العالم یدعم السیادة الدائمة للشعب الفلسطینیّ.. ما الذی یمنع تطبیق الشرعیّة الدولیّة؟
صفعة جدیدة تلقّتها الإدارة الأمریکیّة وطفلها المدلل فی المنطقة "الکیان الصهیونیّ"، حیث حصلت فلسطین على أغلب الأصوات فی الجمعیة العامة للأمم المتحدة، لمصلحة قرار السیادة الدائمة للشعب الفلسطینیّ فی الأرض الفلسطینیّة المحتلة، بما فیها القدس الشرقیة، بالرغم من الجهود التی تبذلها واشنطن وتل أبیب لعرقلة هذه القرارات، وصوتت 153 دولة لمصلحة القرار، و6 دول ضده وهی کندا والکیان الغاصب وجزر مارشال، ومیکرونیزیا، وناورو، وأمریکا)، فیما امتنعت 17 دولة عن التصویت.
تأکید دولیّ
لقی قرار الجمعیّة العامة للأمم المتحدة ترحیباً فلسطینیّاً، باعتبار الجمعیّة العامة تعدّ واحدة من الأجهزة الرئیسة الـ6 للأمم المتحدة، وهی الهیئة الوحیدة التی تتمتع فیها جمیع الدول الأعضاء بتمثیل متساو، وتعتبر الجهاز الرئیس للتداول وصنع السیاسات والتمثیل فی الأمم المتحدة، حیث أشاد وزیر الخارجیّة الفلسطینیّ، ریاض المالکی، بهذا التصویت مؤکّداً حق الشعب الفلسطینیّ فی موارده الطبیعیّة بما فیها الأرض وموارد الطاقة والمیاه، دون الانتقاص من حقوقه فی بحره، وحقه کذلک فی التعویض جراء استغلال الاحتلال الصهیونیّ لتلک الموارد.
وفی الوقت الذی لا یمکن فیه إحصاء حجم ما ینهبه العدو الصهیونیّ الغاشم من موارد الفلسطینیین، بدءاً من ثروات النفط والغاز والرخام، والمعادن النادرة فی البحر المیت، فضلاً عن الزراعة والنشاط السیاحیّ ولیس انتهاءً عند المیاه التی یبیعها الکیان لأصحاب الأرض، ما یشکّل انتهاکاً صارخاً لکل الأعراف والمواثیق الدولیّة وتهدیداً خطیراً لمستقبل الفلسطینیین، أوضح المالکی أنّ التصویت یعد بمثابة تأکید دولیّ على الحق الراسخ والثابت للشعب الفلسطینیّ، ورفض لاعتداءات المستوطنین الإرهابیین ضد الأرض وأصحابها، وطالب المجتمع الدولیّ بضرورة الالتزام بتنفیذ القرارات الدولیّة وضمان حریة استخدام الشعب الفلسطینیّ لأرضه وحقوقه وموارده، ووضع حدّ لأعمال الاستغلال والانتهاک والسرقة.
إضافة إلى ذلک طالب الوزیر الفلسطینیّ الدول التی صوتت ضد القرار أو امتنعت عن التصویت، أن تعمل على مراجعة مواقفها، وأن تأخذ بعین الاعتبار ما نصت علیه القرارات الدولیة من ضمان وکفالة حق الشعب الفلسطینیّ الثابت والأبدیّ فی أرضه، وفی حقوقه غیر القابلة للتصرف وعلى رأسها حق تقریر المصیر والعودة، والاستقلال لدولة فلسطین بعاصمتها القدس الشرقیة وذات السیادة الدائمة.
تقریر المصیر
قبل أیام، صوتت الجمعیة العامة للأمم المتحدة بأغلبیة ساحقة، على قرار “حق الشعب الفلسطینی فی تقریر المصیر”، وجاء ذلک بعد أن کانت قد صوتت على 6 قرارات أخرى لمصلحة الفلسطینیین، وجاء التصویت مع استمرار الإدارة الأمریکیة فی منع إخضاع الکیان الصهیونیّ للمحاسبة، بسبب ارتکابه مخالفات جسیمة للقانون الدولیّ، وذلک من خلال استغلال سلطتها فی مجلس الأمن، حیث عقدت الاثنین المنصرم جلسة للمجلس جرى خلالها مناقشة خطر الاستیطان الصهیونیّ المستمر.
وفی هذا الخصوص، بیّن مندوب فلسطین فی الأمم المتحدة، ریاض منصور، أنّ من عطل تنفیذ قرار مجلس الأمن الدولی رقم 2334 المتعلق بوقف الاستیطان، هی إدارة ترامب التی تسلمت الحکم عام 2017، وأعرب عن أمله بأن تحترم الإدارة الأمریکیة الجدیدة، برئاسة جو بایدن ذلک القرار، وخاصة أنّ تل أبیب ضاعفت الاستیطان منذ اعتماد القرار 2334 عام 2016، الأمر الذی أثار احتجاج جمیع أعضاء مجلس الأمن، باستثناء أمریکا، التی لم یتطرق مندوبها إلى الموضوع فی کلمته.
ومع استمرار الإجرام الصهیونیّ وانتهاکاته الکارثیّة للقانون الدولیّ وفرضه لغة القوة والاحتلال، دعا مندوب فلسطین فی الأمم المتحدة، المجتمع الدولی إلى إیجاد حل عادل للقضیة الفلسطینیة، مؤکداً دور الرباعیّة الدولیّة المختصة فی عملیة السلام فی الصراع العربیّ - الصهیونیّ، ومجلس الأمن فی دعم وإسناد الأطراف المعنیّة للتوصل الى السلام العادل والشامل وإنهاء الاحتلال، وإنجاز حل الدولتین على الأرض کما هو متفق علیه، ووفق المرجعیات المعروفة.
قطع تواصل
حذّر منسق الأمم المتحدة الخاص لعملیة السلام فی الشرق الأوسط نیکولای میلادینوف، من أنّ الخطط الاستیطانیّة الصهیونیّة الأخیرة فی الأراضی الفلسطینیّة المحتلة ستؤدی إلى قطع التواصل بین شمال الضفة الغربیّة وجنوبها، وکذلک بین القدس الشرقیة وبیت لحم، ما یعنی تقویضاً لحل الدولتین.
وشدد المسؤول الدولیّ على ضرورة تنفیذ أحکام القرار 2334، وأعرب عن انزعاجه من استمرار التوسع الاستیطانیّ الصهیونیّ فی الضفة الغربیة المحتلة، بما فی ذلک القدس الشرقیة، مشیراً إلى أنه خلال العام الفائت مضت سلطات العدو فی خطط استیطانیة مثیرة للجدل جرى تجمیدها لسنوات، وذکر أنّ المستوطنات الصهیونیّة فی الضفة الغربیة المحتلة، بما فیها القدس الشرقیة، تشکل انتهاکاً صارخاً لقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولی، وأضاف إنها ترسخ الاحتلال وتقوض آفاق تحقیق حل الدولتین، مشدداً على ضرورة وقف النشاط الاستیطانیّ على الفور.
ووفق وکالة الأنباء الفلسطینیّة الرسمیّة "وفا"، فإنّ وحدات المستوطنات عام 2020 تتساوى مع أرقام عام 2019، رغم انقطاع استمر 8 أشهر، علماً بأنّ نحو 50% منها یقع فی عمق الضفة الغربیّة، فی مناطق حیویة لتواصل وقابلیّة الدولة الفلسطینیّة المستقبلیّة للحیاة.
ختاماً، من المؤکّد أنّ قضیّة فلسطین عندما تُترک للجمعیة العامة تکون فی مصلحة الفلسطینیین الذین یذوقون الأمرین نتیجة ممارسات العدو الإجرامیّة، لأنّ العالم یقف إلى جانب فلسطین وقضیتها العادلة، لکن عندما یکون لها جانب عملیّ وتطبیقیّ یصبح الموضوع متناقضاً لأنّ ذلک بید الحکومات المتغطرسة الداعمة للکیان، وعلى الرغم من أنّ مجلس الأمن والجمعیّة العامة للأمم المتحدة من الجنس نفسه، إلا أنّ هناک مواقف متناقضة بشأن القضیّة الفلسطینیّة، ما یدل بشکل قطعیّ على أن تلک الدول القویّة المعروفة تعرقل تطبیق القانون الدولیّ، وترجح کفة المیزان لمصلحة سرطان واشنطن فی المنطقة.