2020 عام المصائب والنکبات على الیمن..هل یحمل العام الجدید معه الخیر للیمنین؟

طوت سنةُ ٢٠٢٠ صفحاتها، لتسجل الکثیر من الأحداث السیاسیة والعسکریة والأمنیة والاقتصادیة ضمن مسار العدوان الأمریکی السعودی المتواصل على الیمن للعام السادس على التوالی، غیر أن کفة المیزان رجّحت هذا العام لمصلحة أبطال الجیش واللجان الشعبیة  الیمنیة. لقد شهد عام 2020 أحداثا دامیة، فرحى الحرب الدائرة بین أبطال الجیش واللجان الشعبیة الیمنیة ومسلحی تحالف العدوان السعودی الإماراتی من جهة وبین ملیشیات انفصالیة مدعومة من الإمارات من جهة ثانیة، لم تتوقف، وسط تعثر التوصل إلى حل سیاسی خصوصا بین حکومة صنعاء وحکومة الفنادق القابعة فی فنادق الریاض. وإلى جانب استمرار الحرب، عصفت بالیمن، أحداث وتقلبات کثیرة، کان الخاسر الأبرز منها، هو حکومة الرئیس المستقیل "عبدربه منصور هادی"، فی مقابل المکاسب التی حققتها حکومة صنعاء وأبطال الجیش واللجان الشعبیة الیمنیة فی شمال ووسط الیمن.

من فاز ومن خسر فی عام 2020

ذکرت العدید من التقاریر أن سنةَ ٢٠٢٠ حملت فی طیاتها أقل الجرائم للعدوان الأمریکی السعودی بحق أبناء الشعب الیمنی، مقارنةً بالأعوام السابقة، وهذا یدل على مخاوف الریاض من الرد الیمنی القاسی والتی باتت القوة الصاروخیة البالیستیة أبرز أرکانه. وخلال هذا العام، عاشت صنعاء فی أفضل وضعیتها، وحقّقت الکثیر من الإنجازات الأمنیة، وأفشلت الکثیر من المخططات التی کانت تستهدف زعزعةَ الأمن والاستقرار، بل تمکّنت من هزیمة فیروس "کورونا" الذی لا یزال یشکل رعباً للکثیر من بلدان العالم، وأی أجنبی یقدم إلى صنعاء ویشاهد الناسَ فی الشوارع دون کمامات وأقنعة الوجه، فَإنه سیحسدُها على هذه النعمة. ولکن المحافظات الجنوبیةُ الواقعة تحت سیطرة الاحتلال الإماراتی والسعودی، قد عاشت خلال هذا العام أسوأ مرحلة، فالانفلات الأمنی لا یزال یشکل إزعـاجاً للکثیرین، حیث ارتفعت ظاهرة الاغتیالات والسرقة والسطو على محال المواطنین، واتسعت ظاهرة انتشار الملیشیات المسلحة، واستمر الاقتتال بین الأهلی وفصائل المرتزقة الموالیة للعدوان إلى الآن، وواصل النظامان السعودی والإماراتی نهب خیرات الجنوب وثرواته، وأنشئت القواعد العسکریة الصهیونیة فی سقطرى والساحل الغربی، ودُمر الاقتصاد، وتدهورت معیشة المواطنین والخدمات فی کل المجالات.

مآس یمنیة فی عام 2020

أعلنت منظمة الأمم المتحدة، خلال الفترة القلیلة الماضیة، نزوح نحو 24 ألف أسرة فی الیمن منذ بدایة عام 2020، جراء الصراع الدائر فی البلد للعام السادس توالیا. وقالت المنظمة الدولیة للهجرة التابعة للأمم المتحدة، أنها رصدت خلال الفترة من ینایر إلى سبتمبر من عام 2020، نزوح ما یقرب من 24 ألف أسرة مرة واحدة على الأقل فی مختلف أنحاء الیمن. وفی عام 2020 أصدرت منظمة "انتصاف" لحقوق المرأة والطفل فی العاصمة الیمنیة صنعاء احصائیة رصدت خلالها ما تعرضت له المرأة والطفل من انتهاکات طوال فترة الحرب التی قاربت على نهایة عامها السادس. وقالت المنظمة فی تلک الإحصائیة إن إجمالی عدد ضحایا العدوان المباشرة من النساء والأطفال حتى الیوم بلغ 13082 طفلا وامرأة ما بین قتیل وجریح منهم 2392 إمرأة و3796 طفلاً وبلغ عدد الجرحى من النساء 2798 ومن الأطفال 4096 حتى الآن. وأدانت المنظمة الصمت الدولی والأممی المخزی على انتهاک القوانین والمواثیق الدولیة والإنسانیة وقوانین الحرب وغیرها من الأعراف والشرائع السماویة والرمی بها عرض الحائط، والتی تتضمن قواعد ومبادئ تهدف إلى توفیر الحمایة بشکل رئیسی للأطفال والنساء، حیث تؤکد إحدى القواعد الأساسیة فی القانون الإنسانی والدولی على وجوب الحرص على التمییز بین المقاتلین والمدنیین، کما أن الطبیعة المدنیة الصرفة لمکان الجرائم  تؤکد تعّمد استمرار قوات تحالف العدوان السعودی فی انتهاک مبادئ وقواعد القانون الدولی الإنسانی و منها مبدأ الإنسانیة، ومبدأ التمییز، ومبدأ التناسب، وهو ما جعل هذه الجرائم ترقى إلى جرائم حرب ضد الإنسانیة.

وعلى صعید متصل، حمّلت العدید من المنظمات الانسانیة والحقوقیة، تحالف العدوان بقیادة السعودیة مسؤولیتها عن کل الجرائم والانتهاکات بحق المدنیین الأبریاء وخاصة النساء والأطفال خلال عام 2020. وطالبت تلک المنظمات، المجتمع الدولی والهیئات الحقوقیة والإنسانیة بتحمل مسؤولیاتهم القانونیة والإنسانیة تجاه الانتهاکات والمجازر البشعة التی تحدث بحق المدنیین الآمنین من أبناء الشعب الیمنی، وتدعو کل أحرار العالم والشرفاء إلى التحرک الفعال والإیجابی لوقف العدوان وحمایة المدنیین من النساء والأطفال.

أمطار عام 2020 وأثارها

کشفت العدید من التقاریر عن تعّرض العدید من المناطق الیمنیة خلال عام 2020 لموجة من الأمطار الفیضانیة والتی أدت إلى مقتل نحو 50 شخصاً وإصابة 20 آخرین. المصائب لا تأتی فرادى فی الیمن، وخلافاً للحرب المستمرة منذ 6 سنوات جراء قیام تحالف العدوان السعودی الإماراتی بغزو الیمن، تهدد فیضانات الأمطار سبل معیشة الآلاف، بعد إلحاقها خسائر فادحة فی الأرواح والبنیة التحتیة والاقتصاد المتداعی. ولقد أکدت تلک التقاریر، أن محافظة مأرب هی الأکثر تضرراً جرّاء الفیضانات، بعد مصرع 21 شخصاً، تلیها الحدیدة بـ17، فیما توزعت باقی الأرقام على محافظات صنعاء وحجة وریمة. وتسببت السیول بأضرار واسعة فی مخیمات النازحین بعدد من المحافظات، ووفقا للتقاریر، فقد ألقت الأمطار بأکثر من 5400 أسرة إلى العراء، فضلاً عن انهیار عدد من المنازل التاریخیة بصنعاء والحدیدة.

وعلى صعید متصل، تسببت السیول بنفوق مئات المواشی وتدمیر الطرقات فی صنعاء وإب وعمران وانفجار عدد من السدود بمحافظتی عمران وصنعاء، فیما فاض سد مأرب التاریخی للمرة الأولى منذ 34 عاماً. وذکر برنامج الأغذیة العالمی، قبل عدة أشهر، أن آلاف الأسر فی مناطق عدیدة من الیمن تضررت جراء الأمطار والسیول المتدفقة التی دمرت العدید من المنازل وأضرت بسبل المعیشة.

فی عام 2020؛ من لم یمت بالقصف سیموت بانعدام الأدویة

کشف الدکتور "طه المتوکل" وزیر الصحة العامة والسکان فی حکومة صنعاء، قبل عدة أیام أن انعدام الأجهزة الطبیة ومنع تحالف العدوان إدخالها إلى الیمن فی عام 2020 وصمة عار فی جبین الأمم المتحدة. وأوضح الدکتور "المتوکل"، خلال انطلاق المؤتمر العلمی الثانی للجراحة العامة وجراحة المناظیر الذی تنظمه جمعیة الجراحین الیمنیین فی العاصمة الیمنیة صنعاء، أن الرهان الیوم هو على العقول الیمنیة وانعدام الأجهزة الطبیة عار على الأمم المتحدة المتخاذلة فی واجبها تجاه الشعب. ولفت "المتوکل" الى أن تحالف العدوان السعودی الإماراتی الغاشم، حوّل الیمن السعید فی عام 2020 إلى ساحة لتجارب عسکریة، تستخدم فیها أسلحة خطرة منها الیورانیوم والفسفور والقذائف الفراغیة، ولقد ارتکب هذا التحالف الغاشم حتى هذه اللحظة الکثیر من الجرائم الوحشیة فی حق أبناء الشعب الیمنی المظلوم ولقد کشفت العدید من التقاریر المیدانیة أن طائرات العدوان کانت تقوم بإلقاء الکثیر من المتفجرات والقنابل المحرمة دولیاً على المدنیین فی الیمن وهذه الجرائم تسببت فی حدوث إبادة جماعیة لأبناء الشعب الیمنیة وتدمیر کلی للبنیة التحتیة والمراکز الطبیة والمدارس . ولقد وجهت منظمة "هیومن رایتس ووتش" لحقوق الإنسان، اتهامات الى السعودیة باستخدام أسلحة محرمة دولیا، من ضمنها قنابل عنقودیة فی الغارات الجویة التی تشنها على الیمن .

ولفت الوزیر الیمنی إلى أن الوضع العام وخصوصاً الوضع الصحی ینذر بکارثة ولا سیما مع تفشی وباء کورونا الذی تسببت دول العدوان بدخوله الى الیمن والان تساهم فی انتشاره من خلال منعها کل الاحتیاجات اللازمة لمواجهته واخرها ازمة الوقود التی تسببت الى الان بوقف جزئی للکثیر من المرافق الصحیة التی هی فی الاساس ضعیفة جدا وقلیلة جدا نتیجة استهدافها بالغارات منذ بدایة العدوان. وأشار إلى أن الشعب الیمنی لن یظل مکتوف الأیدی تجاه حصاره والعدوان علیه، لافتاً إلى أن الانجازات العسکریة الیمنیة ستستمر وستتصاعد حتى یتوقف العدوان ویرتفع الحصار وتتحرر کل الاراضی الیمنیة ویتوقف نهب الثروات الیمنیة من قبل العدوان ومرتزقته .

جرائم العدوان السعودی خلال عام 2020

ذکرت العدید من المصادر الاخباریة أنه فی غمرة انتصارات أبطال الجیش واللجان الشعبیة وسیطرتهم على عدة مناطق بمحافظة الجوف بعد تطهیر مدیریة نهم بمحافظة صنعاء بالکامل، أقدم طیران العدوان الأمریکی السعودی على استهداف منازل المواطنین فی مدیریة المصلوب بمحافظة الجوف أثناء تجمّعهم حول حطام الطائرة الحربیة "توریندو" التی تم إسقاطها من قبل الدفاعات الجویة الیمنیة، وأسفر القصف عن استشهاد 58 شهیداً و44 جریحاً، جمیعهم من المدنیین الأبریاء. وفی سیاق هذه التطورات، أقدمت قوات تابعة لمرتزقة الإصلاح "الإخوان المسلمین" بمأرب فی 28 یونیو 2020 على ارتکاب جریمة بحق أسرة "آل سبیعیان" فی منطقة وادی عبیدة بمحافظة مأرب.

وبالتوازی مع استعدادات الشعب الیمنی للاحتفال بالمولد النبوی الشریف فی العاصمة صنعاء، أقدمت عناصر إجرامیةٌ تابعة لتحالف العدوان السعودی على اغتیال وزیر الشباب والریاضة فی حکومة الإنقاذ الوطنی، حسن زید، فی محاولة لإرباک المشهد وإفشال الفعالیة. وأطلق المسلحون النار على الوزیر زید، فی 27 تشرین الأول 2020، بعد خروجه من منزله فی حدة، متوجهاً إلى مقر وزارته فی شارع الزبیری وسط العاصمة صنعاء. وعلى نفس هذا المنوال، کشفت العدید من التقاریر، أن مقاتلات الجو التابعة لتحالف العدوان السعودی ارتکبت العدید من الجرائم الوحشیة فی حق أبناء الشعب الیمن خلال عام 2020 فی العدید من المناطق والمدن الیمنیة ولا سیما فی محافظات الحدیدة وصنعاء ومأرب والجوف والبیضاء.

وفی الختام یمکن القول أن أبناء الشعب الیمنی أصبحوا متخوفین من عام 2021، متوقعین أنه سیکون کسابقه، عام 2020، الذی نعتوه بموسم المصائب والنکبات، وفی مقابل ذلک تباینت أمنیاتهم بین الشأن الشخصی والعام فی المدینة وسائر أنحاء البلاد، التی أملوا أن تتوقف الحرب فیها ویحل الأمن والاستقرار علیها والخیر والصحة والسعادة علیهم. وعبّروا عن تطلعهم إلى تحسّن مجمل الأوضاع فی البلاد، التی تشهد حرباً للعام السادس على التوالی وأمراضاً وأوبئة ومجاعة وارتفاعاً حاداً فی أسعار المواد الغذائیة ومعدلات الفقر والبطالة والاحتیاج للمساعدات الإنسانیة بالتزامن مع عدم استقرار الوضع المصرفی وقیمة العملة الوطنیة مقابل العملات الأخرى.




محتوى ذات صلة

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

القائد العام لحرس الثورة فی إیران اللواء حسین سلامی یقول إن "الانفجار الکبیر فی مصنع محرکات المضادات الدفاعیة والصواریخ حاملة الأقمار الصناعیة مؤخرا فی "إسرائیل"، أثبت هشاشة النظام الأمنی الإسرائیلی".

|

ارسال التعلیق