سید المقاومة... المهمة المستحیلة لفرق الاغتیال
أعلن الأمین العام لحزب الله اللبنانی السید حسن نصرالله أمس الأحد فی مقابلة مع قناة "المیادین"، أن أمریکا والکیان الصهیونی والسعودیة یحاولون اغتیاله.
وقال الأمین العام لحزب الله إنه وفق مصادر موثوقة، حاول ولی العهد السعودی الأمیر محمد بن سلمان، فی زیارته الأولى لواشنطن، إقناع ترامب باغتیال قادة حزب الله وکبار المسؤولین فیه.
ووفق قائد المقاومة اللبنانیة، فإن السعودیین أعلنوا أنهم مستعدون لدفع جمیع التکالیف المالیة للحرب، فی حال نشوب حرب بعد اغتیاله.
تعاون المخابرات السعودیة مع الصهاینة
على مرّ السنین، کانت السمة البارزة لخطابات السید حسن نصر الله، سواء فی الخطابات أو فی المقابلات التلفزیونیة، هی إتقانه المذهل للتطورات المحلیة والإقلیمیة والدولیة، فضلاً عن نهجه الواقعی والاستراتیجی تجاه القضایا المطروحة.
لذلک، فإن الکشف عن تورط السعودیین وابن سلمان نفسه فی کوالیس جهود ومخططات اغتیال السید حسن وقادة آخرین فی المقاومة الإسلامیة فی المنطقة، یمکن اعتباره علامةً على تبعیة الأسرة السعودیة العمیقة لکونها أداةً بید أعداء العالم الإسلامی، وخاصةً الکیان الصهیونی.
وهذا یتطلب تعاوناً بین المخابرات السعودیة وأجهزة الأمن الصهیونیة، وذلک فی حین أن الکیان الصهیونی له تاریخ واضح فی إثارة الحروب والأزمات فی الدول الإسلامیة المجاورة، مثل لبنان وسوریا، فضلاً عن تأجیج نیران الطائفیة فی المنطقة والعالم الإسلامی.
فی الواقع، لم یعد الأمر مجرد صراع عائلة آل سعود مع خطاب المقاومة الإسلامیة فی المنطقة، بل الریاض کطرف مؤثر فی تطورات دول مثل لبنان وفلسطین والأردن وسوریا، تتعاون سیاسیاً مع کیان هو العدو الرئیس لهذه الدول ویحتل جزءاً من أراضیها.
وبعبارة أخرى، فإن أمریکا والکیان الصهیونی یتابعان نوایاهما المزعزعة للاستقرار فی لبنان من خلال السعودیین، فیما یتفق جزء کبیر من أنصار الجماعات السیاسیة اللبنانیة المقربة من السعودیة مع لبنانیین آخرین، على اعتبار الکیان الصهیونی عدواً لبلدهم.
کذلک، کانت الریاض على مدى العقود الماضیة تتظاهر دائماً بلعب دور المناصر للشعب الفلسطینی فی الصراع مع المحتلین الصهاینة، بینما الآن فإن طبیعة تبعیة النظام السعودی تنفی مثل هذا الدور أکثر فأکثر.
جذور المقاومة فی أعماق معتقدات الشعوب
قصة خطة الاغتیال لقادة المقاومة لیست جدیدةً ولم تؤثر فی مهمات وأفعال قادة فصائل المقاومة أبداً، کما کان الحاج قاسم حاضراً فی معارک کثیرة ضد الجماعات التکفیریة فی الخطوط الأمامیة للحرب فی سوریا والعراق، مع علمه أن أعداءه المتوحشین کانوا متعطشین لدمائه.
إن حرکات المقاومة لیست قائمةً على شخص بعینه وذلک بسبب جذورها القومیة والأیدیولوجیة العمیقة بین الشعوب، على عکس الجماعات التکفیریة التی یرعاها الغرب والمشیخات الرجعیة فی المنطقة، والفکرة القائلة بأن اغتیال قادة المقاومة یمکن أن یجفف جذور هذه الشجرة المبارکة، تنبع من عمق الجهل لدى قادة أمریکا والکیان الصهیونی والسعودیة.
ذلک أننا نجد حزب الله فی لبنان والفصائل الفلسطینیة والحشد الشعبی فی العراق وأنصار الله فی الیمن، وعلى الرغم من خسارة بعض أهم قیاداتهم الدینیة والسیاسیة والعسکریة فی القتال ضد الإرهابیین أو فی اغتیالات العدو الأعمى، ولکنهم لم یختفوا خلال السنوات الماضیة فحسب، بل وقفوا ضد الأعداء أقوى وأکثر جرأةً.
خطأ استراتیجی حتى نهایة الکیان الصهیونی
لکن هناک قضیة مهمة أخرى برزت فی رغبة القادة السعودیین فی اغتیال السید حسن نصر الله، بإعلانهم عن استعدادهم لتغطیة جمیع تکالیف أی حرب محتملة بعد الاغتیال، وهی أن الصهاینة الذین ادعوا مراراً وتکراراً أنهم یعرفون المکان الدقیق للسید حسن (بافتراض صحة هذه الادعاءات)، فلماذا أعرضوا عن اتخاذ مثل هذا الإجراء؟
کان "عاموس یدلین" الرئیس السابق لفرع المخابرات العسکریة فی الجیش الصهیونی (أمان)، هو الذی بدأ هذه المزاعم فی منتصف آب من هذا العام، فی مقابلة مع القناة التلفزیونیة الثانیة عشرة للکیان، وتبعه "غادی أیزنکوت" رئیس أرکان الجیش الإسرائیلی.
یقال إنه بعد الهزیمة فی حرب الـ 33 یوماً، اضطرت مجموعة استخباراتیة عملیاتیة مکونة من عناصر من الموساد (جهاز المخابرات الخارجیة للکیان الصهیونی)، والشاباک (جهاز الأمن الداخلی للکیان الصهیونی)، وأمان (فرع المخابرات العسکریة الصهیونیة)، لمتابعة تحرکات السید حسن نصرالله على مدار الساعة، وجمع أی معلومات عنه على مدار 24 ساعة.
یمکن العثور على إجابة هذا السؤال جیداً فی جزء آخر من خطاب السید حسن نصر الله. فی المقابلة ذاتها، قال الأمین العام لحزب الله إن عدد الصواریخ الدقیقة للمقاومة فی لبنان قد تضاعف الآن مقارنةً بالعام الماضی، وإن حزب الله قادر على استهداف أی جزء من الأراضی الفلسطینیة المحتلة فی أی وقت شاء.
لم یتجاهل الصهاینة أبداً تهدیدات السید حسن، وبعد أسابیع من وعد حزب الله بالثأر لمقاتله الذی استشهد على ید الصهاینة، ما زالت قوات الکیان على الحدود اللبنانیة فی حالة طوارئ وتطلق النار على الأشجار والأشباح.
لا یزال الصهاینة یعیشون کابوس هزیمة 33 یوماً بعد 14 عاماً، فی حین أن قوة حزب الله العسکریة الآن لا تقارَن بالماضی، وهکذا، فإن تجاهل الدولارات النفطیة للریاض یظهر أن الصهاینة، الذین رموا ابن سلمان فی السابق فی مستنقع الحرب الیمنیة، لا یریدون الآن السقوط فی هاویة الدمار الکامل باغتیالهم السید حسن.=