ما هی خلفیات لقاء أجهزة مخابرات غربیة مع "داعش" فی سوریا؟

تحدثت العدید من التقاریر الموثقة عن علاقة جدلیة بین الغرب وتنظیم "داعش" الارهابی، فالعلاقة بینهما تدعو للشک ومن خلال دراسة بسیطة لما یجری فی المنطقة سیتیقن أی شخص بأن العلاقة بین الغرب و"داعش" لیست جدلیة بقدر ما هی وطیدة ومتأصلة، فهل یمکن أن یصدق أحد أن الغرب الذی قاد حروباً عالمیة والتحالف الدولی تحدیدا الذی یضم أساطیل من الجیوش والأسلحة، غیر قادر على هزیمة "داعش" التی ادعى انه جاء للقضاء علیها، لتکون النتیجة انه قضى على حضارة هذه المنطقة وهجر شعوبها ودمر بناها التحتیة ولا یزال "داعش" حاضراً وبقوة، فمَ السبب؟.

تقریر جدید نشرته وکالة "سبوتنیک"، تحدث عن إجراء ممثلین لأجهزة أمنیة غربیة سلسلة لقاءات مع قادة میدانیین لتنظیم "داعش" فی سوریا خلال العام الجاری.

وقال مصدر مطلع للوکالة: "وفق المعلومات الموثوقة المتوافرة، منذ بدایة العام الجاری فی منطقة التنف، التی تحتلها أمریکا فی جنوب شرقی سوریا، وکذلک فی الدول المجاورة لسوریا، عُقدت سلسلة لقاءات لممثلی أجهزة کل من أمریکا وفرنسا وبریطانیا وعدد من دول المنطقة".

وأوضح أنه شارک فی هذه الاجتماعات قادة میدانیون لتنظیم "داعش" وجماعات "إرهابیة" أخرى.

وذکر المصدر أنه تم بحث قضایا تکثیف الهجمات على قوات الحکومة السوریة والقوات الحلیفة وکذلک على قواعد عسکریة روسیة فی سوریا.

وأوضح محاور الوکالة أنه: "أدرجت على قائمة الأهداف کنائس مسیحیة ومساجد ودور عبادة للطوائف المختلفة. وفی إطار الاتفاقات التی تم التوصل إلیها بشأن تنسیق الأعمال، ینبغی تزوید الجماعات الإرهابیة بالتمویل والتقنیات والذخیرة وأنظمة الأسلحة الحدیثة".

وقال المصدر إن مسلحی "داعش"، الذین یتم نقلهم من العراق وإطلاق سراحهم من السجون ومعسکرات الاعتقال المؤقت فی المناطق الخاضعة للسیطرة الکردیة غرب نهر الفرات، یخضعون لتدریب خاص تحت إشراف مدربین أمریکیین، وأنه ستتم الاستعانة بهم لشن غارات، على حد تعبیره.

وفی سیاق متصل، ذکر أنه "من المقرر استخدام الخلایا النائمة للتنظیمات الإرهابیة فی جنوب وجنوب غرب سوریا وفی مدن کبرى وسط البلاد".

وخلص المصدر المطلع بالقول إن "ما یثیر القلق بشکل خاص هو حقیقة أن الأهداف ذات الأولویة للإرهابیین الذین یتصرفون بناءً على أوامر من الأجهزة الخاصة الغربیة، هی، کما تم الإعلان عنه، العسکریون الروس الموجودون فی سوریا".

استهداف الروس هو أمر مدروس لإعادة خلط الاوراق بالمنطقة، وجر روسیا لمواجهة "داعش" بشکل مباشر، وبالتالی ابطال مفعول ای حل سیاسی، واعادة سوریا إلى نقطة الصفر، وبهذا ینتقم الغرب من انتصار سوریا وحلفائها على الارهاب، ولاشک بأن السوریین أصبحوا یدرکون جیداً حجم الارتباط الوثیق بین الوجود غیر الشرعیّ لأمریکا داخل المناطق النفطیّة فی سوریا، ووجود تنظیم داعش الإرهابیّ، باعتباره ذریعةً لشرعنة احتلالهم أمام المجتمع الدولیّ والأمریکیّ المغیب بشکل تام عما یجری فی منطقتنا، حتى إن ما یسمى "المرصد السوری لحقوق الإنسان" التابع للمعارضة السوریّة، کشف فی وقت سابق عن رصد نشاط متزاید لعناصر تنظیم داعش الإرهابیّ فی مناطق وجود التحالف الدولیّ قرب الحدود السوریّة العراقیّة، موضحاً أنّ عناصر التنظیم الإجرامیّة شرعت بعملیات تصفیة وجهاء وشیوخ العشائر فی محافظة دیر الزور، أکبر مدن الشرق السوریّ.

تقوم أمریکا بتدریب عناصر تنظیم داعش الإرهابیّ فی مخیم الرکبان وقاعدة "التنف" والمناطق التی تسیطر علیها "قوات سوریا الدیمقراطیّة" المدعومة أمریکیاًّ. لا شک أنّ أمریکا تقف وراء أیّ هجمات یقوم بها عناصر تنظیم داعش فی المنطقة الشرقیّة لسوریا، بهدف شرعنة احتلالها تحت مسمیات واهیة، لنهب النفط والضغط على الجیش السوریّ، حیث تتحرک فی المنطقة الشرقیّة رغم الضغط الهائل الذی تعانی منه فی العراق وسوریا.

وفی هذا السیاق، کل ما تدعیه أمریکا هو محض افتراءات لأنّها وبالتأکید لا ترغب باستقرار سوریا، وخاصة مع ما حققته دمشق من إنجازات عسکریّة کان آخرها فی محافظة إدلب وفی بعض مناطق غربیّ محافظة حلب.

حتى اعلام الغرب یتحدث عن علاقة الغرب بداعش، ففی وقت سابق کشفت الـ"بی بی سی" عن تفاصیل صفقة سریة سمحت لمئات من مسلحی تنظیم "داعش" وأسرهم بمغادرة مدینة الرقة تحت إشراف التحالف الدولی، والمقاتلین الأکراد، الذین سیطروا على المدینة، وساعدت هذه الصفقة بخروج بعض أهم أعضاء التنظیم، والعشرات من المقاتلین الأجانب، علما أنهم انتقلوا إلى أنحاء سوریا المختلفة، بل حتى وصل عدد منهم ترکیا.

فی الوقت نفسه، أعلنت وزارة الدفاع الروسیة أن عملیة تحریر مدینة البوکمال السوریة کشفت عن أدلة على أن التحالف الدولی بقیادة واشنطن یقدم دعما مباشرا لداعش، وذلک لتحقیق مصالح أمریکا فی الشرق الأوسط.

وأشار البیان إلى أن طیران التحالف حاول التشویش على عمل سلاح الجو الروسی فی سماء البوکمال، وذلک لتأمین الخروج الآمن لمسلحی داعش.

فی الحقیقة التحالف الدولی منذ تأسیسه فی العام 2014 لم یأت لمقاتلة داعش ومحاربة الإرهاب، بل جاء لیستثمر بداعش وبالإرهاب، وفی کل عمله، فإن التحالف الدولی منذ 6 سنوات وحتى الان، کان حریصا على داعش وهو الذی یوجهها وخاصة بالقیادة الأمریکیة، ونحن نعتبر أن داعش بذاته لا یعدو کونه الجیش السری الذی تقوده السی أی أی الأمریکیة، وبالتالی فإن الوقائع التی کانت تثبت لدینا فی أکثر من مرة، تؤکد بأن داعش یعمل بالقرار الأمریکی وبالحضن الأمریکی.

یبدو أن المؤشرات جمیعها تؤکد أن مخطط التقسیم وإعادة رسم خرائط المنطقة، بما یضمن إنهاء الدولة العربیة وتعزیز وجود دولة إسرائیل، قد بدأ فعلیاً منذ عقود تحت ستار "السلام مع إسرائیل"، فقد کانت واشنطن "البطل" فی کل أحداث المنطقة دون استثناء.

لا شک أن واشنطن مصرة على تمزیق المنطقة واستغلال الجماعات الإسلامیة فی ذلک حتى تضرب الإسلام والمسلمین ولا یبقى فی المنطقة دولة متماسکة سوى إسرائیل، فهی ترسل بذلک رسالة واضحة للعالم بأن المسلمین والعرب "إرهابیون"، وأنها تمکنت من توجیه إرهابهم إلى نحورهم. لکن الرسالة الأبعد هی العداء من أجل طرد المسلمین من الغرب، وخاصة أن الکثیر من أبنائهم یحاربون فی صفوف "داعش" و"القاعدة" وغیرها، آخذة فی الاعتبار أن أوروبا تتجه نحو القوى الیمینیة، فی البرلمانات الأوروبیة والبرلمان الأوروبی، وهی الأرضیة المناسبة الآن لتنفیذ هذا المخطط.




محتوى ذات صلة

إین مجاهدو داعش من المجزرة التی تُرتکب فی المسجد الأقصى؟!

إین "مجاهدو داعش" من المجزرة التی تُرتکب فی المسجد الأقصى؟!

وأنا اتابع اخبار المجزرة المروعة التی ارتکبتها "داعش" السبت الماضی فی کابول، والتی ذهب ضحیتها 85 فتاة واکثر من 150 جریحة، فی تفجیر سیارة مفخخة امام ثانویة"سید الشهداء" للبنات، حین کانت الطالبات یخرجن من المدرسة، وقع نظری على مقال تحت عنوان"لماذا لا یوجد فرع لداعش فی فلسطین"، حیث ...

|

سلامي: أميركا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

سلامي: أميركا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

القائد العام لحرس الثورة الاسلامية اللواء حسين سلامي يقول إن "الانفجار الكبير في مصنع محركات المضادات الدفاعية والصواريخ حاملة الأقمار الصناعية مؤخرا في "إسرائيل"، أثبت هشاشة النظام الأمني الإسرائيلي".

|

ارسال التعلیق