کیف أظهرت العقوبات على رئیس الحشد الشعبی الخلاف فی إدارة ترامب؟
فرضت وزارة الخزانة الأمریکیة مؤخراً عقوبات جدیدة على مسؤولی فصائل المقاومة العراقیة وأصدرت الوزارة بیانا أعلنت فیه إضافة فالح الفیاض رئیس هیئة الحشد الشعبی إلى قائمة العقوبات. وجاءت هذه الخطوة الأمریکیة بذرائع تتعلق بحقوق الإنسان.
لکن الحقیقة هی أن الفیاض أصبح هدفا للعقوبات الأمریکیة بعد أن أعلن خلال تصریحاته أن: "ردنا على اغتیال الشهید قاسم سلیمانی وأبو مهدی المهندس سیکون بطرد القوات الأمریکیة من العراق". وأضاف: "إن طرد هذه القوات من العراق سیمنح البلاد استقلالًا حقیقیًا. بعد مرور عام على اغتیال هذین القائدین الشهیدین ، أنتم تشهدون نهایة هذا المجرم (ترامب)".
وأضاف رئیس هیئة الحشد الشعبی فی نقد حاد لإدارة ترامب: نفس المواطنین الأمریکیین أذلوا هذا المجرم، وتم إحباط جمیع المؤامرات الأمریکیة لحل الحشد الشعبی. وعقب تصریحات رئیس الحشد الشعبی ، فرض البیت الأبیض عقوبات على هذا المسؤول الحکومی العراقی ، وأعلنت وزارة الخزانة الأمریکیة فرض العقوبات على الفیاض بحجة حقوق الإنسان.
إلا أن التصرف غیر المشروع الذی قامت به الحکومة الأمریکیة بمقاطعة رئیس هیئة الحشد الشعبی أثار ردود فعل قویة من الحکومة العراقیة والتیارات السیاسیة. وعقب هذا الاعلان مباشرة ، کتب حساب مدیریة إعلام الحشد الشعبی تغریدة على تویتر قال فیها: نهنئ صدیق الشهداء الاستاذ فالح الفیاض رئیس هیئة الحشد الشعبی الذی انضم إلى الوجهاء الذین تعتبرهم الحکومة الأمریکیة عدواً لهم.
لکن على المستوى الأکثر أهمیة ، شجبت حکومة مصطفى الکاظمی بشدة قرار وزارة الخزانة الأمریکیة بفرض عقوبات على شخصیة سیاسیة رسمیة للحکومة العراقیة. وکتب مستشار الأمن القومی العراقی قاسم الأعرجی على تویتر الیوم (السبت) "نحث وزارة الخزانة الأمریکیة على تصحیح خطأها فی اتخاذ قرار بفرض عقوبات على شخصیة حکومیة عراقیة". وشدد الأعرجی على أنه "لیس من الصواب أن تکون (هذه الشخصیة فی الحکومة العراقیة) على قائمة العقوبات".
کما أعربت وزارة الخارجیة العراقیة عن استغرابها لقرار وزارة الخزانة الأمریکیة بفرض عقوبات على فالح الفیاض ، رئیس هیئة الحشد الشعبی ، وقالت: هذا الإجراء الأمریکی هو إجراء غیر متوقع وغیر مقبول وسنتابع هذا الأمر بکل إهتمام مع الحکومة الأمریکیة الحالیة والحکومة الجدیدة تجاه الشخصیات العراقیة ، وسنعمل على إزالة عواقبها.
وفی رد آخر ، قال هاشم الموسوی ، عضو حرکة النجباء العراقیة ، إن "إدراج فالح الفیاض فی قائمة عقوبات واشنطن یظهر عجز الولایات المتحدة. لقد فشلت الإدارة الأمریکیة فی حل الحشد الشعبی لذلک فرضوا عقوبات على الفیاض ".
کما انتقد النائب عن ائتلاف الفتح ، فاضل جابر ، صمت الحکومة العراقیة ، السبت ، بشأن إدراج فالح الفیاض فی قائمة العقوبات الأمریکیة ، قائلا إن إدراج فیاض فی قائمة العقوبات الأمریکیة جزء من الخطط الأمریکیة لاستهداف الحشد.
وبالإضافة إلى الفصائل والشخصیات السیاسیة ، قال علی التمیمی ، الخبیر القانونی العراقی البارز ، حول العقوبات الأمریکیة ضد رئیس هیئة الحشد الشعبی العراقی ، إن "فرض عقوبات أمریکیة على شخصیات عراقیة بموجب ما یسمى بقانون ماغنتسکی للولایات المتحدة، یخالف المادة الأولى والثانیة والثالثة من میثاق الأمم المتحدة ، الذی یؤکد على سیادة الدول ویحظر التدخل فی شؤونها الداخلیة ، وکل ما یمکن للولایات المتحدة القیام به بموجب هذا القانون هو منعهم من دخول الولایات المتحدة ، ورفض منحهم التأشیرات ، وتجمید أصولهم المالیة المحتملة فی أمریکا".
کل هذه ردود الفعل تظهر أن العراق حکومة وشعبا متحدون أکثر من أی وقت مضى فی دعم وتقدیر الدور الریادی للحشد الشعبی فی الدفاع عن سیادة ووحدة أراضی البلاد. والحقیقة أن الجمیع قد قبل أن الحشد الشعبی کجنود ومدافعین عن الوطن هم جزء لا یتجزأ من سیادة العراق وبنیته السیاسیة.
إبراز الفجوة الداخلیة فی جهاز صنع القرار الأمریکی
بعد فرض العقوبات الأمریکیة على رئیس هئیة الحشد الشعبی ، ما أظهر الخلاف الداخلی فی الجهاز السیاسی لإدارة ترامب هو معارضة السفیر الأمریکی لخطوة البیت الأبیض.
فبعد یومین من العقوبات ضد رئیس الحشد الشعبی ، أخبر السفیر الأمریکی فی بغداد ماثیو تولر مستشار الأمن القومی العراقی قاسم الأعرجی أنه لیس من الصواب إدراج مسؤول حکومی عراقی على قائمة العقوبات الأمریکیة.
ووفقا للسومریة نیوز ، قال "ماثیو تولر" فی بیان له أن من غیر الصحیح إدراج مسؤول حکومی على قائمة العقوبات ، داعیا وزارة الخزانة الأمریکیة الى تصحیح موقفها تجاه فالح الفیاض باعتباره شخصیة حکومیة.
أظهر رد فعل السفیر الأمریکی على تصرف الإدارة الأمریکیة ضد مسؤول حکومی عراقی عمق الخلاف وعدم التخطیط فی إدارة ترامب. وأظهر انتقاد السفیر الأمریکی فی بغداد لحکومته أن إدارة واشنطن لا تقدر آراء السفیر ، حتى فی تصرفاتها فیما یتعلق بالعراق. من ناحیة أخرى ، یبدو أن السفیر الأمریکی فی العراق لیس سوى واجهة رمزیة ، والقرارات بشأن العراق تتخذ خارج الجهاز الدبلوماسی وعبر الأجهزة الأمنیة لواشنطن.
علاوة على ذلک ، أثبتت معارضة السفیر الأمریکی لخطوة إدارة واشنطن لفرض عقوبات على رئیس هیئة الحشد الشعبی أن إدارة ترامب تفتقر إلى التخطیط وعدم الاتساق الداخلی ، حتى فی أیامها الأخیرة ، وأظهرت مدى الفوضى التی سادت حالة البیت الأبیض حیث أن السفیر الأمریکی نفسه لا یتماشى مع قرارات الحکومة.
