مناورات فصائل المقاومة.. أحلام الصهاینة فی خبر کان
لاشک بأن التطبیع طغى على المشهد السیاسی فی المنطقة العربیة، وخاصة أن أکثر من دولة تم جرها أو ذهبت طواعیة نحو هذه المتاهة، والجمیع أدرک أن تطبیع هذه الدول کان مجانیاً بالکامل ولم تحظَ الدول المطبعة بأی میزات حقیقیة، وانما وعود وهمیة لهذه الدولة وتلک، والأهم أن الشعوب العربیة التی تعانی الویلات الاقتصادیة غیر راضیة عما یقوم به حکامها، ورأینا موقف الفلسطینیین من الوفود الاماراتیة والبحرینیة، فی المسجد الأقصى وحتى فی الکینسیت عندما خاطب النائب العربی سامی أبو شحادة مسؤولین اماراتیین حضروا جلسة فی الکنیست قائلا لهم : "کنا نظن أنکم محسوبون على العرب"، لیختم بالقول "ان لم تستحِ فافعل ما شئت" و"عیب".
اذا المناخ العربی غیر راض عما تقوم به الامارات وغیرها، والمفاجئ الیوم أن حرکات المقاومة الفلسطینیة لم تنتظر أن تعود هذه الدول العربیة لرشدها، لتعلن یوم أمس عن مناورة عسکریة هی الأولى من نوعها بین فصائل المقاومة الفلسطینیة فی قطاع غزة،
وجاء فی البیان: "فی إطار تعزیز التعاون والعمل المشترک بین فصائل المقاومة الفلسطینیة، وتجسیداً لجهودها فی رفع جهوزیتها القتالیة بشکل دائم ومستمر، ونتاجاً لحجم الاستعدادات القتالیة التی تقوم بها، فإننا نعلن جهوزیتنا لتنفیذ مناورات عسکریة مشترکة للمرة الأولى، سنعلن رسمیاً عن تفاصیلها وتوقیتاتها وفق مقتضیات المیدان".
ودعت الجمیع إلى التحلی بالمسؤولیة وأخذ المعلومات بهذا الخصوص من مصادرها الرسمیة. ووفق تقاریر محلیة، فإن هذه المناورة العسکریة ستحمل اسم "الرکن الشدید"، وستشارک فیها عدة أجنحة عسکریة منضویة تحت لواء الغرفة المشترکة لفصائل المقاومة.
الأخبار الواردة تفید بأن المناورة ستکون یوم الأحد القادم، ویقال بأنها مناورة عسکریة ضخمة فی مختلف أنحاء قطاع غزة، ستمتد لنحو 12 ساعة متواصلة، یُصاحبها إجراءات أمنیة مکثّفة تُطبق من قبل الأجهزة التابعة لوزارة الداخلیة فی القطاع. ولم یکشف عن نوع الأسلحة ولا عن الفعالیات العسکریة التی ستشملها المناورة، ولا کیفیة بدئها، ولا طریقة التعامل فی ذلک الیوم خلال المناورة المشترکة هذه.
وهذه ستکون أول مناورة عسکریة مشترکة لفصائل المقاومة فی القطاع، حیث لم یسبق أن اشترکت فی میدان واحد فی التدریبات، حیث سبق وأن نفذت الفصائل المسلحة تدریبات ومناورات بشکل فردی.
وتخلل التدریبات السابقة، وأضخمها نفذت قبل أکثر من عامین للجناح العسکری لحرکة حماس – کتائب القسام، إطلاق صواریخ تجریبیة تجاه البحر، وانتشارا موسعا لأعضاء الجناح العسکری، وتنفیذ مناورات تشمل خططا لعملیة اقتحام مواقع عسکریة، أو الاشتباک مع قوات للاحتلال.
الرسائل والدلالات
أولاً: تحمل المناورات المقبلة الکثیر من الرسائل على جمیع المستویات، لعل أولها موجهة لکیان الاسرائیلی، وتحذیره من مغبة الانجرار نحو استهداف قطاع غزة بأی شکل من الاشکال لأن الرد سیکون قاسیاً ومدویاً، وخاصة أن الفصائل الفلسطینیة أصبحت تمتلک قوة عسکریة لایستهان بها، وقد اختبر العدو الصهیونی بعض هذه الاسلحة فی حرب غزة الاخیرة، ولا نعتقد انه سیتجرأ على استهداف القطاع، لأنه غیر مهیأ أساسا من الداخل للقیام بحرب، والأهم أن الداخل الاسرائیلی یعانی من التشرذم والانقسام وسیکون هناک آراء مختلفة فی حال حصول ای حدث عسکری جدید، خاص وان الحکومة الاسرائیلیة بحکم المنتهیة الصلاحیة، ولو لم یقدم بعض العرب على التطبیع لکانت اسرائیل فی أسوأ حالاتها الیوم، لکن بعض العرب منحوها بعض الاوکسجین، إلا ان المقاومة ستحوله إلى ثانی اکسید الکربون بالقریب العاجل.
ثانیاً: المقاومة على المستوى السیاسی لم تبخل بالبحث والسعی نحو مصالحة فلسطینیة شاملة، لکن السلطة الفلسطینیة طعنتها فی الظهر، عندما اعادت التنسیق الامنی مع اسرائیل، ومع ذلک المقاومة صامدة وهی تعتمد على نفسها فی الدرجة الاولى وعلى الشعب الفلسطینی داخل الاراضی المحتلة، وقدرته على مواجهة الاحتلال بعیدا عن مصالح السلطة، وکانت حرکة حماس أکدت قبل یومین فی بیان أصدرته أن "خیار المقاومة هو القادر على لجم الاحتلال ووقف اعتداءاته بحق أرضنا"، وقد دعت فصائل المقاومة الفلسطینیة، الشعب الفلسطینی للمزید من هذه العملیات البطولیة، وذلک عقب عملیة نفذها شاب فلسطینی ضد جنود الاحتلال عند إحدى بوابات المسجد الأقصى، وأکدت أن العملیة "هی الرد الطبیعی على جرائم الاحتلال".
ثالثاً: الکیان الاسرائیلی مرعوب من تعاظم القدرات العسکریة البحریة لفصائل المقاومة الفلسطینیة، ففی الوقت الذی یواصل فیه الجیش الإسرائیلی تحیید الأنفاق الهجومیة من قطاع غزة، تتصاعد دعوات القیادة الأمنیة فی تل أبیب للاستعداد للبدائل التی تعکف حرکة حماس على تطویرها، خصوصاً القدرات البحریة التی دخلت الخدمة فی المواجهة العسکریة، ونجحت فی إحداث اختراق للحدود البحریة بین غزة وإسرائیل فی حرب عام 2014.
وترى إسرائیل أن حماس رفعت من وتیرة تطویر إمکاناتها القتالیة البحریة، وتعمل على تدریب مقاتلین مجهزین لإحداث عملیات فی حال نشوب معرکة عسکریة جدیدة بین المنطقتین، الأمر الذی بإمکانه أن یغیر قواعد أی عملیة مفتوحة، ویقول قائد قاعدة "أسدود البحریة" یوفال أیلون، إن "حماس تدرک أن الیابسة أمامها آخذة بالانغلاق، لذلک فإن المجال البحری والجوی باتا یشکلان تحدیاً أمام الجیش".
رابعاً: فشل الاسرائیلیون فی تحیید صواریخ المقاومة، والأقسى من هذا على الصهاینة أن صواریخ المقاومة تتطور بشکل یومی ومستمر، إذ لم یعد التطور محصوراً فی مدیات الصواریخ کما فی حرب 2014، بل تعدّاها إلى الرأس المتفجر والقدرة التدمیریة، إضافة إلى زیادة الدقة، وإن کان التحدی الأساسی لغزة هو تصنیع کمیات کبیرة أو التصنیع المتواصل والسریع، على رغم وجود دلالات على وفرة فی المخزون، کما تقول المقاومة. ویقول خبراء عسکریون إنه مع فشل إسرائیل فی وقف إطلاق الصواریخ الفلسطینیة على المدن والقواعد العسکریة الإسرائیلیة، یعکس استخدام المقاومة صواریخ جدیدة التطور النوعی لهذه الصواریخ من حیث مداها وقدرتها.