تلمیح صهیونی لتطبیع جدید.. هل تدخل السعودیة قائمة العار والخیانة؟
تناقلت المواقع الإخباریّة العربیّة بکثافة الخبر الذی کشفت عنه وسائل إعلام العدو الصهیونیّ، حول زیارة رئیس وزراء الکیان الغاصب، بنیامین نتنیاهو، لعدة دول عربیّة مؤخراً، حیث اعتبر الإعلام العبریّ ذلک تلمیحاً إلى زیارته المثیرة للجدل إلى السعودیة فی تشرین الثانی الماضی، وکانت إذاعة جیش العدو قد کشفت زیارة رئیس الوزراء الصهیونیّ بنیامین نتنیاهو، ووزیر الخارجیّة الأمریکیّ مایک بومبیو، إلى السعودیة قبل أقل من شهرین واجتماعهما مع ولیّ العهد السعودیّ، محمد بن سلمان، فیما أشارت صحیفة "یدیعوت أحرونوت" العبریّة حینها، إلى أنّ اللقاء الثلاثیّ جرى بعد أن استقل نتنیاهو طائرة إلى مدینة "ناعوم" الساحلیّة وأمضى هناک 3 ساعات، فیما رفض مکتب رئیس وزراء العدو التعلیق على هذا الخبر فی ذلک الحین.
جاء تصریح رئیس وزراء العدو، بنیامین نتنیاهو، خلال اجتماع مغلق لسکرتاریة حزب "اللیکود" السبت الماضی، فی معرض رده عن سؤال حول ما إذا کان الکیان الصهیونیّ ینوی تطبیع العلاقات مع إقلیم کردستان العراق، حیث بیّن نتنیاهو أنّه زار عدة دول عربیّة فی الفترة الماضیّة، موضحاً أنّه لن یتحدث عن هذا الموضوع مثلما فعل مسبقاً بما یخص موضوع الإمارات الدولة التی شرعت بابها على مصراعیه للصهاینة، وکانت الدولة العربیّة الأولى التی تدخل حظیرة التطبیع الأمریکیّة مع الکیان الغاشم.
واعتبرت وسائل إعلام العدو تلک التصریحات بأنّها أول تأکید من نتنیاهو لزیارته المفترضة إلى السعودیة نوفمبر العام الماضی، والتی تحدثت قبل مدة أنّ الرقابة العسکریّة سمحت ببث خبر زیارة نتنیاهو وکوهین للسعودیة، ما یشیر إلى رغبة حکومة العدو بإلقاء الضوء على انجازهم مع النظام السعودیّ، الذی سیخفض من جدید أسهم المملکة الهابطة فی الشارع العربیّ والإسلامیّ، وأتت تلک المعلومات وقتها عقب شهرین على اللقاء السریّ الذی جمع بین ولی العهد السعودیّ، محمد بن سلمان، ووفد إسرائیلیّ على متن یخته فی البحر الأحمر، بمرافقة رئیس الاستخبارات السعودیّة، بدواعی مشاریع التطبیع الجارفة فی المنطقة العربیّة.
وفی هذا الشأن، تأتی تصریحات نتنیاهو بعد أسبوعین من قوله إنّ العدید من الدول ستوقع اتفاقیات تطبیع مع تل أبیب فی وقت أقرب بکثیر مما یتوقعه الناس، مع وجود تحلیلات تؤکّد أنّ الاجتماع الأخیر فی السعودیّة لم یکن الأول بین نتنیاهو ومحمد بن سلمان، سواء فی بلاد الحرمین أو خارجها، وقد أبدى السفیر السعودیّ فی الأمم المتحدة، عبد الله المُعَلمی، فی وقت سابق، استعداد الریاض لتطبیع العلاقات مع تل أبیب، إذا اعترف الکیان الصهیونیّ بتأسیس الدولة الفلسطینیّة وإنهاء الاحتلال.
وفی وقت سابق، عبر رئیس وزراء العدو عن رغبته فی زیارة الإمارات والبحرین بعد إبرامهما اتفاق العار مع العدو الإرهابیّ عام 2020، لکنه لم یفعل ذلک بعد، أو فعلها دون تصریح إعلامیّ، فیما قام عام 2018 بزیارة إلى سلطنة عمان، التی لا تربطها بتل أبیب علاقات دبلوماسیّة.
ورغم النفیّ السعودیّ على لسان وزیر الخارجیة السعودی الأمیر فیصل بن فرحان، فی تغریدة صدرت بعد عدة ساعات من بدء تداول التقاریر حول زیارة نتنیاهو أو أی مسؤول آخر من الکیان الصهیونیّ فی لقاء مع محمد بن سلمان، إلا أنّ الکثیر من التقاریر الإعلامیّة العربیّة والدولیّة تحدثت عن العلاقات السعودیّة - الصهیونیّة منذ توقیع اتفاق العار مع الإمارات والبحرین، واحتمالیة دخول الریاض إلى حظیرة التطبیع الأمریکیّة مع العدو الغاصب، وخاصة بعد أن انقلبت سیاسة وسائل الإعلام السعودیّة التی کانت تصف کیان الاحتلال فی السابق، بالـ "العدو الصهیونیّ" أو "الاحتلال الإسرائیلیّ" أو "کیان الاحتلال"، وأصبحت فی الفترة الأخیرة تشید بشکل جلیّ، باتفاقات الخیانة التی أبرمتها بعض الدول الخلیجیّة مع عدو الأمّة العربیّة.
وهنا لا بد من الإشارة إلى التصریح المهم لرئیس استخبارات النظام السعودیّ السابق، بندر بن سلطان، الذی فضح فیه نوایا السعودیّة تجاه القضیّة الفلسطینیّة، وعبّر المسؤول الذی أمضى ثلث حیاته سفیراً لبلاده فی واشنطن، عن غضب الریاض من تصریحات المسؤولین الفلسطینیین، وکأنّه کان ینتظر ترحیباً فلسطینیّاً بدخول المنامة وأبوظبی إلى حظیرة التطبیع مع العدو الصهیونیّ المُحتل للأراضی العربیّة، واصفاً انتقادات القیادات الفلسطینیّة للاتفاق بأنّها تجرؤ بالکلام الهجین على دول أسماها الـ"شقیقة"، ومن شدّة روابط الأُخوة انحازت إلى صف الاحتلال ضد أصحاب الأرض والمقدسات.
وعقب وصف القادة الفلسطینیین لتطبیع الإمارات والبحرین فی البدایة، بأنّه "خیانة" و "طعنة فی الظهر"، اختارت الریاض الکشف عن نهجها القذر وأعلنت عن تأیّیدها بشکل رسمیّ لاتفاق الخنوع الإماراتیّ – البحرینیّ مع العدو الغاشم، بل انخرطت بشکل صارخ فی معاداة القضیّة الفلسطینیّة والتطبیع مع الصهاینة، وأصبحت بلاد الحرمین مرتعاً لمن یحتل الأراضی العربیّة وینشر الدمار فیها ویقصف عواصمها.
ومن الجدیر بالذکر، أنّ موقع "وای نت" العبریّ، نقلاً عن مسؤولین إسرائیلیین، قال إن عدة دول یمکن أن تبرم اتفاقیات خیانة مع العدو الصهیونیّ مقابل مزایا لتلک الدول من قبل الرئیس الأمریکی الخاسر فی الانتخابات دونالد ترامب، وذکر الموقع أن المزید من الدول ستعلن عن اتفاقیات مع تل أبیب قبل انتهاء مدة ولایة ترامب فی 20 کانون الثانی الشهر الجاری.
وفی هذا الصدد، ستعلن دول أخرى تطبیع العلاقات مع تل أبیب قبل انتهاء عهد دونالد ترامب، بعد إعلان البیت الأبیض مؤخراً عن إقامة علاقات دبلوماسیة کاملة بین کیان الاحتلال والمغرب، وقال الموقع العبریّ إنّ طریقة ترامب فی هذا المجال تتمثل فی إعطاء وعود مهمة وغیر ومسبوقة لدول إسلامیة أو عربیة مقابل إقامة علاقات مع العدو، مشیرا إلى أنه " أعطى الإمارات طائرات F-35، ورفع السودان من قائمة الدول المؤیدة للإرهاب، وللمغرب اعترافاً بضم الصحراء الغربیة وربما أیضاً الطائرات دون طیار المتقدمة.
فی الختام، رغم کل ما صدر عن إعلام العدو إضافة إلى الوقائع والتحلیلات الکثیرة، إلا أنّه من المستبعد أن تکون السعودیّة ضمن القائمة المطبعة الجدیدة لأن الریاض لا تستطیع بهذه السهولة الکشف عن علاقاتها بالکیان الصهیونیّ وإعلان تطبیعها المؤکّد بشکل علنیّ ورسمیّ، نتیجة أوضاعها الداخلیّة والإقلیمیّة والدولیّة الحالیّة وهذا بالطبع سیمنعها من تحقیق غایتها وإعلان عمالتها.