الانتهاکات الأمریکیة للسیادة العراقیة..الآفاق والتحدیات
بین حین وآخر تنفذ أمریکا عبر طائراتها ومقاتلاتها الجویة انتهاکات للسیادة الجویة العراقیة. ورغم ذلک أعربت فصائل المقاومة وقوات الحشد الشعبی عن رفضها واستنکارها للانتهاکات الأمریکیة داخل العراق ودعت الى احترام السیادة العراقیة ولضرورة اتخاذ موقف جاد من قبل الحکومة العراقیة.
ویبدو أن هذه الانتهاکات ومحاولة السیطرة على الأجواء العراقیة تحمل فی طیاتها أهدافاً مریبة یشکک بها المراقبون السیاسیون والعسکریون بقولهم إنها تأتی فی إطار إحکام القبضة على السماء العراقیة وتنفیذ أهداف اسراتیجیة وعسکریة ومنع العراق من شراء منظومات صواریخ من شأنها أن تزید السیطرة على السیادة الجویة.
إن استمرار الانتهاکات الامریکیة للاجواء العراقیة واستخدامها بشکل غیر رسمی یهدد أمن العراق والمنطقة. ویعود ذلک الى موقف الحکومة الغریب وعدم ردها، کما أن صمت الحکومة عن هذه الانتهاکات امر مستغرب حیث انها شکلت وفق اولویات أهمها هو الحفاظ على سیادة العراق ومنع الانتهاکات بحق إرادة الشعب.
ان ما تقوم به القوات الامریکیة من خرق للسیادة العراقیة امر مرفوض للعراقیین تماما، ویبدو ان حکومة رئیس الوزراء مصطفى الکاظمی، لم تفِ بتعهداتها للقوى السیاسیة التی رشحتها، فهی لم تستطع حمایة سماء العراق التی تمثل هیبة البلاد. حیث إن الخروق الامریکیة والترکیة للسیادة العراقیة لا تزال قائمة بسبب ضعف الحکومة.
فحکومة رئیس الوزراء مصطفى الکاظمی تثبت یوما بعد یوم عدم جدیتها بایقاف الانتهاک والخروق الامریکیة للسیادة وللاجواء العراقیة، کما أن اهداف هذه القوات معروفة فهی تسعى لاغراض تجسسیة وقتالیة.
الغریب هو أن هذا الانتهاک یأتی على مرأى ومسمع من الحکومة العراقیة، التی لم تتخذ ای اجراء بهذا الصدد، ومن الجدیر بها أن تحذو حذو المقاومة التی تقوم برصد یومی لهذا التحرکات، فضلا عن مطالبة الجانب الامریکی بایقاف هذه الانتهاکات.
موقف فصائل المقاومة من الانتهاکات الأمریکیة
کشفت لجنة الامن والدفاع فی البرلمان العراقی فی وقت سابق، عن قیام أمریکا بمنع تأمین الحدود العراقیة بالاسالیب الحدیثة. وقال عضو اللجنة علی الغانمی فی تصریح: إن "الفیتو الامریکی لشراء الاسلحة المتطورة من مصادر غیر امریکیة لا یزال قائما حتى الان"، لافتا الى ان "امریکا تمانع ای صفقة تسلیح یقوم بها العراق مع دول اخرى کروسیا او الصین".
واضاف: إن "الحدود العراقیة لیست امنة بشکل کامل وهنالک منع امریکی من شراء منظومة دفاع جوی ورصد لتأمین الحدود لکون تلک المنظومة غیر امریکیة"، مبینا ان "الجانب الامریکی لا یرغب بامتلاک العراق منظومات دفاعیة حدیثة واسلحة متطورة، حیث ادى ذلک الى استخدام اسلحة بدائیة لتأمین الحدود وهذا غیر کافٍ لضبط الامن القومی للبلاد".
کذلک اکد عضو لجنة الامن والدفاع النیابیة النائب عبد الخالق العزاوی، فی وقت سابق، أن شراء منظومة دفاع جوی متطورة یمثل اولویة للامن القومی العراقی فی 2021. وفی ذات السیاق، قال عضو لجنة الأمن والدفاع النیابیة “بدر الزیادی” ، أن التحالف الدولی بقیادة أمریکا أحکم قبضته على الأجواء العراقیة .
وقال الزیادی ، فی تصریح له: ان "هناک سیطرة کاملة على المجال الجوی العراقی من قبل أمریکا"، مضیفا "اننا تحدثنا کثیرا حول السیادة العراقیة دون جدوى". وأوضح ، ان “الحکومة العراقیة اثبتت انها عاجزة عن معالجة سیطرة أمریکا على المجال الجوی العراقی". وتابع الزیادی ، إن "الحرکة الجویة جمیعها تخضع لارادة التحالف الدولی بقیادة واشنطن".
لا شک أن استمرار انتهاک الأجواء العراقیة من قبل أمریکا سیکلفها الکثیر عاجلا أم آجلا ، وتدرک إدارة البیت الأبیض تماماً أن هذه الأفعال ستضعف موقف أمریکا فی المنطقة لکن یبدو أن دونالد ترامب ما زال مندفعا فی قرارته التی سیفقد صلاحیاتها بعد أسابیع قلیلة، حیث تشیر التقاریر أنه یعتزم إشعال المنطقة بالحروب قبیل مغادرته البیت الأبیض للتضییق على ایران وحلفائها فی المنطقة.
لکن بالتأکید یدرک جو بایدن هو الآخر مدى تبعات هذه الانتهاکات على بلاده ، إذ تجسد ذلک بعد انتهاک السماء العراقیة فی بدایة العام الحالی والذی أدى الى استشهاد الجنرال قاسم سلیمانی ونائب رئیس الحشد الشعبی ابو مهدی المهندس ، حیث توعدت ایران بانتقام قاسٍ من عملیة القتل هذه ، مؤکدة أن قصف قاعدة عین الأسد الأمریکیة فی بغداد لم تکن سوى صفعة على حد تعبیرهم.
إن استمرار التدخل فی دول المنطقة لن یؤدی سوى الى إخراج القوات الأمریکیة بالکامل من المنطقة، وقد أکدت ایران وحلفاؤها فی محور المقاومة ذلک، عقب استشهاد قادة النصر، حیث أصدر البرلمان العراقی قراراً یلزم قوات التحالف الدولی بمغادرة الأراضی العراقیة. ویبدو أن تنفیذ هذه الإتفاقیة صار لزاماً على الحکومة العراقیة فی الوقت الراهن ، لأن فصائل المقاومة العراقیة ستعتبر القوات الأمریکیة فی العراق ، قوات احتلال ، ما لم تنسحب من البلاد فی الفترة القادمة.
ونتیجة لذلک ، نرى أن واشنطن تعتزم خفض عدد قواتها فی العراق وأفغانستان خشیة تعرضهم لضربات إنتقامیة. حیث أعلنت وزارة الدفاع الأمریکیة فی شهر نوفمبر السابق، اعتزامها خفض عدد القوات الأمریکیة المنتشرة فی العراق وأفغانستان إلى أدنى مستویاتها منذ 20 عاماً تقریباً، تلبیة لتعهدات الرئیس الأمریکی دونالد ترامب إنهاء النزاعات فی الخارج، قبل أسابیع من مغادرته البیت الأبیض.
أعلنت وزارة الدفاع الأمریکیة اعتزامها خفض عدد القوات الأمریکیة المنتشرة فی العراق وأفغانستان إلى أدنى مستویاتها منذ 20 عاماً تقریباً، تلبیة لتعهدات الرئیس الأمریکی دونالد ترامب إنهاء النزاعات فی الخارج، قبل أسابیع من مغادرته البیت الأبیض.
ومن المقرر أن یُسحب 500 جندی من العراق فی الموعد ذاته، کی لا یبقى فی کلّ من البلدین سوى 2500 جندی أمریکی. وأکّد میلر أن هذا القرار یعکس رغبة الرئیس ترامب فی إنهاء حربی أفغانستان والعراق.
من المؤکد أن مستقبل القوات الأمریکیة والوجود الأمریکی فی المنطقة أصبح غامضاً أکثر من أی وقت مضى ، فبعد حادثة اغتیال الجنرال قاسم سلیمانی والشهید ابو مهدی المهندس، وکذلک اغتیال العالم النووی الایرانی محسن فخری زادة ، إضافة الى تطبیع العلاقات بین بعض الأنظمة العربیة من الکیان الصهیونی ، لن یمر محور المقاومة مرور السلام وسیکون الثمن هو خروج القوات الأمریکیة من المنطقة.