رسائل إیجابیة نحو سوریا تأتی من شمال افریقیا

کل من ابتعد عن سوریا، الآن یقترب من سوریا، هذا ملخص ما حصل منذ بدایة الأزمة السوریة وحتى الیوم، ولکن کان هناک استثناءات بین الدول العربیة من ناحیة التعامل مع سوریا، نذکر منها تعاطی مصر والجزائر مع سوریا، فبحکم العلاقات والروابط التاریخیة بین هذه الدول لم تکن هناک قطیعة تامة فیما بینهم، وما ساعد على ذلک بطبیعة الحال الانتصارات التی حققتها سوریا فی أرض المیدان وتمکنها من سحق الارهابیین.
نجاح سوریا فی التغلب على الارهاب ساعد فی عودة حجیج الدول العربیة الیها، وجعل مصر والجزائر أکثر ثقة فی تمتین العلاقات من جدید. الجزائر على سبیل المثال لدیها علاقة تاریخیة قویة مع سوریا، فالأمر یعود إلى الفترة التی أقام فیها الامیر عبد القادر الجزائری عقوداً منفیاً فی سوریة فی آواسط القرن التاسع عشر الى زمن الثورة التحریریة فی الجزائر فی آواسط القرن العشرین، والتی کان لسوریة، شعباً وأحزاباً وحکومة، الدور البارز فی الانتصار لها، وفی المشارکة فیها عبر متطوعین من أطباء ومقاتلین فحسب، بل أیضاً لأن المعاناة التی عاشها الشعبان فی وجه الفتنة والحرب الداخلیة هی واحدة، فی طبیعتها وأهدافها.
الجزائر خلال الأزمة لم تنتظر حتى ینتصر الجیش السوری على الارهاب لکی تعلن موقفها، کما فعلت العدید من الدول العربیة التی أعادت العلاقات مع دمشق بعد سلسلة الانتصارات التی حظیت بها خلال الاعوام الاخیرة ویقین الجمیع بأن الید العلیا فی سوریا الیوم للدولة السوریة.
مزخراٌ أکدت الجزائر حرصها على التواصل والتعاون مع سوریة وتعزیز العلاقات الاقتصادیة والتجاریة مع سوریة.
وخلال اللقاء الذی جمع سفیر سوریة فی الجزائر نمیر وهیب الغانم ووزیر التجارة الخارجیة الجزائری کمال رزیق، جرى بحث سبل تفعیل التبادل التجاری بین البلدین وفتح الأسواق الجزائریة أمام المنتجات السوریة.
وأکد الوزیر رزیق بحسب وکالة "سانا"، رغبة الحکومة الجزائریة الدائمة بالتواصل والتعاون مع سوریة،وحرصها على تعزیز العلاقات الاقتصادیة والتجاریة مع الجانب السوری، عبر الاتفاقیات الاقتصادیة الثنائیة الموقعة بین البلدین، وإعادة دور مجلس رجال الأعمال السوری الجزائری.
وأشار الوزیر رزیق إلى أهمیة تشجیع الاستثمارات بین الجانبین، وخصوصاً فی ظل إعادة الإعمار الذی تشهده سوریة، لافتاً إلى أن الجزائر فی صدد التوقیع على اتفاقیة المنطقة الإفریقیة الحرة التی ستخدم ما یقارب 1.2 ملیار نسمة یسکنون القارة الإفریقیة، ما یمهد الطریق لأن تشکل الجزائر بوابة الدخول للمستثمرین السوریین إلى إفریقیا، فیما یمکن أن تکون سوریة هی البوابة الآسیویة للمستثمرین الجزائریین.
من جانبه أکد السفیر الغانم إصرار الدولة السوریة على المضی بالعملیة السیاسیة بما یحقق مصلحة الشعب السوری واستکمال تطهیر الأراضی السوریة من بقایا التنظیمات الإرهابیة المدعومة من الاحتلالین الأمیرکی والترکی.
وأوضح الغانم أن سوریة الیوم تعانی ظروفاً اقتصادیة صعبة نتیجة للإجراءات الاقتصادیة أحادیة الجانب والحصار الجائر وغیر الأخلاقی المفروض علیها من قبل الولایات المتحدة والقوى الغربیة داعیاً إلى تفعیل الاتفاقیات التجاریة بین البلدین.
فی مطلع العام الماضی أطلقت الجزائر مبادرة لإعادة سوریا إلى الجامعة العربیة، والموقف الجزائری، بشأن عضویة سوریا فی الجامعة العربیة، لیس بالجدید؛ إذ کانت الدولة الوحیدة رفقة العراق التی تحفظت على قرار تجمید تلک العضویة.
الجزائر بارکت أیضاً انتصارات الجیش السوری وحلفائه، خاصة فی حلب، اذ أکد وزیر الشئون الخارجیة والتعاون الدولی الجزائری رمطان لعمامرة حینها أن تحریر الجیش السوری لمدینة حلب هو انتصار على الإرهاب، موضحا أن ما تقوم به التنظیمات المسلحة فى مدینة حلب هو إرهاب وإن إعادة السیطرة على حلب هى انتصار على هذا الإرهاب.
موقف الجزائر لم یکن عبثیا ولا حتى عاطفیا، فهو مبنی على تجربة طویلة مع الارهاب والاستعمار، وهی تستطیع أن تمیز بین الارهاب والمطالبة بالدیمقراطیة والحریة بذکاء، وهذا بالفعل ما حصل، خاصة أنها کانت ترى کمیة التدخل الخارجی بالشؤون السوریة والدعم الغربی وحتى العربی وتسلیح الشعب لاثارة الفوضى وأعمال الشغب، دون هدف محدد، خاصة وان المعارضة السوریة لم تکن یوما موحدة ولا تملک اهدافا موحدة، وانما کانت مجموعات هنا وهناک، تدعمها هذه الجهة وتلک، وهاهی الیوم تتخلى عنها لذلک لم یعد لها أی تأثیر أو قیمة على الارض، وهنا أدرک الجمیع مدى قوة بصیرة الجزائر وحکمتها فی اتخاذ المواقف، فهی منذ البدایة ترى أن ما یجری فی سوریا مؤامرة موجهة من قبل الولایات المتحدة الأمریکیة وقوى أوروبیة کفرنسا وبریطانیا لمشروع شرق أوسط کبیر – متجدد – بمعاییرها وتصوراتها.
الجزائر أیضاً استمرت فی زیاراتها لدمشق، وحتى الوفود السوریة لم تنقطع عن زیارة الجزائر، وشجعت الجزائر ولا تزال تشجع الحوار السوری_السوری لإیجاد مخرج من المأزق السیاسی من خلال مصالحة وطنیة سوریة کإستنساخ لتجربة الجزائر، ودعم جهود الدول الصدیقة کروسیا لإعادة الأمن والإستقرار وحمایة الوحدة الترابیة لسوریا ومنع خطر التفکک وفشل الدولة.
مصر
دعا النائب المصری مصطفى بکری فی حدیث خاص مع قناة RT، إلى إعادة العلاقات بین مصر وسوریا، مؤکدا أنه لا توجد أی عوائق لعودة العلاقات بین البلدین.
وأشار بکری إلى أن سوریا لم تلحق بمصر أی أضرار بل على العکس دعمت مصر فی حربها ضد الإرهاب، وقال: "الأولى أن تعید مصر العلاقات مع سوریا خاصة أن مصر أعادت العلاقات مع قطر رغم أنها ارتکبت جرائم ضد مصر".
ووصف البرلمانی المصری العلاقات بین مصر وسوریا بالتاریخیة والمصیر المشترک، وقال إن سوریا هی خط الدفاع الأول شمالا والرئیس المصری عبد الفتاح السیسی أکد مرارا طبیعة تلک العلاقة، وضرورة وحدة الأراضی السوریة وعدم التدخل فی شؤون سوریا الداخلیة.
وختم بکری مشددا على أنه "لا یصح أبدا أن تستمر القطیعة ویجب أن نضع إعادة العلاقات مع سوریا على سلم أولویاتنا".
بدوره، أعرب عضو لجنة العلاقات الخارجیة بمجلس النواب المصری علاء عصام عن تقدیره الکبیر للانتصارات التی حققها الجیش العربی السوری خلال حربه على الإرهاب، مؤکدا أن سلامة الدولة السوریة تؤمن حمایة للأمن القومی المصری، وهو الأمر الذی یستدعی عودة سوریا لحضن الأمة العربیة.
وقال عصام إن بیان سامح شکری وزیر الخارجیة المصری أمام أعضاء مجلس النواب والذی أکد خلاله أهمیة عودة سوریا إلى الجامعة العربیة، فی غایة الأهمیة و"یؤکد حرص مصر على علاقتها بالشقیقة سوریا".
یجمع الشعب السوری والشعب المصری خصوصیة تاریخیة و ثقافیة واجتماعیة لا یمکن لأحد المساس بها، ربما یحدث فتور فی مرحلة معینة بالعلاقات لکن هذا الأمر لایستمر، ورأینا کیف قامت وفود امنیة سوریة بزیارة مصر خلال الأزمة وکذلک فعلت مصر، وعندما تولى الرئیس المصری محمد عبد الفتاح السیسی الحکم قال فی عام 2014:" أن سوریا هى العمق الاستراتیجی لمصر وأن القاهرة تدعم الجیش السوری والدولة الوطنیة السوریة لمحاربة الارهاب".