الجولان فی استراتیجیة بایدن.. بدایة تقارب من الأسد أم تطبیع مع فلسطین؟

تحفظ وزیر الخارجیة الأمریکی، أنتونی بلینکن، على الاعتراف بالجولان السوری أرضا إسرائیلیة، ما أثار غضبا فی داخل الکیان الإسرائیلی، وأسئلة کثیرة تدور فی هذا السیاق، فی أن هذا التحفظ قد یکون تمهیدا لتقارب سیاسی من دمشق أم هو خطوة لعودة العلاقات التی دمرها سلفه دونالد ترامب مع فلسطین.

جرائم الحرب والإنسانیة التی ارتکبتها سیاسة الرئیس الأمریکی السابق دونالد ترامب فی سوریا لن ینساها السوریون، مثلهم مثل الفلسطینیون الذین لم تکن لمشاعرهم أی مکانة عندما أعلن ترامب القدس عاصمة موحدة لإسرائیل، فی السادس من دیسمبر/ کانون الثانی 2017. القرار الذی اتبعه بإجراءات تستبعد أی سیادة فلسطینیة مستقبلیة علیها، وأمر بنقل سفارة بلاده من تل أبیب إلى القدس، ما قابل ذلک قطعا للعلاقات من قبل الفلسطینیین حتى یومنا هذا.

ترامب نفسه، فی مایو/ أیار من العام المنصرم، أمر بإحراق أکثر من 2500 دونم من حقول القمح والشعیر عبر رمی “بالونات حراریة” أطلقتها طائرات أباتشی فی الأیام الماضیة مستهدفة أراضٍ زراعیة واسعة فی ریف محافظة الحسکة السوریة فی انتهاک جدید للقانون الدولی لم تندد به الأمم المتحدة رغم قلق مسؤولیها على الأمن الغذائی السوری بالتزامن مع انتشار جائحة کورونا.

بالإضافة إلى إقراره لعقوبات أحادیة الجانب، کقانون قیصر، الذی زاد صعوبة تأمین معیشة الشعب السوری فی زمن تعانی منه البلاد اقتصادیا واجتماعیا بعد حرب استمرت حوالی عشر سنوات.

ترامب أراد محاربة الشعب السوری بأصعب أنواع الأسلحة، “التجویع”، مع علمه بوجود 9.3 ملیون شخص فی سوریا یعانون من انعدام الأمن الغذائی، بحسب تقریر صادر من منظمة الأمم المتحدة، وتزامنا مع العقوبات، التی لم تسفر تندیدات الخارجیة السوریة بإلغائها، بعد انتشار وباء کورونا.

هذا کله یشابه قرار وزارة الخارجیة الأمریکیة، عام 2018، المتضمن حجبها 25 ملیون دولار، کان من المقرر أن تقدمها مساعدة للمستشفیات الفلسطینیة فی القدس، وعددها 6 مستشفیات.

قبل أن یعلن ترامب خطته المعروفة بـ”صفقة القرن” وتنص على تجنب التقسیم المادی للقدس وأن تظل عاصمة لدولة إسرائیل، وأن تبقى السفارة الأمریکیة فیها.

جاء بایدن، وأذکر هنا کلمة للرئیس السوری بشار الأسد فی حدیث مع وکالة “سبوتنیک” قال فیها: إن “الانتخابات الأمریکیة تتعلق بالرئیس التنفیذی”، مشیرا إلى أن “تغییر السیاسة یتعلق بتغییر مجلس الإدارة الذی لا یغیر سیاسته، لو تغیر الرئیس التنفیذی، فالمجلس سیبقى”.

جو بایدن، وبتوقعات سیاسیین عدة، لن یغیر من السیاسة الأمریکیة فی الشرق الأوسط عموما وسوریا خصوصا، حتى أن بلینکن نفسه نوه إلى ذلک بقوله "طالما أن الأسد فی السلطة، وطالما أن إیران موجودة فی سوریا، بالاضافة الى الحلفاء فأنه یشکل تهدیدا أمنیا کبیرا لإسرائیل، ومن الناحیة العملیة، أعتقد أن السیطرة على الجولان فی هذا الوضع تظل ذات أهمیة حقیقیة لإسرائیل" على حد وصفه.

السیاسة الأمریکیة “الطماعة” فی سوریا لن تتغیر.. ودمشق ومن خلفها الحلیفة موسکو یدرکان تماما هذا الشیء، وبالتالی فإن إدارة بایدن ستبقی على الوضع القائم، دون أن تخوض کثیرا فی ملف الجولان، لکنها فی الجهة المقابلة من المرجح أن تجری تغییرات واسعة على السیاسة الأمریکیة فی باقی المسائل المتعلقة بسوریا، وقد اتخذت بالفعل أولى القرارات فی هذا الشأن من خلال الإعلان عن تعدیلات فی مهام القوات الأمریکیة من خلال رفع الحمایة عن شرکات التنقیب عن النفط وموظفیها فی شمال شرقی سوریا.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمریکیة (البنتاغون)، جون کیربی، "إن جیش بلاده غیر مسؤول عن توفیر الحمایة لتلک الشرکات وموظفیها، وأن وظیفة القوات الأمریکیة العاملة فی سوریا ستنحصر فی مکافحة تنظیم “داعش” فقط" على حد زعمه.

وکان ترامب قد کلف قوات بلاده المنتشرة فی شمال وشرق سوریا بتولی مهمة حمایة حقول النفط والغاز فی تلک المنطقة، حاثا الشرکات الأمریکیة على استغلالها فی خطوة أثارت جدلا کبیرا لجهة عدم قانونیتها.

بالمقابل، وکما شدد بلینکن نفسه، فإن واشنطن “ملتزمة بأمن إسرائیل”… وبالتالی فإن حقوق الشعب الفلسطینی أیضا لن تکون على قائمة أولویات بایدن، ولکن قد یتخذ خطوات بدائیة لعودة العلاقات معهم کما کانت قبل مجیئ ترامب.

وقد یکون الصمت المتحفظ على موضوع الجولان مجرد استفزاز لنتنیاهو لا أکثر، نتنیاهو نفسه الذی أشعل التحدی مع بایدن بقوله أن الجولان سیبقى إسرائیلیا للأبد.

الصحفی المتخصص فی الشأن الأمریکی، ستیف صهیونی، أکد فی مداخلة هاتفیة أن “سوریا، فی الوقت الحالی، لیست أولویة بالنسبه للإدارة الأمریکیة الجدیدة”، منوها لوجود “حذر کبیر بشأن اتخاذ القرار عن کیفیة التعامل مع الأزمة السوریة”.

وأشار صهیونی إلى أن التسویة الوحیدة التی یمکن أن تؤثر على سوریا وتفیدها، هی أن تکون بین طهران وواشنطن وتشمل منطقة الشرق الأوسط وهذا یتضمن القضیة الفلسطینیة والأزمة السوریة” بحسب تعبیره.

وأضاف أن “العلاقة بین بایدن ونتنیاهو سیئة جدا وأن الادارة الأمریکیة تنتظر الانتخابات الجدیدة فی إسرائیل وسیعمل بایدن على تغییر کل العلاقات الخارجیة لواشنطن بما فیها مع فلسطین وتل أبیب بالإضافة إلى أن بایدن یرید أن یوصل رسالة لنتنیاهو مفادها “زمن ترامب قد انتهى”.




محتوى ذات صلة

إین مجاهدو داعش من المجزرة التی تُرتکب فی المسجد الأقصى؟!

إین "مجاهدو داعش" من المجزرة التی تُرتکب فی المسجد الأقصى؟!

وأنا اتابع اخبار المجزرة المروعة التی ارتکبتها "داعش" السبت الماضی فی کابول، والتی ذهب ضحیتها 85 فتاة واکثر من 150 جریحة، فی تفجیر سیارة مفخخة امام ثانویة"سید الشهداء" للبنات، حین کانت الطالبات یخرجن من المدرسة، وقع نظری على مقال تحت عنوان"لماذا لا یوجد فرع لداعش فی فلسطین"، حیث ...

|

سلامي: أميركا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

سلامي: أميركا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

القائد العام لحرس الثورة الاسلامية اللواء حسين سلامي يقول إن "الانفجار الكبير في مصنع محركات المضادات الدفاعية والصواريخ حاملة الأقمار الصناعية مؤخرا في "إسرائيل"، أثبت هشاشة النظام الأمني الإسرائيلي".

|

ارسال التعلیق