ما الهدف من إطلاق شائعات التطبیع بین إندونیسیا والکیان الصهیونیّ؟

عقب الأنباء التی تحدثت عن وجود "خطة تطبیع" بین إندونیسیا والکیان الصهیونیّ الغاصب، نفت وزارة الخارجیّة الإندونیسیّة تلک المزاعم التی تداولتها تقاریر صحافیة، مؤکّدة دعمها لفلسطین التزاماً بالدستور فی البلاد، ونقلت وسائل إعلام محلیة عن المتحدث باسم الخارجیة، تیوکو فایز سیا، أن الوزارة لم تکن على اتصال بکیان الاحتلال مطلقاً، وهی تدعم فلسطین فی أدائها مهماتها التزاماً بالقوانین، فیما کشفت وسائل إعلام العدو، أنّ رئیس إندونیسیا نفى باتصال هاتفیّ بنظیره الفلسطینیّ، محمود عباس، أن تکون بلاده تؤسس لعلاقات مع تل أبیب، معرباً عن دعمه لحقوق الفلسطینیین.

دعایة سوداء

لإلحاق الضرر بالرأی العام العربیّ والإسلامیّ من خلال مدَّه بأخبار زائفة، تقوم وسائل إعلام العدو الصهیونیّ منذ بضعة أیام بنشر إشاعات مجهولة المصدر، حول تطبیع إندونیسیا أکبر دولة إسلامیّة بعدد السکان، حیث کشفت عن أنّ جهات سیاسیّة رفیعة المستوى فی دولة إسلامیّة کبیرة فی آسیا، لیس لتل أبیب علاقات دبلوماسیّة معها، وصلت قبل نحو أسبوعین إلى الأراضی المحتلة، والتقت ممثلین صهاینة، مشیرة إلى أن خلفیّة الزیارة هی إمکانیة تطبیع العلاقات بین جاکرتا وتل أبیب، کما حدث مع عواصم أخرى فی الأشهر الماضیّة.

ولإحداث بلبلة فی الشارع الإندونیسیّ واضطراب فی الموقف الحکومیّ، لقیاس ردود الأفعال عقب إدخال عدة دول فی حظیرة التطبیع الأمریکیّة، قالت القناة الـ 13 العبریّة، أنّ هناک دولة أعربت عن اهتمامها فی إنشاء علاقات علنیّة مع الکیان الغاشم، فی إشارة إلى إندونیسیا الدولة الإسلامیّة الأکبر فی العالم.

ومن الجدیر بالذکر أنّ تل أبیب تنشط الحرب النفسیّة والشائعات عبر وسائل الإعلام المختلفة للتأثیر ولو بالحد الأدنى على الموقف الإندونیسیّ من القضیّة الفلسطینیّة، وهذه الدعایة تشنها بالتأکید الأجهزة الأمنیّة التابعة للعدو قبل انتهاء ولایة الرئیس الأمریکیّ، دونالد ترامب، الذی أمر کلاً من الإمارات والبحرین والسودان ومؤخراً المغرب، بالتطبیع مع عدو المسلمین الأخطر.

ترحیب فلسطینیّ

ثمّن الرئیس الفلسطینیّ، محمود عباس، بالموقف الإندونیسیّ الداعم للحقوق الفلسطینیّة، معرباً عن تقدیره لموقف جاکرتا الرافض للتطبیع المسبق مع تل أبیب، والتزامها بأن یتحقق السلام أولاً على أساس حل الدولتین وفق الشرعیة الدولیّة، وذلک خلال اتصال هاتفیّ بحث آخر تطورات القضیة الفلسطینیة، مع نظیره الإندونیسیّ، جوکو ویدودو، الأربعاء المنصرم.

وثمن رئیس السلطة الفلسطینیّة، مواقف إندونیسیا الداعمة لفلسطین فی المحافل الدولیّة، من خلال عضویتها فی مجلس الأمن الدولیّ، فیما أکّد الرئیس الإندونیسیّ، التزام بلاده الثابت والمبدئی تجاه القضیة الفلسطینیّة رغم التغیرات المتسارعة فی الشرق الأوسط، مشدداً على أنّ إندونیسیا لن تقوم بأیّ خطوات للتطبیع مع تل أبیب، إلى حین تحقیق السلام الدائم والشامل بین الفلسطینیین والصهاینة.

وفی هذا السیاق، بیّنت جاکرتا أنّها ستواصل جهودها فی دعم تحقیق السلام ولعب دور أکبر فی هذا المجال، وأوضح الرئیس جوکو ویدودو، أنّه سیوفد وزیرة الخارجیّة، ریتنو مارسودی، للقاء نظیرها الفلسطینیّ ریاض المالکی، فی إطار جهود إندونیسیا لدعم السلام.

وما ینبغی ذکره أنّ الرئیس الفلسطینیّ، محمود عباس، الأحد الفائت، زار قطر فی زیارة رسمیّة، للقاء الأمیر القطریّ، تمیم بن حمد آل ثانی، فی خطوة وصفها البعض بالمفاجئة، فی ظل آخر التطورات فی المنطقة، لاعتقاده بأنّ موقفها مغایر لبقیة الدول الخلیجیّة أو المُطبعة، حیث ادّعت قطر مراراً على لسان مسؤولیها أنها لن تقیم علاقات دبلوماسیّة مع الکیان الصهیونیّ قبل حل "الصراع مع الفلسطینیین"، معتبرة أنّ التطبیع مع تل أبیب لا یمکن أن یکون هو الحل لذلک الصراع، بل فی تطبیق قرارات مجلس الأمن وفی منح الفلسطینیین حقوقهم وإیجاد حل عادل لقضیتهم.

ومن الجدیر بالذکر أنّ عباس أواخر الشهر المنصرم، أجرى فی وقت سابق زیارتین إلى عمّان والقاهرة التقى خلالهما الملک الأردنیّ عبد الله الثانی، والرئیس المصریّ عبد الفتاح السیسی، وبحث معهما تطورات القضیة الفلسطینیّة، والسلام بالشرق الأوسط.

وتتزامن الزیارات الثلاث للرئیس الفلسطینی، مع مساعیه لعقد مؤتمر دولی للسلام مطلع العام 2021 بعد تراجعه عن قرار قطع التنسیق الأمنیّ مع تل أبیب، حیث طالب فی أیلول الماضی، من الأمین العام للأمم المتحدة، أنطونیو غوتیریش، البدء بخطوات عملیة لعقد هذا المؤتمر، فی ظل التحدیات الکبیرة التی یواجهها الفلسطینیون، والمتمثلة فی "صفقة القرن" الأمریکیة التی تهدف لتصفیة القضیّة الفلسطینیّ، والاستیطان ومشروع الضم الصهیونیّ لأراض بالضفة الغربیّة المحتلة، ناهیک عن اتفاقیات التطبیع العربیّة المتتابعة مع عدو العرب الأخطر.