الانتخابات الفلسطینیة..التحدیات والحلول

حتى کتابة هذه السطور هناک أجواء ایجابیة بین حرکتی فتح وحماس، على خلفیة مبادرة حرکة حماس بإجراء انتخابات تشریعیة بالتوالی، والجدید الیوم اعلان لجنة الإنتخابات المرکزیة الفلسطینیة جاهزیتها، لاجراء الانتخابات التشریعیة فی الاراضی الفلسطینیة بعد صدور المرسوم الرئاسی بـ 120 یوما، ویعتقد البعض أن معوقات کثیرة ستواجه هذه اللجنة، أهمها اجراء الانتخابات فی القدس، فی ظل تأکیدات الاحتلال على عدم السماح بإجرائها فی المدینة المقدسة.

ما هی تفاصیل التوافق بین فتح وحماس؟

الجمیع متحمس لأن ینتهی الخلاف بین فتح وحماس وهناک بوادر ایجابیة فی الاجواء، بعد أن کان الحوار بین الطرفین توقف عند نقطة التتالی والتزامن فی الانتخابات، إذ أرادت "حماس" أنّ تکون الانتخابات عامة وشاملة وفی وقت واحد، غیر أنّ السلطة وحرکة "فتح" أرادتاها متتالیة، بدءاً بانتخابات المجلس التشریعی ومن ثم الرئاسة. وکانت تتجاهل الحدیث عن انتخابات المجلس الوطنی. ونتیجة لغیاب الثقة بین الطرفین انفضّت جلسات حوار القاهرة بکثیر من التشنّج وبالعودة إلى التراشق الإعلامی. لکن بعد أیام فقط، حصلت "حماس" على ما کانت تنتظره: وعود من دول صدیقة تؤکد إجراء السلطة الفلسطینیة کل الاستحقاقات الانتخابیة، بدءاً من التشریعیة، مروراً بالرئاسة، وصولاً إلى انتخابات المجلس الوطنی، وذلک فی مدة أقصاها ستة أشهر. وفی کثیر من الأوقات، کانت "حماس" تخشى أنّ یتم اقتصار الخروج من الحالة الفلسطینیة الراهنة بالذهاب إلى انتخابات تشریعیة فقط، وهو ما یعنی نزع الشرعیة عنها، ولا سیما أنها صاحبة الأغلبیة فی آخر انتخابات برلمانیة فی عام 2006.

قراءة للمرحلة المقبلة

أولاً: هناک تخوف من دون ادنى شک من فشل الانتخابات وعدم قدرتها على رأب الصدع بین الأطراف الفلسطینیة، ولکن البعض لا یزال یملک أملاً ولو صغیراً بأن یمهد الاتفاق الجدید لحالة فلسطینیة جدیدة ونقلة نوعیة تضع الفلسطینیین على المسار الصحیح، لأن وحدة الفلسطینیین هی الحل للخروج من الأزمات العالقة والتی تفرضها اسرائیل بمساعدة بعض الانظمة العربیة، وحتى الفلسطینیین أنفسهم یعلمون تماما أنه من دون وحدة لن یکون هناک انفراجة.

ثانیاً: فی حال فشلت الانتخابات المقبلة سیکون الفلسطینیین فی مأزق حقیقی لأن ذلک سیوسع الهوة وسیصبح من الصعب جدا تنظیم الأمور، وسیکون أمل الفلسطینیین ذهب هباء منثورا، لذلک على جمیع الاطراف ان تعی جیدا خطورة الفشل فی مثل هذه المرحلة.

ثالثاً: لاشک بأن العدو الصهیونی سیستمر فی محاولة إفشال الانتخابات الفلسطینیة ولن یسمح بإجرائها فی مدینة القدس، وبالتالی على القیادات الفلسطینیة ان تجد الحلول لمثل هذه المعضلة. ومن أبرز العقبات الأخرى محکمة الانتخابات التی لم تنجز، والأمن المشرف على تنفیذها ومتابعتها، فی ظل عدم اعتراف السلطة الفلسطینیة بأمن غزة الذی تدیره "حماس"، وهامش الحریة الممنوح للطرف الآخر، لا سیما لـ"حماس" فی الضفة الغربیة، إضافة إلى عقبات خارجیة متوقعة أبرزها رفض الاحتلال الإسرائیلی إجراء الانتخابات فی القدس المحتلة، ووصول الرئیس الأمریکی الجدید الذی یعتقد البعض انه سیساهم فی تخفیف حدة التوتر التی فرضها الرئیس الامریکی دونالد ترامب ولکن من یستطیع التنبوء ان کان بالفعل یرید أن یفعل ذلک، ما هی الضمانات؟.

رابعاً: الانتخابات ضروریة لقیادتی فتح وحماس، لکونها تمنحهم شرعیة من جدید، والانتخابات من حیث المبدأ هی الأداة الأمثل للوصول إلى وحدة وطنیة فلسطینیة حقیقیة، إلا أن الفصائل والقوى، طالما ارتضت فیما بینها الاحتکام إلى صندوق الانتخابات، فعلیها تحمل النتائج فیما بعد. وهنا یؤکد خبیر أن التوافقات الوطنیة وبناء النظام السیاسی بکل جزئیاته هی السبیل الأمثل للوصول إلى حلول جدیة للحالة الفلسطینیة الراهنة، محذراً من الاجتزاء والفصل ما بین منظمة التحریر ککیان مستقل لا ینبغی اعادة بنائها وبین السلطة، فالمطلوب فلسطینیاً هو إعادة بناء النظام السیاسی بشکل کامل، سواء السلطة أو المنظمة.

خامساً: حرکة حماس على الرغم من موقفها المعارض للمفاوضات إلا أنها لا ترید أن تحمل نفسها مسؤولیة تعطیل مسار الحوار الفلسطینی من أجل المصالحة ولا ترید أن تکون خارج إطار انتخابات مفترض أنها تمنح الشرعیة للکل وتشکل بدایة للشراکة السیاسیة والاندماج فی النظام السیاسی، وبالتالی فإن الانتخابات هی المخرج الحقیقی لهذه الأزمة والتی ستزیل الحجر الأصعب فی مسار التقارب الفلسطینی.

سادساً: هناک خشیة من شنّ إسرائیل حرباً على غزة فی هذه المرحلة لجعل دماء الفلسطینیین مادة للمنافسة الانتخابیة بین الیمین والیمین المتشدد، بالتالی فإن الذهاب إلى المصالحة والانتخابات والبدء فی تجدید مؤسسات منظمة التحریر من شأنه أن یجنب غزة مثل هذا التصعید.

فی الختام؛ الفلسطینیون أمام استحقاق کبیر وعلیهم ان یکونوا على قدر صعوبة هذه المرحلة، لأن وحدتهم هی الحل وکل ما عجا ذلک سیؤدی لا محالة إلى مزید من الانقسام والتشرذم وهذا ما تریده اسرائیل وتعمل علیه.




محتوى ذات صلة

نتنیاهو عبث بالصاعق وخسر المعرکة

نتنیاهو عبث بالصاعق وخسر المعرکة

الحدیث عن مشهد الصورایخ التی تدک تل ابیب وتحول لیلها نهارا مهم، لاسیما وان هذا المشهد غیّر فی معادلة الصراع وغیّر قواعد الاشتباک بین المقاومة الفلسطینیة والمحتل الاسرائیلی

|

السید خامنئی: الفلسطینیون أینما کانوا هم جسد واحد

السید خامنئی: الفلسطینیون أینما کانوا هم جسد واحد

المرشد الإیرانی یؤکد على أهمیة تضامن القطاعات الفلسطینیة وتلاحمها بوجه الاعتداءات الإسرائیلیة، ورئیس مجلس الشورى یدین الجرائم الإسرائیلیة، وعشرات الإیرانیین فی العاصمة طهران یتظاهرون تضامناً مع فلسطین ونصرةً للقدس وغزة.

|

ارسال التعلیق