فی ظل الأوضاع المأساویّة.. إلى أین سیصل الإجرام الأمریکیّ بحق السوریین؟

یعیش السوریون هذه الأیام أسوأ وضع معیشیّ منذ بدایة الأزمة فی بلادهم قبل 10 سنوات، نتیجة أسباب عدة أبرزها العقوبات الأمریکیّة التی فرضتها إدارة دونالد ترامب عبر ما یعرف بـ "قانون قیصر" والذی بدأ تنفیذه فی دیسمبر عام 2019، وینص على فرض عقوبات على أفراد وکیانات داعمة للحکومة السوریة التی تزعم واشنطن بأنّها انتهکت حقوق الإنسان.

وبالأمس عجت المواقع الإخباریّة بالخبر الذی تحدث أنّ الجمهوریین فی الولایات المتحدة، یعتزمون إصدار قرار جدید ضد الشعب السوریّ قبل انتهاء ولایة ترامب، کجزء من الحرب الاقتصادیة التی تشنها واشنطن على معظم من لا یسیر تحت إمرتها.

إجرام أمریکیّ جدید

منذ بدء الحرب على سوریا، فرضت الولایات المتحدة ومعظم دول الاتحاد الأوربیّ عقوبات متنوعة على کبار المسؤولین السوریین، بما فیهم الرئیس السوری، بشار الأسد وزوجته وعائلته وأقرباؤه، إضافة إلى کبار المستشارین والوزراء والعاملین فی المصارف السوریّة.

وقد بدأ منهج الضغط الاقتصادیّ الأمریکیّ یشتد فی عهد باراک أوباما واستمر مع وصول دونالد ترامب إلى السلطة حیث أقر مزیداً من العقوبات على سوریا و حلفائها وصولاً إلى ما یسمى "قانون قیصر"، والیوم تعد إدارة ترامب قبل رحیلها، قراراً جدیداً ضد سوریا، یوصف بأنّه أقوى وأشد فی ظلمه من القرارات التی سبقته، ویضع حاجزاً أمام عودة العلاقات الأمریکیة - السوریة فی عهد الرئیس الجدید، جو بایدن.

یشار إلى أنّ الإدارة الأمریکیّة تدرک جیداً أنّ عقوباتها ستترک أثراً مؤلماً على الشعب السوریّ، وهذا ما تریده بالضبط لإسقاط دمشق وتحقیق مآرب العدو الصهیونیّ الغاصب فی المنطقة، بعد فشلهما فی تنفیذها منذ 10 سنوات من انخراطهما فی الحرب العسکریّة ضد السوریین.

والیوم لم یتغیر شیء، حیث ینص مشروع القرار المؤلف من 25 صفحة، على أنّ سیاسة واشنطن فی سوریا یجب أن تکون تحت عنوان "تغییر الحکم فی البلاد" أی إسقاط حکومة دمشق الشرعیّة والمعترف بها دولیّاً، إضافة إلى دعم الجماعات الارهابیة المسلحة لتحقیق الهدف الأمریکیّ، ناهیک عن أنّ هذا القرار یحظر على إدارة بایدن الجدیدة الاعتراف بالحکومة السوریّة، وبذلک مزیداً من العنف والإرهاب على الأرض السوریّة.

ومن الجدیر بالذکر أنّ القرار الإجرامیّ الجدید یفرض عقوبات شدیدة القسوة على الشعب السوریّ عبر حظر التعامل مع المصارف السوریّة التی لها علاقة فی کل من لبنان والأردن والخلیج والصین بالإضافة إلى أیّ دولة أجنبیّة أخرى.

مناطق اقتصادیّة

یخول "الإرهاب الاقتصادیّ" الجدید، الرئیس الأمریکی فی إنشاء "مناطق اقتصادیّة" فی سوریا ضمن الأراضی التی تحتلها قوات أجنبیة غازیّة، لتنشیط اقتصاد المناطق الخارجة عن سیطرة دمشق، والسماح لها بإنشاء علاقات تجاریّة مع الولایات المتحدة وغیرها من دول العالم، وذلک لتسهیل عملیات نهب النفط السوریّ فی الوقت الذی یرزح فیه الشعب السوریّ تحت وطأة الحصار والأوضاع المعیشیّة الخانقة.

وما ینبغی ذکره أنّ موقع مجلة “Foreign Affairs” الأمریکیّة، قبل بضعة أشهر، نشر تقریراً مفصلاً بعنوان: "العقوبات الأمریکیة على سوریا.. هل تسقط النظام أم تضر المدنیین؟"، مرکزاً على محاور تأثیرات تلک العقوبات على جمیع الأطراف، وخلص التقریر إلى أنّ العقوبات الأمریکیة على سوریا وحلفائها تضر الشعب السوریّ ولا تخدم المصالح الأمریکیة.

وفی هذا الخصوص، لا یعول السوریون الغارقون فی الأزمات الاقتصادیّة على الإدارة الأمریکیّة الجدیدة، خاصة وأنّ تاریخ أول عقوبات اقتصادیّة فرضتها واشنطن على بلادهم تعود إلى عام 1979، حیث اتهمت الخارجیة الأمریکیة حینها الحکومة السوریة بقیادة الراحل "حافظ الأسد"، بدعم المنظمات الفلسطینیة على الأراضی السوریة واللبنانیة التی کانت تصفها واشنطن بالإرهابیّة، وکانت تلک العقوبات سبباً فی تراجع اقتصادیّ کبیر فی سوریا أعقبه تغییرات کبیرة فی النظام الاقتصادیّ السوریّ لتحقیق الاکتفاء الذاتیّ والاعتماد فی التجارة على دول معادیة للولایات المتحدة.

خلاصة القول، تثبت واشنطن یوماً بعد آخر، حجم إجرامها ودمویّتها، رغم کل ما یصدر عن مسؤولیها من ترهات "حقوق الإنسان" و"الحریّة والدیموقراطیّة"، فالجمیع أصبحوا مدرکین لنفاق "الشیطان الأکبر" فی العالم، الذی یقتل السوریین ویسرق نفطهم ویحتل أراضیهم ویدعم انقسامها، وبوقاحة لا مثیل لها یتحدث عن "دعم الشعب السوریّ".




محتوى ذات صلة

سلامي: أميركا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

سلامي: أميركا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

القائد العام لحرس الثورة الاسلامية اللواء حسين سلامي يقول إن "الانفجار الكبير في مصنع محركات المضادات الدفاعية والصواريخ حاملة الأقمار الصناعية مؤخرا في "إسرائيل"، أثبت هشاشة النظام الأمني الإسرائيلي".

|

الجعفری یؤکد موقف سوریة الثابت والمبدئی تجاه القضیة الفلسطینیة

الجعفری یؤکد موقف سوریة الثابت والمبدئی تجاه القضیة الفلسطینیة

بحث نائب وزیر الخارجیة والمغتربین السوری بشار الجعفری مع السفیر أنور عبد الهادی مدیر الدائرة السیاسیة لمنظمة التحریر الفلسطینیة فی دمشق العلاقة بین البلدین وآخر التطورات على الساحتین العربیة والفلسطینیة.

|

هل تشهد الدولة السوریة حرب میاه تشنها ترکیا؟

هل تشهد الدولة السوریة حرب میاه تشنها ترکیا؟

حرب میاه تطل برأسها فی المنطقة، یشنها الأتراک على الدولة السوریة، حیث اکدت المعلومات انخفاض منسوب تدفق نهر الفرات إلى ٢٠٠ متر مکعب فی الثانیة، ما أدى الى انخفاض قدرة التولید الکهربائی فی "سد الفرات"، وانخفاض مستوى میاه بحیرة الأسد، بعد تشغیل قسد عنفات التولید الکهرومائی فی ...

|

ارسال التعلیق