عندما تکون مفاوضات طالبان مع امریکا جیدة ومع إیران سیئة!
بینما شاهد العالم لقاء وزیر الخارجیة الأمریکیة بقادة طالبان فی الدوحة، وصف القسم الإعلامی بمقر الحرب النفسیة ضد إیران، بعناوین ملحمیة هذا الحدث بأنه "حدث تاریخی" فی تحقیق السلام العالمی. مایک بومبیو یقف بجانب الملا غنی برادر ویلتقط صورة تذکاریة لإظهار أن حکومة ترامب المتمردة لم تخل من الإنجازات! بالطبع کان الکثیرون یعرفون أنه فی نفس الیوم الذی تحطمت فیه الطائرة العسکریة الأمریکیة فی مقاطعة غزنی، أغلق باب المفاوضات أمام واشنطن وضرب الأمریکیون أرض طالبان الصلبة.
لکن بالنسبة للبی بی سی الفارسیة ووسائل الإعلام الأخرى التابعة لوزارات الخارجیة الغربیة، لیس من المهم الحصول على نتیجة من الاتفاق الأمریکی مع طالبان! بالنسبة لهم، فإن کسر محرمات التفاوض مع ترامب أهم بکثیر من خبر التوصل إلى اتفاق مثیر للجدل. فی جمیع التحلیلات التی قدمها خبراء هذه الوسائل الإعلامیة، یُدعى للجمهور أنه إذا مدت الحکومة الإیرانیة یدها للتفاوض، فإن کل الأبواب ستفتح أمامهما! فی طهران أیضا، تزعم بعض الجماعات الإصلاحیة، على غرار بی بی سی الفارسیة، أنه حتى الشیطان یمکن التفاوض معه، وأنه لا ینبغی لنا أن نجعل من الصعب التفاوض مع امریکا.
المفاوضات مع طالبان..الکیل بمکیالین
بعد ثلاثة أشهر من فشل المحادثات الأمریکیة مع طالبان، تغیر کل شیء على الفور مع وصول فریق التفاوض التابع للجماعة إلى طهران، إذا کانت المحادثات مع مقاتلی طالبان حتى یوم أمس بمثابة جرس إنذار دبلوماسی وإنجاز کبیر للأمریکیین فی المنطقة؛ فالآن السیناریو یتغیر تماما!
إذا تفاوضت إیران مع طالبان فکأنها تقدر الإرهابیین، وإذا کانت إیران تقاتل داعش أو طالبان، فإنها مرة أخرى من وجهة نظر مقر الحرب النفسیة لطهران أنفقت مواردها المالیة عبثًا فی الحرب. واللافت للنظر انه من وجهة نظرهم ایضا أنه حتى لو اتخذت إیران موضع المراقب الصامت للأحداث، فإن استشهاد حرس الحدود الإیرانی دلیل على التقاعس وانعدام الأمن داخل البلاد! لکن فی هذه الحرب الدعائیة، هناک شیء واحد ثابت دائما:
"إیران هی سبب عدم الاستقرار، والأمریکیون هم المنقذ والحلال لمشاکل الشرق الأوسط".
ومن وجهة النظر هذه، فإن مخاطبة بریجنسکی لقوات طالبان بقوله: "أنتم على حق، الله معکم" یعتبر عملاً قومیاً شجاعا. أما إذا سعى وزیر الخارجیة الإیرانی إلى ترسیخ الأمن والى ایجاد حاجز على حدود بلاده، فیعتبر ذلک علاقة عاریة مع الإرهابیین.
أظهر إعلان التفاهم الأمریکی مع طالبان وقوع کارثة کبیرة، وکان نص الاتفاقیة الأمریکیة والتزاماتها أحادیة الجانب تجاه کابول مروعا. لقد أهان الطالبان رسمیا امریکا بسبب هذه المفاوضات والاتفاق. لقد أخذوا کل أنواع الالتزامات من الأمریکیین للجلوس على طاولة المفاوضات، طبعا فی ذلک الیوم لم تتطرق وسائل الإعلام الإیرانیة التابعة لجهاز المخابرات الأمریکیة إلى سبب تحرک العلاقة الأمریکیة مع طالبان!
طالبان هی طالبان!
فی خریف عام 2017 قال وزیر الخارجیة الأمریکی ریکس تیلرسون خلال زیارة غیر معلنة لکابول؛ انه یمکن لطالبان المعتدلة أن تکون حاضرة فی الحکومة الأفغانیة. هذه هی کلمات وزیر الخارجیة الأمریکی الأسبق اعتبرت بمثابة الذکاء الدبلوماسی. لکن نفس کلام وزیر الخارجیة الإیرانی بخصوص طالبان الجدیدة هو إرهاب! ولکن کیف یمکن لمحطة بی بی سی فارسیة أن تستبدل بسهولة الکلمات المعتدلة أو المتطرفة مع بعضها البعض؟
اعترفت هیلاری کلینتون فی جلسة استماع بالکونجرس فی دیسمبر 2011: "لدینا ماض مشترک مع القاعدة وطالبان، أولئک الذین نحاربهم الیوم، نحن أوجدناهم بأنفسنا قبل 20 عاما لیکونوا ضد السوفیتیین".
وفقًا لمقر الحرب النفسیة فی ذلک الوقت، لم تکن القاعدة وطالبان إرهابیین فحسب، بل کانوا معتدلین أیضا وعلى حق! لکن عندما یتعلق الأمر بإیران، فإن الأدب الأمریکی وجنود مراسلیهم فی القسم الفارسی یتغیر مباشرة، ما یقلل من علاقة إیران بالجماعة التی تهیمن على جزء کبیر من أفغانستان وتحویلها إلى ارتباط إرهابی!