قمع النظام البحرینی على طاولة الاتحاد الأوروبی... هل تنتصر المعارضة؟
زادت المعارضة البحرینیة ومجموعات حقوق الإنسان البحرینیة والدولیة من تحرکاتها ونشاطها فی الاتحاد الأوروبی، وعدد من العواصم الأوروبیة، بهدف الضغط على السلطات البحرینیة، بسبب الانتهاکات الجسیمة لحقوق الإنسان فی البلاد، وفی هذا الشأن تلوم جماعات حقوق الانسان السلطات البریطانیة بسبب "الصمت وغض الطرف" عن المخالفات و الانتهاکات التی تحدث فی سجون البحرین.
وفی هذا السیاق، عقد اجتماع افتراضی بین نواب من حزب “شین فین” القومی الإیرلندی، مع نشطاء بحرینیین فی مجال حقوق الإنسان، بهدف مناقشة انتهاکات حقوق الإنسان فی البحرین. وتم هذا الاجتماع الافتراضی تحت إشراف المرکز الأوروبی للدیمقراطیة وحقوق الإنسان (ECDHR)، ومقره دبلن.
القیادی فی حزب شین فین، النائب فرانسی مُولُوی، عقب لقائه الدکتور سعید الشهابی، وعلی مشیمع نجل سجین الرأی السیاسی حسن مشیمع، عبّر عن إحباطه بعد الإحاطة التی سمعها بخصوص معاملة السجناء السیاسیین فی سجون البحرین. وقال : “إنه لمن المحبط للغایة أن نسمع عن استمرار إنکار الحقوق الدیمقراطیة والمدنیة الأساسیة فی البحرین، والمزعج بشکل خاص أن نسمع عن معاملة السجناء السیاسیین، مع تقاریر عن الحرمان التعسفی من المساعدة الطبیة والقیود المفروضة على المکالمات الهاتفیة لأحبائهم”.
النواب الإیرلندیون بدورهم أکدوا انزعاجهم مما اعتبروه استمرار الحکومة البریطانیة فی “الصمت وغض الطرف” عن انتهاکات حقوق الإنسان فی البحرین. ونددوا بما اعتبروه “دعم الحکومة البریطانیة المطلق للنظام البحرینی”، واعتبروها “حاجزاً أمام السلام الدائم والدیمقراطیة فی المنطقة”.
وشدد أعضاء الحزب الإیرلندی على ضرورة الإفراج الفوری عن حسن مشیمع، إلى جانب المواطن السویدی المزدوج الجنسیة الشیخ عبد الجلیل المقداد، والمواطن الدنمارکی عبد الهادی الخواجة، وجمیع المعتقلین السیاسیین فی البحرین.
أولى ثمرات هذا الاجتماع
وفی أول ثمرة لهذا الاجتماع قام أعضاء الحزب الایرلندی فی البرلمان باستجواب سیمون کوفینی وزیر الشؤون الخارجیة والتجارة الإیرلندی، فیما یتعلق بقضیة الشیخ زهیر جاسم محمد عباس. وأکدوا ضرورة الحصول على إجابات حول التحرک الأوروبی فی وجه الانتهاکات التی یتعرض لها النشطاء البحرینیون فی سجون النظام البحرینی.
النائب فی البرلمان الإیرلندی کولینز وجه سؤالأ لوزیر الخارجیة عن رأیه فی قضیة الشیخ زهیر، وما إذا کان سیدلی ببیان بشأن هذه المسألة، فی حین وجه النائب هولین سؤاله للوزیر عما “إذا کان قد تم لفت انتباهه إلى قضایا حقوق الإنسان، أو إذا تم رفعها للسلطات البحرینیة”. ولاحقاً طرح النائب برینجل على وزیر الخارجیة “استفسارات عن الشیخ زهیر، والتجاوزات المرتکبة بحقه من قبل السلطات فی المنامة، وهل ناقشت الحکومة هذه التجاوزات بشکل متعدد الأطراف، أو ثنائی مع مسؤولی الحکومة البحرینیة، وإذا کان سیدلی ببیان بشأن هذه المسألة”.
وفی دوره أکد الوزیر کوفینی فی رده على أسئلة النواب أن “الحکومة الإیرلندیة ستستمر فی استخدام جمیع السبل المتاحة لإثارة قلقها حول وضع حقوق الإنسان مع السلطات البحرینیة”. وأضاف إنه “ملتزم بالعمل لضمان أن قضایا حقوق الإنسان ستبقى على رأس جدول الأعمال الدولی، لا سیما خلال فترة عضویة إیرلندا فی مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”.
وتابع الوزیر سیمون کوفینی قائلاً: إن مسؤولین من وزارة الخارجیة أثاروا هذه القضیة مباشرة مع السلطات البحرینیة. علاوة على ذلک، أعلن الوزیر أن “حالة حقوق الإنسان فی البحرین لا تزال تشکل مصدر قلق بالغ.. على الرغم من أن السلطات البحرینیة قد أعلنت مراراً وتکراراً التزامها بتحسین سجلها فی مجال حمایة حقوق الإنسان”.
وأضاف وزیر الخارجیة الإیرلندی: “نحن قلقون من الحالات المستمرة لانتهاکات الحریات الأساسیة، بما فی ذلک انتهاکات حریة الرأی والتعبیر، وکذلک استهداف المدافعین عن حقوق الإنسان”. کما شدد على أن “احترام حقوق الإنسان هو جزء لا یتجزأ من السیاسة الخارجیة لإیرلندا ونحن نسعى باستمرار إلى إثارة مخاوفنا بشأن قضایا حقوق الإنسان من خلال القنوات الأکثر ملاءمة وفعالیة”.
واختتم کوفینی إجابته على الأسئلة فی البرلمان بالقول إن “إیرلندا ستستمر فی مراقبة التطورات فی البحرین، ودعوة حکومة المنامة للوفاء بالتزامها المعلن، بإحراز تقدم فیما یتعلق بحقوق الإنسان”.
ومن جانبها رحبت منظمة أمریکیون من أجل الدیمقراطیة وحقوق الإنسان فی البحرین بالأسئلة البرلمانیة، وشکرت تحرکات السیاسیین الأوروبیین المستمرة، لفضح وکشف انتهاکات حقوق الإنسان فی البحرین.
وزیر الخارجیة البحرینی یواجه مطالب أوروبیة شدیدة اللهجة حول حقوق الإنسان
زاد الاتحاد الأوروبی من وتیرة تحرکاته ضد البحرین عبر عدد من النواب فی البرلمان الأوروبی، حیث استبق 16 نائباً من دول أوروبیة عدة زیارة وزیر الخارجیة البحرینی بلائحة مطالب شدیدة اللهجة حول الوضع السیاسی والحقوقی والإنسانی المتردی فی سجون البحرین.
حیث قامت النائبة کارین میلیشیور عضو البرلمان الأوروبی، عن حرکة تجدید أوروبا، بتقدیم عریضة موقعة من عدد من زملائها النواب موجهة للاتحاد الأوروبی، تطالبه بسرعة التدخل لوضع حد للقمع والانتهاکات التی یتعرض له النشطاء والمعارضون فی السجون البحرینیة.
وتأتی هذه العریضة قبیل الاجتماع المقرر عقده بین وزیر الخارجیة البحرینی عبد اللطیف الزیانی والاتحاد الأوروبی. من جهتهم شدد النواب الأوروبیون على جوزیب بوریل المفوض الأعلى للسیاسات الخارجیة فی الاتحاد الأوروبی، أن یأخذ بعین الاعتبار المطالب الواردة فی رسالتهم قبل مناقشة أی اتفاقیة تعاون، من المتوقع أن یتم التوقیع علیها مع السلطات البحرینیة.
وأضافت النائبة میلیشیور المهتمة بحقوق الإنسان، أن الجمیع یشعر “بقلق بالغ إزاء التدهور المستمر لحقوق الإنسان فی البحرین، على ضوء تقاریر منظمة (هیومن رایتس ووتش)، التی أشارت إلى التجاوزات التی یرتکبها النظام البحرینی بحق المعتقلین”.
وجاء فی متن العریضة المقدمة للبرلمان الأوروبی: “هناک قمع متصاعد للحکومة البحرینیة ضد المنتقدین، والمعارضین والنشطاء”. ودعت النائبة کارین میلیشیور، المفوض الأعلى للسیاسات الخارجیة فی الاتحاد الأوروبی: “إلى اغتنام هذه الفرصة لمحاسبة المسؤولین البحرینیین عن التزاماتهم فی مجال حقوق الإنسان من خلال رفع قضایا المواطنین الأوروبیین البحرینیین مزدوجی الجنسیة”.
ورکزت عریضة النواب الأوروبیین على وجود شخصیات بحرینیة معارضة من مواطنی الاتحاد الأوروبی اعتقلوا من قبل النظام البحرینی، مثل الدنمارکی البحرینی عبد الهادی الخواجة، والشیخ السویدی البحرینی محمد حبیب المقداد. وکلاهما من سجناء الرأی، وجمیعهم حوکموا، وحُکم علیهم بالسجن المؤبد لنشاطهم السیاسی والحقوقی، وتعرضوا للتعذیب وسوء المعاملة، والحرمان المنهجی من الرعایة الطبیة، على حد تأکید العریضة.
کما أکد النواب أن البحرین قدمت فی عام 2017 وعداً بوقف تنفیذ عقوبة الإعدام فی البلاد إلا أنها ومنذ ذلک الحین نفذت ست عملیات إعدام کانت خمسة منها تعسفیة وبدون أی محاکمة عادلة، کما یواجه 26 من المحکوم علیهم بالإعدام حالیًا، التنفیذ الوشیک للعقوبة، وقد أدین نصفهم تقریبًا، باعترافات، یُزعم أنها انتُزعت تحت التعذیب فی قضایا تتعلق بالاضطرابات السیاسیة فی البحرین.
یبدو فی هذه المرة أن التحرکات الإقلیمیة والدولیة للمعارضة البحرینیة ومجموعات حقوق الإنسان ستلقی بظلالها على زیارة الوزیر البحرینی وستضع حکومة البحرین فی خانة الاتهام الأوروبی، تحرکات هی أقل ما یمکن القیام به من أجل نصرة المظلومین فی السجون البحرینیة وإظهار قضیتهم للرأی العام الأوروبی والدولی وفضح ممارسات الحکومة المستبدة فی البحرین.