط سعودیة فی جدة قد جانب الواقع و لم یأخذ بنظر الاعتبار الانتهاکات السعودیة السافرة لحقوق الانسان فی دولة الیمن و قصفها للابریاء و تدخلها السافر بالشأن الداخلی اللیبی و محاولتها فرض معادلة سیاسیة ظالمة ضد الشعب الیمنی من خلال قتل الیمنیین و تدمیر البنى التحتیة فی هذا البلد الشقیق“.
وأضاف، ”نذکّر الخارجیة العراقیة بان الاف الارهابیین السعودیین ساهموا فی قتل ابناء الشعب العراقی لم نسمع منها مواقف ادانة واضحة“، داعیا الخارجیة الى ”تصحیح موقفها من خلال الاشارة الى الانتهاکات التی ارتکبتها السعودیة فی الیمن و ان یعمل العراق دبلوماسیا من اجل انهاء الحصار و الحرب ضد الشعب الیمنی المظلوم و اعادة الاستقرار الى الیمن و دعوة دول العالم الى مساندة الشعب الیمنی فی اعادة اعمار المنشآت التی دمرتها السعودیة فی الیمن “.
وفی وقت سابق قال حسن سالم عضو مجلس النواب وعضو تحالف الفتح العراقی ، إن إدانة الخارجیة العراقیة لهجوم جماعة أنصار الله على منشأة أرامکو النفطیة ، فیما یواصل النظام السعودی استهداف الأطفال والمواطنین الیمنیین ، لیس دون معنى. وأضاف حسن سالم: "من المؤسف أن وزارة خارجیتنا ووزیرها یدافعان عن السعودیة الداعمة للإرهاب ضد الهجمات الیمنیة".
امکانیة استجواب الکاظمی
المواقف الأخیرة لحکومة الکاظمی من الرد الصاروخی للجیش الیمنی على العدوان السعودی أثارت همسات استجوابه مرة أخرى.
وفی هذا الصدد ، قال مصدر برلمانی عراقی ، إن مساعی أعضاء مجلس النواب العراقی لاستضافة رئیس الوزراء العراقی مصطفى الکاظمی فی البرلمان ، جدیة ، وقد تتحول الاستضافة إلى مساءلة. وأضاف المصدر إن "محاولات استضافته فی الأسابیع الأخیرة باءت بالفشل ، ولکن هناک الآن محاولة حقیقیة للضغط على الرئاسة لتحدید موعد لاستضافة رئیس الوزراء ، الأمر الذی قد یتحول إلى مساءلة واستجواب".
انتقدت بعض الأحزاب السیاسیة العراقیة ، بما فی ذلک تحالف الفتح ، أداء حکومة مصطفى کاظمی فی الأشهر الأخیرة ، والآن أدى موقف الکاظمی تجاه الرد الصاروخی المشروع للجیش والمقاومة الیمنیة ضد السعودیة إلى مضاعفة جهود استجواب رئیس الوزراء العراقی.
من ناحیة أخرى ، یبدو أن هناک بعض الخلافات فی حکومة الکاظمی فی بغداد قد تصاعدت وأن موقف رئیس الوزراء لیس قویًا ومستقرًا للغایة ، بما فی ذلک استقالة المتحدث باسم الکاظمی "أحمد الملا طلال" ، الذی لم یمض فی منصبه سوى خمسة أشهر فقط منذ تولیه منصبه.
لکن من الواضح أن المواقف الأخیرة لحکومة الکاظمی ضد الرد الصاروخی للجیش الیمنی قوبلت بغضب شدید داخل العراق ، ما وضع الحکومة فی موقف حرج.