هل نشهد صحوة إسلامیة فی وجه الحرب الباردة ضد الشعوب؟

 استعرض سماحة آیة الله الخامنئی القائد الأعلى للثورة الإسلامیة أثناء خطابه بمناسبة ذکرى انتفاضة 19 کانون الثانی التاریخیة، خطط الاستکبار العالمی لتشویه الحقائق التاریخیة، واصفاً إیاها بأنها من أهم مهام وکالات التجسس.

ووفق القائد الأعلى للثورة الإسلامیة: إنهم "یراقبون أحداث العالم، وبعد ذلک باستخدام کتابات الآخرین ومقالات وتحلیلات أشخاص مرموقین ومشاهیر، یعکسون ما یریدونه علی ألسنة هؤلاء، عبر سلاح المال والتهدید والتطمیع".

ومن خلال الإشارة إلى أن کل حادث له معنى ومضمون، تناول سماحته القدرة التی یتیحها وجود إمکانات اتصالاتٍ واسعة للقوى المنحازة والأیدی الخائنة، لتغییر الأحداث وتغییر محتواها وإساءة التفسیر وتحریف الرأی العام.

إیران تمنع انتشار فیروس عدم الاستقرار

من أوضح الأمثلة على تشویه الأحداث وحرفها، وکما ورد على لسان سماحة قائد الثورة، هی ما یتعلق بالعوامل التی تخلق الاستقرار وعدم الاستقرار فی المنطقة. وفی هذا الصدد، هناک کم هائل من الضخ الإعلامی والمعلوماتی، وخاصةً فی دول المنطقة المنکوبة بالأزمات، من أجل تطهیر الرأی العام من الأیدی العلنیة والسریة للتدخل الأمریکی فی خلق عدم الاستقرار وإثارة الأزمات.

فی إثبات الخطة الأمریکیة لزعزعة استقرار المنطقة، یشیر القائد الأعلى للثورة الإسلامیة إلى کلام کاتب أمریکی. إنه "مایکل لیدین" وجزء من آرائه فی کتابه بعنوان "السیاسات الرئاسیة ومسار حرب العراق الثانیة" الذی نُشر عام 2006، والذی یؤکد فیه صراحةً على الحاجة إلى عدم الاستقرار فی إیران ودول أخرى.

یقول لیدین: "إن الاستقرار مهمة أمریکیة تافهة ومفهوم مضلل. نحن لا نسعى للاستقرار فی إیران أو العراق أو سوریا أو لبنان أو حتى السعودیة. نحن نرید أن تتغیر الأشیاء. والسؤال لیس ما إذا کان ینبغی خلق عدم الاستقرار هذا أم لا، بل هو کیف ینبغی خلق ذلک".

کانت منطقة غرب آسیا مسرحًا لعدم الاستقرار والحروب والطائفیة والإرهاب وتصاعد الانقسامات الجیوسیاسیة والأیدیولوجیة والدینیة لسنوات عدیدة.

إن أحد الجذور الرئیسة لعدم الاستقرار فی المنطقة، والذی یمکن رؤیة دعم أمریکا له بوضوح، هو الکیان الصهیونی القاتل والعنصری، الذی لیس فقط بالنسبة للفلسطینیین، بل هو مصدر مهم للأزمات فی المنطقة کلها، وذلک من خلال الإرهاب والحرب والاحتلال والنزاع الطائفی والتدخل فی شؤون الدول الإسلامیة ومحاولة تقسیم الدول.

کما أن دور هذا الکیان المزیف المزعزع للاستقرار فی المنطقة، والذی یصبّ فی مصلحة أمریکا، دفع حکومات البیت الأبیض المتعاقبة إلى التأکید دائمًا على الدعم العسکری والسیاسی والمالی واللوجستی الکامل والشامل لهذا الکیان، بحیث کان الحزبان یتنافسان مع بعضهما البعض فی هذا المجال.

التزام واشنطن بالحفاظ على هذا الکیان هو بحیث إنه على سبیل المثال، حتى مع وقوع جدال شدید وحادّ بین البیت الأبیض والکونغرس خلال الأسبوع الماضی بشأن المساعدات المالیة للمواطنین الأمریکیین فی أزمة کورونا، ولکن بالتزامن مع ذلک وافق الجمهوریون والدیمقراطیون فی الکونغرس بأغلبیة ساحقة على المساعدة المالیة السنویة البالغة 3.8 ملیارات دولار للصهاینة.

وفی هذا الصدد، حاولت أمریکا وحلفاؤها الغربیون على مدى العقود الماضیة دائمًا إزالة حساسیة قضیة فلسطین لدى الدول الإسلامیة وجعلها مسألةً فرعیةً ومنسیةً.

وتتمثل إحدى الاستراتیجیات المهمة فی هذا المجال، فی خلق خلافات بین الدول الإسلامیة، وهو ما یتم عن طریق إذکاء نار الطائفیة، وإیران فوبیا، والدعایة الإعلامیة وما إلى ذلک.

من ناحیة أخرى، فإن الغربیین والکیان الصهیونی وباستخدام أدوات الحرب الناعمة المختلفة، مثل الدعایة الإعلامیة أو المنتجات الثقافیة الأخرى، وجائزة نوبل للسلام، وبرامج التدریب للیونسکو وغیرها، ومن خلال عکس التطورات، یحاولون القول للرأی العام المسلم أولاً.. إن السبیل الوحید لحمایة حقوق الشعب الفلسطینی ضد الصهاینة هو التفاوض والتخلی عن المقاومة والسلاح، وثانیًا، إنه لن یتم القضاء على هذا الکیان المزور، وأن الدول الإسلامیة مجبرة على قبول وجوده فی المنطقة لیعود السلام والاستقرار إلیها، وهذا کان موقف الدول العربیة الخائنة للقضیة الفلسطینیة فی تبریر تطبیع العلاقات مع الکیان.

لکن إضافة إلى دعم الکیان الصهیونی، کان دور أمریکا المزعزع للاستقرار فی سوریا والعراق ولبنان والیمن وأفغانستان بارزًا جدًا.

ومع ذلک، من أجل صرف الرأی العام عن حقائق أفعالهم السابقة والحالیة فی الغزو العسکری للمنطقة، والمساعدة فی إنشاء وتجهیز ودعم الجماعات الإرهابیة مثل داعش والقاعدة، وفرض العقوبات وممارسة الضغوط الاقتصادیة، والتدخل الواسع فی الوضع السیاسی والاجتماعی، ودعم القوات الانفصالیة، وإنشاء قواعد عسکریة مختلفة وما شاکل ذلک، یروِّجون أن سیاسات محور المقاومة هی سبب عدم الاستقرار ووصول البلدان إلى هذه المرحلة الحرجة والمتأزمة. وینتشر هذا الاتهام الکاذب على نطاق واسع فی وسائل الإعلام ووسائل التواصل الأخرى، عبر إنفاق مبالغ باهظة.

وبینما شکَّل الدور الإقلیمى لإیران عاملاً للاستقرار فی العراق وسوریا ولبنان وفلسطین والیمن، لمواجهة الإرهاب والدفاع عن سیادة هذه الدول وسلامة أراضیها ضد العدوان الخارجی، استخدمت أمریکا الإرهاب فی البدایة کأداة لخدمة مصالحها فی المنطقة، وهی تفکر فی استمرار وجودها العسکری فی العراق بهذه الذریعة. حتی إن اغتیال قادة المقاومة(اللواء سلیمانی وأبو مهدی المهندس)، أظهر أنها بحاجة للإبقاء علی داعش.

وثانیاً، کثفت الضغوط الاقتصادیة على سوریا ولبنان لإحداث المزید من الأزمات فی هذین البلدین، وثالثاً دعمت المعتدین والمجرمین بشکل کامل فی حربی سوریا والیمن.

فی الواقع، نظرًا لأنه فی العالم الحالی المتشابک، لا یمکن للبلدان تجاهل التطورات المحیطیة والاقلیمیة والاهتمام بأمنها القومی ومصالحها الوطنیة فی نطاق أراضیها فحسب، فإن جمهوریة إیران الإسلامیة، التی لدیها العدید من الأعداء الألداء لزعزعة استقرارها، ترى حضورها الإقلیمی ودعم حلفائها فی محور المقاومة ضروریاً من أجل الحفاظ على الاستقرار ومواجهة التهدیدات والمخططات المشؤومة لأمریکا والکیان الصهیونی.

هذا فی وقت تتزاید فیه موجة الصحوة الإسلامیة بین الشعوب الإسلامیة ووعی الرأی العام الإسلامی بالدور المنافق والمزعزع للاستقرار لأمریکا والکیان الصهیونی. کما أن الحرب الناعمة التی تشنها أمریکا والدول الغربیة الأخرى ضد محور المقاومة، لم تعد تتمتع بقوة التأثیر والقبول التی یتوقعها أصحابها.




محتوى ذات صلة

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

القائد العام لحرس الثورة فی إیران اللواء حسین سلامی یقول إن "الانفجار الکبیر فی مصنع محرکات المضادات الدفاعیة والصواریخ حاملة الأقمار الصناعیة مؤخرا فی "إسرائیل"، أثبت هشاشة النظام الأمنی الإسرائیلی".

|

السید خامنئی: الفلسطینیون أینما کانوا هم جسد واحد

السید خامنئی: الفلسطینیون أینما کانوا هم جسد واحد

المرشد الإیرانی یؤکد على أهمیة تضامن القطاعات الفلسطینیة وتلاحمها بوجه الاعتداءات الإسرائیلیة، ورئیس مجلس الشورى یدین الجرائم الإسرائیلیة، وعشرات الإیرانیین فی العاصمة طهران یتظاهرون تضامناً مع فلسطین ونصرةً للقدس وغزة.

|

ارسال التعلیق