الشعب الفلسطینی ملّ الانقسام والشتت.. هل تحمل مبادرة حماس حلاً؟

 لا یزال الوضع الداخلی الفلسطینی یشکل هاجساً لدى الساسة والشعب على حد سواء، فالانقسام الحاصل بین الفلسطینیین لا یخدم أحداً سوى العدو الاسرائیلی، وکان هناک محاولات سابقة لانهاء الانقسام الفلسطینی واصلاح ذات البین، ولکنها باءت بالفشل، وحالیاً عادت الآمال تُعقد على إتمام المصالحة وتخطی العقبات الإقلیمیة التی یمکن أن تعترض طریقها، ولکن ما الذی یضمن نجاح المصالحة؟، وهل ستساعد التغیرات الاقلیمیة على اتمامها ام على وضع العراقیل فی وجهها؟.

العام الجدید یحمل آمالا جیدة للفلسطینیین بناءً على المبادرة الجدیدة التی اطلقتها حماس، حیث تخلت عن شرطها الخاص بإجراء الانتخابات الفلسطینیة التشریعیة والرئاسیة و"المجلس الوطنی"، بشکل متزامن، ووافقت على عقدها بالتتابع، بعد أن تلقت"ضمانات عربیة ودولیة".

المبادرة الجدیدة أعلن عنها رئیس المکتب السیاسی لحرکة "حماس" إسماعیل هنیة الأحد، إذ أکد قبول حرکته إجراء انتخابات فلسطینیة برلمانیة ورئاسیة ومجلس وطنی على التوالی لا التزامن.

وکانت حماس فی السابق تشترط إجراء جولات الانتخابات الثلاث بشکل متزامن، وهو ما تسبب فی عرقلة مباحثات المصالحة، حیث کانت حرکة فتح تطالب بإجراء الانتخابات التشریعیة أولا، تلیها الرئاسیة ثم المجلس الوطنی.

وقال هنیة فی کلمة متلفزة بثتها قناة الأقصى إن حماس أکدت استعدادها لإجراء انتخابات فلسطینیة تشریعیة (برلمانیة)، ورئاسیة، والمجلس الوطنی (برلمان منظمة التحریر الفلسطینیة) بالتوالی بضمان ترکیا ومصر وقطر وروسیا. وأضاف إن حماس تفهمت ضرورة استئناف مسیرة الحوار الداخلی، وعلى هذا بعثت رسائل إلى کل من مصر وقطر وترکیا وروسیا والرئیس الفلسطینی محمود عباس.

وتابع هنیة إن الحرکة أکدت فی الرسائل استعدادها لاستئناف الحوار الوطنی، وإنجاز اتفاق لإجراء انتخابات تنتهی فی غضون 6 أشهر.

مبادرة حماس قد تفتح الباب مجدداً أمام مصالحة قد تکون تاریخیة، وبینما وافقت حماس على طلب حرکة فتح بإجراء الانتخابات "وفقاً للقائمة الموحدة، وبالتمثیل النسبی الکامل باعتبار الوطن دائرة انتخابیة واحدة"، أعلن الرئیس الفلسطینی محمود عباس، فی وقت سابق ترحیبه بمضمون رسالة تسلمها من رئیس المکتب السیاسی للحرکة إسماعیل هنیة، حول"إنهاء الانقسام، وإجراء الانتخابات"، لتبدو المبادرة هذه المرة جدیة، وخاصة أنها نابعة من الداخل الفلسطینی ولیست بوساطة خارجیة.

لکن عدة عوامل إقلیمیة ومحلیة وإسرائیلیة ربما تکون قادرة على رسم ملامح المباحثات القادمة، أو تلقی ظلالها علیها بطریقة أو بأخرى.

الکرة الیوم بملعب الفلسطینیین، لأنهم أصبحوا على بینة ویقین تام بأن إنهاء الانقسام وتمتین الجبهة الداخلیة وإعادة بناء المؤسسات وتبنی استراتیجیة موحدة بمشارکة الکل الفلسطینی، أصبح أمرا ملحاً جداً، ویمثل الحل الامثل لجمیع الاطراف.

الجید هذه المرة ان هناک ارتیاحاً کبیراً لدى الأوساط السیاسیة وخاصة السلطة والفصائل المختلفة تجاه هذه الخطوة. وما یجعل حماس تطمئن أیضاً ضمان خمس دول للانتخابات الفلسطینیة، ووفق مصدر مطلع، فقد تواصل الرئیس الفلسطینی عباس مع تلک الدول وطلب تدخلها فی إنجاح المصالحة الوطنیة، والتی قامت بدورها بالتواصل مع قیادة الحرکة وقدمت الضمانات.

ما الذی تغیر ودفع حماس للاتجاه نحو تقدیم مبادرة جدیدة:

أولاً: توجه اسرائیل نحو إجراء انتخابات رابعة فی آذار القادم، وکذلک قدوم إدارة أمریکیة جدیدة بقیادة الدیمقراطی جو بایدن، بعد هزیمة الرئیس المتطرف دونالد ترامب فی الانتخابات.

ثانیاً: حرکة حماس على الرغم من موقفها المعارض للمفاوضات إلا أنها لا ترید أن تحمل نفسها مسؤولیة تعطیل مسار الحوار الفلسطینی من أجل المصالحة ولا ترید أن تکون خارج إطار انتخابات مفترض أنها تمنح الشرعیة للکل وتشکل بدایة للشراکة السیاسیة والاندماج فی النظام السیاسی، وبالتالی فإن الانتخابات هی المخرج الحقیقی لهذه الأزمة والتی ستزیل الحجر الأصعب فی مسار التقارب الفلسطینی.

ثالثاً: هناک خشیة من شنّ إسرائیل حرباً على غزة فی هذه المرحلة لجعل دماء الفلسطینیین مادة للمنافسة الانتخابیة بین الیمین والیمین المتشدد، بالتالی فإن الذهاب إلى المصالحة والانتخابات والبدء فی تجدید مؤسسات منظمة التحریر من شأنه أن یجنب غزة مثل هذا التصعید.

وفی16و17 تشرین الثانی الماضی، عقدت حرکتا "حماس" و"فتح"فی القاهرة لقاءات لبحث جهود تحقیق المصالحة الداخلیة وإنهاء الانقسام.

وسبق ذلک عقْدُ الحرکتین فی أیلول الماضی، لقاءً بمدینة إسطنبول الترکیة، اتفقتا خلاله على"رؤیة، ستُقدم لحوار وطنی شامل، بمشارکة القوى والفصائل الفلسطینیة".

لکن الجهود تعرقلت بعد ذلک، وتبادلت الحرکتان الاتهامات، حول الجهة المتسببة فی تعطیل جهود المصالحة. وقالت حرکة"فتح"، فی 25 تشرین الثانی الماضی، إن حوارات المصالحة الفلسطینیة،"لم تنجح"بسبب خلافات مع"حماس"حول مواعید إجراء الانتخابات.

وأُجریت آخر انتخابات فلسطینیة للمجلس التشریعی مطلع عام 2006، وأسفرت عن فوز حرکة حماس بالأغلبیة، فیما کان قد سبق ذلک بعام انتخابات للرئاسة وفاز فیها محمود عباس.

وما بین متهکم ومتندر وغاضب من مماطلة الحرکتین فی إنجاز هذا الملف العالق منذ 13 عاما، تبرز خیبة الأمل لدى المواطنین الفلسطینیین من جدیة الحرکتین فی تجاوز حالة الانقسام التی أدت إلى إضعاف الحالة الفلسطینیة، فهل ستحمل الخطوات المقبلة فی طیاتها جدیة الأطراف المتصارعة فی تسویة الخلافات أم کعاداتها السابقة؟.




محتوى ذات صلة

نتنیاهو عبث بالصاعق وخسر المعرکة

نتنیاهو عبث بالصاعق وخسر المعرکة

الحدیث عن مشهد الصورایخ التی تدک تل ابیب وتحول لیلها نهارا مهم، لاسیما وان هذا المشهد غیّر فی معادلة الصراع وغیّر قواعد الاشتباک بین المقاومة الفلسطینیة والمحتل الاسرائیلی

|

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

القائد العام لحرس الثورة فی إیران اللواء حسین سلامی یقول إن "الانفجار الکبیر فی مصنع محرکات المضادات الدفاعیة والصواریخ حاملة الأقمار الصناعیة مؤخرا فی "إسرائیل"، أثبت هشاشة النظام الأمنی الإسرائیلی".

|

السید خامنئی: الفلسطینیون أینما کانوا هم جسد واحد

السید خامنئی: الفلسطینیون أینما کانوا هم جسد واحد

المرشد الإیرانی یؤکد على أهمیة تضامن القطاعات الفلسطینیة وتلاحمها بوجه الاعتداءات الإسرائیلیة، ورئیس مجلس الشورى یدین الجرائم الإسرائیلیة، وعشرات الإیرانیین فی العاصمة طهران یتظاهرون تضامناً مع فلسطین ونصرةً للقدس وغزة.

|

ارسال التعلیق