الاعتقالات فی السعودیة تفشل کل محاولة سلام داخلیة
شهدت المنطقة الشرقیة فی المملکة العربیة السعودیة دورة قاتلة من التظاهرات وإطلاق النار والاعتقالات والتدمیر على مدى أعوام، وسط أجواء تعکس ازدیاد عزیمة المطالبین بإصلاح المملکة ونظامها.
وفی حین یشترک سکان المنطقة الشرقیة فی المظالم مع بقیة أنحاء البلاد، یتفاقم السخط الذی یجیّش تحت السطح بسبب سجلّ حافل من تمییز النظام والإهمال على المستوى المناطقی.
عمّق القمع الذی مارسته سلطات المملکة السعودیة الانقسامات بین محاوریه التقلیدیین من الناشطین من کبار السنّ ورجال الدین، وبین شبکات الشباب الذین نفد صبرهم وأعربوا عن امتعاضهم من بطء وتیرة الإصلاح.
وفی حین تشبه أهداف هؤلاء الناشطین الشباب أهداف نظرائهم الأکبر سناً، فإنهم یفضّلون احتجاجات الشوارع على العرائض والالتماسات إلا أن مصیر من سبقهم ممن لوحوا بمطالب الإصلاح والتغییر، جعلتهم یتمهلون أو یبحثون عن طرق أخرى.
إلا أن السعودیة لم تبحث عن طرق أخرى لاحتواء المطالب والآراء وکل صوت یطرح فکرة لا تنال إعجاب القصر الملکی، فالاعتقالات الطریق الوحید الذی تواظب السلطات السعودیة على السیر فیه، فعاد مؤخراً مشاهد الاعتقال تتصدر المشهد.
حیث أقدمت قوة أمنیة یوم الأحد بتاریخ 6 دیسمبر على مداهمة منزل عالم الدین السید هاشم الشخص فی منطقة الأحساء، بعد محاصرته واقتحامه بطریقة عنیفة ووحشیة واعتقاله، من دون مراعاة لحرمات أهله وعائلته وإثارة الفوضى والرعب بینهم.
کما اعتقلت السلطات السعودیة فی 11 نوفمبر الماضی کلا من عالم الدین الشیخ عباس السعید، وکذلک عالم الدین السید خضر العوامی من القطیف وانتهکت حرمات منزلیهما، وعاثت بالبیت تخریبا ونشرت الفوضى من دون إظهار أی توضیح عن سبب الاعتقال.
إلى جانب الاعتقالات، تتمسک السعودیة بسیاسة الهدم التی ورثتها من الاحتلال الإسرائیلی الذی تقترب من التطبیع معه، فالأسبوع الماضی، هدمت السلطات السعودیة مسجد فی منطقة العوامیة التابعة لمحافظة القطیف شرق المملکة السعودیة.
هذا المسجد هو مسجد الإمام الحسین (علیه السلام) فی مدینة العوامیة، وذو رمزیة کبیرة، إذ کان الشهید الشیخ نمر باقر نمر یؤم المصلین فیه، ویلقی خطبه فیه.
إذ تستهدف السلطات السعودیة عبر مخطط تهدیمی یبدأ من قلعة القطیف مروراً بمجسم اللؤلؤة وصولاً إلى مسجد المسألة، وجمیعها من المعالم الأثریة التی یحتضنها شارع الثورة فی القطیف، وکل ذلک تحت زعم توسعة شارع الثورة، مکان انطلاقة الحراک الثوری المطلبی بالقطیف عام 2011، والذی کان شاهداً على مواجهة الظلم والاستبداد والحرمان الاجتماعی.
وعتقدت السعودیة أن هذه الاعتقالات ستجدی نفعاً إلا أن الواقع یظهر عکس ذلک، فباعتقال واعدام الشیخ نمر باقر النمر، ظنت المملکة أنها وأدت المعارضة، إلا أنه بدلاً من خنق المعارضة، أدّت موجة الاعتقالات إلى إطلاق نداءات واسعة للتضامن مع النمر، الأمر الذی أدّى، إلى تعزیز مکانة هذه الشخصیة التی کان النظام یتمنّى تهمیشها، ومطالب النمر وأهدافه وشخصیته، ستتجسد حتماً فی أشخاص یظهرون مستقبلاً ویکونون مشعل جدید فی طریق الاستبداد السعودی.