بعد مناورة الرکن الشدید المشترکة.. هل نشهد جیش تحریر جدید فی فلسطین؟

عقب إجراء مناورة "الرکن الشدید" العسکریّة التی نفّذتها "الغرفة المشترکة لفصائل المقاومة" بالذخیرة الحیة فی مختلف مناطق قطاع غزة، الثلاثاء المنصرم، قال مسؤول حرکة المجاهدین فی قطاع غزة، نائل أبو عودة، أنّ فصائل المقاومة باتت الیوم تفرض معادلة جدیدة على الاحتلال الصهیونیّ ولا یمکن أن تسمح له بالتغول فی دماء الشعب الفلسطینیّ، محذراً إیاه من ارتکاب أیّ حماقة أو عدوان.

لم تکن عادیة تلک المناورة التی نفذتها الغرفة المشترکة لفصائل المقاومة والتی تضم الأذرع العسکریّة للفصائل بغزة، باستثناء حرکة التحریر الوطنیّ الفلسطینیّ "فتح"، التی یتزعمها رئیس السلطة محمود عباس، فی أحد مواقع المقاومة جنوب مدینة غزة حیث تم إطلاق عدد من الصواریخ التجریبیّة تجاه البحر، وقد شارکت الطائرات الاستطلاعیّة المخصصة للمراقبة وتنفیذ العملیات القتالیّة فی المناورات، ومن أهم الأجنحة العسکریة المنضویة فی إطار الغرفة المشترکة، کتائب عز الدین القسام، التابعة لحرکة حماس، وسرایا القدس التابعة لحرکة الجهاد الإسلامیّ.

وفی الوقت الذی کان التصدی لمحاولات اقتحام قطاع غزة من قبل العدو من أبرز ما اشتملت علیه المناورة، إضافة إلى تدریبات لفرق النخبة بما فیها فرق الضفادع البشریة، ناهیک عن بعض التدریبات على عملیات أسر الجنود الصهاینة إضافة إلى الرشقات الصاروخیّة، التی أظهرت تطوراً فی نوعیة الصواریخ التی تصنعها المقاومة، أشار مسؤول حرکة المجاهدین فی قطاع غزة، نائل أبو عودة، أنّ رسالتهم موجهة أیضاً للأنظمة العربیّة المطبعة، لأنّه من خلال هذه المناورة الدفاعیة المشترکة للمقاومة، لا یمکن للکیان الصهیونیّ المسخ حمایة عروشهم وأنظمتهم التی باتت جزءاً من المؤامرة على فلسطین.

وفی هذا الصدد، کانت الرسالة التی وجهتها فصائل المقاومة للکیان واضحة ومباشرة، لأنّه لا یکف عن مهاجمة غزة وتهدیدها بشن عملیّة عسکریّة جدیدة ضدها، حیث حاکت المناورة تهدیدات العدو المتوقعة، وعززت کفاءة وقدرة مقاتلی المقاومة على القتال فی مختلف الظروف والأوقات، فی تهدید لتل أبیب إذا فکرت فی أیّ مغامرة عسکریّة، وقد اعتبرها القیادی أبو عودة "لوحة وحدة وطنیّة حقیقیّة" من خلال غرفة العملیات المشترکة التی لم تحدث منذ عام 1967 وتضم فصائل وازنة باختلاف أطیافها وألوانها.

وبالتزامن مع تأکیدات "حماس" أنّ الکیان الصهیونیّ سیواجه بکل قوة ووحدة وسیکون هناک الکثیر من المفاجآت، بعد "المناورات الدفاعیة" التی بیّنت جهوزیّة المقاومة للدفاع عن الشعب الفلسطینیّ فی کل الأحوال وتحت الظروف کافة، أکد أبو عودة، أن التنسیق الذی یضم هذه الفصائل ومن خلال جولات التصعید مع الاحتلال بعد عدوان 2014 استطاعت من خلاله غرفة العملیات المشترکة للمقاومة إدارة جولات التصعید بکل قوة واقتدار وإیلام الاحتلال.

إضافة إلى ذلک، قال مسؤول حرکة المجاهدین: "من خلال هذه المناورة المشترکة لفصائل المقاومة، نقف أمام تشکیل نواة جیش التحریر الفلسطینیّ الذی یضم کل الفلسطینیین الذین أمنوا ببوصلة التحریر وحمل السلاح ولغة القوة التی لا یفهما إلا الاحتلال"، فیما شددت حرکة حماس على أنّ المقاومة جاهزة وفی حالة دائمة من التطور فی أدواتها وتکتیکاتها وإدارتها للصراع، وأنّها المتأهبة الیقظة وصمام الأمان وخط الدفاع الأول عن فلسطین وشعبها وأرضها المقدسة.

ومن الجدیر بالذکر أنّ المقاومة الفلسطینیة تملک أسلحة متنوعة، فی مقدمتها الصواریخ المصنعة محلیاً، والقادرة على ضرب کامل المدن والأراضی التی یحتلها الکیان مثل تل أبیب وغیرها من المدن الواقعة فی مناطق الشمال، إضافة إلى طائرات مسیرة جدیدة باسم "أبابیل" وتتبع لکتائب القسام الجناح العسکریّ لحرکة حماس، والطائرة بسیطة للغایة وصغیرة ومبتکرة، ولها محرک صغیر وتحمل حوالی 5 کیلو غرامات من المتفجرات، وفی حال تم إطلاق تلک الطائرات على الأراضی المحتلة، فسیضطر الدفاع الجویّ للکیان الصهیونی إلى استخدام صواریخ باهظة الثمن عبر "نظام القبة" الحدیدیة لاعتراضها، ما یکسبها أهمیة خاصة فی المعرکة ضد الکیان.

ختاماً، یوجد الآن طریقتان للتفکیر فیما یخص القضیة الفلسطینیّة، الأولى هی تفاوض السلطة الفلسطینیة بعیداً عن المقاومة والأخرى هی نضال فصائل المقاومة لنیل حقوقهم، حیث لم یأتِ التفکیر التفاوضی أبدًا لخدمة تفکیر المواجهة، وأحیانًا کان یعرقل مشاریعها، ولا شک أنّ التناقض فیما بینهما یضر بتحقیق الوحدة الفلسطینیة لحل تلک القضیة التی تفاقمت بسبب الفصل بین قطاع غزة والضفة الغربیّة، فی الوقت الذی یمیل أغلب سکان الضفة إلى ضرورة المواجهة، وبذلک یستفید العدو الغاصب من عرقلة الوصول إلى حل نهائیّ للقضیة الفلسطینیّة، بسبب تعنت محمود عباس بخیار "تفاوض الجبناء".