صحیفة أمریکیة: بایدن یجب أن یأخذ زمام المبادرة فی العودة إلى الاتفاق النووی

قالت صحیفة ذا نیشن الأمریکیة فی ضوء السیاسة الأمریکیة الوحشیة تجاه إیران على مدى العقود الماضیة، یجب ألا یعود بایدن إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فحسب، بل یجب أیضاُ أن یغیر نهج واشنطن تجاه إیران.

وتابعت الصحیفة فی تقریرها: اللعبة الأخیرة من الدوری الأمریکی الوطنی لکرة القدم ("کرة القدم" تعنی "کرة القدم الأمریکیة"، والتی تسمى "سوبر بول"، وهی الریاضة الأکثر مشاهدة فی أمریکا وقد ارتبطت بالعدید من التقالید لسنوات عدیدة، تأسس أحد هذه التقالید لأول مرة فی عام 2004، أثناء رئاسة جورج دبلیو بوش، وتم الالتزام به لاحقًا من قبل الرئیس السابق باراک أوباما منذ بدایة ولایته الرئاسیة (2009-2017)، رئیس أمریکا قبل هذه المسابقة، اتبع الرئیس الأمریکی السابق دونالد ترامب هذا التقلید بشکل أو بآخر، ووفقاً لهذا التقلید أجرى جو بایدن، الرئیس الحالی لأمریکا، مقابلة مع شبکة سی بی إس الأمریکیة یوم الجمعة 5 فبرایر 2021، وتم بث هذه المقابلة یوم الأحد، 7 فبرایر 2021 (7 فبرایر 2016)، قبل "سوبر بول" وفی أربعة أجزاء، وتم بث جزء آخر من المقابلة ونسخة أکثر اکتمالاً منها فی الأیام التالیة، وفی مقابلة أذیعت یوم الأحد ، رد بایدن على سؤال وجهته نورا أودونیل، الرئیسة التنفیذیة والسکرتیرة لسییاس، متسائلاً "هل سترفع أمریکا العقوبات أولاً لإعادة إیران إلى طاولة المفاوضات؟" یقول "لا". ثم یسأل الوسیط، "هل یجب أن یوقفوا تخصیب الیورانیوم أولاً؟" بایدن، الذی اتخذت حکومته حتى الآن درجة من الغموض فی مواقفها بشأن إمکانیة العودة إلى حزب بهاراتیا جاناتا، یهز رأسه بالموافقة دون إعطاء إجابة شفویة للمنفذ.

وأضاف التقریر: للوهلة الأولى، لا یبدو أن هذه المقابلة تختلف کثیراً عن موقف بایدن السابق بأن "على إیران أن تتخذ الخطوة الأولى لإعادة أمریکا إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة"، لکن المقابلة مثیرة للجدل لأنه قبل ساعات من إطلاقها (بعد یومین من تسجیل المقابلة) یوم الأحد، التقى الزعیم الإیرانی بقادة القوات الجویة والدفاع الجوی فی البلاد لمناقشة "السیاسة النهائیة" للجمهوریة الإسلامیة، بشأن إمکانیة العودة إلى التزاماته النهائیة حیق قال: إذا أراد الأمریکیون عودة إیران إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (الذی ألغى العدید من التزاماتها)، فیجب على أمریکا أن ترفع العقوبات کلیاً؛ ألغیناها لا بالکلمات ولا على الورق، علیهم رفع العقوبات عملیاً، وعلینا أن نتحقق حقاُ وأن نشعر أن العقوبات قد رفعت بشکل صحیح، ثم سنعود إلى هذه الالتزامات، هذه هی السیاسة المحددة للجمهوریة الإسلامیة وهی أیضا إجماع مسؤولی الدولة ولن نعود إلى هذه السیاسة، وهکذا، بعد إعلان الزعیم الإیرانی عن موقفه، بدا أن بایدن فی مقابلته مع شبکة سی بی إس (التی أعید التأکید علیها قبل خطاب المرشد الأعلى) بدلاً من "إعادة إیران إلى التزاماتها" ، إنه یرید ببساطة "وقف التخصیب"، ومن ناحیة أخرى، کان هناک تصور بأن بایدن ربما أراد "وقف التخصیب الکامل" من قبل إیران، وهو ما قد یکون خطوة أبعد من الاتفاق النووی، ومع ذلک، تم حل هذه الالتباسات فی المواقف اللاحقة لحکومة أمریکا، وقد نفت الناطقة باسم البیت الأبیض جین ساکی یوم الاثنین ، 8 فبرایر 2021 ، أی تغییر فی موقف إدارة بایدن، قائلة: "فی رأیی ، إذا أردنا الإعلان عن تغییر کبیر فی السیاسة، فسنختار طریقة أخرى بدلاً من هز رؤوسنا قلیلاً."

وأردفت الصحیفة: لذلک فإن موقف البلدین حتى الآن واضح للغایة ومتناقض بالطبع، یقول الأمریکیون "یجب على إیران أولاً العودة إلى الامتثال الکامل لمجلس الأمن الدولی ومن ثم رفع العقوبات"، بینما تعتقد طهران أن واشنطن قد انسحبت من الاتفاق النووی وبالتالی "یجب على أمریکا أولاً رفع العقوبات ثم بعد ذلک إیران ستعود للاتفاق "، لکن أی جانب على حق؟.

وأضاف التقریر: بعد عام من اغتیال الحکومة الأمریکیة للجنرال الإیرانی قاسم سلیمانی وکادت أن تُغرق البلدین فی الحرب، هل ستغیر الإدارة الجدیدة العلاقات الثنائیة؟ قال الرئیس الجدید جو بایدن إنه یرید إعادة الانضمام إلى الاتفاق النووی الذی یعود إلى عهد أوباما والذی انسحب منه ترامب، لکن لن ترحب کل الدول بأمریکا ما بعد ترامب بأذرع مفتوحة، وعودة واشنطن إلى سیاسات عهد أوباما، وخاصة مع إیران، قد لا تکون بهذه السهولة، ومن خلال إلقاء نظرة على العلاقات الأمریکیة الإیرانیة خلال العام الماضی نتبین السبب.

وتابع: بعد اغتیال سلیمانی، اتخذت واشنطن قرارات أخرى کانت مدمرة للإیرانیین، على الرغم من أن ترامب کان متردداً وغیر مبالٍ بشأن ضحایا الوباء فی أمریکا، فقد عمل بلا کلل لجعل حیاة الإیرانیین أسوأ، على الرغم من تفشی الوباء فی إیران، عززت أمریکا نظام عقوباتها المستمر منذ عقود، ما أضر بالصناعة الطبیة الإیرانیة وإفقار ملایین الإیرانیین، کما کثفت واشنطن من الأعمال العدائیة العسکریة، باستثناء الهجوم العسکری الفعلی على إیران، فعلت کل ما فی وسعها لاستفزاز طهران، حیث أخذت حاملات الطائرات الخاصة بها إلى شواطئ إیران وأبقتها هناک طوال العام؛ أرسل آلافًا من القوات الجدیدة إلى المنطقة وإلى دول حول إیران، وأضافتهم إلى آلاف القوات الأخرى المتمرکزة بالفعل هناک؛ وسلحت وشجع حلفاءها، السعودیة وإسرائیل، على القیام بأعمالهم المستقلة ضد إیران، حتى أواخر العام الماضی، وفی تشرین الثانی، اغتیل محسن فخری زاده، وهو عالم نووی إیرانی معروف آخر، ولطالما استهدفت إسرائیل فخری زاده، ویقول مسؤول أمریکی إن القاتل کان أیضاً من تل أبیب، ومع ذلک، فإن إسرائیل تنفی ذلک.

وقال التقریر: فی الأیام التی أعقبت اغتیال قاسم سلیمانی فی کانون الثانی الماضی، عندما کانت أمریکا وإیران على شفا صراع أکبر، تجمع الشعب الأمریکی فی عدة مدن وأدان الحرب. والأهم من ذلک، ردت طهران بضبط النفس: فقد نفذت هجوماً محدوداً ومحسوباً على القواعد الأمریکیة فی العراق لإظهار أنه لا یمکن لأحد أن یتقدم على إیران ولا یتلقى أی رد، وفی الوقت نفسه تحمل خسائر من الأمریکیین، ومع ذلک ، لا یمکن لواشنطن أن تعتمد على ضبط النفس هذا إلى الأبد، لأن هذه الأعمال العدائیة سببت الکثیر من المعاناة للإیرانیین، هذه المعاناة  التی لا مفر منها للشعب الإیرانی، نادرا ما تثار فی الحدیث عن هذه العلاقة فی أمریکا، لهذا السبب لا ینبغی أن نتوقع من إیران أن تقبل بسهولة وعن طیب خاطر عودة أمریکا إلى خطة العمل المشترکة الشاملة "الاتفاق النووی"، وهذا هو السبب فی أن عودة أمریکا إلى هذه الاتفاقیة وحدها لا تکفی، ویجب أن تقوم سیاسة أمریکا تجاه إیران على الکرامة ولیس على الهیمنة، وهذا یعنی أنه یجب على واشنطن، إضافة إلى الانضمام مرة أخرى إلى الاتفاقیة، تغییر نهجها تجاه إیران بشکل کبیر، کما یجب أن تبدأ هذه العملیة بإلغاء جمیع جوانب سیاسة "الضغط الأقصى" التی انتهجها ترامب، بما فی ذلک العقوبات ونشر قوات إضافیة والاغتیالات، لکن یجب على أمریکا أیضاً محاولة تعویض الضرر الناجم عن العنف ضد إیران على مدى تاریخ أطول بکثیر من حقبة ترامب التی دامت أربع سنوات، حیث بدأ هذا التاریخ فی عام 1953 بانقلاب دبرته وکالة المخابرات المرکزیة ضد محمد مصدق، رئیس وزراء إیران المحبوب فی أول حکومة منتخبة فی البلاد، لکن الحکومتین الأمریکیة والبریطانیة أطاحت به، وعاد ملک الطاغیة محمد رضا بهلوی إلى السلطة الذی کان الشاه فی السلطة حتى الإطاحة به خلال ثورة 1979.

وتابع: فی وقت لاحق، عندما غزا صدام حسین إیران فی عام 1980، قدمت أمریکا الأسلحة والدعم الاستخباراتی للدیکتاتور العراقی، ونتیجة لهذه الحرب، نزحت بعض العائلات من مناطق سکنیة فی إیران بشکل کامل، کما قُتل آلاف الإیرانیین بأسلحة صدام الکیماویة، وما مجموعه ملیون شخص من کلا الجانبین فقدوا حیاتهم فی الحرب، وفی تموز 1988، أسقطت حاملة الطائرات یو إس إس فینسینز طائرة رکاب إیرانیة مدنیة کانت تحلق فوق الخلیج الفارسی، بدعوى أنها کانت مخطئة فی کونها مقاتلة عسکریة، حیث قُتل جمیع من کانوا على متنها وعددهم 290 شخصاً، من بینهم 66 طفلاً ، وفی وقت لاحق، منحت أمریکا میدالیة إلى ویل روجرز، قائد السفینة، "لجدارة بارزة" خلال تلک الفترة.

وأضاف التقریر: لقد فرضت أمریکا عقوبات على إیران منذ عام 1979، على الرغم من رفع بعض هذه العقوبات لفترة وجیزة بعد توقیع أمریکا وإیران وألمانیا وخمسة أعضاء دائمین فی مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على العدید من الاتفاقات عام 2015، إلا أن العدید منها لم یظل ساریاً إضافة إلى ذلک، فقد شدد ترامب العقوبات قبل تنحیه.

وقال الکاتب: الیوم، یناقش المسؤولون والمحللون فی الحکومة الأمریکیة فی مراکز الأبحاث التی تتخذ من واشنطن مقراً لها، علانیةً، استخدام العقوبات لجعل الحیاة المدنیة لا تطاق من أجل إثارة الاحتجاجات، وعلى الرغم من أن العقوبات، على الورق، تستهدف فقط مبیعات معینة (على سبیل المثال ، مبیعات الطاقة أو المعاملات من قبل البنوک الإیرانیة)، إلا أنها تؤدی إلى عزلة مالیة شبه کاملة، حیث تتاجر دول أخرى (أو حتى بعض البنوک أو الشرکات) مع إیران. وهی تواجه التهدید من "العقوبات الثانویة" لواشنطن.

وأردف: یقلل الدمار الاقتصادی من قدرة الأفراد على شراء الأدویة ومن قدرة الحکومة على توفیر الخدمات الصحیة للشعب؛ وبالتالی، فإنه یجعل أزمة / کوفید 19/ فی إیران أسوأ بشکل کبیر، لم تتمکن إیران من الحصول على المعدات الطبیة اللازمة وتواجه صعوبة فی تنفیذ تدابیر السلامة، مثل الإغلاق المؤقت للوظائف أو تقدیم الدعم المالی للأشخاص غیر القادرین على العمل، وقد منعت أمریکا القرض عندما طلبت إیران قرضاً بقیمة 5 ملیارات دولار من صندوق النقد الدولی لمکافحة الوباء، لذلک من الضروری التعویض عن هذه الأعمال البربریة فی عهد ترامب ضد الإیرانیین. لکن (تجدر الإشارة) إلى أن کل السیاسات الأمریکیة تجاه إیران فی القرنین العشرین والحادی والعشرین کانت وحشیة ومستبدة، وتحتاج إلى تغییر حاسم فی هذه السیاسات وتغییر کامل فی علاقات أمریکا مع إیران.

وتابع: یمکن تعزیز هذه الدعوة للتغییر من خلال تنشیط الحرکة فی أمریکا لخفض التمویل وتجرید الشرطة من السلاح بسبب العنف ضد السود وغیرهم من الملونین، ودور الشرطة فی قمع المعارضة، کما یجب أن تسیر المناقشات حول نزع السلاح من السیاسات الأمریکیة فی الخارج والشرطة داخل البلاد جنباً إلى جنب، حیث تتجاوز عنصریة وعنف حکومة أمریکا حدودها، وهذا یعنی أن الجهود المبذولة لتدمیر المؤسسات المتجذرة فی التفوق العنصری الأبیض یجب أن تکون عابرة للحدود.

وختم التقریر بالقول: المستقبل الذی تتجذر فیه العلاقات الإیرانیة الأمریکیة فی الکرامة هو مستقبل عملی، لکن أولاً، یجب على أمریکا التوقف عن إیذاء إیران والتعویض عن الضرر الذی أحدثته.




محتوى ذات صلة

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

القائد العام لحرس الثورة فی إیران اللواء حسین سلامی یقول إن "الانفجار الکبیر فی مصنع محرکات المضادات الدفاعیة والصواریخ حاملة الأقمار الصناعیة مؤخرا فی "إسرائیل"، أثبت هشاشة النظام الأمنی الإسرائیلی".

|

السید خامنئی: الفلسطینیون أینما کانوا هم جسد واحد

السید خامنئی: الفلسطینیون أینما کانوا هم جسد واحد

المرشد الإیرانی یؤکد على أهمیة تضامن القطاعات الفلسطینیة وتلاحمها بوجه الاعتداءات الإسرائیلیة، ورئیس مجلس الشورى یدین الجرائم الإسرائیلیة، وعشرات الإیرانیین فی العاصمة طهران یتظاهرون تضامناً مع فلسطین ونصرةً للقدس وغزة.

|

إیران ستقف إلى جانب الشعب والمقاومة الفلسطینیة بقوة

إیران ستقف إلى جانب الشعب والمقاومة الفلسطینیة بقوة

قال الامین العام لمؤتمر الدفاع عن الانتفاضة الفلسطینیة الدولی بمجلس الشورى الاسلامی: إن الجمهوریة الإسلامیة ستقف إلى جانب الشعب والمقاومة الفلسطینیة مؤکدا ان الأمة الإسلامیة لن تتسامح تدنیس المسجد الأقصى المبارک القبلة الأولى للمسلمین وسفک دماء الصائمین ".

|

ارسال التعلیق