رجال الیمن یقلبون معادلات القوة.. القوة البحریة الیمنیة فی أوجها
قال "محمد علی الحوثی" عضو المجلس السیاسی الأعلى الیمنی فی تغریدة ساخرة بعد حریق ناقلة النفط فی میناء جدة: "إذا طلبت السعودیة فنحن مستعدون لتأمین موانئ هذا البلد، وخاصةً أنه یبدو أن أمریکا وبریطانیا عاجزتان عن القیام بذلک".
تظهر تصریحات محمد علی الحوثی هذه تنامی قدرة البحریة الیمنیة خلال سنوات الحرب مع التحالف السعودی. کما تتضح أهمیة کفاءة وقدرة البحریة الیمنیة عندما نعلم أن الجبهة البحریة الیمنیة، على بعد ألفین وخمسمئة کیلومتر، تطل على خلیج عدن وبحر العرب جنوباً، وعلى البحر الأحمر غرباً.
وفی الواقع، تقع قوة الیمن البحریة بین البحر الأحمر والمحیط الهندی، ما أعطى هذا البلد أهمیةً استراتیجیةً خاصةً.
ولا تقتصر أهمیة الیمن بسبب مضیق باب المندب فحسب، ولکن أیضاً بسبب قربه من القرن الإفریقی، وشواطئه الطویلة فی البحر الأحمر وبحر العرب، وما یترتب على ذلک من وجود موانئ مهمة مثل عدن والحدیدة.
إن البحریة الیمنیة استطاعت أن تلعب دورها کقوة رادعة خلال سنوات الأزمة الیمنیة، بعد السیطرة علی میناء "الحدیدة" والإشراف على مضیق "باب المندب" على طول بحر العرب وخلیج عدن والبحر الأحمر، حیث نقطة عبور ملایین برامیل النفط یومیاً، ومرور السفن التجاریة إلى قناة السویس والمصفاة السعودیة فی "ینبع"، ثم دخول الناقلات والسفن التجاریة إلى المیاه الحرة نحو دول مثل الصین وأوروبا.
ونظراً لأهمیة قوة البحریة الیمنیة، ینبغی أن نلقی نظرةً على قدرات وأهم عملیات هذه القوة، خلال أکثر من خمس سنوات من الأزمة الیمنیة.
قدرات البحریة الیمنیة
مهمة البحریة الیمنیة هی حمایة سواحل البلاد على طول البحر الأحمر وبحر العرب، وتتکون من قیادة البحریة وخفر السواحل والوحدات البحریة العائمة ووحدات خفر السواحل ووحدات المشاة البحریة.
وفی 5 أکتوبر 2015، أظهر فریق من الخبراء البحریین من الجیش واللجان الشعبیة الیمنیة جزءاً من تکتیکاتهم القتالیة، بینما حذرت البحریة الیمنیة دول التحالف السعودی من التسلل إلى المیاه الإقلیمیة.
وفی هذا الصدد، أعلنت أنصار الله فی تشرین الثانی 2017، أن لدیها أیضاً سلسلة من الصواریخ البحریة المحلیة التی تسمى "المندب 1".
وإضافة إلى القدرات المذکورة أعلاه، أظهرت البحریة الیمنیة الکفاءة والردع فی استخدام الطائرات دون طیار والقوارب السریعة والطائرات الانتحاریة دون طیار، وتصمیم وبناء واستخدام ألغام بحریة یمنیة بنسبة 100 بالمئة، القادرة على مواجهة السفن الحربیة للتحالف السعودی، وهو ما یظهر کفاءة وردع هذه القوى.
أهم عملیات البحریة الیمنیة
کانت سفینة النقل عالیة السرعة HSV-2 Swift، التی تم بناؤها فی الأصل للبحریة الأمریکیة وتم تأجیرها لاحقاً إلى الإمارات، واحدة من أولى الضحایا فی المعرکة البحریة عام 2016 فی الیمن، ومع تدمیر البحریة الیمنیة لهذه السفینة، بدأت الحرب البحریة فی أزمة هذا البلد رسمیاً.
وفی شتاء 2017، أعطت العملیات البحریة الیمنیة بالسفن الانتحاریة شکلاً جدیداً للمعارک البحریة، ویعدّ تدمیر سفینة "المدینة" المتقدمة التی شارکت فی قصف المناطق السکنیة الیمنیة بطائرات مسیرة یمنیة، نقطة تحول فی الحروب البحریة بین التحالف السعودی والیمن.
وقد تکررت طریقة الحرب هذه فیما بعد، فی الهجوم على منصات النفط السعودیة فی میناء "المخا" الذی تحتله القوات الإماراتیة، ومن أکثر الأسالیب فعالیةً للبحریة الیمنیة فی إرساء سیاسات الردع فی البحر، هی عملیة التلغیم البحری والتی تتم باستخدام ألغام "مرصاد" البحریة.
منذ عام 2016، برزت البحریة الیمنیة کواحدة من أهم القوى وأکثرها تأثیراً فی الحرب المفروضة على الشعب الیمنی، وقد استطاعت هذه القوة أن تلعب دوراً خاصاً فی تغییر التکتیکات العسکریة لأنصار الله فی الظروف الصعبة، والحصار الذی یعیشه الشعب الیمنی من خلال عملیاتها الدفاعیة والهجومیة.
کما أن استخدام المعدات الحدیثة التی صنعها المتخصصون فی وزارة الدفاع، إلى جانب التخطیط المناسب والمحسوب لعملیات بحریة جدیدة، یمکن أن یحوِّل التوازن لمصلحة قوات أنصار الله الشعبیة.
بالنظر إلى أهمیة مضیق باب المندب والبحر الأحمر، یمکن لأنصار الله تعزیز القوات البحریة لإنهاء الأزمة فی الاتجاه المطلوب واستخدام قوة ردع مهمة. لکن الأمر المهم للغایة هو عدم استخدام هذه الإجراءات کذریعة للوجود المباشر لقوى عابرة للإقلیم فی المنطقة.
