أهداف ورسائل زیارة وزیر الخارجیة القطری إلى إیران
زار وزیر الخارجیة القطری محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثانی، طهران یوم الاثنین لبحث العلاقات الثنائیة بین البلدین والقضایا الإقلیمیة الدولیة مع المسؤولین الإیرانیین. فی السنوات الأخیرة، اتجهت إیران وقطر نحو تعزیز العلاقات السیاسیة والاقتصادیة، وتسود الآن العلاقات الودیة بین البلدین. ومن ناحیة أخرى، تتطلب التطورات الإقلیمیة بعد تنصیب الإدارة الأمریکیة الجدیدة التنسیق والتعاون بین إیران وقطر لمواجهة الوضع الجدید. ومع ذلک، یمکن دراسة الغرض من زیارة وزیر الخارجیة القطری لإیران على مستویین.
قطر تؤکد على الحفاظ على علاقات الصداقة مع إیران
تعد زیارة وزیر الخارجیة القطری إلى طهران أول زیارة لمسؤولین قطریین رفیعی المستوى لإیران بعد المصالحة التی تمت فی مجلس تعاون الخلیج الفارسی. حیث رفعت السعودیة والإمارات والبحرین ومصر العقوبات عن الدوحة عقب قمة مجلس التعاون الأخیرة فی مدینة العلا بالسعودیة منتصف ینایر الماضی بحضور الشیخ تمیم أمیر قطر وبهذا قد تم اجراء الخطوة الاولى من حل الازمة التی دامت قرابة الثلاث سنوات. فی غضون ذلک، نظرا لأن أحد الأهداف الرئیسیة لدول العقوبات فی بدایة الأزمة فی یونیو 2017 کان التأثیر على سیاسة الدوحة الإقلیمیة فیما یتعلق بالعلاقات مع إیران والإخوان المسلمین وقد کررت السعودیة والإمارات والبحرین هذا الطلب، حتى فی فترة ما بعد المصالحة، لذلک، فإن وجود وزیر الخارجیة القطری فی طهران یعد رسالة رمزیة لهذه الدول وکذلک للجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة بأن قطر ستواصل سیاستها المستقلة فی الحفاظ على العلاقات الودیة مع جارتها الشمالیة القویة وصدیقتها خلال فترة العقوبات الصعبة. لذلک، تعلق جزء مهم من مشاورات وزیر الخارجیة القطری فی طهران بشرح نوعیة وشروط التسویة مع الشرکاء الإیرانیین.
من ناحیة أخرى، سعت إیران دائما إلى تحویل التعاون السیاسی إلى فرص لتوسیع الشراکات الاقتصادیة مع جیرانها، لا سیما خلال فترة العقوبات الأمریکیة أحادیة الجانب، کإحدى الأولویات المهمة لدبلوماسیة السیاسة الخارجیة. لذا یمکن أن یکون جزء آخر من مشاورات وزیر الخارجیة القطری هو توسیع العلاقات الاقتصادیة بین البلدین، خاصة وأن الدوحة تستعد لاستضافة کأس العالم لکرة القدم 2022.
وساطة قطر فی ماراثون الاتفاق النووی والمحادثات الإقلیمیة
لکن بغض النظر عن العلاقات الثنائیة، قد یکون من الممکن التحدث عن مهمة سریة خلال زیارة وزیر الخارجیة القطری لطهران والتی استغرقت یوما واحدا فقط. وهی انه فی الأسابیع الأخیرة، أعلنت قطر مرارا استعدادها للتوسط فی علاقات طهران مع مجلس التعاون (الإمارات والسعودیة)، وکذلک لتسهیل التوصل إلى اتفاق بشأن عودة امریکا إلى الاتفاق النووی. وفی هذا الصدد، قال المتحدث باسم وزارة الخارجیة الإیرانیة، سعید خطیب زاده، فی مؤتمر صحفی ظهر یوم الاثنین، حول جهود قطر لإحیاء الاتفاق النووی بین إیران وامریکا: "نرحب بهذه المساعدات". وفی ما إذا کان وزیر الخارجیة القطری ینقل رسالة إلى طهران أو ان زیارته ترمی لفهم مواقف إیران ووجهات نظرها ودراسة شروط الوساطة، هو أمر لم یتناوله المسؤولون السیاسیون فی البلدین حتى الآن. وبسبب القیود الجیوسیاسیة، ترى قطر أنه من الضروری الحفاظ على الاستقرار الإقلیمی من خلال حل التوترات بین إیران وامریکا فی ظل غیاب العمق الإقلیمی الاستراتیجی والاعتماد الاقتصادی الحیوی وبغیة الحفاظ على أمن خطوط أنابیب الطاقة فی الخلیج الفارسی، فضلاً عن المعضلة الأمنیة فی مجلس التعاون الخلیجی.
ومن ناحیة أخرى، یمکن تحلیل مناقشة الوساطة القطریة لتنفیذ الاقتراح الإیرانی لبدء محادثات إقلیمیة بدقة تماشیاً مع موقف قطر تجاه الحفاظ على الاستقرار الإقلیمی. لم تظهر السعودیة والإمارات حتى الآن أی إرادة حقیقیة لنزع فتیل التوترات من خلال الإصرار على استمرار الحرب فی الیمن، والتدخلات فی أزمة العراق ولبنان، وقربهما من الکیان الصهیونی کلاعب تخریبی فی نظام أمن غرب آسیا. حیث أصبحت الحرب فی الیمن الآن مستنقعا للسعودیین، والإصرار على استمرار الحرب لن یؤدی إلا إلى تعقید الوضع وسیکلف الریاض أکثر. بطبیعة الحال إیران هی أهم لاعب یمکن أن یساعد السعودیین فی الانسحاب الکریم للسعودیة من الیمن وحل الأزمة، وسیکون هذا أحد المحاور الرئیسیة لأی حوار إقلیمی مع وجود إیران والسعودیة.