فلسطین تقطع الأمل من الخارج.. لا سبیل إلا لوحدة الصفّ نحو انتفاضة ثالثة
منذ بدایة العام الجاری، یواجه الفلسطینیون تحدیات متعددة، تمثلت فی صفقة القرن، وهی خطة مجحفة بحقهم، ثم مخطط إسرائیلی لضم نحو ثلث أراضی الضفة الغربیة المحتلة، وبعده اتفاق التطبیع بین بعض الدول العربیة وإسرائیل.
عقب اعلان دونالد ترامب تطبیع العلاقات بین المغرب والکیان الصهیونی والذی جاء بعدما انضمت الامارات والبحرین والسودان الى قطار التطبیع الذی بدأت به مصر والأردن، ندد الفلسطینیون بالاتفاق مثلما نددوا باتفاقات التطبیع السابقة مع الإمارات والبحرین والسودان.
وقال بسام الصالحی عضو اللجنة التنفیذیة لمنظمة التحریر الفلسطینیة لرویترز "أی خروج عربی عن مبادرة السلام العربیة کما هی التی نصت على أن التطبیع یأتی بعد إنهاء الاحتلال الاسرائیلی للأراضی الفلسطینیة والعربیة، أمر غیر مقبول ویزید من غطرسة إسرائیل وتنکرها لحقوق الشعب الفلسطینی".
فیما اعتبرت حرکة "حماس"، الخمیس، تطبیع علاقات المغرب مع إسرائیل "خطیئة سیاسیة لا تخدم القضیة الفلسطینیة".
وقال متحدث الحرکة حازم قاسم، إن "الاحتلال الاسرائیلی یستغل کل حالات التطبیع من أجل زیادة جرعة سیاسته العدوانیة ضد شعبنا الفلسطینی وزیادة تغوله الاستیطانی". ولفت قاسم إلى أن "التطبیع یشجع الاحتلال على استمرار تنکره لحقوق شعبنا الفلسطینی".
بدوره، قال المتحدث باسم حرکة "الجهاد الإسلامی" الفلسطینیة، الخمیس، إن تطبیع علاقات المغرب مع إسرائیل "خیانة للقدس ولفلسطین".
وأضاف داود شهاب بالقول: "هذه انتکاسة جدیدة للنظام العربی"، مؤکداً أن "الشعب المغربی وقواه السیاسیة سترفض التطبیع". واعتبر أن أمریکا وإسرائیل "تستخدمان التوترات الداخلیة فی المنطقة لابتزاز أنظمة الحکم"؛ حیث "تساومها بین استمرار التوترات والأزمات أو الرضوخ للإملاءات"، واصفاً التطبیع بأنه "سیاسة استعماریة بثوب جدید".
الدعوة للوحدة والانتفاضة الشاملة
وفی سیاق متصل دعت خمسة فصائل فلسطینیة یوم السبت الماضی، إلى عقد جولة جدیدة للأمناء العامین لاستکمال الحوار الوطنی الشامل، مؤکدة معارضتها العودة إلى اتفاق أوسلو بشقیه الأمنی والتفاوضی، والتمسّک بالقرارات الوطنیة وضرورة تطبیقها.
جاء ذلک خلال اجتماعٍ مشترک عقدته: الجبهة الشعبیة- القیادة العامة، الجهاد الإسلامی، طلائع حرب التحریر الشعبیة- قوات الصاعقة، والجبهة الدیمقراطیة. ناقشت فیه الأوضاع الفلسطینیة فی ظل التداعیات الوطنیة والإقلیمیة، وتوافقت على عدّة مطالب.
وفی البیان الصادر عن الاجتماع، أکّدت هذه الفصائل والتی تعدّ الممثل الأساسی للشعب الفلسطینی "معارضتها العودة إلى اتفاق أوسلو بشقیه الأمنی والتفاوضی، وتمسکها بقرارات المجلس الوطنی والمجلس المرکزی لمنظمة التحریر الفلسطینیة، بما فی ذلک إنهاء العمل بالمرحلة الانتقالیة لاتفاق أوسلو، وسحب الاعتراف بدولة إسرائیل، ووقف التنسیق الأمنی، ومقاطعة الاقتصاد الإسرائیلی، وإلغاء بروتوکول باریس الاقتصادی".
وأکّدت الفصائل "تمسکها بمواصلة الحوار الوطنی الفلسطینی الشامل، لإنهاء الانقسام، واستعادة الوحدة الوطنیة، وإعادة بناء المؤسسات الوطنیة الفلسطینیة على أسس من الشراکة الوطنیة، بما فی ذلک المجلس الوطنی الفلسطینی على أساس ومرجعیة وثیقة الوفاق الوطنی (وثیقة الأسرى 2006) والتوافق على استراتیجیة وطنیة للمواجهة الشاملة للاحتلال وإزالة المستوطنات، بما فی ذلک تشکیل القیادة الوطنیة الموحدة للمقاومة الشعبیة، وإطلاق المقاومة الشعبیة بکل الأشکال، نحو انتفاضة شاملة، وعلى طریق التحول إلى عصیان وطنی حتى دحر الاحتلال."
وشدّدت على "إدانتها کل أشکال التطبیع مع العدو الإسرائیلی، وآخرها خطوة النظام فی المغرب، وتجدید ثقتها بجماهیر الشعوب العربیة فی وقوفها الثابت إلى جانب قضیة الشعب الفلسطینی وحقوقه الوطنیة المشروعة."
ونظراً لخطورة الموقف الذی تمر به القضیة الفلسطینیة، دعت الفصائل إلى استئناف أعمال الحوار الوطنی، عبر الدعوة لجولة جدیدة للأمناء العامین، لبحث کل القضایا المدرجة على جدول أعمال القضیة الوطنیة.
وتوجّهت الفصائل فی ختام بیانها "بتحیة إجلال وإکبار لجماهیر الشعب المناضل فی الوطن والشتات، وللأسرى الأبطال الصامدین فی سجون الاحتلال ولذکرى الشهداء الخالدین فی الوجدان الوطنی".
من جهتها، ثمّنت حرکة "حماس" دعوة الفصائل وحرصها على وحدة الشعب الفلسطینی فی مواجهة التحدیات التی تعصف بالوطن وتهدد الثوابت الوطنیة.
وفی بیانٍ مقتضب، أکّد عضو المکتب السیاسی للحرکة ورئیس مکتب العلاقات الوطنیة، حسام بدران، حرص حرکته وموقفها الثابت من الوحدة الوطنیة. موضحًا أنّ "حماس تتفق مع کل ما جاء فی بیان الفصائل، مؤکداً استعداد الحرکة للاستمرار فی الحوار الوطنی الفلسطینی الشامل لاستعادة الوحدة وإعادة بناء المؤسسات الوطنیة الفلسطینیة، على أساس من الشراکة الوطنیة بما فی ذلک منظمة التحریر، وفق المرجعیات الوطنیة التی تم التأکید علیها فی اجتماع الأمناء العامین".
على ما یبدو أن الفصائل الفلسطینیة قد قطعت الرجاء تماما فیما یخص المتظاهرین بدعمهم واخلاصهم للقضیة الفلسطینیة والذین لم یتوانوا عن بیع القضیة بأسرها مقابل بعض الاغراءات تحت ذرائع مختلفة، وقررت الفصائل الاعتماد على نفسها والتأکید على فض الخلافات والانقسامات الداخلیة وتحقیق الوحدة الوطنیة باعتبارها السبیل الوحید لدحر الغزاة المحتلین ونصراً للقضیة الفلسطینیة والشعب المظلوم.
حیث یبقى الرهان دائماً على الشعب الذی أثبت استعداده الدائم للعطاء، وعلى طلائعه الواعیة، التی علیها التحرک للضغط وفرض إرادته وبعث الوطنیة الفلسطینیة، وهو رهان یستند إلى تاریخ الصراع الطویل الذی شهد رغم الأهوال والتضحیات ثورة وراء ثورة وانتفاضة وراء أخرى وصموداً أسطوریاً، وإلى المیراث الوطنی للفلسطینیین من مختلف الأطیاف، والأخذ بکل الأبعاد العربیة والإنسانیة التحرریة.