سیاسة القمع فی السعودیة.. منظمات حقوقیة تعرب عن قلقها إزاء استمرار إعدام الأطفال
أعرب مدافعون دولیون عن حقوق الإنسان عن قلقهم بشأن إعدام خمسة أطفال فی السعودیة، على الرغم من قرار الملک السعودی سلمان بن عبد العزیز الأمر بإلغاء عقوبة الإعدام للأطفال قبل تسعة أشهر.
حیث أعلنت منظمتان لحقوق الإنسان إن المسؤولین السعودیین لم یلغوا بعد أحکام الإعدام الصادرة بحق خمسة أطفال متهمین فی السعودیة.
وأعلن رئیس هیئة حقوق الإنسان فی السعودیة فی أبریل الماضی أن الملک سلمان بن عبد العزیز آل سعود قد ألغى عقوبة الإعدام للأطفال فی البلاد، وأن عقوبة الإعدام الصادرة بحق الأطفال المدانین لن تطبق بحقهم وبدلاً من ذلک، سیُحکم على الأطفال المجرمین بالسجن لمدة أقصاها 10 سنوات.
وعلى الرغم من أن البیان لم یذکر موعد دخول مرسوم الملک حیز التنفیذ، إلا أن هیئة حقوق الإنسان السعودیة قالت فی تشرین الأول الماضی رداً على تقریر لـ هیومن رایتس ووتش أن المرسوم دخل حیز التنفیذ فور صدوره. لکن مرسوم الملک سلمان لم یُعلن فی وسائل الإعلام الحکومیة السعودیة أو فی الصحف الرسمیة.
وفی دیسمبر عام 2020 نشرت وکالة الأنباء السعودیة الرسمیة قائمة بأهم أحداث عام 2020 فی السعودیة، بما فی ذلک إصدار عدة أوامر من الملک، لکن أمر منع حکم الأطفال بالاعدام لم یکن مدرجاً فی القائمة.
وفی هذا السیاق أعربت العدید من المنظمات الحقوقیة الدولیة، وخاصة فی امریکا وأوروبا، عن قلقها من وجود ثغرة فی القانون السعودی من شأنها أن تسمح للقضاة السعودیین بمواصلة فرض عقوبة الإعدام على الأحداث.
حیث أشارت جماعات حقوق الإنسان الى مصیر خمسة من المحکوم علیهم بالإعدام، حیث استأنف أحدهم الحکم، لکن لا توجد معلومات دقیقة عن وضع المتهمین الآخرین. کما حُکم على ثمانیة أحداث آخرین بالإعدام بتهم خطیرة.
وأکدت رویترز وضع ثلاثة متهمین من أصل خمسة، وفقًا لتقاریر مفوضیة حقوق الإنسان، لکنها لم تؤکد بشکل مستقل الاثنین الآخرین.
وقال مرکز الاتصالات الدولی التابع للحکومة السعودیة ردا على متابعة مراسلی رویترز إن المرسوم الملکی ملزم لجمیع المحاکم منذ لحظة صدوره.
وقال هذا المرکز فی بیان بالبرید الإلکترونی إن "الأمر الملکی الصادر فی مارس 2020 سیدخل حیز التنفیذ فور صدوره وتوزیعه على الجهات ذات الصلة".
هذا وتعتقد جماعات حقوق الإنسان أن السعودیة من أکبر المعدمین فی العالم، وأن قضیة حقوق الإنسان السعودیة لفتت انتباه العالم بعد مقتل الصحفی السعودی الناقد جمال خاشجی عام 2018.
واشتد القمع فی زمن ولی العهد السعودی محمد بن سلمان بدعم من الرئیس الأمریکی الراحل دونالد ترامب. لکن الرئیس الأمریکی المنتخب جو بایدن وصف سجل السعودیة فی مجال حقوق الإنسان بأنه "مکروه ومنفور" وشدد على أنها ستنتهج سیاسة أکثر صرامة بشأن القضایا السعودیة.
ووفق رویترز، کتب ستة من أعضاء الکونغرس رسالة إلى السفارة السعودیة فی امریکا فی تشرین الأول یحثون فیها السعودیة على مراجعة جمیع قضایا عقوبات الإعدام الحالیة لمن ارتکبوا جرائم عندما کانوا أطفالًا أو مراهقین.
وقال النائب الدیمقراطی وأحد الموقعین على الرسالة، توم مالینوفسکی، لرویترز فی کانون الأول، إن واشنطن ستواجه صعوبة فی التواصل مع الریاض إذا فرضت السعودیة عقوبة الإعدام على أطفال.
وأضاف: "بایدن یرى سیاسات حقوق الإنسان بشکل مختلف کثیرا عن دونالد ترامب.
رفض فریق الإدارة الدیمقراطیة التعلیق على هذا المقال، لکن رویترز نقلت عن الإدارة الجدیدة قولها فی بیان سابق إنها ستعید تقییم علاقات واشنطن مع الریاض.
علی النمر وداود المرهون 17 عاما اعتقلا فی عام 2012 بتهمة المشارکة فی احتجاجات واسعة النطاق فی المنطقة الشیعیة شرق المملکة السعودیة. کما اعتقلت السلطات السعودیة عبد الله الزاهر ، 15 عاما.
حیث حکمت المحکمة الجزائیة السعودیة الخاصة على هؤلاء الثلاثة بالإعدام، رغم أن النائب العام أصدر استئنافا فی أغسطس الماضی. وثلاثة من الخمسة أطفال لم تُلغ أحکام الإعدام الصادرة علیهم بعد.
وقال مرکز الاتصالات الدولی إن أمرا ملکیا سیصدر بحقهم، ولم یتسن الاتصال بمحامیهم للتعلیق.
بعد الإطاحة بولی العهد السعودی السابق محمد بن نایف فی 2018، تعهد محمد بن سلمان بتخفیض عقوبة الإعدام کجزء من إصلاح اجتماعی أوسع.
ومع ذلک، أعلنت منظمات حقوقیة فی عام 2019 أن السعودیة سجلت أعلى عدد من الإعدامات حیث بلغت الاحصائیات 185 شخصا.
ولم تنجح رویترز بتأکید هذه الأرقام ولم یعلق مرکز الاتصالات الدولی التابع للحکومة السعودیة على الدقة أو عدم الدقة.
وفی مقال نُشر فی أبریل الماضی، أیدت صحیفة عکاظ السعودیة الأمر الملکی بشأن حکم الإعدام، قائلة إن إلغاء عقوبة الإعدام سینطبق على الانتهاکات البسیطة للشریعة الإسلامیة.
هذه الجرائم غیر محددة بوضوح فی القرآن الکریم أو الأحادیث، وعقوبتها متروکة للقضاة، ما قد یؤدی إلى الإعدام.
ولا یوجد فی السعودیة قانون عقوبات مدنی لقوانین الأحکام، ولا یوجد سجل نظام قضائی للتنبؤ بنتیجة القضایا بناءً على المحاکم السابقة.
وقالت جماعات حقوق الإنسان ومحامیان إنه وفق التفسیر السعودی، یمکن للقضاة أن یحکموا على الأحداث المخالفین بالإعدام فی "حدود"، مثل الإرهاب والقصاص على القتل.
ولم یعلق مرکز العلاقات الدولیة التابع للحکومة السعودیة حول سؤال لماذا لم ینشر المرسوم الملکی فی وسائل الإعلام وهل ینطبق فقط على جریمة التعزیر أم لا؟
وقد حوکم بعض المتهمین فی قضایا الإرهاب بتهمة الاغتیال.
محمد الفرج 18 عاما حکم علیه بالإعدام فی قضیة تلاحقها جماعات حقوق الإنسان. حیث اعتقل عام 2017 عن عمر یناهز 15 عاما لمشارکته فی مظاهرات وجنازات مرتبطة بالاحتجاجات.
وقال مصدر مقرب من المدافعین عن فرج قبل جلسة الاستماع السابقة له فی 18 کانون الثانی إن حکم الإعدام الصادر بحقه قد سُحب وإن المدعی العام قد فرض عقوبة تعزیر قصوى بدلاً من ذلک.
وأعربت المنظمة السعودیة الأوروبیة لحقوق الإنسان عن قلقها من أن عقوبة الإعدام لا یمکن استبعادها دون مرسوم ملکی.
وشددت المنظمة الحقوقیة على أنه تم تعیین محام واحد فقط للفرج من قبل الحکومة السعودیة فی أکتوبر، ولم یعقد له أی محاکمة وتعرض للتعذیب فی السجن. وهذه کلها ادعاءات أنکرها مرکز الاتصالات.
وقال مصدر مقرب من عائلة الفرج، إنه منذ تفشی فیروس کورونا، سمح المسؤولون السعودیون لعائلته بالتواصل معه لمدة 15 دقیقة فقط أسبوعیاً عبر الهاتف ومنعوهم من زیارته شخصیا.
ولم یتسن لرویترز تأکید تفاصیل قضیته بشکل مستقل.
