میلیشیا "قسد" تفک حصارها عن الحسکة.. إلى متى یستمر خنوعها لواشنطن؟
بعد ثلاثة أسابیع من الحصار، بدأت میلیشیات "قوات سوریا الدیموقرطیّة" المدعومة من الولایات المتحدة الأمریکیّة، إنهاء إجراءات الحصار الذی فرضته على مرکز مدینة الحسکة وحیی "حلکو وطی" فی مدینة القامشلی، حیث فتحت عدداً من الطرق أمام حرکة السیارات والمواطنین، وأوضح محافظ الحسکة، غسان خلیل، أنّ هناک إجراءات بدأت لفک الحصار الذی تفرضه المیلیشیات على مرکز مدینة الحسکة حیث تم البدء بفک الحصار عن بعض المناطق فی مدینة القامشلی، وأمل خلیل فی أن یستمر رفع الحصار عن المدینة والمناطق التابعة لها، بحسب ما نقلته وکالة الأنباء السوریة "سانا".
حصار خانق
تشیر الوقائع إلى أنّ میلیشیا “قسد” الانفصالیّة، أنهت حصارها الخانق الذی فرضته على مرکز مدینة الحسکة وحیی "طی وحلکو" فی القامشلی، والذی استمر لنحو 20 یوماً على التوالی حیث منعت دخول الآلیات ووسائل النقل والمواد التموینیّة والغذائیّة وصهاریج المیاه وغیرها من الاحتیاجات الأساسیّة کالطحین والوقود ومنعت وصولها لأهالی المدنیة، وفقاً لصحیفة الثورة السوریّة الحکومیّة.
وفی هذا الصدد، بیّن محافظ الحسکة، غسان خلیل، أنّ إجراءات فک الحصار ستتواصل آملاً ألا تغلق الطرق مرة أخرى وألا یحاصر المواطن فی لقمة عیشه ولا تمنع عنه المواد النفطیّة للتدفئة ولا الطحین کی یتوفر له الخبز وألا یمنع عنه الدواء، ما یدل على أنّ المیلیشیات الانفصالیّة المدعومة أمریکیّاً من المحتمل أن تکرر عدوانها على المدنیین مرة أخرى، مشدداً على أنّ کل المناطق السوریة تشهد حصاراً بسبب الإجراءات التعسفیّة الأمیرکیّة، فی الوقت الذی أصدرت میلیشیات "الأسایش" الانفصالیّة، بیاناً أکّدت فیه عودة الحیاة الطبیعیّة، والسماح بدخول کل المواد إلى مناطق السوریّة التی حاصرتها المیلیشیات الکردیّة فی مدینتَی الحسکة والقامشلی.
ونقل الإعلام السوریّ، أن عدداً من الطرقات تم فتحها أمام المواطنین والسیارات فی مدینة الحسکة بعد إزالة بعض العوائق والکتل الاسمنتیّة والحواجز الحدیدیّة التی وضعتها المیلیشیات الانفصالیّة خلال حصارها لمرکز المدینة الذی استمر لأسابیع فی حین شهدت الطرقات ومداخل حیی "حلکو وطی" فی مدینة القامشلی حرکة نشطة بعد فک الحصار عنهما.
رعایة روسیّة
عقب سلسلة من الاجتماعات التی عُقدت برعایة روسیّة بین ممثلین عن الحکومة السوریّة وآخرین عن میلیشیا "قسد" الانفصالیّة، أثمرت مساعی موسکو المتواصلة منذ بدء هذه الأزمة، اتفاقاً یُحتمل أن یمهِّد لإعادة إحیاء المفاوضات بین الجانبَین، خاصة بعد أن أنهت "قوات سوریا الدیموقراطیة" الحصار الذی فرضته على أحیاء فی مدینتَی الحسکة والقامشلی، شمال شرقی سوریة.
وبعد مرور نحو ثلاثة أسابیع على حصار الحسکة والمناطق التابعة لها، فُتحت الطرق أمام حرکة الآلیات والأشخاص نحو المناطق المحاصرة، فضلاً عن إعادة فتح طریق الحسکة - القامشلی أمام الجیش العربیّ السوریّ، وسحب الآلیات والعناصر والقناصة الذین انتشروا على مدى أیام، فیما بدأت المواد الغذائیّة والمحروقات والطحین بالدخول إلى هذه المناطق، مع توقّعات باستئناف الأفران الحکومیّة والخاصة أشغالها.
یذکر أنّ وفداً سوریّاً -روسیّاً مشترک، أجرى جولة على حیّ الشیخ مقصود فی مدینة حلب، للاطلاع على أحواله، والعمل على اتخاذ مزید من التسهیلات للمواطنین فیه، انسجاماً مع مطالب "قسد" الانفصالیّة، وأشارت صحیفة "الأخبار" اللبنانیّة، إلى إنّ الجانب الروسی عقد سلسلة اجتماعات مع ممثّلین عن الجانب الحکومی وقسد فی مدینة حلب، أفضت الى إنجاز اتفاق ینهی الحصار عن أحیاء فی مدینتَی الحسکة والقامشلی، وذکرت الصحیفة أن ممثلین عن الحکومة السوریة أکّدوا عدم وجود أی حصار مفروض على أحیاء ومناطق فی حلب، ولا مانع لدیهم من دخول أیّ مواد إلى تلک المناطق، وأضافت أنّ قافلة من المحروقات تضم نحو 40 صهریجاً دخلت إلى منطقة تل رفعت وحی الشیخ مقصود صباح الیوم الفائت، وبدأت بعدها "قسد" باتخاذ إجراءات لرفع الحصار المفروض من قِبَلها على الحسکة.
عسکریون معتقلون
بحسب مواقع إخباریّة، فإنّ الاتفاق الموقّع بین میلیشیا قسد الانفصالیّة والحکومة السوریّة یقضی بعودة الأمور إلى ما کانت علیه قبل الحصار، مع إفراج قسد عن نحو 44 عسکریّاً اعتقلوا خلال فترة التوتّر الأخیرة، وبیّنت المصادر أن الجانب الروسی طلب من میلیشیا قسد تزویده بأسماء مَن تقول إنهم اعتُقلوا من قِبَل الحکومة السوریة أخیراً فی حلب إن وجدت، لبحثها مع دمشق.
ویتحدث الاتفاق الذی تم إنجازه بین دمشق والانفصالیین، عن استبعاد اندلاع أیّ اشتباک بین الجیش العربیّ السوری، ومیلیشیا قسد الانفصالیّة، مع فتح الباب أمام موسکو لتفعیل دورها بشکل أکبر فی شمال سوریا وشرقها، خاصة عقب النجاح الروسیّ فی رعایة الاتفاق وتطبیقه إثباتاً جدیداً لنجاعة الدور الروسیّ فی التأثیر على القوى الکردیّة الانفصالیّة، ما یفتح الطریق أمام توسیع التنسیق بین الحکومة السوریة والانفصالیین المدعومین من واشنطن، ومحاولة إعادة إحیاء المفاوضات بینهما.
إضافة إلى ذلک، فإن الاتفاق الأخیر قلل فرص الولایات المتحدة التی تسعى إلى القضاء على أیّ محاولة لإیجاد تقارب بین میلیشیا قسد والحکومة السوریة، وتقلل من احتمالیّة أن یقوم الانفصالیون باتخاذ المزید من الإجراءات العدائیّة بحق سوریة التی یحاولن تمزیقها، فیما ینتظر الشعب السوریّ وحکومته أن تبادر میلیشیا "قسد" إلى خطوات تؤدی إلى فکّ ارتباطها مع الاحتلال الأمیرکیّ، لإطلاق حوار جدّی یؤدی إلى نتائج تنعکس بشکل إیجابیّ على مختلف أرجاء البلاد ویقلل من احتمالیّة تفتیتها، وهو الهدف الأهم بالنسبة للدول التی أعلنت حربها الضروس على دمشق من عشرة أعوام.
انتفاضة ضد قسد
قبل أیام، شهدة بلدة صور الواقعة فی الشمال الشرقیّ من محافظة دیر الزور، مظاهرة حاشدة للأهالی احتجاجاً على عملیات الخطف التی تقوم بها میلیشیا "قسد" بحق الشباب لإجبارهم على القتال ضمن قواتها التابعة للاحتلال الأمریکیّ وهو ما یرفضه الأهالی بشکل قاطع، حیث أشعل المحتجون الإطارات وقطعوا الطرقات وهتفوا ضد الوجود القسریّ لـ "قسد" فی المنطقة مطالبین بالإفراج عن جمیع الشبان الذین تم اعتقالهم.
وما ینبغی ذکره، أنّ عدداً مناطق ریفی دیر الزور والحسکة تشهد بشکل متسمر مظاهرات احتجاجیّة من الأهالی، ضد جرائم میلیشیا "قسد" التی تسببت باستشهاد وجرح العشرات إضافة إلى عملیات الاختطاف لکثیر من أبناء القرى بریف دیر الزور وارتهانها الکامل لأوامر قوات الاحتلال الأمریکی فی البلاد.
وفی هذا الشأن، ندد المواطنون السوریون بجرائم "قسد" وحصارها الجائر الذی فرضته على مدینة الحسکة وحیی "طی وحلکو" فی مدینة القامشلی، وقد نظم أهالی مدینة الحسکة وقفة احتجاجیّة طالبوا فیها بفک الحصار والسماح بدخول المواد الغذائیة والطحین والوقود والأدویة إلى المواطنین وطرد الاحتلالین الأمریکیّ والترکیّ من البلاد.
وفی الوقت الذی تجمع فیه المشارکون أمام القصر العدلیّ وسط الحسکة رغم الأحوال الجویة السائدة، أطلقت میلیشیا "قسد" الانفصالیّة، الرصاص الحی علیهم ما أدى إلى استشهاد مواطن وإصابة 3 آخرین بجروح، فی حین عمدت "قسد" المرتبطة بالاحتلال الأمریکی إلى إقامة حواجز إضافیة ونشر المزید من مسلحیها فی أحیاء مدینة الحسکة وخطف عدد من المدنیین.
کذلک، شدد المتظاهرون فی بیان، على أنّ دماء السوریین فوق أیّ اعتبار وأن الشعب السوریّ الذی قارع الإرهاب والاحتلال على مدى عشر سنوات لن یقبل الذل والهوان وسیاسة التجویع التی تفرضها المیلیشیات مؤکدین أنّ أبناء الحسکة کباقی أبناء سوریة متمسکون بالوحدة الوطنیّة وصامدون ومستمرون فی الدفاع عن تراب الوطن بکل ما یملکون.
واعتبر أبناء المحافظة أن الحصار الأخیر الذی فرضته "قسد" یستهدف لقمة عیش المواطن، وأنّه جاء بأوامر مباشرة من مشغلیها، حیث تفاقمت الأوضاع الإنسانیة بشکل کبیر فی مدینة الحسکة نتیجة الحصار الخانق الذی استمر لثلاثة أسابیع وحرم المدنیین فیها من أبسط مقومات الحیاة من خبز وماء ودواء، من قبل مرتزقة یساهمون فی حصار الشعب السوریّ وتجویعه، لکن رسالتهم الوحیدة هی أنّ "السوریین لا یمکن أن یقبلوا بالاحتلال الأمریکی والترکیّ وأدواتهما، وأنّ مصیرهم إلى مزبلة التاریخ، بفضل إرادة الشعب السوریّ الصابر على عدوان الدول المجرمة، وبطولة الجیش العربی السوری البطل، وقیادة الرئیس الأسد".