فک رموز التوتر الجدید لمثلث الشر فی الخلیج الفارسی
إن الجهد المشترک للولایات المتحدة والکیان الصهیونی لإحداث المزید من التوتر فی المنطقة، والذی یترافق مع الأعمال الاستفزازیة والدور الفعال لبعض الدول العربیة فی المنطقة، وإن کان بهدف تخویف إیران من القیام بأی عمل، ولکنه یقوم على خطأ فی الحسابات یمکن أن یکون له عواقب وخیمة علیهم.
خلال الأیام القلیلة الماضیة، أثارت أنباء وصول الغواصة النوویة الأمریکیة مع بعض سفنها إلى الخلیج الفارسی، إلى جانب التغطیة الإعلامیة والإعلام الصهیونی الکاذب حول قدوم غواصة الکیان إلى الخلیج الفارسی، الکثیر من التکهنات فی وسائل الإعلام.
وعلى الرغم من أن هذه لیست المرة الأولى التی تخلق فیها السفن الحربیة الأمریکیة انعدام الأمن وعدم الاستقرار فی الخلیج الفارسی، إلا أن معظم وسائل الإعلام الغربیة تحدثت عن استعداد المحور الغربی والعبری والعربی للتعامل مع رد إیرانی محتمل على ذکرى اغتیال قادة المقاومة، وکذلک انتقاماً لاغتیال الشهید "محسن فخری زاده" الذی أعلن الصهاینة مسؤولیتهم عنه بشکل غیر مباشر.
وعلى الرغم من أن الخط الدعائی الإعلامی لهذا المحور، یقوم على محاولة التخویف من إیران وتبریر هذه التصرفات فی سیاق ما یسمى بالتهدید الإیرانی، إلا أنه من الواضح أن هذه التصریحات هی مجرد أعذار وأفعال استفزازیة وسلبیة، تهدف إلى خلق التوتر واستعراض القوة.
والکذبة الفاضحة لوسائل الإعلام التابعة للکیان الصهیونی حول انتقال غواصته إلى الخلیج الفارسی، والتی هی أشبه بمزحة من وجهة نظر فنیة، تم نشرها لنفس الغرض.
علاوةً على ذلک، فإن هذا الکیان، حتى لو کان لدیه القدرة التقنیة على هذا الإجراء، لن یکون مستعدًا لقبول مخاطر اتخاذ مثل هذا الإجراء المتهور.
وفی هذا الصدد، قال الجنرال "کینیث ماکنزی" قائد إرهابیی القیادة المرکزیة بالجیش الأمریکی یوم الأحد "نحن مستعدون للرد على أی إجراء تتخذه إیران فی ذکرى اغتیال قاسم سلیمانی".
کما حذر وزیر الخارجیة الأمریکی مایک بومبیو إیران من ذلک مساء الأحد، فی أعقاب هجوم صاروخی على السفارة العراقیة فی بغداد، والذی أدانته أیضًا فصائل المقاومة العراقیة.
النقطة الهامة هی أنه مع بقاء أقل من شهر حتى نهایة رئاسة ترامب، وعدم وجود تهدید أمنی فی الخلیج الفارسی سوی أفعال مشبوهة أو مصطنعة من قبل الأمریکیین أنفسهم فی المنطقة(مثل ما حدث قبل ثلاث لیالٍ بشأن السفارة الأمریکیة فی بغداد)، یعتبر وجود الغواصة النوویة الأمریکیة عملاً سلبیاً ومثیراً للتوتر.
فی الواقع، یسعى البیت الأبیض، بسلسلة من هذه الإجراءات، عن قصد إلى تعزیز وتکثیف وجوده العسکری فی المنطقة، من أجل إبطاء عملیة الانسحاب القسری لقواته العسکریة من المنطقة.
وبطبیعة الحال، لا یمکن اعتبار تأثیر التطورات السیاسیة وغیاب الاستقرار فی نظام صنع القرار الاستراتیجی الأمریکی عشیة انتقال السلطة فی هذا البلد، غیر فعال فی تشکیل مثل هذه الإجراءات.
البحریة الأمریکیة وفی بیان لها مساء الإثنین والذی استُخدم فیه اسم "الخلیج العربی" المزوَّر، أعلنت بشأن تبریر وجود هذه الغواصة: إنه "یتم نشر غواصة "یو إس إس جورجیا" مع سفن "یو إس إس بورت رویال" و"یو إس إس فلبین سی" الحربیة، تماشیاً مع التزام الولایات المتحدة تجاه شرکائها الإقلیمیین".
من ناحیة أخرى، أکَّد رئیس أرکان الجیش الصهیونی "أفیف کوخافی" مساء الاثنین، 1 ینایر/کانون الثانی، بعد لقائه مع رئیس الأرکان الأمریکی الجنرال "مارک میلی"، من وجود خطط لمواجهة إیران، وحذَّر من أنه إذا تحرکت طهران أو الجماعات المتحالفة معها فی المنطقة ضد "إسرائیل"، فإنهم سیدفعون ثمناً باهظاً.
کذلک، قالت وسائل الإعلام الصهیونیة، ومن أجل تأجیج الأجواء وإخافة إیران من أی عمل، إن الأسابیع الأخیرة لإدارة دونالد ترامب ربما لا تزال مصحوبةً بأحداث مهمة فی المنطقة.
یسعى الأمریکیون والکیان الصهیونی من خلال القیام بمثل هذه الأعمال التی تبدو استعلائیةً فی الظاهر، ولکنها ناتجة فی الواقع عن خوفهم من عواقب شرورهم فی المنطقة، إلی إثارة الخوف وإظهار أنفسهم أنهم مسیطرون علی الأوضاع.
ویبدو على هذا الأساس أن الجهد المشترک للولایات المتحدة والکیان الصهیونی لخلق مزید من التوتر فی المنطقة، والذی یترافق مع الأعمال الاستفزازیة والدور الفعال لبعض الدول العربیة فی المنطقة، على الرغم من أنه یهدف إلى إخافة إیران من اتخاذ أی إجراء، إلا أنه یستند إلى سوء تقدیر قد یکون له عواقب وخیمة علیهم.
ویأتی هذا الخطأ فی الحسابات والذی نتج عن سوء تقدیرهم لضبط النفس الإیرانی، فی الوقت الذی هم على درایة کاملة بکون "الأمن" خطاً أحمر بالنسبة إلی جمهوریة إیران الإسلامیة.