صراع الإعلام بین الجزیرة والعربیة... من المنتصر فی هذه الحرب الباردة؟

ضجة إعلامیّة أثارتها مقارنة بین قناة "الجزیرة" القطریّة، وقناة "العربیّة" السعودیّة، وکان برنامج "تویتر" هو ساحة السجال الواسع الذی دار بین النشطاء السعودیین المهتمین بهذا الشأن، وقد أظهرت المقارنة تفوق قناة “الجزیرة” القطریّة على منافستها، ونشر الأکادیمی السعودیّ، خالد الدخیل المقارنة على “تویتر” مستنداً فیها على أعداد مشاهدی البث الحی لکل من القناتین على “یوتیوب” فی نفس اللحظة، حیث أظهرت الصورة التی نشرها الدخیل أن عدد مشاهدی “الجزیرة” فی تلک اللحظة یزید عن عشرة آلاف شخص، بینما عدد مشاهدی “العربیة” عند ألفین و400 فقط، ما یعنی أن مشاهدی القناة القطریة کانوا فی تلک اللحظة أکثر من أربعة أضعاف مشاهدی القناة السعودیة.

صراع المالک

أثارت مقارنة بسیطة جدلاً واسعاً فی منطقة الخلیج الفارسی، لدرجة أنّ البعض أصبح یعتقد أنّه لا یمکن بأیّ شکل من الأشکال أن یتوقف صراع الممالک، صراع یصفه آخرون بالـ"حرب الباردة" بین دول "مجلس التعاون الخلیجی" وعلى وجه الخصوص بین السعودیة وقطر، ویتمحور هذا الخلاف حول التنافس على النفوذ الإقلیمیّ، وقد ازداد توتر العلاقات بین البلدین فی بدایة مایسمى "الربیع العربی" الذی خلق استماتة عند تلک الدول لإیجاد موطئ قدم لنشر نفوذها فی العالم العربی، وبین هذا وذاک کانت أمریکا الحلیف المشترک للدولتین معاً، و نأت بنفسها فی الظاهر عن هذا الصراع  للحفاظ على مصالحها.

وفی أعقاب هذا الصراع یُظهر الإعلام السعودی والقطری حجم تشعب الخلاف بین الدولتین، خلافات متجزرة لم تکن ولیدة اللحظة فی کثیر من القضایا، وقد ظهرت جلیاً على السطح فی السنوات الأخیرة، کان آخرها خلاف النشطاء السعودیین بین مؤید للرأیّ الذی یقول إن “الجزیرة” تتفوق على “العربیة” وبین من یرفض هذا الرأی ویرى أن العربیة تحقق تقدماً وحضوراً فی العالم العربیّ.

یذکر أنّ ترسانة الإعلام القطری المتمثلة بالجزیرة تشن هجوماً حاداً على السعودیة بمختلف التغطیات الإخباریة و الوثائقیة، وتأخذ مهاجمة السعودیة حیزاً کبیراً من تلک البرامج، ولا یکف المحللون والباحثون الذین یظهرون على إعلام الدوحة عن کیل الاتهامات لآل سعود، حملة تقودها الجزیرة أو ما تعرف بـ "الواجهة الإعلامیة للنظام القطریّ" ، والتی یصفها محللون بـ "أداة قطر لتصفیة الحسابات"، ضد ترسانة السعودیة الإعلامیة والتی تمثل قناة العربیة السلاح الأقوى فیها.

دلالات واضحة

عکس غضب الصحافی فی قناة “العربیة” وأحد مدیریها، ورئیس التحریر السابق لموقعها الإلکترونیّ، مطر الأحمدی، ودفاعه عن قناته بشراسه، مدى شدة الکره بین القناتین أو الدولتین بمعنى أدق، فلا یمکن أن یمر حدث دون أن یستغله الإعلام السعودیّ والقطریّ لمحاربة بعضهم البعض، وشهدت الأشهر الأخیرة هجوماً إعلامیاً یبدو أنه قد وصل إلى ذروته، ولم یتغیر کثیراً بعد آمال المصالحة القطریة - السعودیة التی تحدث عنها بعض المسؤولین من کلى البلدین.

وفی هذا الخصوص، تعتبر السعودیة دولة قطر داعمة للإرهاب وهی بمثابة "الابن الضال" للخلیج، بحسب توصیف قناة "الإخباریة" السعودیّة الرسمیّة فی وقت سابق، کما أصبح برنامج "تویتر" منبراً للأمراء السعودیین وبعض الکتاب المعروفین لمهاجمة قطر، وفی المقابل تنشر قناة الجزیرة القطریة تقاریر وأفلام وثائقیّة تفضح ملفات حساسة بالنسبة لآل سعود.

ورغم کل ما یتم الحدیث عنه من "مصالحة خلیجیّة"، لکن من الصعب أن نشهد انفراجاً حقیقیاً فی الأزمة المتشعبة بین حکومتی البلدین، بعد اندلاع الأزمة، عام 2017، لذلک من المبکر جداً الحدیث عن أیّ تقدم فی إصلاح العلاقات السعودیة – القطریة.

وما ینبغی ذکره أنّ الهجوم الإعلامیّ المتبادل بین الدولتین الجارتین، عمل على زیادة حدة التوتر وتعمیق الخلافات وتأزیم الأوضاع أکثر فأکثر، فی ظل إعلام مسیس بشدة، یتلون مع السیاسات الحکومیة المتناقضة للبلدین، ویثیر علامات استفهام کثیرة حول نوعیة الخطاب المتحیز الذی یقدم للمخاطب العربی، فیجعل منه ضحیة فی شباک إعلامیة بعیدة عن المهنیة، بعد الشمس عن الأرض.

وبحسب مواقع إخباریّة، فإنّ قناة “العربیة” تأسست فی العام 2003 ضمن مجموعة “ام بی سی” السعودیة التی کانت تبث من العاصمة البریطانیة لندن، قبل أن تنتقل إلى دبی فی دولة الإمارات العربیة، أما قناة “الجزیرة” فتأسست فی العاصمة القطریة الدوحة وبدأت بثها من هناک فی الیوم الأول من شهر تشرین الثانی 1996 وسرعان ما سجلت انتشاراً واسعاً فی العالم العربی وخاصة فی أعقاب اندلاع انتفاضة الأقصى فی الأراضی الفلسطینیة المحتلة أواخر العام 2000. ثم برزت فی تغطیتها لأحداث الحادی عشر من ایلول 2001 ثم تغطیتها للحرب على أفغانستان، ثم احتلال العراق فی العام 2003.




محتوى ذات صلة

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

القائد العام لحرس الثورة فی إیران اللواء حسین سلامی یقول إن "الانفجار الکبیر فی مصنع محرکات المضادات الدفاعیة والصواریخ حاملة الأقمار الصناعیة مؤخرا فی "إسرائیل"، أثبت هشاشة النظام الأمنی الإسرائیلی".

|

إین مجاهدو داعش من المجزرة التی تُرتکب فی المسجد الأقصى؟!

إین "مجاهدو داعش" من المجزرة التی تُرتکب فی المسجد الأقصى؟!

وأنا اتابع اخبار المجزرة المروعة التی ارتکبتها "داعش" السبت الماضی فی کابول، والتی ذهب ضحیتها 85 فتاة واکثر من 150 جریحة، فی تفجیر سیارة مفخخة امام ثانویة"سید الشهداء" للبنات، حین کانت الطالبات یخرجن من المدرسة، وقع نظری على مقال تحت عنوان"لماذا لا یوجد فرع لداعش فی فلسطین"، حیث ...

|

سلامي: أميركا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

سلامي: أميركا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

القائد العام لحرس الثورة الاسلامية اللواء حسين سلامي يقول إن "الانفجار الكبير في مصنع محركات المضادات الدفاعية والصواريخ حاملة الأقمار الصناعية مؤخرا في "إسرائيل"، أثبت هشاشة النظام الأمني الإسرائيلي".

|

ارسال التعلیق