حملة لمواجهة مساعی "إسرائیل" لکم الأفواه على فیسبوک.. ما علاقة الصهیونیّة؟
حملة واسعة أطلقها نشطاء فی مجال حقوق الإنسان لمنع أشهر برنامج فی وسائل التواصل الاجتماعی “فیسبوک”، من تعدیل سیاسته المتعلقة بخطاب الکراهیة لتصنیف کلمة "الصهیونیة" ضمن الفئات المحمیة، وتدل الکلمة على حرکة یهودیة خالصة ذات أهدافها سیاسیّة ودینیّة، وهی خطوة من شأنها أن تجعل أیّ انتقاد للصهیونیّة أو هذا الفکر الأیدیولوجیّ الذی یدعو إلى إنشاء وطن قومی للیهود على حساب أراضی الفلسطینیین ومقدساتهم، انتهاکاً لما تسمى معاییر” المجتمع وخطاب الکراهیة” على فیسبوک، وجاءت الحملة التی تحمل اسم “فیسبوک، نحن بحاجة إلى نقاش” رداً على مخططات المنظمات الصهیونیّة المدعومة من حکومة الکیان الصهیونیّ الغاصب، للتعامل مع کلمة “الصهیونیّة” وکأنها “الیهودیة”، حیث من المتوقع أن یتخذ موقع “فیسبوک” قراراً بهذا الشأن بحلول نهایة شباط الجاری.
وفق ما ذکر تقریر المنصة الإعلامیّة المناصرة للحقوق الفلسطینیة ”موندیز”، فإنّ منظمة الصوت الیهودی من أجل السلام، قالت إنّ حکومة العدو الصهیونیّ، طلبت من شرکة "فیسبوک" إضافة کلمة “الصهیونیة” إلى خطاب الکراهیة الممنوع، وفی حال قررت الشرکة بالفعل مساواة “الصهیونیة” بالیهودیّة، فسوف یُعاقب أیّ انتقاد للأیدلوجیّة والسیاسات الصهیونیة على الموقع.
وفی الوقت الذی أکّدت فیه المنظمة على أنّ الخطوة فی حال طبقت، قد تؤثر بشکل غیر متناسب فی الشعب الفلسطینیّ، الذی ینتقد سیاسات الکیان الصهیونیّ الغاشم فی فلسطین المحتلة، کما أنّ من شأن السیاسة المقترحة أن تقوض الجهود المبذولة لتفکیک معاداة السامیة الحقیقیة، وفق رسالة الحملة.
وفی هذا الخصوص، بیّنت منظمة “فلسطین لیغل” أنّ منع انتقاد الصهیونیّة على موقع فیسبوک سیغلق المحادثات حول المساءلة والإجراءات التی تضر بأبناء فلسطین، إضافة إلى أنّها ستمنع الفلسطینیین من مشارکة تجاربهم الیومیّة وتاریخهم مع العالم، مثل صور مفاتیح المنازل التی سلبتها العصابات الصهیونیة عام 1948 او المستوطنین الذین یهاجمون الأطفال الفلسطینیین ویقتلعون أشجار الزیتون، التی یتجاوز عمر الواحدة منها أضعاف عمر الکیان المزعوم.
یشار إلى أنّ منظمة الأصوات الیهودیّة الکندیة ومشروع عدالة، وقعتا على العریضة إضافة إلى حرکة (BDS) أو "مقاطعة إسرائیل" الفلسطینیّة، والتی تأسست عام 2005، وامتدت لتصبح عالمیّة بعد ذلک، وتسعى لمقاومة الاحتلال الصهیونیّ وتوسعاته الاستیطانیّة، من أجل تحقیق الحریة والعدالة والمساواة فی فلسطین وصولاً إلى حق تقریر المصیر للشعب الفلسطینیّ داخل البلاد وخارجها، وتهدف لسحب الاستثمارات من الکیان الصهیونیّ وفرض العقوبات علیه، وتتناول مطالب وحقوق وطموحات کل مکونات الشعب الفلسطینیّ التاریخیّة.
وتُصنف الحرکة على أنّها حرکة مقاومة سلمیّة غیر إقصائیّة مناهضة لکل أشکال العنصریّة بما فی ذلک الصهیونیّة ومعاداة المجموعات الدینیّة والعرقیّة، وتحظى بدعم من قبل اتحادات ونقابات وأحزاب ومؤسسات المجتمع المدنیّ الدولیّ إضافة إلى حرکات شعبیّة تمثل الملایین من الأعضاء حول العالم، کما تؤیدها شخصیات مؤثرة فی الرأیّ العام العالمیّ، ونجحت فی بدایة عزل الکیان الصهیونیّ أکادیمیّاً وثقافیّاً وسیاسیّاً، واقتصادیاً إلى حد ما، حتى بات الصهاینة یعتبرون هذه الحرکة من أکبر الأخطار الاستراتیجیّة المحدقة بهم، حیث یتصاعد تأثیر الحرکة بشکل ملموس بفضل الحملات العالمیّة الممنهجة والاستراتیجیّة بشکل مباشر وغیر مباشر.
ومن المعروف أنّ لموقع فیسبوک تاریخ أسود للغایة، فی قمع النشطاء الفلسطینیین، وقد عمل مع حکومة العدو الصهیونیّ على إلغاء حسابات الکثیر من الفلسطینیین بحجة منع التحریض، رغم أنّ الکیان الصهیونیّ الإرهابی، منذ مطلع القرن المنصرم حتى الیوم، یستمر بقمع الشعب الفلسطینیّ واستعمار أرضه دون رقیب أو حسیب بسبب فشل الحکومات العربیّة والدولیّة فی محاسبته على جرائمه المتزایدة، بالتزامن مع استمرار بعض الشرکات والمؤسسات العالمیّة بمساعدته فی انتهاکاته للقانون الدولیّ.
ومن الجدیر بالذکر، أنّ الحرکة الصهیونیة تأسست فی أواخر القرن التاسع عشر وسط تزاید العداء للسامیة فی أوروبا، وقد لاقت دعماً کبیراً من قبل الحکومات الأوروبیّة الغربیّة، وخاصة بعد أن وافق الصهاینة على إنشاء وطنهم الیهودی على أرض فلسطین العربیّة تاریخیّاً، حیث کان هدف الصهاینة الأساس هو الاستیلاء على أکبر مساحة ممکنة من أراضی الفلسطینیین بأقل عدد ممکن منهم.
وقد شجعت تلک الحرکة بشکل کبیر جداً، هجرة یهود أوروبا الجماعیّة إلى أرض فلسطین خلال النصف الأول من القرن العشرین، وبالرغم من جهودهم الحثیثة والعداء المتزاید للسامیة فی أوروبا خلال الحرب العالمیة الثانیّة، إلا أن أعداد العرب أواخر الأربعینیات فاقت أعداد الیهود فی فلسطین، ویقر المؤرخ الصهیونیّ، آلان بابیه، بأنّ القادة الصهاینة فی القرن العشرین کانوا على درایة کاملة بأنّ تطبیق المشروع الصهیونیّ سیؤدی حتماً إلى عملیة تطهیر عرقیّ وتهجیر قسریّ للسکان الأصلیین أی الفلسطینیین.
وفی العام 1948، أعلن رئیس المنظمة الصهیونیة العالمیة آنذاک، دیفید بن غوریون، تأسیس "دولة إسرائیل" المزعومة على أرض فلسطین، وادعى الصهاینة أنّ "إسرائیل" ستمثل وطناً قومیّاً آمناً للیهود، وشجعوا کل یهود العالم على الهجرة إلى هناک والحصول على الجنسیة الإسرائیلیّة، فیما یتحدث النقاد أنّ الصهیونیة تعمل نفس عمل الاستعمار، ویرجعون ذلک إلى عملیات التطهیر العرقی التی ارتکبها الصهاینة ضد أصحاب الأرض وعملیات بناء المستوطنات على الأراضی الفلسطینیة المحتلة کأدلة ثابتة وواضحة على ممارسات الصهیونیّة الاستعماریّة.