عقب الخیانة المغربیّة.. ما أسباب الزیارة المفاجئة للرئیس الفلسطینی إلى قطر؟
بعد دخول المغرب إلى حظیرة "التطبیع" الأمریکیّة مع العدو الصهیونیّ الغاصب، وإعلان الرئیس الأمریکیّ المنتهیة ولایته دونالد ترامب، هذا العام توقیعه ما تسمى "اتفاقیات سلام" بین الإمارات والبحرین والسودان، زار الرئیس الفلسطینیّ، محمود عباس، الأحد الفائت، قطر فی زیارة رسمیّة، یلتقی خلالها بالأمیر القطریّ، تمیم بن حمد آل ثانی، فی خطوة وصفها البعض بالمفاجئة، فی ظل آخر التطورات فی المنطقة.
لم یحدد الدیوان الأمیریّ القطریّ، مدة زیارة رئیس السلطة الفلسطینیّة، محمود عباس، لکنه ذکر أنّها لبحث العلاقات الثنائیّة وسبل تعزیزها بین البلدین، إضافة لآخر التطورات السیاسیّة على الساحة الفلسطینیّة، بعد عدة أیام على إعلان أمریکا عن تطبیع العلاقات بین کیان الاحتلال والمغرب، سادس دولة عربیة ورابع دولة تغرز الخنجر فی ظهر الفلسطینیین فی العام الحالیّ، من بینها دولتیّ الإمارات والبحرین المقاطعتان لقطر الغنیة بالغاز منذ یونیو/ حزیران 2017.
ویزور الرئیس الفلسطینیّ قطر وبالتحدید، لاعتقاده بأنّ موقفها مغایر لبقیة الدول الخلیجیّة أو المُطبعة، حیث ادعت قطر مراراً على لسان مسؤولیها أنها لن تقیم علاقات دبلوماسیّة مع الکیان الصهیونیّ قبل حل "الصراع مع الفلسطینیین"، معتبرة أنّ التطبیع مع تل أبیب لا یمکن أن یکون هو الحل لذلک الصراع، بل فی تطبیق قرارات مجلس الأمن وفی منح الفلسطینیین حقوقهم وإیجاد حل عادل لقضیتهم.
ومن الجدیر بالذکر أنّ عباس أواخر الشهر المنصرم، أجرى فی وقت سابق زیارتین إلى عمّان والقاهرة التقى خلالهما الملک الأردنیّ عبد الله الثانی، والرئیس المصریّ عبد الفتاح السیسی، وبحث معهما تطورات القضیة الفلسطینیّة، والسلام بالشرق الأوسط.
وتتزامن الزیارات الثلاث للرئیس الفلسطینی، مع مساعیه لعقد مؤتمر دولی للسلام مطلع العام 2021 بعد تراجعه عن قرار قطع التنسیق الأمنیّ مع تل أبیب، حیث طالب فی سبتمبر/ أیلول الماضی، من الأمین العام للأمم المتحدة، أنطونیو غوتیریش، البدء بخطوات عملیة لعقد هذا المؤتمر، فی ظل التحدیات الکبیرة التی یواجهها الفلسطینیون، والمتمثلة فی "صفقة القرن" الأمریکیة التی تهدف لتصفیة القضیّة الفلسطینیّ، والاستیطان ومشروع الضم الصهیونیّ لأراض بالضفة الغربیّة المحتلة، ناهیک عن اتفاقیات التطبیع العربیّة المتتابعة مع عدو العرب الأخطر.
ویرافق عباس فی زیارته لقطر، وزیر الخارجیّة والمغتربین، ریاض المالکی، وعضو اللجنة المرکزیّة لحرکة "فتح"، رئیس الهیئة العامة للشؤون المدنیة، الوزیر حسین الشیخ، ورئیس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج، بعد أن تجمدت ما تسمى "عملیة السلام" بین فلسطین والعدو الصهیونیّ، منذ أبریل/نیسان 2014، جراء رفض الأخیر وقف الاستیطان فی الأراضی المحتلة، والقبول بحدود 1967 کأساس للتفاوض على إقامة دولة فلسطینیة.
کذلک، یرید الرئیس الفلسطینیّ أن یرى ما إذا کان بإمکانه الحصول على أموال من الدوحة فی هذا الوضع الحساس، وعلى الأقل الحفاظ على مرکزه بین الفلسطینیین فی الضفة الغربیة بعد أن تدهورت شعبیته بشکل کبیر، فی الوقت الذی بات یشعر فیه أبو مازن بخطورة وسوء الوضع، وطریقة التعاطی مع الفلسطینیین من قبل الدول العربیّة.
وفی هذا الخصوص، أعلن رئیس الوزراء المغربیّ، سعدالدین عثمانی، الجمعة الماضی، أن الملک المغربیّ محمد الساس، أجرى اتصالاً هاتفیاً بعباس زعم فیه أنّ الموقف المغربیّ تجاه "القضیة الفلسطینیة" ثابت، ما أثار موجة من السخریة على مواقع التواصل الاجتماعیّ.
وبحسب وکالة الأنباء القطریّة، التقى صهر ومستشار ترامب، جارید کوشنر، بأمیر البلاد، تمیم بن حمد آل ثانی، قبل أسبوعین، مشیرة إلى أنهما استعرضا "تطورات الأوضاع فی منطقة الشرق الأوسط"، لکن لم یتم الإعلان عن تفاصیل رحلة کوشنر إلى الشرق الأوسط، لکن تحلیلات سیاسیّة أکّدت أنّ قضیّة التطبیع کانت ضمن أهم الملفات المطروحة على الدوحة.
وکانت حرکة حماس المقربة من النظام الإخوانی فی قطر، بیّنت أنّ الأمة تُسلب إرادتها وتنهب ثرواتها لیصبح الکیان الصهیونیّ سیداً فی المنطقة، واعتبرت أنّ تل أبیب مستمرة فی غیها وتغول کیانها من خلال الاستیطان، محذرة من أن یتم استدراج السلطة الفلسطینیّة لتکون جزءًا من عملیة التطبیع فی المنطقة، بعد قرار محمود عباس إعادة العلاقات مع العدو قبل بضعة أسابیع، ما یشکل ضربة لأیّ شراکة عمل وطنیّ فی عمقه ویناقض التفاهمات الداخلیّة.