اضطرابات فی جنوب العراق فی ظل الأزمة المالیة لحکومة الکاظمی

شهد جنوب العراق ، فی الأیام الأخیرة ، اضطرابات واحتجاجات مرة أخرى ، مع ورود أنباء عن مقتل وجرح عدد من المتظاهرین فی مدینة الناصریة (مرکز محافظة ذی قار). وعقب الأحداث أمر رئیس الوزراء العراقی مصطفى الکاظمی بإقالة قائد شرطة محافظة ذی قار وأمر بتشکیل خلیة أزمة فی المحافظة برئاسة قاسم الأعرجی مستشار الأمن الوطنی العراقی.

وشدد رئیس الوزراء العراقی على أن الخلیة "تتمتع بصلاحیات إداریة ومالیة وأمنیة لدعم المتظاهرین السلمیین والممتلکات العامة والخاصة وصد أی فتنة ومنع المواجهة بین المتظاهرین والحکومة التی لطالما دعمت المتظاهرین منذ البدایة".

کما دعا زعین التیار الصدری مقتدى الصدر ، الذی قیل إن أنصاره اشتبکوا مع المتظاهرین ، أنصاره إلى الإنسحاب من شوارع الناصریة. ونظم ناشطون مرتبطون بمقتدى الصدر ، یوم الجمعة ، مظاهرة على مستوى البلاد دعما لترشیحه فی الانتخابات البرلمانیة فی یونیو 2021.

یتهم ناشطون مناهضون للحکومة فی الناصریة التیار الصدری بإطلاق النار علیهم وإلقاء زجاجات المولوتوف وإشعال النار فی خیامهم فی ساحة الحبوبی. وردد المتظاهرون هتافات مناهضة لمقتدى الصدر فی الوقت الذی یستعد زعیم تحالف سائرون فی البرلمان للانتخابات. واستمرت الاشتباکات حتى حلول الظلام. وبدأت السلطات تحقیقات فی الأحداث وفرضت حظر تجول لیوم واحد فی الناصریة. کما تم تشدید الإجراءات الأمنیة فی مدن أخرى.

صرح قادة الاحتجاجات الآن بأنهم سیواصلون احتجاجاتهم حتى تلبیة مطالبهم ، بما فی ذلک تحدید "القتلة" ومقاضاتهم ، وتوفیر معلومات کاملة حول مصیر الأشخاص المفقودین أو المختطفین ، والإجابة على الأسئلة المتعلقة بالفساد الحکومی.

وشکلت مسیرات فی جنوب محافظة البصرة دعما لمتظاهری الناصریة ، مما أدى إلى اشتباکات مع المسؤولین الأمنیین. وحاولت القوات الأمنیة تفریق المتظاهرین الذین رفضوا طلب السلطات العراقیة إنهاء الاعتصام فی ساحة البحریة.

 وفی الوقت نفسه ، تظاهر المئات دعما لاحتجاجات البصرة فی مدینة السماوة (مرکز محافظة المثنى) جنوب العراق. وفی محافظة واسط جنوبی البلاد ، خرجت مظاهرات فی الکوت مرکز المحافظة دعما لاحتجاجات البصرة. وتعد البصرة ، مرکز صناعة النفط العراقیة ، لکن البطالة فیها تجاوزت الآن 40٪. وعلى الرغم من الأزمة المالیة ، قللت الحکومة من قدرتها على تلبیة أغلب المطالب الاقتصادیة للمتظاهرین.

الأزمة المالیة لحکومة کاظمی

یعانی العراق من أزمة مالیة ووضع اقتصادی متدهور مع انخفاض أسعار النفط. وبحسب لجنة الاقتصاد والاستثمار بالبرلمان ، فإن 95 بالمئة من إیرادات الحکومة تعتمد على النفط ، وبینما أقرت موازنة 2020 عند 56 دولارا للبرمیل ، فإن السعر الحالی هو 40 دولارا ، وهو ما خفض المیزانیة بنسبة 45 بالمئة.

وقد أدى ذلک أیضًا إلى عدم قدرة الحکومة على توفیر الموارد اللازمة لدفع أجور الموظفین فی الوقت المحدد. ولهذا السبب ، خرج موظفو الحکومة فی الأیام الأخیرة ، فی محافظات بغداد وواسط والبصرة وذی قار والناصریة والمثنى وکربلاء ، احتجاجًا على عدم دفع رواتبهم. وفی بغداد احتج الموظفون أمام وزارة المالیة.

وبحسب مصدر فی وزارة المالیة ، تدرس الحکومة التی تعانی من نقص حاد فی السیولة ، تحرک مجلس النواب بشأن قانون تمویل عجز الموازنة لسداد متأخرات الرواتب. وقال المصدر "الحکومة احتاجت نحو تریلیونی دینار منذ أکتوبر الماضی لدفع الرواتب لأن عائدات النفط لا تساوی النفقات".

وللمرة الثانیة هذا العام ، قدم مجلس الوزراء مشروع قانون إلى البرلمان لتغطیة عجز الموازنة بنهایة 2020 ، والذی یتضمن قرضًا طارئًا بقیمة 10 ملیارات دولار. وبینما دعا الکاظمی البرلمان إلى الموافقة على قرض بقیمة 34 ملیار دولار ، وافق البرلمان على 10 ملیارات دولار فقط.

ویتفاوض العراق حالیا مع البنک الدولی لتسلم حزمة الإنقاذ الموعودة من البنک المخصصة لأزمة لکورونا. ومع ذلک ، یبدو أن شروط البنک الدولی لتطبیق سیاسات التقشف وإصلاح الهیاکل الاقتصادیة تجعل من الصعب على العراق تحقیق هذه الحزمة على المدى القصیر.

ومع ذلک ، یرى منتقدو الحکومة بأن هذه الحلول لا تغطی سوى النفقات الشهریة لموظفی الحکومة ، لکنها لا تفعل شیئًا لمعالجة الأسباب الجذریة للأزمة المالیة.

فی یونیو ، توقعت الأمم المتحدة أن یصل الفقر إلى 40 فی المائة من سکان العراق البالغ عددهم 39 ملیون نسمة بسبب القیود المفروضة على وباء کورونا وانخفاض أسعار النفط. وفقًا لـ ReliefWeb ، فإن حوالی 8 ٪ من الأسر (3 ملایین شخص) لا یأکلون ما یکفیهم فی سبتمبر.

لکن بالإضافة إلى الأزمة المالیة ، فإن حکومة الکاظمی فی أزمة عمیقة. ومع وجود أکثر من 500000 حالة إصابة بفیروس کوفید-19 وحوالی 12000 حالة وفاة ، تتعرض المستشفیات لضغوط متزایدة. فقد تم تدمیر نظام الرعایة الصحیة فی العراق ، الذی کان الأفضل فی العالم العربی یوما ما ، بسبب حرب الخلیج عام 1991 ، وعقد من العقوبات الأمریکیة ، ثم حرب عام 2003 واحتلال العراق.

کما تعمل الولایات المتحدة على تخریب جهود الحکومة العراقیة لحل الأزمة الاقتصادیة. وقال علی سعدون عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النیابیة إنه فی منتصف عام 2019 ، کانت بغداد على وشک توقیع اتفاق مدته 20 عامًا مع الصین لتسلیم 3 ملایین برمیل من النفط شهریًا مقابل استثمارات صینیة فی مشاریع إعادة إعمار البنیة التحتیة التی دمرتها الحرب فی العراق ، لکن لم یتم التوصل إلى الاتفاق بضغط من واشنطن.

والآن بعد أن أدى استئناف الاحتجاجات إلى تکثیف تحدیات الحکومة ، أعلنت واشنطن دعمها لاستمرار الاحتجاجات ، وهی قضیة قد تساعد واشنطن على تصعید الأزمة فی العراق وبالتالی تأخیر انسحاب القوات الأمریکیة.




محتوى ذات صلة

إین مجاهدو داعش من المجزرة التی تُرتکب فی المسجد الأقصى؟!

إین "مجاهدو داعش" من المجزرة التی تُرتکب فی المسجد الأقصى؟!

وأنا اتابع اخبار المجزرة المروعة التی ارتکبتها "داعش" السبت الماضی فی کابول، والتی ذهب ضحیتها 85 فتاة واکثر من 150 جریحة، فی تفجیر سیارة مفخخة امام ثانویة"سید الشهداء" للبنات، حین کانت الطالبات یخرجن من المدرسة، وقع نظری على مقال تحت عنوان"لماذا لا یوجد فرع لداعش فی فلسطین"، حیث ...

|

قیادی فی أنصار الله: فشل زیارة المبعوثین الأممی والأمریکی إلى مسقط

قیادی فی "أنصار الله": فشل زیارة المبعوثین الأممی والأمریکی إلى مسقط

کشف عضو الوفد المفاوض فی جماعة "أنصار الله"، عبد الملک العجری، الیوم الثلاثاء، عن فشل زیارة المبعوثین الأممی والأمریکی للیمن، إلى سلطنة عمان ضمن التحرکات الدولیة لإیقاف الحرب فی الیمن واستئناف المفاوضات السیاسیة.

|

ارسال التعلیق