فی ذکرى استشهاد سلیمانی.. کیف عبّر الفلسطینیون عن وفائهم لبطل المقاومة؟
بالتزامن مع الذکرى الأولى للعملیة الإجرامیّة التی قامت بها أمریکا بحق قائد فیلق القدس قاسم سلیمانی مع نائب رئیس الحشد الشعبی، أبی مهدی المهندس، بالقرب من مطار العاصمة العراقیة بغداد یوم 3 کانون الثانی 2020، اعتبر عدة ساسة ومتحدثین فلسطینیین، أن عملیة الاغتیال خسارة لفلسطین ومقاومتها، مؤکدین أنّ استشهاد سلیمانی لم ولن یوقف دعم الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة للمقاومة الفلسطینیّة، وذلک خلال ندوة سیاسیة نظمها مرکز فلسطین للدراسات والبحوث قبل أیام، بعنوان: "قاسم سلیمانی حضور رغم الغیاب بمناسبة الذکرى الأولى لاستشهاده".
فی إعلان صریح وواضح عن وقوف الفلسطینیین إلى جانب الجمهوریة الإسلامیّة فی إیران، قال القیادیّ فی حرکة الجهاد الإسلامیّ وشقیق الراحل رمضان عبدالله شلح الأمین العام السابق لحرکة الجهاد الإسلامی الفلسطینیة، محمد شلح، "لا یوجد شیء یُخیفنا لنصرخ من قلب فلسطین أننا اخترنا الجبهة التی نرید والجیش الذی سنقاتل معه بکل فخر"، وتابع أنّه "فی الوقت الذی یذهب أذناب الصهاینة للتطبیع مع العدو المجرم، وفی الوقت الذی ینحاز فیه الملوک والأمراء إلى العدو الصهیونیّ الغاصب یفرض علینا نحن أصحاب القضیة والحق أن نقول کلمة الحق وأن نعلن أننا نصطف إلى جانبه".
ومع تأکیده أنّه لم یبق شیء یُخجل الفلسطینیین أو یمنعهم من مساندة الجمهوریّة الإسلامیّة فی مواجهة العدو الصهیونیّ والأمریکیّ، شدد القیادی فی الجهاد الإسلامیّ على أن المطلوب من قوى المقاومة الوطنیّة والإسلامیّة القیام بحملات توعویّة لکل المتخاذلین والمتفلسفین والمتنطعین الذین یتطاولون على تلک القامات، وعلى هؤلاء الشهداء، وعلى المحور البطل.
وفی هذا الصدد، أوضح عضو المکتب السیاسیّ لحرکة الجهاد الإسلامیّ فی فلسطین، ولید القططی، أنّ دعم المقاومة بالمال والسلاح من مرتکزات الجمهوریة الإسلامیّة الإیرانیة وأحد محددات السیاسة الخارجیة، وأکّد أنّ الشهید سلیمانی أصبح رمزاً ممثلاً عن الجمهوریة الإیرانیة فی دعم المقاومة وفلسطین، ویجسد الثورة المقاومة والشعب الفلسطینی.
وفی ظل ما تقوم به إیران تجاه حلفائها وخاصة سوریا وفصائل المقاومة الفلسطینیة، شدد القططی، على أنّ سلیمانی حاضرٌ فی فلسطین وکل المناطق التی تواجه فیها الحق الباطل فی کل المنطقة، لافتاً إلى أن محاصرة إیران من قبل المحور "الصهیوأمریکیّ" سببه دعم القضیة الفلسطینیة.
وباعتبار أن طهران هی الداعم الرئیس لمشروع المقاومة فی المنطقة، أشار القیادی فی حرکة حماس إسماعیل رضوان، أنّ اغتیال سلیمانی مَثَل خسارة کبیرة لفلسطین والمقاومة لأنه کان داعماً رئیساً للمقاومة الفلسطینیّة وآمن بوحدة العمل المقاوم وتوحید جبهات المقاومة وأحب فلسطین والمقاومة وتعلق قلبه بحب فلسطین والقدس، وکان شغله الشاغل دعم فلسطین والمقاومة.
وفی هذا الشأن، أشاد القیادی الفلسطینیّ بالدعم المرکزی من إیران لتطویر أدوات وقدرات المقاومة بحیث تطورت بشکل یمکن أن یقول حقق توازن الردع، قائلاً: "الدعم الإیرانی أثمر حینما رأینا التطور النوعیّ لأدوات المقاومة"، مؤکداً أنّ مسیرة المقاومة لن تتوقف على أرض فلسطین بعد اغتیال سلیمانی، لأنها مستمرة حتى التحریر، وأنّ الوفاء لروح سلیمانی وکل الشهداء هو بالسیر على درب الشهداء والحفاظ على الثوابت الإسلامیّة.
أکثر من ذلک، وصف القیادی فی الجهاد الاسلامی جمیل علیان، الشهید سلیمانی بأنه "فارس العروبة"، مؤکدًا أن إیران حققت إنجازات عدیدة فی فلسطین، فیما أضاف المحاضر فی جامعة الإسراء شریف الحلبی، أن غزة الیوم تؤکد انحیازها لمحور قاسم سلیمانی، مطالباً فی مداخلة له خلال الندوة، بإطلاق اسم سلیمانی على أحد الشوارع او الساحات فی مدینة غزة أو انشاء مسجد یحمل اسم سلیمانی.
وفی هذا الخصوص، أشاد المحلل السیاسی ثابت العمور، بدور الشهید سلیمانی فی دعم فلسطین والمقاومة، مشیراً إلى أن دوره تجاوز عقدین من الزمن، وأنه حصل على إجماع من الجمیع على دوره الفعال ودور إیران، من کل الفصائل والقوى الوطنیة والإسلامیّة، حتى حرکة "فتح" التی یرأسها محمود عباس، وصفت الشهید أنه "جیفارا الشرق الأوسط"، معتبراً أن الأمر الأکثر أهمیة أن سلیمانی رجل عسکریّ برتبة لواء قائد واحدة من أهم مکونات الجیش الإیرانی "فیلق القدس"، حیث کان ینزل على أرض المیدان ویتابع کل التفاصیل.
وتأتی التصریحات الفلسطینیّة فی الوقت الذی لا یتوقف فیه الدعم الإیرانی لفلسطین عند مستوى القیادات الوسطی، بل إنه یصدر عادة من قبل قائد الثورة الإسلامیة الإیرانیّة نفسه، وقد عبرت إیران عن دعمها للمقاومة الفلسطینیة ضد المحتل الأرعن بعد أحداث سوریا والیمن مراراً وتکراراً وعلى لسان مختلف مسؤولی البلاد، ولا تطالب طهران فصائل المقاومة الفلسطینیة والشعب الفلسطینی من وراء دعمها لهم، سوى مواصلة النضال ضد الکیان الغاصب لإعادة تحریر أرضهم، وها هی إیران مستمرة بدعمها للشعب الفلسطینی منذ أن منحت سفارة العدو الغاشم فی طهران، للشعب الفلسطینی، وصولاً إلى یومنا هذا من خلال تزوید الفصائل الفلسطینیة بما تحتاجه من سلاح للدفاع عن الشعب الفلسطینی، والتضحیة بخیرة رجالها نصرة لمحور مقاومة الشر والإرهاب.
یشار إلى أنّ انتشار صورة للشهید الإیرانیّ قاسم سلیمانی، فی شوارع مدینة غزة بفلسطین هز الشارع الإسرائیلیّ قبل أیام، وأثارت الصورة غضب مسؤولی الکیان الغاصب، حیث أعاد المتحدث باسم جیش العدو، أفیخای أدرعی، نشر تغریدة تضمنت صورة الشهید سلیمانی على صفحته الشخصیة فی تویتر، مصدوماً من الصورة الضخمة للراحل الإیرانیّ فی شوارع قطاع غزة، وتداول مسؤولو العدو الصورة على صفحاتهم، وقد کان واضحاً مدى الرعب التی ترکته فی قلوبهم.
وقد کان الانزعاج الصهیونیّ من صور الشهید سلیمانیّ متوقعاً، وهو القائد الذی لم یعرف الجلوس خلف طاولة مکتب، ودأب على العمل العسکریّ المیدانی، متنقلاً من جبهة إلى أخرى طوال 40 عاماً، تارة فی صلاح الدین العراقیّة خلال استعادة تکریت من تنظیم داعش الإرهابیّ، وتارة فی البوکمال آخر معاقل داعش فی سوریا، ومرة برفقة السید حسن نصر الله والشهید عماد مغنیة فی الضاحیة الجنوبیّة خلال حرب تموز، وأخرى مع القیادات الفلسطینیّة فی لبنان، فیما تحاول تل أبیب جاهدة ألا تنعم تلک الدول بالراحة ولو لیلة واحدة لتستمر فی اغتصاب أراضی وثروات الأبریاء، وتتمادى فی عدوانها وإجرامها.