"إسرائیل" تعیش رعباً غیر مسبوق.. ما علاقة حرکة حماس؟

من الواضح للجمیع أنّ حرکة المقاومة الإسلامیة فی فلسطین "حماس"، دخلت بقوة فی النظام السیاسیّ الفلسطینی وذلک من خلال الانتخابات البلدیّة والتشریعیّة، ما شکل بحسب محللین تحولاً تاریخیاً مفصلیّاً فی تاریخ الحرکة، وجعلها بالفعل تقتحم مجالات أرید لها لمدة طویلة أن تبقى بعیدة عنها، لتبقى حکراً على فئة دون أخرى، الأمر الذی دل بشکل واضح على مدى النضج الذی وصلت إلیه حماس بفعل التجارب الصعبة والقاسیّة التی خاضتها على جمیع الأصعدة الاقتصادیّة والمؤسساتیّة والسیاسیّة والعسکریّة، على کافة المستویات الداخلیّة والصهیونیّة والعربیّة والدولیّة.

معترک سیاسیّ

لا شک أنّ الکیان الصهیونیّ الغاشم منزعج بشدة من دخول حماس بقوة فی معترک السیاسة، فی ظل الشعبیّة الکبیرة التی تحظى بها الحرکة، خاصة وأنّها استطاعت الانتصار على الکیان الإرهابیّ فی عدة حروب، وانتصرت غزة بشعبها العظیم ومقاومتها التی تشکل حماس رأس حربتها، وأذلت ناصیة العدو الصهیونیّ المعتدی الذی أثقب مسامعنا بأنّه "لا یقهر"، ورغم کل الحصار الذی یفرضه الکیان الوحشیّ على قطاع غزة، لم یتمکن من إرضاخ القطاع ولا المقاومین داخله.

وفی هذه الأیام بالتحدید، تعیش الأوساط الصهیونیّة فی قلق کبیر، بسبب احتمالیة فوز حرکة حماس فی الانتخابات التشریعیّة المقبلة، والتی أعلن عنها رئیس السلطة الفلسطینیّة، محمود عبّاس "أبو مازن"، حیث أصدر مرسوماً بإجراء الانتخابات العامة على ثلاث مراحل، وبموجب ذلک المرسوم ستجرى الانتخابات التشریعیّة بتاریخ 22 مایو/ أیار العام الحالی، والانتخابات الرئاسیّة بتاریخ 31 یولیو/تموز من العام نفسه، على أنْ تعتبر نتائج انتخابات المجلس التشریعیّ المرحلة الأولى فی تشکیل المجلس الوطنیّ الفلسطینیّ.

وفی هذا الخصوص، تتزاید التوقعات التی تتحدث أنّ حرکة حماس هی المنتصرة فی الانتخابات المقبلة، فیما تظهر تقاریر الإعلام العبریّ أنّ المقربین من الرئیس عباس، یعلمون أنّ استطلاعات الرأیّ المختلفة التی أجریت قبل مدة فی الضفة الغربیّة المحتلة، تدل بما لا شک فیه على أنّه فی حال جرت الانتخابات التشریعیّة بالفعل فإنّ حرکة المقاومة الإسلامیّة ستتفوق على حرکة فتح التی یرأسها عباس، وأنّ رئیس المکتب السیاسی للحرکة، إسماعیل هنیة، سیفوز على عباس فی انتخابات الرئاسة بفارق غیر کبیر.

وبحسب مواقع إخباریّة، فإنّ بعض المحللین الصهاینة أشاروا إلى أنّ لدى حماس فرصاً جیدة للفوز بالانتخابات القادمة فی ظل الضعف الذی أصاب السلطة الفلسطینیّة وزعامتها، وکشفت المصادر أنّ الحدیث الدائم داخل حرکة فتح یتعلق بغیاب رئیسها محمود عباس ومن سیکون خلفاً له، ما یدل على أنّ انشغال قیادة فتح بمستقبل وراثة رئاسة السلطة الفلسطینیّة، بالإضافة إلى نشوب الصراعات الداخلیّة نتیجة لذلک، یفوق انشغالها بالانتخابات القادمة، ما یشکل بالفعل "فرصة ذهبیّة" لحرکة حماس لا یجوز تضییعها.

وفی هذا الصدد، دعا رئیس الوزراء الفلسطینیّ، قبل أیام الأمم المتحدة إلى التدخل والضغط على العدو الصهیونیّ للسماح بإجراء انتخاباتهم العامة فی شرق القدس، فیما حث الأمم المتحدة على بذل کل الجهود لتسهیل إجراء انتخابات الفلسطینیین ومطالبة تل أبیب بتمکین المقدسیین من المشارکة فیها، وأکّد على ضرورة سماح العدو للفلسطینیین فی القدس بالمشارکة فی الانتخابات التشریعیّة والرئاسیّة بالترشح والتصویت، وذلک خلال مباحثات هاتفیّة مع منسق الأمم المتحدة الخاص لما تسمى "عملیة السلام" فی الشرق الأوسط، تور وینسلاند.

خشیة کبیرة

ذکر موقع "مکور ریشون" العبریّ، نقلاً عن مصادر أمنیّة وسیاسیّة وصفت بأنها واسعة الاطلاع فی الکیان الصهیونیّ، أنّه لا بد لتل أبیب أن تدرک أنّ الانتخابات القادمة فی السلطة الفلسطینیّة ستنطبق أیضاً على قطاع غزة المحاصر وعلى شرق القدس وربما أیضاً على الممثلیات فی الخارج، الأمر الذی یمکن أنْ یؤدی إلى سیناریوهات أمنیّة متعددة تشمل تصعیداً على خلفیة صراعات السیطرة، ولم تخف المصادر الصهیونیّة خشیتها الکبیرة من فوز حرکة حماس سواء کان ذلک فی البرلمان أو فی الرئاسة، فی الوقت الذی اعتبر فیه الموقع المعروف بتأییده للیمین الدینیّ الصهیونیّ، أنّه على عکس رئیس السلطة الفلسطینیّة، محمود عبّاس، فإنّ حرکة حماس تعرف کیف تستخدم القوة والضغط، فی حین أنّ رئیس السلطة الفلسطینیة الحالی یمکنه أنْ یقدم شیئاً واحد فقط وهو استمرار الوضع الراهن.

وفی الوقت الذی لا یمکن فیه التکهن بدقة بما سینتج عن الانتخابات القادمة، إلا أنّ حظوظ حرکة المقاومة الإسلامیّة "حماس" تبدو أفضل، فی ظل التنافس الکبیر حول الانتخابات، ویشیر الموقع العبریّ إلى إمکانیّة ظهور تنظیمات کثیرة فی السلطة الفلسطینیّة، ربما تحاول تحدید مناطق عبر استخدام القوة، إلا أنّ واقعاً کهذا یثیر مخاوف کثیرة إلى جانب عدة نقاط تفاؤلیّة فی الضفة الغربیّة، فالواقع الیوم فی الضفة هو الأفضل والأکثر استقرارًا منذ زراعة سرطان الکیان الصهیونیّ فی فلسطین، ولذلک الأرجحیّة لاستفاقة المقاومة فی أرجاء الضفة ضئیلة جدًا، لکنها قائمة بالتأکید، على حد تعبیره.

ومن المعروف أنّ حماس وجناحها العسکری "کتائب القسام" شکلا رأس الحربة فی معرکة الدفاع عن غزة وإذلال العدو الغاصب، رغم مشارکة بقیة قوى وفصائل المقاومة الفلسطینیّة فی صناعة الإنجاز الفلسطینیّ الکبیر، لکن فی الواقع تبقى حماس الفصیل الفلسطینیّ الأکبر والأکثر تسلیحاً وتنظیماً، والذی قاد مواجهات شرسة مع الکیان المستبد بکل قوة وحکمة واقتدار، وبالتأکید فإنّ انتصاراتها التاریخیّة الکبیرة مع المقاومة والشعب الفلسطینیّ لا یمکن أن تُمحى من ذاکرة أبناء فلسطین سیما وأنّها أذهلت قادة الکیان المجرم.

علاوة على ما ذکر، یتحدث الموقع العبریّ عما أسماها منطقة "شرق القدس" وخارج البلاد، والتی ربما تکون الساحة الأکثر إرباکًا، بحسب وصفه، خاصة بسبب غیاب سیطرة العدو الإسرائیلیّ على عکس الضفة الغربیّة، حیث لدى المؤسسة الأمنیّة الصهیونیّة هناک سیطرة استخباریّة واسعة، واعتبر الموقع أنّ قطاع غزة المحاصر یشکل "التهدید الأکبر" على الکیان الصهیونیّ الدمویّ، أما شرق القدس والممثلیات فی الخارج هما "وجع رأس" إذ لا یمکن مقارنة تصعید فی غلاف القدس مع تصعید فی غزة والضفة الغربیّة، فالتصعید فی القدس ینعکس بشکل فوریّ على الضفة الغربیّة وغزة، لکن لیس العکس، والمکان الحساس فی منطقة القدس هو المسجد الأقصى المبارک، المهدد من قبل سلطات الاحتلال.

بناء على کل ذلک، فإنّ القلق الصهیونیّ مستمر سواء فازت حرکة المقاومة الإسلامیّة حماس أم لا، لکن فوزها یشکل رعباً حقیقیّاً لتل أبیب خاصة أنّها تعتبر حماس "العدو اللدود"، وإنّ فوز الأخیرة بالانتخابات سیجعلها بالتأکید صاحبة "قرارات مصیریّة" تستند بقوة إلى ثقلها الشعبیّ الذی أصبحت تتمتع به الحرکة على الساحة الفلسطینیّة، فی ظل الواقع السیء والمتدهور الذی تعیشه السلطة الفلسطینیّة التی لم تمثل الأغلبیّة الساحقة من الفلسطینیین فی یوم من الأیام.




محتوى ذات صلة

نتنیاهو عبث بالصاعق وخسر المعرکة

نتنیاهو عبث بالصاعق وخسر المعرکة

الحدیث عن مشهد الصورایخ التی تدک تل ابیب وتحول لیلها نهارا مهم، لاسیما وان هذا المشهد غیّر فی معادلة الصراع وغیّر قواعد الاشتباک بین المقاومة الفلسطینیة والمحتل الاسرائیلی

|

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

القائد العام لحرس الثورة فی إیران اللواء حسین سلامی یقول إن "الانفجار الکبیر فی مصنع محرکات المضادات الدفاعیة والصواریخ حاملة الأقمار الصناعیة مؤخرا فی "إسرائیل"، أثبت هشاشة النظام الأمنی الإسرائیلی".

|

السید خامنئی: الفلسطینیون أینما کانوا هم جسد واحد

السید خامنئی: الفلسطینیون أینما کانوا هم جسد واحد

المرشد الإیرانی یؤکد على أهمیة تضامن القطاعات الفلسطینیة وتلاحمها بوجه الاعتداءات الإسرائیلیة، ورئیس مجلس الشورى یدین الجرائم الإسرائیلیة، وعشرات الإیرانیین فی العاصمة طهران یتظاهرون تضامناً مع فلسطین ونصرةً للقدس وغزة.

|

ارسال التعلیق