توقیف ناقلة النفط الکوریة .. حرس الثورة الإسلامیة یصیب عصفورین بحجر واحد
أثار توقیف وحدة الحمایة البحریة التابعة لحرس الثورة الإسلامیة سفینة کوریة فی الخلیج الفارسی، موجة من التکهنات حول سبب هذا الإجراء من قبل إیران، خاصة بین مستخدمی وسائل التواصل الاجتماعی. وبحسب بحریة حرس الثورة الإسلامیة، فإن ناقلة النفط الکوریة "کانت فی طریقها من میناء الجبیل فی السعودیة إلى مومبای فی الهند، والتی تم توقیفا فی الخلیج الفارسی بسبب الانتهاکات المتکررة لقوانین البیئة البحریة".
وکانت هذه الناقلة التی تحمل اسم "هانکوک تشیمی" وطاقمها المکون من مواطنین من کوریا الجنوبیة وإندونیسیا وفیتنام ومیانمار تحمل 7200 طن من الإیثانول إلى کوریا الجنوبیة قبل توقیفها.
تُظهر حمولة هذه السفینة بوضوح أن حقیقة التلوث البحری بتوقیفها أمر مشروع وقانونی تماما، حیث أن منطقة الخلیج الفارسی وبحر عمان بسبب الظروف البیئیة الخاصة وحرکة المرور المرتفعة للسفن ، تحتاج إلى الحمایة من التلوث النفطی کأولویة قصوى. وفی هذا الصدد، انضمت حکومة الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة إلى الاتفاقیة للاستعداد والتصدی والتعاون فی مواجهة التلوث النفطیOPRC فی 20 یولیو 1997. والمنطقة التی هی تحت غطاء الخطة الوطنیة تشمل الشواطىء وجمیع المیاه الخاضعة لإشراف وسیادة الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة فی الخلیج الفارسی وبحر عمان وبحر قزوین.
وفی هذا الصدد، خصصت الجمهوریة الإسلامیة منذ عام 2012 خمس طائرات مروحیة تابعة للبحریة، وحوامتین وطائرة دوریة بحریة من خدمات النقل البحری التابع لجیش الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة و 3 طائرات هلیکوبتر من خطوط باسکو الجویة (قطاع خاص) لمراقبة المیاه الخاضعة لسیادتها. وتم تنفیذ أول رحلة تشغیلیة لطائرة هلیکوبتر Bell من طراز AB-212 للمراقبة الجویة للتلوث النفطی فی منطقتی خارک وأبو ذر (فی شمال الخلیج الفارسی) فی دیسمبر 2010 فی بوشهر. وسجلت مشاهدات هذه الدوریة الجویة عدة حالات تلوث. منذ ذلک التاریخ، یتم بشکل مستمر تنفیذ مراقبة جویة للسلامة البیئیة من خلال مروحیة Bell فی الموانئ.
رسالة إلى منتهکی القانون تحت مظلة الحمایة الأمریکیة
تسبب تدمیر الأنظمة البحریة والمیاه السطحیة فی أضرار لا یمکن إصلاحها بالبیئة. والیوم، بسبب الاستخدام الکبیر للبحر وتنوع الملوثات وسرعة تفریغها فی البحر، تقل قدرة التنقیة الذاتیة للنظم الإیکولوجیة البحریة ویمکنها بصعوبة تحیید آثار دخول هذه المواد. لهذا السبب الزمت الاتفاقیات الدولیة جمیع المستفیدین من البحر، بما فی ذلک منتجی النفط وشرکات النقل وشرکات الشحن ، اتخاذ تدابیر وقائیة ضروریة لمنع التسرب النفطی.
التعامل مع ناقلة النفط الکوریة یبعث رسالة مهمة لشرکات الشحن وخاصة شرکات النفط، مفادها أن الجمهوریة الإسلامیة تتشدد فی حمایة میاهها الإقلیمیة من عدم التلوث والتی تعد مصدر دخل لکثیر من الناس فی المحافظات الجنوبیة. ولا تسمح بالإهمال أو الاستغلال فی ظل الوجود العسکری الأمریکی فی الخلیج الفارسی.
وفی هذا الصدد ، قال المتحدث باسم وزارة خارجیة الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة سعید خطیب زاده ، إن إیران "مثل البلدان الأخرى لدیها حساسة تجاه انتهاکات مماثلة لا سیما تلوث البیئة البحریة" وستتعامل مع مثل هذه الحالات فی إطار القانون.
وأعلنت أمریکا وبعض الدول الإقلیمیة وغیر الإقلیمیة فی نوفمبر 2019 عن إطلاق تحالف بحری یسمى تحالف الأمن البحری فی الخلیج الفارسی ، مما دفع بعض حلفاء أمریکا إلى عدم الامتثال للمعاییر البحریة الدولیة من خلال الاعتماد على دعم التحالف البحری ، ومثال آخر على ذلک هو الناقلة البریطانیة أستنا إیمبرو ، التی دخلت النطاق البحری الإیرانی دون إذن. والآن ، تطالب الحکومة الأمریکیة ، دون الحدیث عن تسرب التلوث من السفینة الکوریة، باطلاق سراح السفینة الکوریة الجنوبیة فورا لإظهار أن القوة البحریة للجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة هی أعلى من أی وجود عسکری آخر والمراقب الرئیسی لتوفیر الاستقرار والأمن فی الخلیج الفارسی.
عواقب تحطیم جسور الشراکة
لکن على الرغم من شرعیة خطوة إیران، لا یمکن تجاهل أن سلوک الکوریین فیما یتعلق بالعلاقات الاقتصادیة مع إیران بعد فرض عقوبات أحادیة الجانب وغیر قانونیة وغیر إنسانیة من قبل البیت الأبیض قد أثرت على تشدد طهران تجاه انتهاک القانون من قبل ناقلة النفط الکوری. فی الواقع، قبل عودة العقوبات الأمریکیة کان لإیران وکوریا الجنوبیة علاقات اقتصادیة واسعة، بلغت ذروتها عند 12 ملیار دولار فی عام 2017.
وبعد فرض العقوبات، تجنبت حکومة سیول إعادة مطالبات النفط الإیرانیة من خلال تقلیص مشتریاتها من النفط من إیران تماشیاً مع ضغوط البیت الأبیض، وهو ما یتعارض مع العلاقات الودیة السابقة بین البلدین. وکان محافظ البنک المرکزی الإیرانی قد قدر الأصول الإیرانیة المجمدة فی کوریا الجنوبیة بمبلغ 8 ملیارات دولار ، والتی إذا تم استلامها، ستساعد طهران فی مواجهة ضغط العقوبات الأمریکیة على الشعب. ومع ذلک، یبدو أن السلوک غیر الودی للحکومة الکوریة الجنوبیة قد أثار بطریقة ما رد فعل قوی من وسائل الإعلام الإیرانیة ومستخدمی وسائل التواصل الاجتماعی على توقیف ناقلة النفط الکوریة فی الخلیج الفارسی.