أمریکا تغرز حقدها فی جسد المقاومة الیمنیة!
بینما أعلنت أمریکا مؤخرًا أنها ستضع "أنصار الله" على قائمة عقوباتها، تستمر المخاوف بشأن هذا التحرک الأمریکی.
وقالت وزارة الخارجیة فی بیان صدر مؤخراً نقلا عن بومبیو، أنه "أنوی إعلان قادة أنصار الله الثلاثة، عبد الملک الحوثی، وعبد الخالق بدر الدین الحوثی، وعبد الله یحیى الحکیم، إرهابیین عالمیین".
یأتی القرار الأمریکی فی الوقت الذی لم تتخل فیه السعودیة، أقرب حلیف لواشنطن، عن أی جرائم أو أعمال غیر إنسانیة خلال الحرب ضد الیمن.
فی الواقع، منذ بدایة عدوانها على صنعاء، لم تترک السعودیة أی أسلحة غیر تقلیدیة بحوزتها، واستخدمت جمیع أنواع هذه الأسلحة بوحشیة غیر مسبوقة تحت رعایة الولایات المتحدة والکیان الصهیونی.
ووفقًا لتقاریر دولیة عدیدة، بما فی ذلک تلک التی نشرتها هیومن رایتس ووتش، تستخدم السعودیة أسلحة الیورانیوم والفسفور الأبیض فی هذه الحرب، وکذلک القنابل الفراغیة والقنابل العنقودیة ضد المدنیین الیمنیین المشردین، وجمیعهم من النساء والأطفال.
وبهذه الطریقة، تنتهک السعودیة جمیع معاییر القانون الدولی وحقوق الإنسان، وتظهر مدى إجرامها وعنفها، والإفراط فی استخدام القوة دون إشراف الأمم المتحدة.
وقد أدى عدم اهتمام أمریکا والأمم المتحدة والأوساط الدولیة الأخرى بالجرائم الکبرى التی ترتکبها السعودیة بحق الشعب الیمنی، إلى استئناف الریاض إجراءاتها المخالفة للمعاهدات والاتفاقیات الدولیة.
لقد تم حظر استخدام الأسلحة المحظورة دولیًا بموجب إعلان سانت بطرسبرغ لعام 1868. کما سعت اتفاقیات "لاهای" لعام 1907 أیضًا إلى الحد من استخدام الأسلحة المختلفة فی النزاعات المسلحة.
المادة 23 من هذه الاتفاقیة تحظر إطلاق الصواریخ وتدمیر المبانی المدنیة العامة والخاصة. لکن الریاض مازالت تنتهک المادة 25 من الاتفاقیة، التی تؤکد على حظر الهجمات أو القصف الصاروخی للمدن والقرى والمنازل والمبانی غیر المحمیة والمدنیة بأی وسیلة کانت.
الوضع الإنسانی فی الیمن آخذ فی التدهور
سیؤدی وضع اسم أنصار الله الیمنیة على قائمة الإرهاب من قبل الولایات المتحدة، إلى تفاقم الوضع الإنسانی فی هذا البلد الفقیر الذی مزقته الحرب.
وهذا ما اعترفت به منظمة أطباء بلا حدود أیضاً، حیث وصفت التحرک الأمریکی لوضع أنصار الله الیمنیة على قائمة الجماعات الإرهابیة بأنه "کارثی"، مؤکدةً أن التحرک لتقدیم الإغاثة للشعب الیمنی الذی یمر بالأزمة قبل هذا القرار، سیواجه المزید من التعقید والصعوبة.
کذلک، أکد رئیس منظمة أطباء بلا حدود فی باریس، فی مقابلة مع یورونیوز، أنه مع حظر أمریکا لأنصار الله الیمنیة، لن تتعاون البنوک الأوروبیة والدول الأخرى فی تحویل الأموال لشراء الأدویة والإغاثة إلى الیمن، وستتعطل عملیة تقدیم المساعدات للیمن.
هذا فی حین أن الیمن یواجه حالیًا أسوأ أزمة إنسانیة، وسیؤدی تعطیل عملیة تقدیم المساعدات لهذا البلد إلى تفاقم الوضع الإنسانی.
وفی هذا الصدد، قال" مارک لوکوک" مساعد الأمین العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانیة ومنسق الإغاثة فی حالات الطوارئ، فی اجتماع لمجلس الأمن، إن اعتبار جماعة أنصار الله الیمنیة جماعةً إرهابیةً یمکن أن یؤدی إلى مجاعة شدیدة "غیر مسبوقة فی الأربعین عاماً الماضیة".
وحذر لوکوک من أن نحو 50 ألف یمنی "یتضورون جوعاً حتى الموت الآن، وهی مجاعة محدودة النطاق نوعاً ما". کما أن خمسة ملایین شخص یعیشون فی ظروف قریبة من المجاعة الکاملة.
من جهته قال "دیفید بیزلی" المدیر التنفیذی لبرنامج الأغذیة العالمی التابع للأمم المتحدة، إن المنظمة تواجه مشاکل خطیرة فی الیمن قبل تنفیذ القرار الأمریکی، محذراً من أن "الوضع سیصبح کارثیًا بعد ذلک".
المزید من الجمود فی الوصول إلى حل سیاسی فی الیمن
لکن لیس فقط الوضع الإنسانی والأزمة الصحیة فی الیمن هی التی ستُعقَّد بفعل العقوبات الأمریکیة، بل أیضًا سیصبح الوضع السیاسی فی الیمن غامضًا وربما یصل إلى طریق مسدود، فی نفس الوقت الذی تحاول فیه الولایات المتحدة وضع أنصار الله علی قائمة الجماعات الإرهابیة.
وفی هذا الصدد، حث المندوب الدائم لروسیا لدى الأمم المتحدة أمریکا على إعادة النظر فی قرارها وصف حرکة أنصار الله الیمنیة بـ "الإرهابیة". وصرح مندوب روسیا الدائم لدى الأمم المتحدة "فاسیلی نیبینزیا" أمام اجتماع لمجلس الأمن، بأن قرار الولایات المتحدة قد تکون له "عواقب وخیمة" على عملیة السلام فی الیمن.
وقال نیبینزیا إن "هذا القرار لا یشکل فقط تهدیداً لتعقید الوضع الإنسانی فی الیمن، ولکنه أیضا تهدید لفشل جهود الأمم المتحدة لبدء المفاوضات بین الأطراف المعنیة".
وأضاف "بالنظر إلى أن هذا القرار لم ینفذ بعد، فإننا نحث الولایات المتحدة على إعادة النظر فیه". وقال نیبینزیا "إذا ارتکبنا الآن أخطاء لا تغتفر، فهذا سیهدد التسویة فی المستقبل، وسیحبط الجهود التی بذلت على مر السنین فی هذا المجال".
حتى إن "مارتن غریفیث" المبعوث الخاص للأمین العام للأمم المتحدة إلى الیمن، قال لأعضاء مجلس الأمن الـ 15 إنه قلق من أن القرار الأمریکی سیکون له "تأثیر رهیب" على جهوده لتقریب المجموعات المختلفة فی الیمن، وطالب بإلغاء القرار على الفور لأسباب إنسانیة.
وإذ أشار مارتن غریفیث إلی أن المصالحة بین الأطراف الیمنیة ممکنة، قال: نشعر بالقلق من أن یکون لإدراج أنصار الله فی قائمة المنظمات الإرهابیة تأثیر مقلق على جمیع الأطراف المعنیة.
مع ذلک، لم یتضح بعد ما إذا کانت أمریکا ستعید النظر فی قرارها العدائی ضد الشعب الیمنی أم لا، لکن الواضح هو أن التحرک الأمریکی الأخیر لحظر أنصار الله ووضع اسم هذه الحرکة الشعبیة على قائمة الإرهاب، سوف یؤثر على حیاة الشعب الیمنی أکثر من أی شیء آخر، والوضع فی الیمن قد یسوء أکثر مما هو علیه.