هل سترى حکومة "منصور هادی" الجدیدة النور أم إن الخلافات السعودیة الإماراتیة سوف تقضی علیها؟

قامت الریاض قبل عدة أسابیع بالضغط على الرئیس الیمنی المستقیل "عبدربه منصور هادی" للإعلان عن أعضاء حکومته الجدیدة فی العاصمة الاقتصادیة عدن. وخلال الفترة الماضیة عقد "هادی" عقد العدید من الاجتماعات مع هیئة مستشاریه، لمناقشة الضغوط السعودیة والاستعجال بالاعلان عن حکومته الجدیدة، وما یتصل بتسریع تنفیذ اتفاق الریاض الذی تم التوقیع علیه قبل عام ولم یرَ النور حتى یومنا هذا وإنما ظل مجرد حبر على ورق، وقبل عدة أیام اتفق " منصور هادی" مع القیادة السعودیة، على موعد تشکیل الحکومة المنبثقة عن اتفاق الریاض وآلیة تسریعه وموعد الإعلان عنها، والانتهاء من توزیع الحقائب الوزاریة فی الحکومة القادمة، والمکونات السیاسیة بما فیها حصة المجلس الانتقالی الجنوبی المدعوم إماراتیا. وحول هذا السیاق، کشفت العدید من المصادر المطلعة، أن الرئیس الیمنی المستقیل "عبد ربه منصور هادی" أصدر قبل یومین قرارا بتشکیل الحکومة الجدیدة برئاسة "مُعین عبد الملک"، وتضم 24 وزیرا مناصفة بین القیادات الموالیة للسعودیة والقیادات الموالیة للإمارات. وتضم التشکیلة الجدیدة 5 وزراء من المجلس الانتقالی الجنوبی المدعوم إماراتیا وفقا لما نص علیه اتفاق الریاض الموقع بین الحکومة الیمنیة والمجلس الانتقالی، کما تضم 5 وزراء من حزب الإصلاح.

ومن أبرز الأسماء التی شملتها الحکومة "أحمد عوض بن مبارک" وزیرا للخارجیة، و"إبراهیم حیدان" للداخلیة، والفریق "محمد علی المقدشی" للدفاع. ویأتی هذا التطور بعد إعلان السفیر السعودی لدى الیمن "محمد آل جابر" قبل أسبوع إکمال الترتیبات العسکریة من آلیة تسریع تنفیذ اتفاق الریاض، بعد سحب القوات المتنازعة التابعة للحکومة الیمنیة والمجلس الانتقالی من جبهات القتال بمحافظة أبین جنوبی البلاد، غیر أن مصادر محلیة وعسکریة قالت إن مسلحی "الانتقالی" ما زالوا یسیطرون على مدینة "زنجبار" المرکز الإداری لمحافظة أبین، وعلى مدینة عدن العاصمة المؤقتة لحکومة "منصور هادی" القابعة فی فنادق الریاض.

وحول هذا السیاق، رحبت وزارة الخارجیة السعودیة، قبل عدة أیام بإعلان تشکیل حکومة یمنیة جدیدة، تنفیذا لاتفاق الریاض بین الحکومة الیمنیة الشرعیة، والمجلس الانتقالی الجنوبی. وقالت الخارجیة السعودیة فی بیان: "نرحب بتنفیذ الأطراف الیمنیة لاتفاق الریاض، والإعلان منه عن تشکیل حکومة کفاءات سیاسیة تضم کامل مکونات الطیف الیمنی". وأشارت الخارجیة إلى أن هذه الخطوة تأتی "بعد أن تم تنفیذ الترتیبات العسکریة الخاصة بخروج القوات العسکریة من عدن إلى خارج المحافظة، وفصل القوات العسکریة فی أبین ونقلها إلى مواقعها المنتخبة".

ویرى العدید من المراقبین أن "منصور هادی" احتفظ بأقرب حلفائه فی الحقائب الوزاریة الرئیسیة وهی الدفاع والداخلیة والخارجیة والمالیة وهذا الأمر سوف یخلق الکثیر من المشاکل بینه وبین قادة المجلس الانتقالی الموالی للإمارات فی القریب العاجل. وبینما سیمثل هذا الاتفاق بارقة أمل للقوى السیاسیة القابعة تحت مظلة تحالف العدوان لتوحیدها خلف الرئیس الیمنی المستقیل "عبد ربه منصور هادی"، إلا أن المرتزقة المخدوعین سوف یجدون أنفسهم عقب حرمانهم من الوزارات السیادیة بأنهم إلى تراجع سیاسی واقتصادی، ما ینذر بأزمات جدیدة قد تعصف بالبلاد. فانعدام الثقة بین طرفی الصراع فی جنوبی الیمن ما زال مستمرا، وسط اتهامات متکررة بعرقلة تنفیذ الشق العسکری من اتفاق الریاض وخاصة أن شیئاً من ذلک الاتفاق لم یتحقق سوى بعض جزئیات لا تعد نجاحاً، وهذا الامر سوف ینعکس سلباً على الحکومة الجدیدة.

وعلى صعید متصل وفی مقابل التفاؤل الرسمی بإعلان تشکیل الحکومة، یرى العدید من المراقبین أن هذا التطور یهدف لتحقیق مصالح سعودیة إماراتیة فی الیمن، حیث قال "علی الذهب" الباحث الیمنی فی الشؤون العسکریة والاستراتیجیة: "الحکومة المشکلة تعبر عن توزیع مصالح ومکاسب بین الإمارات والسعودیة، تحت غطاء الحکومة الجدیدة". ولفت إلى أنه من المفترض بناء على مخرجات اتفاق الریاض، أن تکون حقیبتی الدفاع والداخلیة مناصفة بین الشمال والجنوب، باختیار "منصور هادی"، لکنها لا تعبر عن تقاسم سیاسی بین المجلس الانتقالی الموالی للإمارات والمکونات الأخرى المناوئة له. وتابع: "لهذا منحت وزارة الداخلیة للواء إبراهیم حیدان، وهو شخصیة جنوبیة معروفة بقربها من الرئیس ولیست من مؤیدی الانفصال، وهو فی تقدیری واجهة أمنیة بخلفیة عسکریة، حیث إنه رجل عسکری تخرج فی الکلیة البحریة". وذهب الباحث الیمنی إلى أن "الإمارات والسعودیة تحاولان صنع حالة اتزان استراتیجی بینهما"، لکنه یرى أن السعودیة باتت "المتحکم الأبرز فی المشهد السیاسی والعسکری بالیمن". ولا یتوقع الباحث "الذهب"، أن تساعد هذه الحکومة فی تحقیق "انسجام بعید المدى" بین طرفی اتفاق الریاض، وأنه من المرجح حدوث توترات بینهما، لحرص کلّ منهما على رؤاه وعدم الخضوع للآخر.

ومن جانبه، یرى "حسن الفقیة" الصحفی والکاتب السیاسی الیمنی، أن هذه الحکومة هی "خلیط غیر متجانس"، وأنها ولدت "بعد مخاض عسیر، رغم عدم التأکد الکلی من الترتیبات السابق إعلانها". ویرى أن هذه الحکومة "ستعترضها جملة من العقبات والصعوبات، ابتداء من عودتها واستقرارها والقیام بواجبها"، ولم یستبعد أن یکون مصیرها الفشل کسابقاتها من الحکومات. ولفت "الفقیة"، إلى أن التشکیل الجدید للحکومة منح طابع الشرعنة للنفوذ الإماراتی من خلال منح وکلائها وزارات، أبرزها النقل، وهو ما یعنی استمرار إغلاق الموانئ وتعطیل الموارد. وتابع: "أتوقع استمرار النفوذ الإماراتی حتى تأتی تغیرات تعید ترتیب المشهد من جدید". وحول مدى تأثیر هذا التطور السیاسی على مستقبل الیمن، أوضح "الفقیه" أن ذلک "مرتبط برغبة الرعاة والحلفاء بعد أن أصبحت مؤسسات البلاد مقیدة أو ارتضت لنفسها أن تکون کذلک". وأکد "الفقیة" أن الترحیب السعودی جاء للتعتیم على الخلافات الحاصلة بین الریاض وأبوظبی، حیت ترى الاخیرة انها لم تجنِ شیئاً من اهم الحقائب السیادیة، الأمر الذی قد ینذر بفشل هذه الحکومة قبل أن ترى النور.

وعلى صعید متصل، کشف الصحفی الیمنی "علی الزرقة" أن التحرکات والضغوطات السعودیة الجدیدة على "منصور هادی"، تشیر إلى أن الریاض تحاول استباق أی مفاوضات بشرعنة وجودها فی اهم جزء حیوی فی هذا البلد الذی یتمتع بالعدید من الثروات غیر المستکشفة والذی یشکل موقعاً استراتیجیاً على خط الملاحة البحریة حول العالم خصوصا وأن ضغوطها على "منصور هادی"  تأتی بموازاة  تحرکات دولیة لوقف الحرب عبر صفقة تم مؤخرا مناقشتها  فی الاروقة الدولیة وتتضمن طی صفحة "هادی" ونائبه "علی محسن الاحمر" اللذین ظلت السعودیة تبرر الحرب على الیمن بشرعیتهما مقابل تعیین نائب رئیس توافقی تنقل له کل الصلاحیات.

وفی الختام، یبدو اننا لسنا بحاجة الى وقت طویل لنتعرف على مصیر الحکومة الجدیدة التی أعلن عنها "منصور هادی" مؤخراً، فالخلافات هی اکبر من التغطیة علیها بممارسة الضغوط السیاسیة والمادیة وحتى العسکریة، لسبب بسیط وهو أن العدوان على الیمن کان من اهدافه اما جعل الیمن تابعا للسعودیة، وفی حال تعذر ذلک، یجب اضعافه عبر نشر بذور التفرقة القبلیة والمناطقیة بین ابناء الشعب الیمنی وصولا الى تقسیمه، کما بدا واضحا من ممارسات الامارات الخبیثة ودور السعودیة التی اکتفت بالمشاهدة.




محتوى ذات صلة

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

القائد العام لحرس الثورة فی إیران اللواء حسین سلامی یقول إن "الانفجار الکبیر فی مصنع محرکات المضادات الدفاعیة والصواریخ حاملة الأقمار الصناعیة مؤخرا فی "إسرائیل"، أثبت هشاشة النظام الأمنی الإسرائیلی".

|

إین مجاهدو داعش من المجزرة التی تُرتکب فی المسجد الأقصى؟!

إین "مجاهدو داعش" من المجزرة التی تُرتکب فی المسجد الأقصى؟!

وأنا اتابع اخبار المجزرة المروعة التی ارتکبتها "داعش" السبت الماضی فی کابول، والتی ذهب ضحیتها 85 فتاة واکثر من 150 جریحة، فی تفجیر سیارة مفخخة امام ثانویة"سید الشهداء" للبنات، حین کانت الطالبات یخرجن من المدرسة، وقع نظری على مقال تحت عنوان"لماذا لا یوجد فرع لداعش فی فلسطین"، حیث ...

|

ارسال التعلیق