واشنطن تعبث بأرواح السوریین فی الداخل والخارج.. إرهاب أمریکیّ متعدد الجوانب
فی ظل التطورات السیاسیّة والعسکریّة والاقتصادیّة فی سوریا، وما یرافقها من تدخلات أمریکیّة سافرة فی الشأن السوریّ بدءاً من إحیاء داعش ودعم الانفصالیین والتنسیق مع الکیان الغاصب فی قصف البلاد، ومروراً بمعاقبة محافظة الحسکة وحرمانها من الماء عبر إعطاء الأوامر لترکیا بقطع المیاه عنها، ولیس انتهاء بالعقوبات الاقتصادیّة بحق الشعب السوریّ، والتی تهدف إلى تجویعه لتحمیل الدولة السوریة المسؤولیّة الکاملة عن ذلک وتحقیق ما لم تستطع کل المشاریع الاستهدافیّة تحقیقه، أشارت صحیفة "الثورة" الحکومیّة، إلى استمرار مؤامرات الولایات المتحدة وحلفائها الغربیین والإقلیمیین ضد البلاد، فیما اتخذت دمشق إجراءات عملیة وفعالة ضد هذه التحرکات، الأمر الذی أدى إلى استیاء عمیق من أعداء الشعب السوریّ.
رسائل عملیّة
بیّنت صحیفة "الثورة" السوریّة، فی مقال بعنوان "رسائل عملیّة من دمشق"، إلى أنّه فی الوقت الذی تدعم فیه الولایات المتحدة وأتباعها فی أوروبا والمنطقة، الإرهاب فی البلاد وتشدد الحصار الاقتصادیّ علیها وتمعن فی عدوانها من خلال أذرعها الانفصالیّة (ما تسمى قوات سوریا الدیمقراطیّة، "قسد") وتزید من إجراءاتها القسریّة أحادیّة الجانب، تستمر سوریا بالعمل الدؤوب من أجل عودة السوریین الذین هجرتهم الآلة الإرهابیّة إلى بلادهم، وتکافح لتأمین متطلباتهم المعیشیّة بالتعاون والتنسیق مع حلفاء دمشق.
ومع إصرار الإدارات الأمریکیّة على نهج الهیمنة والغطرسة وسیطرة القطب الواحد وعدم الاستماع إلا للأصوات التی تناسب قراراتهم الرعناء فی المنطقة وفق دمشق، أضافت الصحیفة.. إنّ سوریة التی یعانی مواطنوها من قسوة العیش جراء الإرهاب الاقتصادیّ الذی تمارسه واشنطن، تعمل الدولة على تحریر الأرض وإعمار کل شبر محتل فی البلاد، و إعادة تأهیل المشاریع المتضررة من الإرهاب بالاعتماد على قدراتها وبالتعاون مع الأصدقاء والحلفاء ممن وقفوا معها فی معرکتها بثبات ورؤیة واضحة لتحقیق مصلحة البلاد العلیا، مهما کانت التحدیات والضغوط ومهما تعددت مخالب الإرهاب وأدواته العمیلة القذرة ومها طال الصمت الأممیّ المریب والغربیّ المتشدق بالحریات اللذان سقطا أمام صمود السوریین بعد محاولة تعطشیهم وإرکاعهم وابتزازهم لانتزاع قرارهم وفرض الشروط والإملاءات علیهم.
ومنذ بدء الحرب على سوریا، وفرار السوریین من مناطق سیطرة الإرهابیین ولجوئهم إلى دول مجاورة ودول بعیدة بسبب المعارک الطاحنة، أصبحت الأمور تزداد تعقیداً على هؤلاء اللاجئین لیجدوا أنفسهم بلا مأوى بعد أن دمرت منازلهم الحرب الدائرة فی بلادهم، والأصعب من هذا أنهم تحولوا إلى ورقة ضغط بید الساسة الباحثین عن أطماع فی الأرض السوریة، لذلک تقول الصحیفة إنّ دمشق قامت من خلال المؤتمر الصحفیّ الثانیّ إلى جانب الحلیف الروسیّ، بإیصال رسائل جدیّة عبر استعراض الجوانب العملیّة والتنفیذیّة التی وضعتها فی المؤتمر الدولیّ حول عودة اللاجئین السوریین الذی عقد فی تشرین الثانی العام المنصرم، وتبعه مؤتمر صحفیّ مشترک فی کانون الأول الماضی، لوضع أولویات الدولة السوریّة فی وضع حد للأزمة الانسانیّة للمهجرین بفعل الإرهاب وتحریر ما تبقى من الأرض وإسقاط المشروع الإرهابیّ وتأکید السیادة الوطنیّة والقرار المستقل.
ومع الإشارة إلى أنّ واشنطن وکیانها الصهیونیّ یسعیان إلى تحقیق أهداف مختلفة من خلال جهودهما لإحیاء إرهابیی داعش التکفیریین فی سوریا، من خلال إضعاف القوة الرادعة للجیش العربیّ السوریّ وحلفائه، حیث یدرک قادة أمریکا والعدو الغاصب أنّ الجیش السوریّ وداعمیه یسیطرون على معظم مساحة البلاد ما یعنى الکثیر من المناطق والمدن الاستراتیجیّة وخاصة فی المحور الشرقیّ، وبالتالی خلصوا إلى أنّ إعادة بسط السیطرة على هذه المناطق الاستراتیجیّة تتطلب إضعاف قوة الجیش السوریّ والمقاومة، وهنا تشیر الصحیفة إلى أنّ خطوات دمشق العملیة تزعج مراکز القرار الغربیّ المعادی التی عملت على تسعیر الإرهاب وتحاول إعادة إحیاء فلول تنظیم “داعش” الإرهابیّ، تحت حمایة الاحتلال الأمریکیّ الداعم أیضاً لتصعید میلیشیا “قسد” العمیلة فی وجه المواطنین السوریین الرافضین لوجودها وممارساتها الانفصالیّة، سعیاً منها لانتزاع تنازلات سیاسیّة وسط حصار اقتصادیّ خانق مفروض على دمشق.
وبالتزامن مع المحاولات الأمریکیّة والغربیّة الفاشلة لحرف مسار الانتصار السوریّ على الإرهاب، لتحقیق مآرب العدو الصهیونیّ المجرم فی سوریا من خلال إعادة البلاد إلى المربع الأول "عام 2011"، عبر تنفیذ مخطط الخنق الاقتصادیّ الذی یمس قوت الشعب السوریّ، فی ظل انتشار فیروس کورونا، وتأثیراته التی طالت کل مناحی حیاة السوریین، تؤکّد الصحیفة أنّ دمشق تدرک ملیاً أنّ المقاومة هی السبیل الأنجع للانتصار واسترجاع الحقوق وکسر الحصار مهما بلغ ثمنها وعظمت تضحیاتها، فهی تبقى أقل ثمناً من الاستسلام والخنوع والرضوخ.
مسؤولیّة کاملة
مراراً أکّدت دمشق على لسان وزارة خارجیتها أنّ أمریکا تتحمل المسؤولیّة الکاملة عن معاناة السوریین الناجمة عن دعمها الإرهاب وفرض الإجراءات القسریّة أحادیّة الجانب، واختلاق الأکاذیب لإبعاد المسؤولیّة عن نفسها، بعد عقوباتها التی تسببت فی أسوأ أزمة إنسانیّة فی البلاد، وترى دمشق أنّ سلوک الولایات المتحدة یؤکّد إصرارها على نهج الهیمنة والغطرسة وسیطرة القطب الواحد وعدم الاستماع إلا للأصوات التی تناسب قراراتها فی المنطقة.
وفی الوقت الذی تعبر فیه سوریا أنّ نتائج السیاسات الأمریکیّة ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانیّة، لم تأبه أمریکا لتأثیر عقوباتها على الشعب السوریّ، الذی یعانی من ظروف اقتصادیة لا توصف من شدة صعوبتها، فمن قادوا الحرب على سوریا هم نفسهم من فرضوا العقوبات الاقتصادیّة علیها، حیث أشعلت الولایات المتحدة حرباً اقتصادیّة أدت إلى سحق الطبقة ذات الدخل المتوسط فی البلاد، لیصبح معظم السوریین تحت خط الفقر، ناهیک عن غیاب أبسط مستلزمات الحیاة فی بلاد دُمرت بنیتها وحُرق قمحها ونُهب نفطها وسُرقت آثارها، من قبل من یدعی بأنّ الهدف "معاقبة الحکومة السوریة".
ومن الجدیر بالذکر، أنّ عدة تقاریر أمریکیّة هاجمت واشنطن وطریقة تعاملها مع الملف السوریّ، حیث نشرت مجلة "Foreigen Affairs" الأمریکیّة فی وقت سابق، تقریراً مفصلًا بعنوان "العقوبات الأمریکیّة على سوریا هل تسقط النظام أم تضر المدنیین؟"، وخلص التقریر إلى أنَّ العقوبات الأمریکیة على سوریا وحلفائها، تضر بالشعب السوری ولا تخدم المصالح الأمریکیّة، وهذا ما أکّده السفیر الأمریکی السابق فی دمشق، روبرت فورد، الذی أشار إلى أنّ الإدارة الأمریکیة ترید من العقوبات الأمریکیة والغربیّة ضد دمشق بما فی ذلک ما یسمى "قانون قیصر"، أن تزید من وطأة الضغوط الاقتصادیّة على السوریین وتصور هذه الضغوط على أنّها مؤشر واضح للنجاح الأمریکیّ فی سوریة.
إضافة إلى الأوضاع المعیشیّة المتردیة فی سوریة، فإنّ مسألة الأضرار الکبیرة فی البنیة التحتیّة والتی تعرقل إلى حد ما عودة اللاجئین، تُستغل جیداً من قبل واشنطن التی عملت على زیادة العقوبات لتضییق الخناق على دمشق، لکی تتعثر عملیة إعادة الإعمار بفعل تلک السیاسات، التی أدت إلى تحویل اللاجئین إلى ورقة سیاسیّة قذرة لا ترحم طفلاً ولا تهتم لحال امرأة أو مُسن، وکلما کانت الدولة السوریة تقدم تسهیلات لعودة اللاجئین، کانت بعض الدول وعلى رأسها أمریکا تضع العصی فی الدوالیب وتمنع عودتهم، وبذلک تحول حیاتهم إلى جحیم داخل البلاد وخارجها، لتحقیق مآربها التی فشلت رغم 10 سنوات من الحرب العسکریّة على السوریین.