الدور الإماراتی الخبیث فی الیمن.. إسرائیل تعمل فی أرخبیل سقطرى بغطاء إماراتی لنهب الثروات
اتهمت حکومة صنعاء، دولة الإمارات، قبل عدة أیام، بالـ"تغطیة على نشاطات إسرائیلیة" فی جزیرة سقطرى جنوب شرق الیمن. جاء ذلک فی تصریحات أدلى بها "زکریا الشامی" وزیر النقل فی حکومة الانقاذ الوطنی فی صنعاء، فی اجتماع استعرض الاعتداءات التی تتعرض لها حدود الجرف القاری للجمهوریة الیمنیة ووضع بلوکات استکشافیة نفطیة من قبل الصومال فی الجرف القاری الیمنی. وأکد "الشامی" على أهمیة المحافظة على خط الأساس للجرف القاری للجمهوریة الیمنیة. وشدد على أن الجرف القاری للیمن تم ترسیمه وتحدیده من قبل مختصین وفنیین دولیین تابعین للأمم المتحدة والمتمثل فی المیاه الإقلیمیة والمنطقة الاقتصادیة والجرف القاری بأمیال محددة وفقا للقانون الدولی. وقال إن "الکیان الإسرائیلی یعمل فی أرخبیل سقطرى بغطاء إماراتی لنهب الثروات الطبیعیة والاستفادة من الموقع الجغرافی لسقطرى الیمنیة وما تحتویه من ثروات نفطیة وعلاجیة وسیاحیة وغیرها".
وسقطرى هی أرخبیل یمنی مکون من 6 جزر تقع فی المحیط الهندی قبالة سواحل القرن الإفریقی، بالقرب من خلیج عدن، وتبعد 350 کم على شبه الجزیرة العربیة. ویشمل الأرخبیل جزر "سقطرى، ودرسة، وسمحة، وعبد الکوری، وصیال عبد الکوری، وصیال سقطرى"، بالإضافة إلى 7 جزر صخریة أخرى، وهی "صیرة، وردد، وعدلة، وکرشح، وصیهر، وذاعن ذتل، وجالص". وتعتبر جزیرة سقطرى أکبر الجزر العربیة، ویبلغ طولها 125 کم وعرضها 42 کم، ویبلغ طول الشریط الساحلی 300 کم، وعاصمة الجزیرة "حدیبو".
وتجتمع حکومة صنعاء وحکومة الرئیس المستقیل "هادی" على أن الإمارات تحاول السیطرة على سقطرى. وفی أیلول الماضی، قال "فهد کفاین"، الذی کان یشغل وقتها منصب وزیر الثروة السمکیة فی حکومة "هادی" القابعة فی فنادق الریاض، إن الإمارات قامت بإدخال معدات اتصال متقدمة، وعناصر أجنبیة إلى محافظة أرخبیل سقطرى، بطریقة غیر رسمیة وبدون تنسیق مع الحکومة. وقال "کفاین" وقتها عبر حسابه على "تویتر"، إن "سفینة إماراتیة نقلت معدات اتصالات متقدمة ومعدات أخرى ضمن حمولتها الأخیرة إلى أرخبیل سقطرى". وأکد "وصول أجانب من جنسیات مختلفة إلى أرخبیل سقطرى فی آب الماضی، ودخولهم دون الحصول على تأشیرات دخول رسمیة ودون المرور بإجراءات الدخول الاعتیادیة وفق النظام والقانون". واکد "کفاین"، وهو أحد أبناء محافظة سقطرى، ان "تعلیق العمل بالتأشیرات والإجراءات المتبعة فی المطارات للقادمین إلى أرخبیل سقطرى أمر مثیرا للقلق وغیر مقبول".
وخلال السنوات الماضیة، اتهم عدد کبیر من الناشطین الیمنیین دولة الإمارات، بسرقة شجرة "دم الأخوین" النادرة من سقطرى، ونقلها إلى دبی. وفی هذا السیاق، قال الناشط والأکادیمی الجنوبی، "حسین الیافعی"، إن "الإمارات تنهب شجرة دم الأخوین النادرة، من جزیرة سقطرى وتنقلها إلى شوارع أبو ظبی"، مؤکدا أن ما تقوم به الإمارات فی الیمن هی تصرفات محتل. بدوره قال الناشط الیمنی "عباس الضالعی"، إن "الإمارات تتصرف کمحتل للیمن، لافتا إلى قیامها بنهب الشجرة النادرة"، مؤکدا على أن السعودیة تتحمل تصرفات الإمارات فی الیمن. وأضاف "الضالعی": "بریطانیا احتلت جنوب الیمن، 128 عاما ولم تفکر بسرقة ونهب شجرة دم الأخوین، من جزیرة سقطرى، کما فعلت الإمارات التی جاءت لتحریر الیمن من الانقلاب".
وعلى سیاق متصل، قال حساب "معتز الیمنی" على موقع تویتر،: "أول سرقاتهم من سقطرى أشجار دم الأخوین"، مشیرا إلى الإمارات والدور المشبوه لها فی تحالف العدوان. بدوره قال الناشط والحقوقی الیمنی، "خالد الآنسی"، إن "أشجار دم الأخوین النادرة أصبحت تتزین بها شوارع دبی، بعد أن سرقتها الإمارات من سقطرى". الناشط "أبو حسین الصلاحی" بدوره قال: " نهبوا شجرة دم الأخوین من جزیرة سقطرى، إلى شوارع دبی، شکرا یا سرق أولاد زاید". ومن جانبه قال الناشط "محمد المحیمید"، إن "الأشجار السقطریة النادرة فی شوارع الإمارات، معلقا: "شویة سرق للتاریخ والجغرافیا والنباتات". ومن جهته قال الناشط "إبراهیم الکتبی": "الاحتلال الاماراتی فی الیمن، من أولویاته، صناعة وتدریب الملیشیات وفتح السجون السریة وممارسة التعذیب واحتلال الموانئ ونهب الاشجار والطیور النادرة والجزر المحمیة ومحاولة إعادة نجل صالح إلى حکم ما یسمى بالشمال وملیشیات تحکم الجنوب بسم الانفصال واستعادة التشطیر وتمزیق الیمن".
وعلى نفس هذا المنوال، کشف موقع "ساوث فرونت" الأمریکی المتخصص فی الأبحاث العسکریة، نهایة آب الماضی عن عزم الإمارات وإسرائیل إنشاء مرافق عسکریة واستخباریة فی جزیرة سقطرى. ونقل الموقع المتخصص فی الأبحاث العسکریة والاستراتیجیة عن مصادر عربیة وفرنسیة، أن وفدا ضم ضباطا إماراتیین وإسرائیلیین قاموا بزیارة الجزیرة مؤخرا وفحصوا عدة مواقع بهدف إنشاء مرافق استخباریة. وعلى إثر ذلک، خرجت المظاهرات الحاشدة فی المحافظات الجنوبیة ومدیریاتها رفضاً للوجود الإسرائیلی فی جزیرة سقطرى واستنکاراً للتطبیع مع الکیان الصهیونی ونصرة للقضیة الفلسطینیة، وأحرقت المسیرات الجنوبیة فی عدن وأبین ولحج وحضرموت وکافة مدن الجنوب العلم الإسرائیلی ورددت شعارات رافضة للتطبیع وداعمة للقضیة الفلسطینیة.
وحول هذا السیاق، کشفت العدید من المصادر الاخباریة، أن الغضب من وجود أتباع الإمارات فی الجزیرة، عّم کل مناطق سقطرى ما أثمر عن تحرکات خارجیة سیاسیة ودبلوماسیة وغلیان شعبی واجتماعی فی مناطق الجزیرة تهدف إلى طرد المحتل الإماراتی من الجزیرة. حیث مارست قوات الإمارات والمجلس الإنتقالی خلال وجودها فی جزیرة سقطرى انتهاکات ضد سکان الجزیرة وفتحت سجون سریة لمعارضی سیاساتها الاحتلالیة بغرض تکمیم الأفواه، الأمر الذی دفع بمحامین وعددهم 21 محامیاً لرفع دعوى قضائیة ضد حکومة الرئیس المستقیل "عبد ربه منصور هادی" القابعة فی فنادق الریاض لغیاب دورها تجاه ما یحدث فی محافظة سقطرى. ورفع محافظ أرخبیل سقطرى، "رمزی محروس"، رسالة إلى الرئیس المستقیل "منصور هادی"، کشف فیها سلسلة من الانتهاکات والممارسات التی تقوم بها الإمارات وملیشیاتها فی المحافظة منذ الإنقلاب المسلح الذی قاده الانتقالی الجنوبی فی یونیو الماضی.
الجدیر بالذکر، أنه بعد عامین من غزو تحالف العدوان السعودی الإماراتی للیمن، کشفت الإمارات النقاب عن سیاستها الحقیقیة الخبیثة فی حرب الیمن، وأصبحت جزیرة سقطرى أحد المراکز الرئیسیة للقوات الموالیة لأبو ظبی. ومنذ ذلک الحین، ازدادت احتجاجات أهل هذه الجزیرة وفی عام 2019، اندلعت واحدة من أکبر الاحتجاجات المنددة لأبناء هذه الجزیرة، بقیادة "عبد الله بن عیسى آل عفرار"، رئیس المجلس العام لأبناء محافظتی المهرة وسقطرى فی الیمن، ضد تواجد الإمارات والسعودیة فی جزیرة "سقطرى". وبعد الکشف عن علاقاتها مع الکیان الصهیونی، تعتزم الإمارات إقامة قاعدة عسکریة لهذا الکیان الغاصب فی جزیرة سقطرى ولقد تسبب الکشف عن هذه القضیة فی نشوب جولة جدیدة من الاحتجاجات من قبل أهالی الجزیرة ضد وجود القوات الأجنبیة.
وفی الختام یمکن القول أنه على مدى العقد الماضی، وضعت دولة الإمارات السیاسة الخارجیة العدوانیة على جدول أعمالها لتوسیع نفوذها فی المنطقة والقرن الإفریقی. ولتحقیق هذا الهدف، صار من الضروری على الإمارات أن تسیطر على خلیج عدن، لأنه من خلال عدن یمکن أن تصل إلى مضیق "باب المندب" وشمال إفریقیا، وفی الوقت نفسه، فإن أرخبیل سقطرى له دور لوجستی وعسکری للإمارات، وذلک لأنه جسر إلى عدن ثم مضیق "باب المندب". وفی البعد الاقتصادی، تسعى دولة الإمارات إلى التسلل إلى جنوب الیمن من أجل التجارة مع أوروبا وتجاوز مضیق "هرمز"، وکذلک المنافسة الاقتصادیة مع السعودیة ومنع موانئها التجاریة من الانهیار من خلال استغلال موانئ عدن. ومن الناحیة الأیدیولوجیة والسیاسیة، تنظر دولة الإمارات العربیة المتحدة لحزب الاصلاح الیمنی ذو المیول الإخوانیة والحراک الجنوبی الانفصالی کأداتین لتحقیق أهدافها ومصالحها الخبیثة فی الیمن ومن جهة أخرى تقوم أبو ظبی بالاستثمار طویل الأمد على الرئیس المستقیل "منصور هادی" وذلک لاستخدامه کلعبة على التراب السعودی، لتنظیم وتعزیز قوى المجلس الانتقالی فی جزیرة سقطرى، وتحقیق توازن ضد منافسیها ولهذا فقد فتحت هذه السیاسة الباب أمام الکیان الصهیونی فی المنطقة، الأمر الذی أدى إلى تعّقد المعادلات أکثر فی جنوب الیمن.