مناورات الرسول الأعظم (ص) للقوات الجویة للحرس الثوری الإیرانی... 7 نقاط مهمة
یمکن اعتبار المرحلة الخامسة عشرة لمناورات "الرسول الأعظم(صلى الله علیه وآله سلم) الصاروخیة إلی جانب الطائرات المسیرة، واحدة من أکبر التدریبات والمناورات وربما أهمها فی العقد الماضی، وذلک بسبب العرض العملی والمذهل للطائرات المسیرة المسلحة والانتحاریة، إلى جانب إعادة عرض إطلاق کمیات کبیرة من الصواریخ البالیستیة فی آن واحد، الأمر الذی کشف للعالم مرةً أخرى قوة وتوازن برنامج الصواریخ الإیرانی بعید المدى، والذی اشتاق إلی رؤیته محبو الثورة الإسلامیة منذ فترة طویلة.
فی الأشهر الأخیرة، وخاصةً فی الأسابیع الأخیرة، وضعت الحکومة الأمریکیة والقوات الإرهابیة التابعة للقیادة المرکزیة فی المنطقة القریبة من إیران، حجماً کبیراً من السلوک الاستفزازی على جدول أعمالهم، من بینها نشر قاذفات B-52، والأمر بتوقف حاملة طائرات فی شمال المحیط الهندی، ومناورات جویة وإطلاق عدد کبیر من الطائرات المقاتلة وطائرات التزود بالوقود بالقرب من الحدود الإیرانیة، وطبعاً نشر غواصة نوویة من طراز أوهایو مزودة بصواریخ کروز.
من الواضح أن هذا النوع من الاستفزارات کان یتطلب استجابةً محددةً. بدأ الرد بتدریبات بطائرة دون طیار للجیش أظهرت فیها الطائرات دون طیار الانتحاریة والمسلحة قوتها، وفی الخطوة الثانیة، أطلقت البحریة صواریخ کروز وطوربیدات.
مع الانتهاء من هذا الجزء من المهمة، حان الوقت لوحدة الردع والاستجابة الرئیسیة فی إیران لدخول المیدان، وهی سلاح الجو التابع للحرس الثوری الإیرانی.
التعرف علی ثلاثة نجوم فی مناورات الحرس الثوری
فی الجزء الصاروخی من المناورات، والذی تم بإطلاق عدد کبیر من الصواریخ فی وقت واحد ومن أجل استهداف أهداف مرکزة، تم استخدام صاروخین بالیستیین هما "ذو الفقار" و"دزفول"، وکلاهما تطورا على أساس عائلة "فاتح 110".
وکان صاروخ "زلزال" المستخدم فی هذه المناورات، هو فی الواقع النموذج الأساسی الذی بنیت علیه عائلة "فاتح".
القفزة المهمة فی مجال صواریخ الوقود الصلب قصیرة المدى والتکتیکیة على أساس عائلة فاتح 110، کانت صاروخ ذو الفقار، والذی تبین لاحقًا أن له تأثیرات استراتیجیة، على الرغم من أنه تم تصمیمه على المستوى التکتیکی.
قیل إن هذا الصاروخ یبلغ مداه 700 کم ومجهز برأس حربی یبلغ حوالی 550 کجم. وأظهر عرض صور عینات إنتاج هذا الصاروخ فی 25 أکتوبر 2016، أن ذو الفقار أکمل عملیة الاختبار بهدوء وهو جاهز للتسلیم إلى سلاح الجو فی الحرس الثوری الإیرانی. یُذکر أن هذا الصاروخ استُخدم فی معاقبة إرهابیی داعش والقیادة المرکزیة "سنتکام".
الخیار التالی هو صاروخ "دزفول"، الذی تم الکشف عنه عام 1397. النقطة المهمة هی تغییر شکل أنف "ذو الفقار" و"دزفول".
عبر الرجوع إلى مصادر علمیة موثوقة على الإنترنت فی مجال معرفة الصواریخ، یمکننا أن نرى أن هذا النموذج یستخدم عندما تکون سرعة الصاروخ تفوق سرعة الصوت(أعلى من 5 أضعاف سرعة الصوت)، ولتقلیل الحرارة الناتجة فی هذه السرعات، فإن الحل هو زیادة انحناء طرف الأنف، ما یؤدی إلى تقلیل انتقال الحرارة إلى الصاروخ.
إضافة إلى استخدام هذا التصمیم، تُستخدم أیضًا المواد القابلة للتلف التی یتم تدمیرها بالحرارة للحفاظ على الجزء السفلی آمنًا، وهو ما تؤکده صور صواریخ دزفول وذوالفقار.
سنناقش فیما یلی الطیران السریع والعرض الخاص لهذه الصواریخ فی المناورات الجدیدة.
أما الخیار الأخیر فهو صاروخ زلزال المدفعی. کان هذا الصاروخ من عیار 610 ملم، فی الواقع سلاحًا على غرار عائلة فتح، وبطریقة ما یمکن اعتبار دزفول وذوالفقار أبناء صاروخ "زلزال".
یبلغ مدى هذا الصاروخ 210 کیلومترات، ویبدو أنه تمت ترقیته، وفی الصور المتعلقة بهذه المناورات، هنالک نقطة مثیرة للاهتمام حول هذا الصاروخ، سنذکرها فیما یلی.
سبع نقاط مهمة حول الإطلاق الصاروخی للحرس الثوری الإیرانی
فی السلسلة الأولى من مناورات الرسول الأعظم(صلى الله علیه وآله وسلم)، والتی شهدت أول إطلاق صاروخی کبیر فی إیران، کانت معظم الصواریخ مثل سلسلة "شهاب"، کواحدة من أولى سلاسل الإنتاج الإیرانی بالوقود السائل، والتی کانت المرحلة الرئیسة من المناورات.
لکن خلال هذه السنوات، ظهرت نماذج جدیدة من عائلة "فتح" الکبیرة، وجعلت جمهوریة إیران الإسلامیة مالکةً لصواریخ تکتیکیة تعمل بالوقود الصلب.
کانت الرسالة المهمة الأولى للتدریبات إلى الغرب، هی الحجم الکبیر لمنصات الإطلاق المتنقلة المجهزة بصواریخ بالیستیة والتی تعمل بالوقود الصلب. فی الوقت نفسه، کان من الواضح أن منصات الإطلاق التی تحمل صاروخ "دزفول"، کان لدیها مکان لحمل صاروخین، ولکنها تزوَّدت بصاروخ واحد بسبب کون الظروف تدریبیةً.
والنقطة المهمة الثانیة کانت الحجم الکبیر للصواریخ التی تم إطلاقها بما یتناسب مع هذه التدریبات العسکریة. ووفق التقاریر، فقد تم إطلاق ما لا یقل عن 15 صاروخاً بالیستیاً تکتیکیاً وصواریخ من نوع ذوالفقار ودزفول وزلزال. وهذا یشیر إلى أن الصواریخ المعنیة قد تم إنتاجها بأعداد کبیرة، وعندما تُستخدم بأعداد کبیرة فی تدریب عسکری، فهذا یعنی أنها باتت جاهزةً للعمل بشکل کامل.
النقطة الثالثة هی إظهار دقة هذه الصواریخ عدة مرات. ففی هذا التمرین العسکری، تم تحدید بعض الأهداف لصواریخ سلسلة دزفول، وبعض الأهداف الأخرى لصواریخ سلسلة ذو الفقار. وتتضمن الأهداف فی هذا التمرین حاویات وبعض النقاط التی تم تمییزها بأقمشة بیضاء وزرقاء، وتبین أن الصواریخ أصابت بالضبط داخل هذه المجموعة من النقاط.
وکانت النقطة الرابعة هی الإطلاق من مسافة قصیرة وترکیز النار على نقطة واحدة. ویبدو أن الهدف فی هذا التمرین لم یکن الاستهداف الدقیق، بل ترکیز النار على الهدف بمساحة أکبر.
وإذا ألقینا نظرةً أخرى على صور الأقمار الصناعیة للهجوم على قاعدة عین الأسد قبل نحو عام، أو على الوضع العام للقواعد الأمریکیة حول إیران، فسنرى مزیجاً کبیراً من الخیام ومبانی القیادة، وبالطبع حظائر طائرات الهلیکوبتر المؤقتة والطائرات والمسیرات فی هذه المناطق، ومن خلال ترکیز النار فی نقطة واحدة - على سبیل المثال باستخدام 5500 کجم من الرؤوس الحربیة - ستکون الخسائر والأضرار التی تلحق بالعدو بحد أقصى.
ویُستخدم ذلک بشکل مشابه فی مجال المدفعیة المیدانیة، وعادةً مع قذائف مدفع من عیار 155 ملم تحت عنوان Multiple Rounds Simultaneous Impact، أو MRSI اختصاراً.
وخلالها تُطلق المدفعیة عدة رصاصات نحو نقطة ما فی زوایا مختلفة من الأنبوب، ما ینظم الوقت الذی تستغرقه الرصاصات للوصول إلى الهدف، بطریقة تنفجر الرصاصات على مسافة قصیرة جدًا من بعضها البعض وفی وقت قریب، ویسبب أقصى ضرر للهدف.
وفیما یلی النقاط التالیة حول هذه التدریبات العسکریة. کانت المسألة الأولى هی الجودة العالیة للصور التی نشرت من هذه التدریبات العسکریة، لدرجة أنه تم استخراج حتى الصور عالیة الجودة للرؤوس الحربیة المنفصلة عن الصواریخ، وفی الفترة القصیرة ذاتها التی مرت منذ نشر الصور، شهدنا انتشارها على نطاق واسع لیس فقط فی وسائل الإعلام المحلیة ولکن أیضًا بین المهتمین ووسائل الإعلام الأجنبیة.
وهذا الإجراء یعتبر فی الواقع خطوةً محسوبةً فی لعبة الحرب النفسیة والتصدی لأفعال مثل الإعلان فی وسائل الإعلام عن وجود القاذفات أو الغواصات النوویة فی الخلیج الفارسی.
لکن هناک نقطة مهمة أخرى، والتی تعتبر من أهم رسائل هذه المناورات، وهی رؤیة الوضع الخاص للرأس الحربی لإحدى الصواریخ المستخدمة فی المناورات. حیث تُظهر هذه الصورة الرأس الحربی للصاروخ منفصلاً عن الجسم ومتحرکاً بسرعة عالیة نحو الهدف، مع نوع من اللهب یبرز من جوانب الجسم.
الصور الرسومیة من وقت الکشف عن صاروخ ذو الفقار، تُظهر أن الرأس الحربی لهذا الصاروخ مزود بنظام دفع مستقل. ونظرًا لامتلاکه مدى أطول وحقیقة أن صاروخ دزفول مشابه لصاروخ ذو الفقار من حیث التصمیم العام، وخاصةً فی قسم الرؤوس الحربیة والأنف، فمن المحتمل أن یکون الرأس الحربی لصاروخ دزفول مجهز أیضاً بنظام الدفع هذا.
والسبب فی ذلک، کما ورد فی قسم تعریف هذه الصواریخ، هو الوصول إلى سرعات تصل إلى 5 ماخ وما فوق، والدخول فی مجال الأسلحة فوق الصوتیة، من حیث السرعة.
ولکن لماذا هذه النقطة مهمة؟ یتمتع صاروخ "باتریوت 3"، باعتباره السلاح الرئیس المضاد للصواریخ البالیستیة حول إیران، بالقدرة القصوى على الاشتباک مع صواریخ ماخ 5.
إن قدرة هذا الصاروخ علی اعتراض صواریخ ذات سرعة منخفضة أو 5 ماخ، هی موضع نقاش، ولکن عندما یتعلق الأمر بسرعة تتجاوز 5 ماخ، فإن صاروخ باتریوت قدیم وسیفقد قوته الاعتراضیة عملیًا، وفقًا للشرکة المصنعة.
فی الوقت نفسه، تجدر الإشارة إلى أن صواریخ سلسلة فاتح لم تخرج من الغلاف الجوی للأرض، وأن نظامًا مثل "ثاد" لم یکن مصممًا فی الأصل للتعامل معها، وصواریخ هذا النظام صممت للاشتباک مع أهداف تدخل من خارج الغلاف الجوی وفی الفضاء الفوقی لصواریخ باتریوت.
مع العلم بهذه المسألة وهذا العرض الدقیق والواضح، تم إرسال رسالة إلى باتریوت وعملائها فی جمیع أنحاء إیران، مفادها بأن أموالکم قد ذهبت سدی! رغم أن أحداثًا مثل الأضرار الجسیمة التی تعرضت لها قاعدة عین الأسد، أظهرت أیضًا مدى سوء وضع صواریخ باتریوت والادعاءات المتعلقة بها.
أما النقطة السابعة والأخیرة فتتعلق بسلسلة صواریخ زلزال فی هذه المناورات. عند دراسة صور هذه المناورات، یمکن رؤیة المقذوفات التی لم تنفصل رؤوسها الحربیة، والقذیفة تغوص تمامًا نحو الهدف.
هذه المقذوفات الکاملة هی فی الواقع صواریخ زلزال، ونظرًا لدقتها فی إصابة الهدف، فمن الواضح أنها من النوع المطوَّر من حیث الدقة. وبالنظر إلی الدقة المتزایدة فیها، تعدّ هذه الصواریخ خیاراً مناسباً للقتال قصیر المدى وحتى للدخول فی الخدمة فی وحدات مدفعیة الصواریخ التابعة للحرس الثوری الإیرانی والقوات البریة للجیش.
باختصار، یمکن القول إن مناورات سلاح الجو التابع للحرس الثوری الإیرانی وتفاصیلها المنشورة فی وسائل الإعلام، تظهر أن القوة الصاروخیة لجمهوریة إیران الإسلامیة أکبر مما تم عرضها من قبل، وفی الواقع أصبحت ضغوط ترامب لتقویض القوة العسکریة الإیرانیة، فرصةً لمزید من التطویر لهذا الجزء من القوات المسلحة وصناعة الدفاع، من خلال الکشف عن مثل هذه المکاسب والإنجازات.