الأمراض النفسیة تفتک بالجیش الاسرائیلی.. بدایة الانهیار
زلزال فی الجیش الاسرائیلی کشف عنه رئیس لجنة "مراقبة الدولة" فی الکنیست الإسرائیلی عوفیر شیلح، الذی أشار إلى أن هناک نسبة ارتفاع ملحوظة بنسبة "المعفیین من الخدمة العسکریة فی الجیش الإسرائیلی بسبب أمراض نفسیة".
الصحافة الاسرائیلیة أکدت الأمر نفسه وقالت إن هناک نسب مخیفة للرجال الحاصلین على إعفاء من الخدمة العسکریة لأسباب نفسیة، ویرجع ذلک بطبیعة الحال إلى عدة أسباب:
أولاً: الرعب الذی یعانی منه الجنود الصهاینة خلال السنوات الماضیة وخشیتهم من اندلاع حرب جدیدة على شاکلة حرب العام 2006 التی جعلت الجنود الاسرائیلیین یرتعدون من الخوف ویقدمون على الانتحار ویبکون مثل الاطفال.
ثانیاً: هناک عدم ثقة بالقیادة العسکریة الاسرائیلیة، بعد أن کسرت المقاومة شوکة العدو الصهیونی فی الحروب الاخیرة، وبالتالی فإن فکرة "الجیش الذی لا یُکسر" ذهبت إلى غیر رجعة، والجمیع لمس هذا الامر، لذلک الجنود الاسرائیلیون فقدوا الثقة فی القیادة التی اصبحت عاجزة عن حمایتهم امام هجمات المقاومة وصواریخها.
ثالثاً: تتزاید المؤشرات الإسرائیلیة التی تتحدث عن حالة الاضطراب والتخبط والقلق التی تسیطر على جیش الاحتلال الإسرائیلی سواء على المستوى القیادی أو على مستوى الجنود الذین باتوا یفتقدون للروح القتالیة ویعانون من حالة انهیار فی المعنویات فی أی مواجهة لهم مع المقاومة فی قطاع غزة أو لبنان، بعد سلسلة الهزائم التی منی بهم جیشهم أمام المقاومین فی جنوب لبنان عام 2006 وفی قطاع غزة أعوام 2009 و2012 و2014 و2018.
رابعاً: هناک فساد مستشرٍ داخل أروقة المؤسسة العسکریة الاسرائیلیة، فالنظام الاسرائیلی الیوم فاسد من أعلى الهرم وحتى أدناه، فرئیس الوزراء الاسرائیلی بنیامین نتنیاهو متهم بأربع قضایا فساد ومعظمها تتعلق بسوء استخدام السلطة، أما عن فساد الجیش، فقد أشار رئیس لجنة "مراقبة الدولة" فی الکنیست الإسرائیلی عوفیر شیلح، إلى أن العمید أمیر دمنی، رئیس لواء التخطیط فی شعبة القوى البشریة فی الجیش "کان واضحاً فی کلامه، عندما قال إن هناک من یعمل على إعطاء إعفاءات من الخدمة العسکریة لأسباب نفسیة، ادفع 1500 شیکل وأنت تسرح من الجیش"، موضحاً أنه "یوجد مشروعیة اجتماعیة فی حالة ارتفاع وخصوصاً للخدمة فی مهمات قتالیة".
شلیح نفسه تحدث عن نسب مخیفة من الاعفاءات داخل المؤسسة العسکریة، إذ أشار إلى ثلث الرجال المرشحین للخدمة العسکریة، بکل بساطة لا یأتون للخدمة فی الجیش، أین الحکومة؟ لا تعمل شیء، وتابع: "جیش الشعب ینهار أمام أعیننا. أحجام الإعفاء من الخدمة لأسباب نفسیة تقترب من نسبة المعفیین من الخدمة العسکریة بین الحریدیم".
وأوضح شیلح أن "1 من کل 8 مرشحین للخدمة العسکریة من دفعة 2020 یتسرحون من الجیش بناء على البند المتعلق بالجانب البدنی (وهی نسبة صغیرة) والأغلبیة الساحقة لأسباب نفسیة"، معتبراً أن هذه النسبة "فی ارتفاع متواصل، فقبل سنتین نسبة المسرحین من الجیش وفق هذه البنود تقریباً 50% ".
إلى ذلک، قال شیلح "أضف علیها 16% من المتدینین الحریدیم وقلیلاً لأسباب أخرى، وصلنا إلى ثلث الجمهور الیهودی لا یتجند"، مضیفاً "بالمناسبة هناک 11% من الذین یتجندون لا یکملون خدمة عسکریة کاملة ویتسرحون خلال الخدمة".
الظروف التعیسة التی یمر بها الجیش الاسرائیلی الیوم، وعدم القدرة على ضبط ما یجری، والخوف من حالة انفلات لا یمکن ضبطها، کل ذلک أثار قلقا متزایدا فی أوساط الدوائر الإسرائیلیة على مستقبل الکیان الإسرائیلی وأعاد إلى السطح من جدید القلق على الوجود باعتبار جیش الاحتلال هو الأساس الذی استند إلیه الکیان فی وجوده واستمراره فی الحیاة، والتقدم والتوسع فی المشروع الصهیونی فی أرض فلسطین وبعض الأرض العربیة، وعندما یصاب هذا الجیش بالوهن والضعف فإن المشروع الصهیونی برمته سیکون مهددا بالانهیار.
یجب ألا نغفل أهم نقطة ضعف بالمؤسسة العسکریة الاسرائیلیة، ألا وهی "تآکل الروح القتالیة لدى الجنود الاسرائیلیین"، الأمر الذی أثار حالة من القلق لدى قیادة الجیش التی لجأت إلى قرارات جدیدة لتدبر النقص فی الوحدات القتالیة فی ظل رغبة المجندین بالالتحاق بالوحدات التقنیة والاستخباراتیة بدلاً من الوحدات القتالیة، ونشرت الصحف الاسرائیلیة أن الجیش یفکر جدیا بإغلاق المدرستین الثانویتین العسکریتین؛ لإخفاقهما فی اجتذاب الطلبة، کما أن نسبة الخریجین الملتحقین بالجیش آخذة فی التناقص، والشباب یعزفون عن الخدمة، حیث تقدمت قیادة الشرطة العسکریة بطلب لزیادة مخصصاتها المالیة؛ لإنشاء سجن حربی خاص بالفارین من الخدمة العسکریة.
هناک أمر أکثر قلقاً برز مؤخراً یتعلق بظاهرة تخلی ضباط یوصفون بالتمیز عن الخدمة فی جیش الاحتلال الإسرائیلی، الأمر الذی یسبب قلقاً کبیراً وخاصة أن أغلب هؤلاء الضباط یترکون وحدات الاستخبارات والأنظمة التکنولوجیة المتطورة للعمل بشرکات تجاریة بحثا عن عائد مادی أعلى، وتظهر معطیات لجنة الخارجیة والأمن فی الکنیست أنه خلال العامین الأخیرین ارتفعت نسبة الضباط الذین ترکوا الخدمة النظامیة فی مجالات تکنولوجیة وإلکترونیة، وخاصة فی وحدات الرصد والاستخبارات کالوحدة الممیزة 8200- لمصلحة العمل بشرکات تجاریة خاصة من 12% عام 2011 إلى 21% عام 2013.
فی الختام؛ الحرب بالنسبة للاسرائیلی لم تعد نزهة، وهذا سبب فرارهم الأهم، ولذلک فإن دوائر القرار الأمنی والعسکری فی الکیان الإسرائیلی ترى أن هذا الواقع یثیر القلق ویشکل تهدیدا مستقبلیا فی ظل تنامی قوة قوى المقاومة وقدراتها الردعیة وتآکل القدرات الردعیة للجیش الإسرائیلی، وانتفاء الحوافز لدى الضباط والجنود الإسرائیلیین على خوض الحرب وباتت خطراً على حیاتهم. وهذا یکشف حقیقة أن هؤلاء الضباط والجنود الصهاینة لیس لدیهم الاستعداد للتضحیة بأنفسهم لأنهم لا یملکون القضیة العادلة والإیمان بما یقدمون علیه، على عکس المقاومین فی لبنان وفلسطین الذین یقبلون على القتال بروح الاستعداد للشهادة.