رسالة حماس إلى قطر وترکیا وخفایا حوار القاهرة
لا تزال الاستعدادت لاجراء الانتخابات الفلسطینیة بکل سلاسة قائمة، اذ تسعى کل من فتح وحماس لتذلیل جمیع العقبات أمام اجراء هذه الانتخابات، وعلى هذا الاساس أرسلت حماس رسالتین إلى أمیر قطر الشیخ تمیم بن حمد والرئیس الترکی رجب طیب أردوغان، حول التفاصیل المتعلقة بمسار ونتائج "حوار القاهرة"، إذ تعد قطر وترکیا من الدول الضامنة للاتفاق الفلسطینی إلى جانب مصر وروسیا.
الرسالتین وجههما رئیس المکتب السیاسی لحرکة "حماس" إسماعیل هنیة، على أمل أن تراقب هاتین الدولتین الانتخابات وتضمن مصداقیتها وفقا لمسار نتائج حوار القاهرة ، الذی تناول القضایا الإجرائیة بهدف تحسین وتطویر وتوضیح الخطوة التنفیذیة وملاءمتها، کی تکون أکثر شفافیة، وتوفر الطمأنینة المطلوبة لکافة الأطراف، وتعکس الرغبة الجادة من قبل الجمیع، وصولاً إلى تنفیذ ما تم الاتفاق علیه بین فتح وحماس والتفاهم بشأنه.
اتصال إسماعیل هنیة مع الرئیس محمود عباس بعد انتهاء الحوار وصدور البیان الختامی یؤکد مصداقیة مسار الخطوات وأن کلیهما یعمل کل من جانبه ما هو مطلوب منه، ویحصل على ما یرید أو جزءاً کبیراً منه.
وأکد هنیة على "قرار حماس المضی قدمًا فی مسار المصالحة عبر إجراء الانتخابات العامة بمراحلها الثلاث، التشریعیة والرئاسیة والمجلس الوطنی الفلسطینی"، وفقا لما نقله موقع حرکة "حماس".
وأشار فی رسالتیه إلى الدور المأمول من قطر وترکیا "متمثلًا فی ضمان إجراء الانتخابات فی مواعیدها المحددة حسب المرسوم الرئاسی، وضمان نزاهتها وحریتها فی الضفة والقطاع، وکذلک الضغط من خلال العلاقات بالمجتمع الدولی على الاحتلال الإسرائیلی بعدم عرقلة إجراء الانتخابات أو التدخل فی العملیة الانتخابیة خاصة فی القدس المحتلة".
ودعا هنیة ترکیا وقطر إلى "المشارکة فی الرقابة على الانتخابات، والعمل مع المجتمع الدولی لاحترام نتائج الانتخابات، وعدم تکرار موقف ما بعد انتخابات ٢٠٠٦ والذی لم یحترم فیه إرادة الشعب الفلسطینی".
وقال هنیة إن "حرکة حماس ملتزمة بتنفیذ کل ما تم الاتفاق علیه، وستعمل حسب مسؤولیتها الوطنیة على توفیر المناخ الحر واللازم لإجراء انتخابات تعبر عن الوجه الحضاری لشعبنا الفلسطینی".
ومن المقرر أن تُجرى الانتخابات الفلسطینیة، على 3 مراحل خلال العام الجاری: تشریعیة فی 22 مایو/ أیار، ورئاسیة فی 31 یولیو/ تموز، وانتخابات المجلس الوطنی (خارج فلسطین) فی 31 أغسطس/ آب، وفق مرسوم رئاسی سابق.
وعُقدت آخر انتخابات فلسطینیة للمجلس التشریعی (البرلمان) مطلع العام 2006، وأسفرت عن فوز "حماس" بالأغلبیة، فیما سبقها بعام انتخابات للرئاسة وفاز فیها الرئیس الحالی محمود عباس.
خفایا "حوار القاهرة"
وللتأکید على التوافق بین حرکتی فتح وحماس، فقد تم تأجیل مناقشة أی ملفات خلافیة لا تخص الانتخابات إلى مرحلة لاحقة، وتم تجاوز أی عقبات تعترض تنفیذ المراسیم الرئاسیة التی حددت مواعید الانتخابات، ومن هذه العقبات التی قفز عنها البیان الختامی لحوار القاهرة:
1ـ اکتفى البیان الختامی برفع توصیة للمجلس التشریعی الجدید، لمعالجة ملف النواب المعتقلین لدى الاحتلال، وهذا هروب من الضغط على قیادة السلطة لإنهاء هذا الملف الحساس.
2ـ قفز البیان الختامی عن قضیة موظفی غزة، وهذه القضیة ما کان لها أن تؤجل، فمصیر عشرات آلاف الموظفین وأسرهم صار رهینة فی ید الانتخابات، فإن فازت حماس تم حلها، وإن فازت فتح، فمصیر أطفالهم تحت رحمة حکومتها التی ستتحکم بمصیرهم.
3ـ لم یتطرق البیان مباشرة إلى البرنامج السیاسی الذی ما زال محکوماً بسقف المرحلة الانتقالیة من اتفاقیة أوسلو، والتی کان یجب أن تنتهی سنة 1999، وکان لحرکة الجهاد الإسلامی موقفاً رافضاً لذلک، وعلى ذلک تحفظت الجبهة الشعبیة
4ـ لم یوضخ البیان الختامی الشکل الذی ستجرى فیه الانتخابات فی القدس، هل ستشابه انتخابات 1996، أم ستکون نسخة عن انتخابات 2006، أو هناک شکل الکترونی آخر، لا یقوم على المواجهة مع الاحتلال.
5ـ تحدث البیان عن التوافق على محکمة الانتخابات، والتی ستفصل فی الطعون، ولکنه لم یتحدث عن مصیر المحکمة الدستوریة القادرة على شطب کل النتائج بجرة قلم.
ویرى متابعون أنّ حرکتی حماس وفتح تواجهان اختبارا کبیرا، مقارنة بباقی الفصائل وعددها حوالی 12 فصیلا، وأن الضغط سیکون بالأساس على الحرکتین فإما الانتصار للوحدة أو ترسیخ الانقسام.
فی ظل هذا التفاهم والاتفاق والنجاح، ستبقى الأسئلة مطروحة مشروعة هل ستصل فتح إلى تفاهم داخلی؟؟ هل قائمتها ستکون حاضنة لکافة الأجنحة التی یمثلها مروان البرغوثی، ناصر القدوة، نبیل عمرو وتیار الإصلاح الدیمقراطی؟؟ هل قائمة فتح قادرة على استیعاب فصائل أخرى؟؟ أم أن هناک ثلاث قوائم ستتشکل لفصائل منظمة التحریر وهی: 1- الجبهة الشعبیة، 2- الدیمقراطیة وفدا وحزب الشعب والمبادرة، 3- تحالف الفصائل الأربعة جبهة النضال وجبهة التحریر العربیة وجبهة التحریر الفلسطینیة والجبهة العربیة الفلسطینیة، والتحالف بین هذه الأطراف لا هروب منه لأن النجاح لأی قائمة یحتاج حصولها على 1.5 بالمئة من عدد المصوتین الذین سیصلون إلى صنادیق الاقتراع.
من الأرجح أن کلا الفصیلین فتح وحماس سیکون لکل منهما قائمته المستقلة، ومن المستبعد التوصل إلى قائمة تحالفیة واحدة بینهما لأن ذلک سیفقد الانتخابات قیمتها ومصداقیتها.
من ناحیة أخرى، إذا فازت حرکة حماس بالانتخابات فهل تسلم فتح بالنتائج؟ التجربة التاریخیة مع الحرکة أنها من المستبعد أن تقبل بذلک، وفی حال فازت فتح هل لدى حماس استعداد لتسلیم قطاع غزة فی ظل وجود سلاح المقاومة؟.
فی حال اتفقت فتح وحماس على قائمة مشترکة لخوض الانتخابات، فإنها ستکون شکلاً غریباً حیث ستجمع بین "الانقسام والوحدة"، وهذا شیء هجین لم نعرفه مسبقاً.
إن توافق الأطراف على المضی قدماً فی إجراء انتخابات المجلس التشریعی یعتبر نجاحاً، ولکن تأجیل نقاط الخلاف إلى لقاءات شهر مارس، والتی ستسبق موعد انتخابات المجلس التشریعی بشهرین، یثیر القلق، لأن فشل لقاءات مارس لن یوقف مسیرة الانتخابات، والتی ستتواصل حتى لو قاطعتها حرکة حماس، ونجاح لقاءات مارس لا یضمن إجراء الانتخابات الرئاسیة والمجلس الوطنی، فذلک یتوقف على نتائج الانتخابات التشریعیة، فالمرسوم الرئاسی الذی اقتطع زمناً فاصلاً بین انتخابات التشریعی والرئاسة لم یقتطعه للراحة والنزهة، وإنما للقراءة والمراجعة واتخاذ القرار.