سیاسة التهدید السعودیة وکشف المستور
تحتد المنافسة بین دول الخلیج الفارسی، حیث إن سعی الریاض لاستقطاب رؤوس أموال جدیدة تحکی عن نشوب صراع سعودی اماراتی لاستمالة الشرکات متعددة الجنسیات فی منطقة الخلیج الفارسی. ففی الوقت الذی تعکف فیه الامارات على تسریع وتیرة بناء قطاع التکنولوجیا لدیها تستخدم السعودیة رسائل التهدید للضغط على الشرکات متعددة الجنسیات لنقل مقرها إلى داخل المملکة.
المناخ الاستثماری السعودی
تحاول السلطات السعودیة بوسائل واجراءات شتى جذب الاستثمارات وتحسین صورة المناخ الاستثماری فی البلاد لإنعاش الاقتصاد السعودی المتردی والذی یعانی من الرکود منذ تدهور أسعار النفط فی عام 2014، حیث تعانی السعودیة أکبر مصدر للنفط هذه الأیام من عجز متواصل فی المیزانیة العامة وتراجع فی النمو الاقتصادی. یقدر اجمالی العجز السعودی ب 37.58 ملیار دولار أی بنسبة 4.9 % من الناتج المحلی الاجمالی. کما تقول الأرقام إن احتیاطیات المملکة بدأت تنفد، إذ یُتوقَّع أن تتراجع من 92 ملیار دولار فی 2020، إلى 74,6 ملیاراً فی عام 2021، فی ظلّ شُحٍ فی تنویع مصادر الدخل غیر النفطیة.
من الجدیر بالذکر أن الموازنة السعودیة عکست الانخفاض الکبیر فی الترکیز على خدمات المواطنین ورفع الضرائب المرتفعة عنهم. وکان مرکز "ستراتفور" للدراسات الاستراتیجیة و الأمنیة قد توقع قیام ثورة شعبیة غاضبة العام المقبل بسبب تردی الوضع الاقتصادی و المعیشی فی المملکة. وتتصاعد التحدیات أمام اقتصاد مملکة الرمال بفعل فشل سیاسات نظام آل سعود وفساد رموزه فی عام 2020. ویعتبر غیاب الشفافیة التی تعانی منها السعودیة من أهم العوامل فرار المستثمرین. المؤشرات المسجلة بشکل عام لاقتصاد الممکلة کفیلة بتصدیر صورة قاتمة عن مناخ الاستثمار فی البلاد.
المنافسة السعودیة الاماراتیة على الشرکات الأجنبیة
تعتبر دبی الوجهة الاستثماریة المفضلة حتى بالنسبة للشرکات السعودیة المتوجهة للخارج. کما انها تعتبر المرکز المالی والتجاری الأکثر ازدهاراً فی منطقة مجلس التعاون لدول الخلیج الفارسی. بعد الانخفاض الکبیر الذی أصاب أسعار النفط والعجز الاقتصادی السعودیة أدرکت السعودیة أهمیة توجیه الاهتمام نحو تنویع الاقتصاد وذلک على غرار الامارات.
ومنذ اطلاق محمد بن سلمان " رؤیة 2030" والاعلان عن مشروع مدینة نیوم الفرعونی عملت الریاض بشکل دؤوب للتفوق على الامارات وسحب البساط من تحت قدمیها. فی حین کان من الممکن أن تلعب کلتا المدینتین دوراً مکملاً فی حال إکمال مشروع مدینة نیوم الذی نشهد مؤخراً وفی ظل الظروف الاقتصادیة التی تعشیها المملکة تحوله إلى مجرد سراب فی الصحراء. فی ظل المنافسة السعودیة للإمارات بدأت السعودیة القیام بحملة کبیرة عملت من خلالها على تقدیم حوافز ضخمة للشرکات متعددة الجنسیات لجذب هذه الشرکات من دبی إلى الریاض، رغم ذلک تبقى الامارات غیر مهتمة بالخطوات السعودیة حیث جاء فی تصریح للمدیر العام لمکتب أبو ظبی للاستثمار بأن بلاده وعاصمتها لیست فی خطر فقدان میزتها التنافسیة، وفی الواقع تعمل السعودیة على جذب القیادة العلیا للشرکات الأجنبیة الکبرى من "جوجل" وحتى سیمنز" على أمل أن تحتل الریاض المرکز الأول فی سوق الاستثمار ولکن ما خفی أعظم !!
رسائل التهدید السعودیة
على الرغم من قیام السعودیة على جذب 24 شرکة متعددة الجنسیات لتأسیس مقر اقلیمی لها فی الریاض للقضاء على الهیمنة الاماراتیة، إلا أنه لا یمکن للمملکة أن تعمل بطریقة المنافسة الشریفة حیث إن هذا المصطلح غیر موجود بالقاموس السعودی. فقد کشف ویکلیکس السعودیة عن حصوله من مصادر موثوقة على رسائل تهدید من بن سلمان للشرکات الأجنبیة. وکان ذلک بعد قیام ابن سلمان بتوجیه دعوة للشرکات الأجنبیة الکبرى من أجل نقل مقراتها من دبی إلى الریاض ولکن معظم هذه الشرکات رفضت طلب ابن سلمان فقام ابن سلمان فی هذه المرة بإرسال تهدید لهذه الشرکات فی حال عدم تلبیة قیامها بالانتقال إلى الریاض سوف یقوم بسحب الاستثمارات السعودیة. وکانت صحیفة فایناناشال تایمز قد أشارت إلى أن الرؤساء التنفیذیین والاستشاریین بالشرکات الکبرى قد قاموا بالسفر مرات عدة إلى السعودیة فی السنوات السابقة بشأن تقدیم المشورة الاقتصادیة ولکنهم لا یفضلون الانتقال إلى السعودیة فی ظل انخفاض مستوى المعیشة. فی حین بررت الشرکات التی أعلنت عن انتقالها إلى الریاض بأن الأمر یعود إلى الامکانات المتاحة. من الجدیر بالذکر کذلک أن الشرکات الأجنبیة تتخوف من السجل الحقوقی المشبوه للنظام السعودی وما یقوم به من جرائم ضد الانسانیة فی الیمن وقبل ذلک قضیة مقتل الصحفی جمال خاشقجی التی هزت الرأی العام العالمی والتی لایزال ملفها مفتوحاً إلى الآن.
السؤال الذی یطرح نفسه هنا على الرغم من جمیع الجهود الحثیثة التی یقوم بها محمد بن سلمان هل سیفلح فی کبح جماح الهیمنة الاماراتیة على سوق الاستثمار؟ وهل من الممکن أن نشهد اقتصاداً سعودیاً قویاً یمکنه جذب الشرکات الأجنبیة الکبرى على الخصوص بعد تغریدة المدیرة التنفیذیة لمنظمة " الدیمقراطیة الآن للعالم العربی DAWN": أراک فی المحکمة سید بن سلمان؟؟!!