الوضع فی ادلب على شفا الانفجار
فی کل مرة یشعر فیها مسلحو ادلب أنهم على وشک الانهیار، یبدأون البحث عن طریقة لاحداث الفوضى، على أمل ان ینتفض الغرب على وجه الخصوص وارسال "الخوذ البیضاء" لانجاز مسرحیة جدیدة، وإعادة تأزیم الأوضاع، ولکن تکرار هذا الموضوع أصبح ممل وساذج، والواضح ان ترکیا والغرب یریدون أن یبقى الوضع على ما هو علیه، لأنهم یعلمون أن الدخول فی أی حرب ستکون لصالح الجیش السوری وحلفائه، لذلک یعمدون إلى دفع الغرب لانقاذهم من خلال القیام ببعض الاستفزازت السخیفة واتهام الجیش السوری بها.
التحضیر لهذه الاستفزازت کشفته روسیا، هذه المرة، حیث أکد الأدمیرال فیاتشیسلاف سیتنیک، نائب رئیس المرکز الروسی للمصالحة بین الأطراف المتحاربة فی سوریا، فی إفادة إعلامیة، أن المسلحین یستعدون لاستفزاز آخر ضد السلطات السوریة، فقد وصل الخوذ البیضاء إلى محافظة إدلب مع معدات تصویر الفیدیو.
وقال سیتنیک: "حسب المعلومات المتوفرة، فإن مسلحی الجماعات المسلحة غیر الشرعیة یستعدون للقیام باستفزاز من أجل اتهام القوات الحکومیة السوریة بقصف مستوطنات فی منطقة خفض التصعید فی إدلب".
ولفت إلى أنه تم تسجیل نشاط لمسلحی جماعة تحریر الشام الإرهابیة فی منطقة الفوعة بمحافظة إدلب.
وفی حال قام هؤلاء المسلحین باستفزاز الجیش السوری، لن یکونوا بخیر اطلاقاً، فصبر الجیش السوری وکذلک روسیا نفذ من هؤلاء، خاصة فی ظل عدم وفاء ترکیا بالتزامتها وضمان عدم هجوم مسلحیها على الجیش السوری والقوات الروسیة، واحتلالها أراضٍ سوریة ودخول قواتها إلى سوریا دون اذن رسمی من السلطات الرسمیة.
ورغم کل المحاولات الروسیة بدفع المسلحی والأتراک نحو التسویة السلمیة إلا أن الأمر لم یتحقق حتى الیوم، وعلى العکس من ذلک ساهمت ترکیا فی تشکیل ما یسمى "الجیش الوطنی السوری" الذی ارتکب جرائم کثیرة من إعدامات میدانیة، إلى قصف البنیة التحتیة، وقصف المدارس والمشافی، وخطف واعتقال المدنیین، والاستیلاء على العقارات والأملاک والأراضی والمحاصیل والثروة الحیوانیة وتفریغ صوامع الحبوب وقطع المیاه، إلى جانب ابتزاز السکان فی قوت عیشهم وأمنهم والخطف بغرض الفدیة.
فی منطقة خفض التصعید بإدلب، سُجل 36 هجوماً من مواقع جماعة جبهة النصرة الإرهابیة (بما فی ذلک 28 هجوماً بحسب الجانب السوری)، منها 15 فی محافظة إدلب. 13 اعتداء فی محافظة اللاذقیة، وفی محافظة حلب هجومان، وفی محافظة حماة 6 هجمات.
الخوذ البیضاء تدعی دائما أن هدفها انقاذ المدنیین، ولکن کل هذا الکلام لاقیمة له، لطالما أن قیاداتها تعیش فی فنادق أوروبا، وشعب ادلب الذی ضاق ذرعاً بالمسلحین یعانی الویلات فی ظل عقوبات أمریکا المفروضة على الشعب السوری.
الخارجیة الروسیة وصفت أنشطة الخوذ البیضاء بأنها "عنصر من عناصر حملة إعلامیة لتشویه سمعة السلطات السوریة"، وتحملها على وجه الخصوص مسؤولیة الاستفزاز الذی أعطى الغرب سببا لاتهام دمشق باستخدام أسلحة کیماویة وتوجیه ضربات ضدها.
کما أکدت وزارة الدفاع الروسیة أکثر من مرة وجود مختبرات لتجهیز وإعداد المواد السامة لدى التنظیمات الإرهابیة فی مناطق مختلفة من سوریا، بالتنسیق مع تنظیم "الخوذ البیضاء" الإرهابی، یدیرها مختصون وخبراء تم تدریبهم فی أوروبا لیتم استخدامها فی تنفیذ هجمات کیمیائیة مفبرکة ضد المدنیین بهدف اتهام الدولة السوریة.
وسبق أن قام تنظیم "جبهة النصرة"، باستخدام أسلحة کیمائیة فی عدة مناطق فی حلب والغوطة الشرقیة وإدلب، بغیة الضغط على الحکومة السوریة، واتهام الجیش السوری بذلک، فیما نفت دمشق مراراً کل تلک المزاعم التی تفید باستخدام الجیش السوری أسلحة کیمیائیة.
ونظراً لأن الأوضاع الاقتصادیة کارثیة فی ادلب، أکد نائب رئیس المرکز الروسی للمصالحة فی سوریا الفریق أول فیاتشیسلاف سیتنیک، أن دمشق ستفتح 3 معابر إضافیة أمام الراغبین بالخروج من إدلب بسبب تدهور الوضع الاقتصادی والرعایة الطبیة.
وقال: "استعدت السلطات السوریة بمساعدة مرکزنا لفتح معابر من سرقاب ومیزناس وأبو عزیدین أمام المواطنین الراغبین بمغادرة إدلب عبر حدود منطقة وقف التصعید".
وأشار سیتنیک إلى أنه "سیتم فتح المعابر فی ظل کثرة الطلبات المقدمة من سکان منطقة وقف التصعید فی إدلب، بسبب نقص الرعایة الطبیة والوضع الاجتماعی والاقتصادی الذی نشأ بسبب العقوبات الأمریکیة".
الدور الأمریکی
إذا کانت إدارة بایدن تتطلع إلى تصحیح سیاسة واشنطن الخارجیة المفرطة فی العسکرة، فإن إحدى الفرص لإعادة رسم استراتیجیة الولایات المتحدة لمکافحة الإرهاب تکمن فی إدلب، وهی المنطقة التی وصفها المسؤولون الأمریکیون ذات مرة بأنها "أکبر ملاذ آمن للقاعدة منذ 11 أیلول/سبتمبر".
إن وقف إطلاق النار الروسی-الترکی مستمر منذ عشرة أشهر. إذا انهار هذا الوقف، قد یبرز الصراع السوری، المحصور إلى حد کبیر الآن فی مواجهة مضطربة، کمرکز لعدم الاستقرار الدولی.
ومما یثیر القلق أن الحوار الروسی-الترکی بشأن مستقبل إدلب وصل إلى طریق مسدود، والمحادثات السوریة التی تیسرها الأمم المتحدة تحتضر.
هیئة تحریر الشام الارهابیة
فی سوریة، وفی العواصم الأجنبیة، یرتکز التخوف من هیئة تحریر الشام على هواجس حقیقیة. فهیئة تحریر الشام هی أحدث نسخة من فصیل کان یُعرف أصلاً بجبهة النصرة، والذی شارک مؤسسه السوری (زعیم هیئة تحریر الشام الآن) أبو محمد الجولانی فی التمرد العراقی بعد عام 2003 کعضو فی تنظیم الدولة الإسلامیة فی العراق، وفی عام 2011 نسق مع قیادة التنظیم لإنشاء فرع له فی سوریة.
أصبحت جبهة النصرة مخیفة لجمیع السوریین بسبب تکتیکاتها العدوانیة فی وقت مبکر من الصراع. استمرت جبهة النصرة فی استخدام التفجیرات الانتحاریة ضد أهداف عسکریة، الأمر الذی وفر لها میزة تکتیکیة على الفصائل غیر الجهادیة، لکنه ساهم أیضاً فی ظهور التصورات المحلیة والدولیة بأن المعارضة المسلحة تتحول إلى مشروع إسلامی متشدد. کما تورط أعضاء جبهة النصرة فی بعض من أبشع الأعمال التی ارتکبتها قوات المعارضة المسلحة، بما فی ذلک الإعدام واحتجاز الرهائن.