شبح الموت یخیّم على الیمن ... والجنوب أسوأ حالاً من الشمال
أصبحت حرب الیمن أکبر مأساة فی العالم بسبب المجازر المرتکبة ضد المدنیین والجرائم ضد الإنسانیة على ید تحالف العدوان بقیادة السعودیة بدعم من الولایات المتحدة والکیان الصهیونی، وفی کل مرة تکشف وسائل الإعلام والمؤسسات الیمنیة عن أبعاد جدیدة لهذه الجرائم.
إذ وفقاً لـ ACLED، وهی منظمة غیر ربحیة تجمع البیانات حول المناطق المتأزمة فی جمیع أنحاء العالم، قُتل أکثر من 128 ألف یمنی خلال هذه الحرب، ووفق هذه الإحصائیات، فی عام 2020 وحده، اضطر أکثر من 164 ألف شخص إلى الفرار من منازلهم، وبسبب تدمیر البنیة التحتیة الاقتصادیة والصحیة للیمن من قبل المعتدین، حتى لو توقف الصراع، ستستمر الکولیرا ونقص المیاه والفیضانات فی الیمن إضافة إلى فیروس کوفید-19 الذی أصبح تهدیداً خطیراً لحیاة الیمنیین.
لکن فی تقریر حدیث آخر، نشرت منظمة "رائدات العدالة للتنمیة والحقوق" بصنعاء إحصائیات فی تقریرها السنوی حول جرائم التحالف السعودی وانتهاکات حقوق الإنسان ضد المرأة الیمنیة.
ووفق التقریر، بلغ عدد القتیلات خلال ست سنوات من عدوان التحالف السعودی فی الیمن 2381 امرأة یمنیة، إضافة إلى تعرّض 2780 امرأة بإصابات، فی حین فقد 3790 طفلاً (بنین وبنات) حیاتهم وأصیب 4089 طفلاً، وبعضهم تعرض للإعاقة بشکل دائم.
ووفق التقریر فقد قتل أکثر من 16978 مدنیاً وأصیب أکثر من 26203 آخرین خلال ست سنوات من العدوان على الیمن، کما نزح 4 ملایین 168 ألفاً و301 شخص ونزح أکثر من 606 آلاف 694 أسرة خلال القصف واستهداف المدن والقرى والمنازل والمدارس والمراکز الصحیة.
کما تضمن التقریر انتهاکات مباشرة وغیر مباشرة لحقوق المرأة ومعاناتها نتیجة استمرار العدوان والحصار على الیمن، والذی أدى إلى عملیات قتل ونزوح وأزمات فی الخدمات الصحیة والتعلیمیة والتغذویة لهؤلاء النساء إضافة إلى تداعیاتها النفسیة والاجتماعیة.
وجود المحتل سبب انعدام الأمن فی جنوب الیمن
بینما قامت السعودیة والإمارات بغزو ونهب الأراضی الیمنیة بحجة إعادة الرئیس المخلوع منصور هادی إلى السلطة، أدت موجة من الکراهیة للاحتلال السعودی والإماراتی والوجود الاستعماری فی جنوب الیمن إلى زیادة زعزعة الأمن والاستقرار فی الیمن بشکل حاد.
وفی هذا الصدد، قدم (المرکز الإعلامی للمحافظات الجنوبیة) تقریراً إحصائیاً حول تصاعد حالة انعدام الأمن فی محافظات جنوب الیمن المحتلة من أکتوبر إلى نوفمبر من العام الجاری (2020).
ونشر الموقع الإخباری الیمنی "26 سبتمبر" التقریر وکتب: "نتائج المراقبة الأولیة للجرائم التی تم تحدیدها للرأی العام فی الشهرین الماضیین تظهر أن أکثر من 212 جریمة منها اغتیال، واعتقال، وسرقة ممتلکات حکومیة وغیر حکومیة، وابتزاز منظم باستعمال السلاح، حدثت فی مناطق یمنیة مختلفة.
کما تضمن التقریر جرائم حرب وقتل واعتداء على منازل سکنیة وتجاریة وخطف مواطنین واحتجاز رهائن، وازدیاد معدل النزاع المسلح فی الشوارع والمناطق السکنیة، والاعتداء على مدنیین وعُزّل، ومنع المواطنین من السفر، وتفریق المظاهرات المشروعة بالأسلحة وما إلى ذلک.
ووفق الإحصائیات المقدمة، فإن استمرار سلسلة الاغتیالات فی الشوارع فی عدن انتقل الآن إلى محافظتی أبین وشبوة، وخلال شهری أکتوبر ونوفمبر، لوحظ وقوع 32 عملیة اغتیال فی المحافظات الجنوبیة، وهی بذلک تمثل 15.1٪ من جمیع الجرائم فی هذه المحافظات.
وتزایدت الاشتباکات المسلحة فی الشوارع والأحیاء السکنیة بین مختلف الجماعات المسلحة بالأسلحة الخفیفة والمتوسطة وتم تسجیل 21 من هذه الاشتباکات بنسبة 9.4٪ من إجمالی الجرائم، وتسجیل 20 جریمة خطف بنسبة 9.4٪ من إجمالی الجرائم و 18 جریمة قتل غامضة بنسبة 8.5 فی المئة من إجمالی الجرائم، و 15 محاولة اغتیال لقادة عسکریین تابعین لتحالف العدوان فی الیمن بنسبة مع 7.1 فی المئة من إجمالی الجرائم المرتکبة فی الشهرین الماضیین.
کما تسبب تصعید الاشتباکات بین القوات الإماراتیة والسعودیة فی المحافظات الجنوبیة للیمن ومدن عدن والضالع ورنجبار خلال هذین الشهرین، فی حالة من الفوضى فی هذه المدن، کما لوحظ خلال الشهرین الماضیین فی المحافظات الجنوبیة التی یحتلها تحالف العدوان فی الیمن، ارتکاب جرائم أخرى مثل عملیات نصب کمین وتفجیرات فی أحیاء مزدحمة واعتقال قسری وتعذیب معتقلین فی سجون سریة.
وقد أدى ذلک إلى زیادة الاحتجاجات والکراهیة الشعبیة لوجود القوات السعودیة والإماراتیة فی جنوب الیمن، وفی هذا الصدد، عقد یوم الاثنین الماضی، تجمع کبیر لمشایخ وعشائر منطقة ذی صفل بمحافظة إب الجنوبیة للتندید بالجرائم التی یرتکبها التحالف بقیادة السعودیة بحق الشعب الیمنی.
وطالب المتظاهرون کل المنظمات الدولیة والحقوقیة التی تدعی حمایة حقوق الإنسان بالضغط على دول التحالف لمنع مواصلة العدوان ورفع الحصار اللا إنسانی عن الیمن، کما استنکروا استمرار تطبیع بعض الدول العربیة مع الکیان الصهیونی المغتصب، وأشادوا بإنجازات أبطال الجیش الیمنی واللجان الشعبیة وآخرها استهداف منشآت نفطیة فی مدینة جدة السعودیة.
أزمة الغذاء فی الیمن فی ظل استمرار الحصار
مع تدهور الاقتصاد الیمنی وبالتالی انخفاض القیمة النقدیة، یضطر أکثر من 30 ملیون یمنی لاختیار خیار النظام الغذائی، حیث إن قیمة الأموال فی جنوب الیمن أقل حتى من الشمال، ووفقا لتقریر نشرته منظمة الأمن الغذائی (IPC) حول جزء محدد من جنوب الیمن فی نهایة شهر أکتوبر، یعانی أکثر من 40 فی المئة من الأطفال دون سن الخامسة (أکثر من 580 ألفاً) وأکثر من 240 ألف امرأة حامل ومُرضعة، حالیاً من سوء التغذیة.
ووفقًاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائی، کان نحو 47 بالمئة من الیمنیین یعیشون تحت خط الفقر فی عام 2014، لکن هذا العدد ارتفع إلى 75 بالمئة بحلول نهایة عام 2019.
ودفع ذلک الأمین العام للأمم المتحدة أنطونیو غوتیریش إلى التحذیر من مجاعة غیر مسبوقة فی الیمن، حیث قال غوتیریش: "إذا لم یتم اتخاذ إجراء فوری، فقد یموت الملایین".
لکن فی حین فشلت الجهود الدولیة لوقف الحرب وإنهاء الاعتداء والحصار اللاإنسانی على الیمن، یبدو أن السیاسة الرئیسة للسعودیة وحلفائها هی إخضاع الیمنیین من خلال الضغط الاقتصادی المستمر والحصار.