"هادی" یعلن عن تشکیل حکومة جدیدة.. أبرز التحدیات التی تقف فی وجه تقاسم الحقائب الوزاریة بین حلفاء الریاض وأبو ظبی
کشفت العدید من التقاریر الاخباریة، قبل عدة أسابیع عن ضغوطات سعودیة على الرئیس الیمنی المستقیل "عبدربه منصور هادی" للإعلان عن أعضاء حکومته الجدیدة فی العاصمة الاقتصادیة عدن. ولفتت تلک التقاریر إلى أن "هادی" عقد خلال الاسابیع الماضیة العدید من الاجتماعات مع هیئة مستشاریه، بحضور القائد الاخوانی "علی محسن الأحمر". وأشارت تلک المصادر إلى أن تلک الاجتماعات جاءت للوقوف على آخر التطورات على الساحة الیمنیة ومناقشة الضغوط السعودیة التی تمارسها الریاض على "هادی" للاستعجال بالاعلان عن حکومته الجدیدة، وما یتصل بتسریع تنفیذ اتفاق الریاض الذی تم التوقیع علیه قبل عام ولم یرَ النور حتى یومنا هذا وإنما ظل مجرد حبر على ورق، وذکرت تلک التقاریر الاخباریة أن " منصور هادی" اتفق قبل عدة أیام مع قیادة السعودیة، على موعد تشکیل الحکومة المنبثقة عن اتفاق الریاض وآلیة تسریعه وموعد الإعلان عنها،ونقلت تلک التقاریر عن مصدر یمنی قوله: إن "اتفاقا بین منصور هادی وسلطات الریاض یقضی بالانتهاء من توزیع الحقائب الوزاریة فی الحکومة القادمة، والمکونات السیاسیة بما فیها حصة المجلس الانتقالی الجنوبی المدعوم إماراتیا". وأضاف: إن "هذه الاتفاق ینص على أن موعد الإعلان عن التشکیلة الحکومیة، سیکون بعد تنفیذ الشق الأمنی والعسکری من قبل المجلس الانتقالی المدعوم من أبوظبی"، ووفقاً للمصدر، فقد تم الانتهاء من توزیع الحقائب بین القوى السیاسیة وتحدیدا نصیب کل مکون، بینها المجلس الانتقالی الذی حصل على أربع حقائب فی الحکومة المنتظرة.

وحول هذا السیاق، کشفت العدید من المصادر المطلعة، أن الرئیس الیمنی المستقیل "عبد ربه منصور هادی" أصدر قبل یومین قرارا بتشکیل الحکومة الجدیدة برئاسة "مُعین عبد الملک"، وتضم 24 وزیرا مناصفة بین القیادات الموالیة للسعودیة والقیادات الموالیة للإمارات. وتضم التشکیلة الجدیدة 5 وزراء من المجلس الانتقالی الجنوبی المدعوم إماراتیا وفقا لما نص علیه اتفاق الریاض الموقع بین الحکومة الیمنیة والمجلس الانتقالی، کما تضم 5 وزراء من حزب الإصلاح. ومن أبرز الأسماء التی شملتها الحکومة "أحمد عوض بن مبارک" وزیرا للخارجیة، و"إبراهیم حیدان" للداخلیة، والفریق "محمد علی المقدشی" للدفاع. ویأتی هذا التطور بعد إعلان السفیر السعودی لدى الیمن "محمد آل جابر" قبل أسبوع إکمال الترتیبات العسکریة من آلیة تسریع تنفیذ اتفاق الریاض، بعد سحب القوات المتحاربة التابعة للحکومة الیمنیة والمجلس الانتقالی من جبهات القتال بمحافظة أبین جنوبی البلاد، غیر أن مصادر محلیة وعسکریة قالت إن مسلحی "الانتقالی" ما زالوا یسیطرون على مدینة "زنجبار" المرکز الإداری لمحافظة أبین، وعلى مدینة عدن العاصمة المؤقتة لحکومة "منصور هادی" القابعة فی فنادق الریاض.
الجدیر بالذکر أن إعلان تشکیل الحکومة الجدیدة کان قد تعثر بسبب الخلاف بین حکومة "منصور هادی" الموالیة للریاض والمجلس الانتقالی الموالی للإمارات بشأن الجانب العسکری والأمنی فی بنود اتفاق الریاض، ویقضی الاتفاق بانسحاب مسلحی "الانتقالی" من عدن إلى خارجها، وتمکین الحکومة من إدارة مقراتها فیها، إلى جانب إخلاء مقار السلطة المحلیة فی "زنجبار" من المسلحین التابعین للانتقالی. وکان "الانتقالی الجنوبی" المدعوم من أبو ظبی أعلن فی وقت سابق هذا العام الإدارة الذاتیة فی عدن، ونشبت معارک بینه وبین قوات "منصور هادی".
ویرى العدید من المراقبین أن "منصور هادی" احتفظ بأقرب حلفائه فی الحقائب الوزاریة الرئیسیة وهی الدفاع والداخلیة والخارجیة والمالیة وهذا الأمر سوف یخلق الکثیر من المشاکل بینه وبین قادة المجلس الانتقالی الموالی للإمارات فی القریب العاجل. وبینما سیمثل هذا الاتفاق بارقة أمل للقوى السیاسیة القابعة تحت مظلة تحالف العدوان لتوحیدها خلف الرئیس الیمنی المستقیل "عبد ربه منصور هادی"، إلا أن المرتزقة المخدوعین سوف یجدون أنفسهم عقب حرمانهم من الوزارات السیادیة بأنهم إلى تراجع سیاسی واقتصادی، ما ینذر بأزمات جدیدة قد تعصف بالبلاد. فانعدام الثقة بین طرفی الصراع فی جنوبی الیمن ما زال مستمرا، وسط اتهامات متکررة بعرقلة تنفیذ الشق العسکری من اتفاق الریاض وخاصة أن شیئاً من ذلک الاتفاق لم یتحقق سوى بعض جزئیات لا تعد نجاحاً، وهذا الامر سوف ینعکس سلباً على الحکومة الجدیدة.

الجدیر بالذکر أن الازمة فی جنوب الیمن قد طالت، ولهذا فإن الجنوبیین مصممون على بسط سیطرتهم على کل مناطق الجنوب بدعم اماراتی وکانت اخر معارکهم تلک التی تکللت بالسیطرة على جزیرة سقطرى، وهی تلک السیطرة التی دفعت جهات فی حکومة "هادی" القابعة فی فنادق الریاض الى طلب العون من الامم المتحدة للتدخل، الامر الذی رات فیه السعودیة تدویلا لازمة الجنوب لا یصب فی مصلحتها. إن جمیع هذه الاسباب وغیرها هی التی دفعت السعودیة للضغط والاسراع من اجل تشکیل حکومة جدیدة، وهو ما تدارکه "منصور هادی" عندما اشار الى انه لن یتم إعلان الحکومة إلا بعد الانتهاء من تنفیذ البنود الأمنیة والعسکریة کافة فی عدن، وعودة الأوضاع لطبیعتها فی سقطرى، وهو امر لا یمکن تنفیذه وسط الخلافات لیس على تقاسم الجغرافیا فحسب بل حول تقاسم حقائب المحافظات الجنوبیة، التی اثارت حفیظة مکونات أخرى تطمح للشراکة بالحکومة المرتقبة، حیث دعا وجهاء قبلیون بمحافظة أبین، لعقد اجتماع عام للتاکید على حقهم فی التمثیل بالحکومة القادمة فی جنوب الیمن.
وحول هذا السیاق، تشیر التحرکات والضغوطات السعودیة الجدیدة على "منصور هادی"، إلى أن الریاض تحاول استباق أی مفاوضات بشرعنة وجودها فی اهم جزء حیوی فی هذا البلد الذی یتمتع بالعدید من الثروات غیر المستکشفة والذی یشکل موقعاً استراتیجیاً على خط الملاحة البحریة حول العالم خصوصا وأن ضغوطها على "منصور هادی" تأتی بموازاة تحرکات دولیة لوقف الحرب عبر صفقة تم مؤخرا مناقشتها فی الاروقة الدولیة وتتضمن طی صفحة "هادی" ونائبه "علی محسن الاحمر" اللذین ظلت السعودیة تبرر الحرب على الیمن بشرعیتهما مقابل تعیین نائب رئیس توافقی تنقل له کل الصلاحیات.
وفی الختام، یبدو اننا لسنا بحاجة الى وقت طویل لنتعرف على مصیر الحکومة الجدیدة التی أعلن عنها "منصور هادی" مؤخراً، فالخلافات هی اکبر من التغطیة علیها بممارسة الضغوط السیاسیة والمادیة وحتى العسکریة، لسبب بسیط وهو أن العدوان على الیمن کان من اهدافه اما جعل الیمن تابعا للسعودیة، وفی حال تعذر ذلک، یجب اضعافه عبر نشر بذور التفرقة القبلیة والمناطقیة بین ابناء الشعب الیمنی وصولا الى تقسیمه، کما بدا واضحا من ممارسات الامارات الخبیثة ودور السعودیة التی اکتفت بالمشاهدة.