الاحتلال الأمریکی وسرقة ثروات السوریین
لم یأتِ على مر العصور احتلال أقذر من الاحتلال الأمریکی الذی لا یملک ذرة أخلاق واحدة فی التعاطی مع شعوب العالم. لدیه قدرة لا تصدق بالاعتداء على کرامات الشعوب وسیادة الدول دون أن یرف له جفن، وما فعله فی فیتنام وأفغانستان والعراق وغیرها من الدول خیر دلیل على ذلک.
فی هذه المرحلة یتمرکز الاحتلال الأمریکی فی شمال شرق سوریا، المنطقة التی کانت تفیض على سوریا بالخیرات، وهی بالحقیقة غلة سوریا ومرکز مؤنها من المحاصیل الزراعیة والثروات النفطیة، ونظرا لوجود الاحتلال الأمریکی سابقا فی العراق، وجد فی الشمال السوری خاصرة رخوة یمکن احتلالها لسببین:
الأول: المساحات الشاسعة التی تمتد علیها هذه المنطقة وعدم قدرة الدولة السوریة على ارسال أعداد کافیة لحمایتها
الثانی: وجود "الأکراد" حلفاء أمریکا، الذین یقدمون لها ما ترید ویساعدوها فی سرقة خیرات سوریا وتهریبها، ویقبلون بکل سرور أن تستخدمهم واشنطن کأدوات لمشاریعها القذرة.
قبل یومین أخرجت قوات الاحتلال الامریکی رتل آلیات محملاً بالشعیر المسروق من الأراضی السوریة إلى شمال العراق عبر معبر الولید غیر الشرعی فی ریف الیعربیة. ووفق وکالة "سانا" قالت مصادر محلیة: إن "الرتل یضم 50 شاحنة مع عدد من البرادات خرجت من مدینة المالکیة إلى معبر الولید غیر الشرعی متجهة إلى الأراضی العراقیة".
ولفتت المصادر إلى قیام الاحتلال الأمریکی "بعملیات سرقة منظمة للحبوب المنتجة من الحقول السوریة آخرها سرقة القمح من صومعة الطویبة ومن مستودعات شرکة نما".
وتستمر عملیات السرقات الأمریکیة فی نهب الثروات السوریة وخصوصاً النفط والحبوب بشکل یومی وتحت حمایة میلیشیا "قسد" التی تسهلّ عملیات دخول وخروج المستعمر الذی یقوم یوماً بعد یوم بعملیات السرقة العلنیة.
ونظراً لما تقوم به "قسد" بدعم أمریکی نفذ أبناء مدینة القامشلی السوریة وقفة وطنیة احتجاجیة فی حی طی الیوم رفضاً لممارسات میلیشیا "قسد" الرامیة للتضییق على الأهالی ومحاصرتهم فی أحیائهم ومنع دخول المواد الغذائیة إلیهم أو نقل الحالات الإسعافیة الحرجة الأمر الذی یهدد بأزمة إنسانیة.
وتحاصر "قسد" حی طی وحی حلکو فی مدینة القامشلی وتمنع إدخال المواد الغذائیة إلى أهالی الحی بهدف الضغط علیهم للرضوخ لممارسات المیلیشیا الإجرامیة.
کما جدد المشارکون رفضهم للاحتلال الترکی الذی یحتل الأرض وینهب المحاصیل الزراعیة ویحرق الأراضی ویعتدی بشکل یومی مع مرتزقته الإرهابیین على الأهالی الآمنین فی منازلهم وقراهم إضافة إلى استهدافهم البنیة التحتیة والمرافق الخدمیة ولا سیما محطات المیاه والکهرباء ما یؤدی الى خروجها من الخدمة لفترات طویلة.
سرقة القمح والنفط
لیس جدیداَ على أمریکا سرقة المحاصیل السوریة والانتقام من السوریین، ففی وقت سابق أقدمت طائرات تابعة للجیش الأمریکی على إحراق مئات الدونمات من حقول القمح والشعیر عبر رمیها "بالونات حراریة" فوق الأراضی الزراعیة فی خمسة قرى بریف بلدتی تل براک والهول جنوب شرقی الحسکة السوریة
وقال تقریر لموقع "إنترناشونال بزنس تایمز" الإخباری الأمریکی، إن مجموع المساحات التی أحرقتها القوات الأمریکیة، یوم 17 مایو، تجاوزت الـ300 هکتار، تتوزع على أریاف حلب والرقة والحسکة.
ما قامت به واشنطن یعد خرقا واضحا للقانون الدولی، وجریمة إتلاف متعمد للإضرار بالأمن الغذائی السوری، ومع ذلک لا أحد یجرأ أن یتحرک أو یقف فی وجه أمریکا فی المحافل الدولیة.
هذا الإتلاف الإجرامی لمحصول مهم جدا لتحقیق الأمن الغذائی یدخل فی إطار حرب الحصار الاقتصادی والتجویع التی تمارسها أمریکا ضد الشعب السوری، ودولته بهدف تطویعه سیاسیاً للإرادة الأمریکیة، أو محاولة تغییر حکومته الوطنیة عبر الضغط الاقتصادی بعد أن فشل العدوان الإرهابی والعدوان المباشر فی تحقیق هذا الهدف.
لم تکتفِ واشنطن بحرق المحاصیل وسرقتها، بل عمدت الى تطبیق قانون "قیصر" الذی یصعد الإجراءات القسریة أحادیة الجانب غیر المشروعة دولیاً تجاه الدولة والشعب السوریین؟.
الهدف الثانی من حرق المحاصیل هو إفقار أصحاب الأرض من السکان المحلیین وإجبارهم تحت ضغط الحاجة والفاقة على العمل مع قوات الاحتلال الأمریکی والترکی ولإرغامهم على الموافقة على إرسال أبنائهم للقتال فی صفوف المجموعات الإرهابیة التی تدعمها وخاصة فی ظل تنامی الرفض الشعبی لوجود قوات الاحتلال ومرتزقته فی المنطقة حیث اعترضوا خلال الأشهر القلیلة الماضیة عشرات المرات آلیات ومدرعات لقوات الاحتلال الأمریکی وتصدوا لها وأجبروها على العودة إلى قواعدها غیر الشرعیة.
أمریکا سرقت ایضاً البذور السوریة، لأن زراعتها تعانی عدة مصاعب خلال السنوات الأخیرة، جراء انتشار أمراض تصیب النباتات وارتفاع درجة الحرارة فی الوسط الغربی للبلاد لما بین درجة ودرجتین فهرنهایت، وهو رقم یفوق المعدل الطبیعی للقرن العشرین، کما أن المدة الفاصلة بین هطل الأمطار تزداد تباعدا. وسعى العلماء إلى إیجاد بدائل طبیعیة غیر مضرة لإنقاذ المحاصیل الأمریکیة من تبعات التغیر المناخی والأمراض التی تنخر النبات، وبعد بحث طویل، جاء الحل من سوریا.
وتستمد البذور السوریة قوتها مما اکتسبته من جینات ذکیة راکمتها لآلاف السنین، الأمر الذی سیجعلها حلاً مثالیاً لمجابهة الحشرات التی تفتک بالمحاصیل الأمریکیة.
فی الختام؛ ما تقوم به واشنطن یأتی فی سیاق الحرب الإرهابیة والاقتصادیة الأمریکیة والغربیة ضد الشعب السوری وهی مخطط أمریکی معد مسبقاً وبأوامر مباشرة من الرئیس الأمریکی دونالد ترامب، وفی موازاة ذلک تعمد قوات الاحتلال الترکی ومرتزقته إلى سرقة المحاصیل عبر الضغط على الأهالی لبیعها بأرخص الأثمان وتهریبها إلى الأراضی الترکیة حیث أدخلت أمس عدداً من الحصادات إلى منطقة رأس العین المحتلة بریف الحسکة الشمالی لسرقة محاصیل الفلاحین الزراعیة وتهریبها إلى الأراضی الترکیة وکذلک الاستیلاء على جزء من الإنتاج بعد تهدید الفلاحین بإحراق حقول القمح والشعیر فی حال لم یمتثلوا للضغوطات التی فرضت علیهم.
