انتفاضة لردع محاولات العدو عزل الفلسطینیین عن محیطهم العربیّ.. هل تنجح؟
ضجت مواقع التواصل الاجتماعیّ بالدعوات التی أطلقتها مجموعة من العرب والفلسطینیین، لتحدی الهجمة الاحتلالیّة التی تهدف إلى عزل الفلسطینیین عن محیطهم العربی، ولاقت استجابة کبیرة، حیث تفاعل الآلاف من المستخدمین على منصتی فیسبوک وتویتر، وقد عبّر فیها العرب عن تحدیهم لسیاسات الکیان الصهیونیّ المجرم، مشدّدین على أنّ الاتهامات بـ "تهدید الأمن الإسرائیلیّ" وملاحقة الکیان واختراعه لاتهامات من قبیل التواصل مع عمیل أجنبیّ، لن تفلح فی قطع صلات الجسد الفلسطینیّ مع محیطه العربیّ.
عزل الفلسطینیین
بمبادرة من مجموعة من الفلسطینیین والعرب داخل وخارج فلسطین المحتلة، تفاعل العرب والفلسطینیون بشدة ضد سیاسات الکیان الصهیونیّ الغاشم الهادفة لعزل الفلسطینیین ضمن الأراضی المحتلة، وذلک من خلال سلسلة القرارات الأمنیّة والاعتقالات والاتهامات التی تجرم تواصلهم بمحیطهم العربیّ والفلسطینیّ، الشیء الذی لاقى استهجاناً کبیراً من مجموعات وحرکات عربیّة وأطر نشاطیة مناصرة للقضیة الفلسطینیّة ورافضة للتطبیع، تبنت هذه الدعوة، وطالبت بأوسع مشارکة ممکنة فی هذه الحملة.
وفی هذا الصدد، أکّدت جمعیة "البحرین لمناهضة التطبیع" فی تغریدة لها على ضرورة المشارکة فی الحملة الفلسطینیّة العربیّة الهادفة لعزل الفلسطینیین عن محیطهم العربیّ، وهذا ما ذکرته بالتحدید حرکة “الاشتراکیون الثوریون” المصریّة، ومن مدینة حیفا جاءت استجابة الحملة بإطلاق دعوة مُقابِلة ترحّب بالصوت العربیّ، وترد: هنا فلسطین "متواصلون مع محیطنا العربیّ"، بالإضافة إلى مدن غزة والقدس ورام الله ونابلس، والقاهرة والمنامة وتونس وعمان وبیروت، ومن مخیمات اللجوء والشتات الفلسطینیّ، اتحد آلاف من الفلسطینیین والعرب معلنین تحدی هجمة العدو الصهیونیّ المُستبد وإجراءاته، واستحالة أن یسمحوا له بقطع صلات هذا الجسد الفلسطینیّ الواحد.
ومن الجدیر بالذکر أنّ هذه الحملة تتزامن مع تصعید قوات الاحتلال الطاغی اعتقالاته لفلسطینیین من الضفة الغربیّة المحتلة والمدن الواقعة داخل ما یُطلَق علیه الخّط الأخضر (الخط الفاصل بین الأراضی المحتلة عام 1948 والأراضی المحتلة عام 1967)، وتوجیه اتهامات لهم حول تواصلهم مع فلسطینیین فی مناطق أخرى ومواطنین عرب، کان آخرها هذا الأسبوع قیام سلطات الکیان الغاصب باعتقال الکاتب والفنان الفلسطینیّ، مهند أبو غوش من منزله فی مدینة حیفا.
مفجر الانتفاضة
بعد قیام قوات الاحتلال الصهیونیّ، باعتقال الکاتب الفلسطینیّ مهند أبو غوش، من منزله بمدینة حیفا یوم 25 ینایر/ کانون الثانی، وقیام محکمة الاحتلال بتمدید اعتقاله تحت التحقیق بتهم تتعلق بالتواصل مع أصدقاء فی العالم العربیّ، تفجرت "انتفاضة إلکترونیّة" ضد الهجمة الاحتلالیّة الشرسة التی تهدف إلى عزل الفلسطینیین عن محیطهم العربیّ، ولاقت تفعلاً عربیّاً وفلسطینیّاً واسعاً.
ومهند أبو غوش هو کاتب وفنان فلسطینیّ من مدینة القدس المحتلة، نُشرت له مواد فی عدة مواقع وصحف فلسطینیّة وعربیّة، وسبق أن صدرت له مجموعة قصصیّة عن إحدى دور النشر فی بیروت، وقد عرف بمواقفه المؤیدة بشکل کبیر لحقوق الشعوب العربیّة والمناهضة لنظم الاستبداد، وقد تعرض أبو غوش مراراً للاعتقال من قبل قوات الاحتلال الغازی منذ طفولته.
وسبق أن قامت الأجهزة الأمنیّة التابعة للسلطة الفلسطینیّة برئاسة محمود عباس باعتقال مهند أبو غوش على خلفیة مشارکته فی احتجاجات طلابیّة مناهضة لزیارة وزیر الخارجیة الفرنسیّ الأسبق، لیونیل جوسبان لجامعة بیرزیت فی فبرایر/ شباط عام 2000، بعد تصریحات الأخیر التی اتهم فیها المقاومة اللبنانیّة بالإرهاب، کما تعرض للتنکیل والاعتقال خلال مشارکته فی فعالیة مناهضة للعقوبات التی تفرضها السلطة الفلسطینیّة على قطاع غزة فی یونیو/ حزیران عام 2018.
یشار إلى أنّ اعتقال الکاتب مهند أبو غوش جاء بعد عدة استدعاءات من قبل أجهزة المخابرات التابعة للعدو خلال الأشهر الفائتة، ضمن منهج ملاحقات وسلسلة اعتقالات یتعرض لها الفلسطینیون فی الداخل المحتل، کجزء لا یتجزأ من سیاسة الاحتلال المجرم الهادفة لإرهاب وعزل الفلسطینیین هناک وحرمانهم من أدنى تواصل مع محیطهم العربیّ ومع أبناء شعبهم فی الأراضی المحتلة والشتات.
فی النهایة، أحمق ذلک العدو الذی یعتقد أنّه یستطیع سجن شعب فی زجاجة ضمن بلادهم ومحیطهم العربیّ الکبیر، وکیف لبلد مثل فلسطین أن یُمنع من صلاته مع أشقائه وهو یعیش فی أحضان أربع دول عربیّة (لبنان – سوریا – الأردن - مصر)، بالإضافة إلى أنّه کان جزءاً قدیماً وهاماً من منطقة "بلاد الشام" التی تمتد على طول الساحل الشرقیّ للبحر الأبیض المتوسّط وتتوسّط قارات (آسیا، وأفریقیا، وأوروبا)، وهذا ما یدرکه ملیّاً الفلسطینیون والعرب، ولذلک لا یمکن بأیّ شکل من الأشکال أن تنجح محاولات عزل الفلسطینیین عن محیطهم العربیّ.