وعود خُلّبیة سعودیة نتیجتها شعب فقیر جائع وحکومة تنام على ریش النعام!

صرح ولی العهد السعودی، محمد بن سلمان، أن صندوق الاستثمارات العامة السعودی سیضخ تریلیون ریال سعودی أی ما یعادل (267 ملیار دولار) فی الاقتصاد المحلی خلال السنوات الخمس المقبلة.

کما أکد ولی العهد السعودی، خلال اجتماع مجلس إدارة صندوق الاستثمارات لاعتماد استراتیجیته، أمس الأحد، أنه یستهدف استحداث 1.8 ملیون وظیفة مباشرة وغیر مباشرة حتى عام 2025، وأن یتجاوز حجم أصول الصندوق 4 تریلیونات ریال (1.07 تریلیون دولار) خلال 5 سنوات.

وکان صندوق الاستثمارات قد أعلن فی وقت سابق أنه یتوقع أن تبلغ أصوله تریلیونی دولار بحلول عام 2030.

صندوق الاستثمارات العامة تأسس سنة 1971م، ویعتمد فی تمویله على الأموال التی تضخها الحکومة فی الصندوق، الأصول المملوکة للحکومة والمحول ملکیتها إلى الصندوق، القروض وأدوات الدین والعوائد من الاستثمارات التی یدیرها الصندوق

سراب فی الصحراء

فی أبریل عام 2016 قدم محمد بن سلمان خطة اطلق علیها اسم "رؤیة 2030" تهدف هذه الخطة إلى إعطاء وجه آخر للسعودیة، مختلف تماماً عما ألفه العالم، بشکل یتجاوز الصورة النمطیة التی تختزل السعودیة فی برمیل النفط والتطرف الوهابی. کان ابن سلمان یحلم بجعل بلاده مرکزاً للتکنولوجیة المتقدمة فی الشرق الأوسط، إلا أن الریاح لا تجری دائماً بما تشتهیه السفن. أربع سنوات بعد ذلک کانت کافیة لتکشف أضغاث أحلام الأمیر الشاب. فقد انقلبت الأوضاع رأسا على عقب، فبدلاً من بناء اقتصاد رقمی کما کان مخططاً، وجد نفسه أمام عجز تاریخی فی المیزانیة العامة، بعد الانهیار غیر المسبوق لأسعار النفط فی ظل انتشار جائحة فیروس کورونا المستجد وعدد من التحدیات الداخلیة التی لها علاقة بشرعیة الحکم وبتوافقات الأسرة الحاکمة.

حیث تشیر الإحصائیات أنه منذ عام 2014، تشهد موازنات السعودیة عجزاً متواصلاً تخطى 400 ملیار دولار، ما دفعها إلى الاقتراض واللجوء إلى الإنفاق من احتیاطاتها التی تراجعت من 125 ملیار دولار فی 2019، إلى 92 ملیار دولار فی 2020، بینما من المتوقع أن تنخفض إلى 74,6 ملیار دولار فی 2021.

الأوضاع المالیة الصعبة للسعودیة والانتهاکات الممنهجة لحقوق الانسان فیها والاحتقان داخل الأسرة الحاکمة تجعل "رؤیة 2030" لولی العهد محمد بن سلمان تبدو کسراب فی الصحراء.

التصریحات الرسمیة السعودیة تثبت الفشل الذریع لهذه الخطة حتى الآن فکل هذه الوعود طوال السنوات الماضیة لم تکن تساوی قیمة الحبر الذی کتبت فیه، ففی مایو 2020 صرح وزیر المالیة السعودی محمد الجدعان بأن بلاده ستتخذ إجراءات مؤلمة، لخفض مصروفات المیزانیة بشدة، قائلاً: "الإیرادات انخفضت بشکل کبیر سواء النفطیة أم غیر النفطیة منذ مطلع العام".. ویقول إن حکومته قررت الاستدانة بشکل أکبر من الأسواق العالمیة ولکن ذلک وحده لا یکفی، وعلى الحکومة النظر إلى قائمة النفقات فی المیزانیة.

الجدعان هو نفسه من یقود حملة التضلیل للسعودیین، فهو نفسه الذی أعلن أن بلاده سوف تنتقل بوتیرة أسرع خلال عام 2019 من مرحلة التخطیط إلى مرحلة التنفیذ وتحقیق مستهدفات رؤیة 2030، فما شهد عام 2019 إلا تراجعاً اقتصادیاً ضخماً.

ولم یوضح الوزیر کیف وصل أحد أکبر منتجی النفط والمصدرین له فی العالم وصاحب الصنادیق السیادیة بآلاف الملیارات من الدولارات إلى أن یقترض فی النهایة!.

معطیات صادمة ووعود خیالیة

توقعت مجلة "وول ستریت جورنال" أن یواجه ابن سلمان عملیة توازن اقتصادیة صعبة فی العام المقبل، حیث سیتعین علیه خفض الإنفاق على بعض المشاریع المتعلقة بخطته لتنویع الاقتصاد، فضلاً عن أنه لا یزال یتعین علیه محاولة توفیر فرص عمل للشباب. کما یواجه ولی العهد أیضاً إدارة جدیدة فی واشنطن أشارت إلى أنها ستعید تقییم علاقة أمریکا بالریاض، ما قد یعیق الاستثمار الضعیف أساساً فی المملکة. وتبلغ النفقات المتوقعة فی موازنة العام المقبل نحو 264 ملیار دولار، مقارنة بنفقات فعلیة بقیمة 284,8 ملیار دولار فی 2020، فیما تبلغ الایرادات المتوقعة نحو 226,4 ملیار دولار، مقابل 205 ملیارات دولار فی 2020. وکانت السعودیة قد خسرت هذا العام مئات ملایین الدولارات جراء تعلیق العمرة لأشهر وتقلیص المشارکین فی موسم الحج إلى بضعة آلاف بعدما کانت المناسک تستقطب ملایین المسلمین من أنحاء العالم سنویاً.

کما توقّع صندوق النقد الدولی أن ینکمش اقتصاد المملکة بنحو 5,4% فی 2020، بینما تقول السعودیة إن نسبة الانکماش ستبلغ 3,7% هذا العام على أن تحقق نمواً بنسبة 3,2% العام المقبل.

على الصعید النفطی أعلنت أکبر شرکة نفطیة فی السعودیة أرامکو عن انخفاض أرباحها بنسبة 44,6% فی الربع الثالث من عام 2020 مقارنة بالفترة ذاتها من السنة الماضیة. وأفادت أرامکو بانخفاض مطرد فی الأرباح الفصلیة منذ أن بدأت الإفصاح عن أرباحها العام الماضی، ما یراکم الضغوط على الحکومة الساعیة لتنفیذ مشاریع بملیارات الدولارات لتنویع الاقتصاد. وکانت أرامکو أُدرجت فی البورصة السعودیة فی کانون الأول 2019 بعد أکبر عملیة طرح عام أولی فی العالم وصلت قیمته إلى 29,4 ملیار دولار مقابل بیع 1,7% من أسهمها. وتعهدت الشرکة قبل الاکتتاب دفع أرباح بقیمة 75 ملیار دولار عام 2020.

ویعتقد خبراء اقتصادیون أن السعودیة بحاجة إلى سعر نفط خام یبلغ نحو 85 دولاراً للبرمیل لتحقیق توازن فی موازنتها وتجنب العجز، وهو معدل أعلى بکثیر من السعر الحالی البالغ نحو 50 دولاراً.

فی ظل کل هذه المعطیات نرى أن الإعلان الأخیر لصندوق الاستثمارات السعودی على لسان محمد بن سلمان یبقى بمثابة أضغاث أحلام وبعیداً کل البعد عن الواقع الذی یعانی منه المواطن السعودی بالدرجة الأولى.

کان المواطن السعودی طوال أربع سنوات منذ تولی ولی العهد محمد بن سلمان للسلطة، ینظر إلى الملیارات التی کانت تنفقها المملکة فی حرب الیمن بحجة جلب الأمن، وفی النهایة یتم اتخاذ اجراءات وسیاسات تقشفیة وتلجأ المملکة للاستدانة!

على مدار تلک السنوات، کان المواطن السعودی ینتظر أن یتم الانفاق على المشروعات وتشغیل العاطلین بدلاً من صرفها على الترفیه وجلب المطربین من کل حدب وصوب بهدف تلمیع صورة السعودیة فی العالم!

أربع سنوات یحاول أن یتساءل فیها السعودیون.. لماذا کل هذه المغامرات التی لم تجلب إلا المزید من التراجع والألم؟.. لکن السؤال یتراجع إلى الأفواه بسبب ما یرونه من بطش فی السجون التی لم ترحم حتى کبر سن العلماء ولا مرضهم..

کل هذا کافٍ لتبقى کل هذه الوعود من ولی العهد بمثابة أضغاث أحلام فی نظر المواطن السعودی.




محتوى ذات صلة

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

القائد العام لحرس الثورة فی إیران اللواء حسین سلامی یقول إن "الانفجار الکبیر فی مصنع محرکات المضادات الدفاعیة والصواریخ حاملة الأقمار الصناعیة مؤخرا فی "إسرائیل"، أثبت هشاشة النظام الأمنی الإسرائیلی".

|

إین مجاهدو داعش من المجزرة التی تُرتکب فی المسجد الأقصى؟!

إین "مجاهدو داعش" من المجزرة التی تُرتکب فی المسجد الأقصى؟!

وأنا اتابع اخبار المجزرة المروعة التی ارتکبتها "داعش" السبت الماضی فی کابول، والتی ذهب ضحیتها 85 فتاة واکثر من 150 جریحة، فی تفجیر سیارة مفخخة امام ثانویة"سید الشهداء" للبنات، حین کانت الطالبات یخرجن من المدرسة، وقع نظری على مقال تحت عنوان"لماذا لا یوجد فرع لداعش فی فلسطین"، حیث ...

|

سلامي: أميركا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

سلامي: أميركا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

القائد العام لحرس الثورة الاسلامية اللواء حسين سلامي يقول إن "الانفجار الكبير في مصنع محركات المضادات الدفاعية والصواريخ حاملة الأقمار الصناعية مؤخرا في "إسرائيل"، أثبت هشاشة النظام الأمني الإسرائيلي".

|

ارسال التعلیق