حلقة جدیدة فی مسلسل الخیانة السعودیة.. بطلها فیصل بن فرحان
تؤکّد السعودیّة یوماً بعد آخر، حجم خیانتها ومدى عمالتها ضد الوطن العربیّ والإسلامیّ، والدلیل على ذلک ما کشفته قناة العربیّة التابعة لنظام آل سعود، نقلاً عن وزیر الخارجیة السعودیّ، فیصل بن فرحان، والذی أعرب بکل وقاحة عن أمله بأن یکون لاتفاقات الخیانة بین العدو الصهیونیّ الغاصب وبعض دول الشرق الأوسط تأثیر إیجابیّ، مضیفاً إنّ التوصل لاتفاق بین السعودیة وتل أبیب یتوقف على تنفیذ ما أسماها "مبادرة التسویة العربیّة"، حیث اعتبرت تلک التصریحات خیانة واضحة من المملکة لدینها وأخلاقها وقیمها العربیّة والإنسانیّة.
بدأت السعودیة الغوص فی وحول خیانتها منذ أن عرضت قناة mbc التابعة لها، مسلسلین تلفزیونیین رمضان الماضی، هدفهما التطبیع مع الکیان المعتدی، وأشارت صحیفة الغاردیان البریطانیّة فی تقریر لها فی ذلک الحین، إلى أن المسلسلات الرمضانیّة السعودیّة هدفها التطبیع مع کیان الاحتلال الصهیونی، فالمسلسل الأول یعرض تاریخ الیهود فی منطقة الخلیج، أما الآخر فیشیر إلى أن الکیان الصهیونیّ قد لا یکون عدواً، وأن الفلسطینیین لم یکونوا فی یوم من الأیام من الممتنین والشاکرین لمساعدات مملکة بن سلمان، وذکرت الصحیفة أن مجرد عرض المسلسلین على شبکة “mbc” السعودیة لا یدع مجالا للشک أنها حصلت على موافقة من سلطات البلاد، وقد أعرب المشاهدون العرب وقتها عن غضبهم من تحول الدراما الرمضانیّة إلى منبر سیاسیّ للأعداء، و یدعو للتطبیع معهم.
ولا یمکن حصر أدلة الخیانة السعودیّة بحق العرب والفلسطینیین على وجه التحدید، وخاصة فی الفترة الأخیرة التی أظهرت بوضوح "معدن السعودیة" فیما یخص القضیة الفلسطینیّة منذ أن شرعت دولة الإمارات أبواب الخیانة فی العالم العربیّ وحتى الآن، ومن ینسى التصریحات السعودیة عقب الانتقادات اللاذعة التی وجهتها القیادات والفصائل الفلسطینیّة لاتفاق العار الذی وقعته البحرین والإمارات مع العدو الصهیونیّ الغاصب، حیث شنّ رئیس استخبارات النظام السعودیّ السابق، بندر بن سلطان، وقتها هجوماً حاداً على موقف السلطة الفلسطینیّة من اتفاق الاستسلام الخلیجیّ، واعتبرت تصریحاته الهجومیّة على القیادات الفلسطینیّة، رغبة واضحة من بلاده لإقامة علاقات رسمیّة مع العدو الصهیونیّ، وتعزیز التقارب السریّ مع تل أبیب.
ومنذ ذلک الحین، کشفت الریاض اللثام عن نهجها القذر وأعلنت تأیّیدها بشکل رسمیّ لاتفاق الخنوع الإماراتیّ – البحرینیّ مع العدو الغاشم، فی الوقت الذی تحدثت فیه الکثیر من التقاریر الإعلامیّة العربیّة والدولیة عن العلاقات السعودیّة - الصهیونیّة، والأسباب الداخلیّة التی تمنع الریاض من الکشف عن علاقاتها مع تل أبیب بشکل علنیّ، بعد أن انقلبت سیاسة وسائل الإعلام السعودیّة، بشکل کامل تجاه الاحتلال الصهیونیّ، وأصبحت فی الفترة الأخیرة تشید بشکل فاضح، باتفاقات الخیانة التی أبرمتها بعض الدول العربیة مع عدو العرب والمسلمین، ناهیک عن أنها استجابت لطلب الإمارات حینها بالسماح للرحلات القادمة من الأراضی المحتلة الواقعة تحت سلطة العدو الغاصب بعبور أجوائها، ما أکّد أنّ خطوة الاستسلام الإماراتیّة لم تعکس موقفها الفردیّ بل الخلیجیّ المترافق بـ "ضوء أخضر" سعودیّ.
بعدها بأسابیع، تکشفت الأسباب الحقیقیّة التی أدت إلى الخیانة الإماراتیّة بموافقة سعودیّة، حیث تحدثت وسائل إعلام أنّ أبوظبی وتل أبیب تهدفان إلى إقامة مشروع بحریّ یربط مدینة إیلات بمدینة جدة السعودیة، وکُشف عن المخطط خلال زیارة وفد إماراتیّ إلى الأراضی الفلسطینیّة المحتلة الواقعة تحت سلطة العدو، بعد جولة میدانیة فی میناء مدینة إیلات "أم الرشراش المصریّة"، على ساحل خلیج العقبة فی البحر الأحمر، والتقى بمسؤولین صهاینة قاموا بزیارة مماثلة إلى أبو ظبی لبحث التفاصیل المتعلقة بتنفیذ المشروع.
وکشف إعلام العدو الصهیونیّ حینها، أنّ المشروع الإماراتیّ – الإسرائیلیّ یهدف إلى تعزیز السیاحة جنوب الأراضی العربیّة التی یسیطر علیها الکیان، وفتح الباب أمام السیاحة الدینیّة المباشرة بین بلاد الحرمین الشریفین وکیان الاحتلال، عبر السماح لقوافل الحج والعمرة من فلسطینیی 48 بالسفر عبر الممر البحریّ إلى مدینة جدة ومن ثم إلى مکة المکرمة.
وذکرت تحلیلات إعلامیّة فی الوقت ذاته، أنّ تل أبیب تحاول أیضاً استغلال فرص نقل النفط الخلیجیّ إلى أوروبا، من خلال الاجتماعات التی عقدتها وزارتا الخارجیّة والدفاع فی حکومة الاحتلال، وشارک فیها مسؤولون کبار من شرکة النفط الحکومیّة "کاتشا"، ویتضمن المخطط الصهیونیّ تفعیل خط "إیلات عسقلان" فی الاتجاهین، بحیث یتم عبره نقل النفط الخلیجیّ إلى الدول الأوروبیّة، وأنّ مخطط تصدیر النفط الخلیجیّ إلى أوروبا سیُغیر "قواعد اللعبة" فی الشرق الأوسط بشکل مطلق.
وعقب تلک الأنباء بوقت قصیر، کشف کیان الاحتلال عبر رئیس جهاز استخباراته، یوسی کوهین، أنّ إعلان التطبیع السعودیّ مع الکیان الغاصب بات وشیکاً، فیما کشفت المملکة عبر وزیر خارجیتها نفسه، فیصل بن فرحان، أنّ التطبیع مع تل أبیب "سیحدث بالفعل"، وکرر فرحان، المزاعم الإماراتیّة والبحرینیّة حول أنّ التطبیع سیکون ثمناً لوقف مشاریع ضم الأراضی الفلسطینیّة، والمساعدة على تمهید الطریق للعودة المحتملة للإسرائیلیین والفلسطینیین إلى طاولة المفاوضات، وفق ادعائه.
وبما أنّ تطبیع العلاقات بین بعض الدول الإسلامیّة والعدو الغاصب یحتاج إلى فتوى شرعیّة، فإنّ مملکة آل سعود، حاولت شرعنة جریمة التطبیع من خلال رجال دینها الوهابیین، حیث أشار مفتی السعودیة السابق وعضو هیئة کبار العلماء فی البلاد، عبد العزیز بن باز، قبل أشهر، إلى شرعیة تکوین علاقات مع الصهاینة، مبرراً ذلک بأنّ کل دولة تنظر فی مصلحتها و إذا ما رأت دولة ما ممثلة فی حاکمها، أنّ مصلحة المسلمین فی الصلح مع الصهاینة وتبادل السفراء والتعاون التجاریّ والمعاملات الأخرى التی یجیزها الشرع، فلا بأس فی ذلک.
وقد ضجت المواقع العربیّة والعالمیّة بالخبر الذی نقلته إذاعة جیش العدو أواخر تشرین الثانی العام الفائت، والذی فضح زیارة رئیس الوزراء الصهیونیّ، بنیامین نتنیاهو، ووزیر الخارجیّة الأمریکیّ مایک بومبیو، إلى السعودیة، واجتماعهما مع ولیّ العهد السعودیّ، محمد بن سلمان، وأشارت صحیفة "یدیعوت أحرونوت" العبریّة إلى أنّ اللقاء الثلاثیّ جرى بعد أن استقل نتنیاهو طائرة إلى مدینة "ناعوم" الساحلیّة وأمضى هناک 3 ساعات، فیما رفض مکتب رئیس وزراء العدو التعلیق على هذا الخبر، وقد جرت تلک الزیارة بعد شهرین على اللقاء السریّ الذی جمع بین ولی العهد السعودیّ، محمد بن سلمان، ووفد إسرائیلیّ على متن یخته فی البحر الأحمر، بمرافقة رئیس الاستخبارات السعودیّة، بدواعی مشاریع التطبیع الجارفة فی المنطقة العربیّة.
ومؤخراً، کشفت وسائل إعلام العدو، دور ولیّ العهد السعودیّ، محمد بن سلمان، فی إدخال الدول العربیّة إلى حظیرة التطبیع الأمریکیّة مع الکیان الغاصب، وبالأخص فی محادثات التطبیع الصهیونیّة – المغربیّة، ونیّته إلقاء بلاد الحرمین فی هاویة التطبیع مع تل أبیب، بعد اکتمال فصول الاستسلام من قبل الدول المطَبّعة، وأوضحت المصادر أن ولی العهد شارک فی محادثات مع ملک المغرب، محمد السادس بن الحسن، وأثّر فی قرار استئناف العلاقات مع بین المغرب وتل أبیب، فی الوقت الذی أکّد فیه أحد مستشاری الملک المغربیّ أنّ ولیّ العهد السعودیّ یملک قائمة بالدول التی ستطبّع مع عدو العرب والمسلمین الأخطر ومغتصب أراضیهم.
وفی ظل موجة الخیانة العربیّة التی تدعمها الریاض بشدة، لفتت المصادر إلى أنّه بعد أن تستکمل قائمة العار وتدخل سلطنة عمان وإندونیسیا وجیبوتی وباکستان فی حظیرة التطبیع، ستقوم بلاد الحرمین الشریفین التی یسیطر علیها نظام آل سعود بالتطبیع مع کیان الاحتلال، ما یثیر تساؤلات کثیرة حول نتائج التطبیع المستقبلیّة فی الداخل السعودیّ، بسبب الرفض الشعبیّ القاطع الذی یستند إلى مبررات أخلاقیّة وإنسانیّة ودینیّة.